لم تعد صداعا أوروبيا.. الهجرة غير القانونية تهدد بصراعات أفريقية
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
كنت أحلم فقط بوظيفة وسكن هادئ في إسبانيا لكنني وجدت نفسي بين عشية وضحاها خارج الحدود الموريتانية، وأنا اليوم في قريتي الأصلية التي تبعد عن العاصمة السنغالية دكار بـ250 كيلومترا.
بهذه الكلمات لخّص دمبا أمبوب الشاب السنغالي البالغ من العمر (35 عاما) مأساته الشخصية -في تواصله مع الجزيرة نت- بعد أن تحوّل حلمه بالوصول إلى أوروبا إلى كابوس يقظة، فقد بدأت رحلته بآمال كبرى، وانتهت بخيبة أمل على أطراف الحدود بعدما وقع في قبضة قوات الهجرة الموريتانية ليُعاد قسرا إلى وطنه، كما حدث مع مئات غيره من أبناء غرب أفريقيا.
لم تعد الهجرة غير النظامية مجرد قضية تقلق الدول الأوروبية، بل تحوّلت إلى أزمة داخل القارة الأفريقية نفسها، بعد أن بدأت دول مثل موريتانيا تتخذ إجراءات مشددة ضد المهاجرين القادمين من جيرانها.
وتقول نواكشوط إن عمليات الترحيل الأخيرة تأتي ضمن تنظيم الإقامة ومحاربة شبكات التهريب، لكن الخطوة فجّرت ردود فعل سياسية وشعبية في السنغال.
داخل البرلمان السنغالي، عبّر نواب من المعارضة والأغلبية عن قلقهم من تداعيات الترحيلات، ودعوا إلى تدخل حكومي عاجل، وقد طالب النائب غي موريس سانيا بتشكيل لجنة استطلاع برلمانية تتوجه إلى موريتانيا للاطلاع على أوضاع السنغاليين ومواطني دول مجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس).
إعلانوفي السياق نفسه، أدلى رئيس الوزراء عثمان سونكو بتصريحات قوية داخل البرلمان، قال فيها إن السنغال ستتعامل بالمثل مؤكدا جهود حكومته بإجراء محادثات مع السلطات الموريتانية من أجل تمكين المواطنين السنغاليين المقيمين في موريتانيا من الاستفادة من الامتيازات نفسها التي يحظى بها الموريتانيون المقيمون في السنغال.
ويضيف الوزير الأول السنغالي أنه لا ينبغي لأي دولة مسؤولة أن تستسلم في مواجهة ظاهرة الهجرة غير القانونية. وقال إن السنغال تدرس حاليا كيفية تشديد العقوبات على مهربي المهاجرين.
من جانبها، نفت الحكومة الموريتانية وجود نوايا عدائية، وقال وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوق إن بلاده ليست حارسا لحدود أوروبا، لكنها حازمة في محاربة الهجرة غير القانونية.
كما صرّح وزير الإعلام الحسين ولد مدو بأن موريتانيا استقبلت منذ 2022 نحو 130 ألف مهاجر، لكن فقط 7 آلاف منهم سعوا لتسوية أوضاعهم، مشيرا إلى أن الضغط على البنية التحتية والخدمات يفرض على بلاده التحرك.
اتساع رقعة الأزمةولا تقتصر الترحيلات على السنغاليين الذين يعتبرون أضخم الجاليات الأجنبية في موريتانيا الذي تضم أكثر من 300 ألف، كما أن السنغال تستضيف نحو 46 ألف موريتاني، بل شملت الترحيلات مواطنين من مالي وغينيا وغامبيا.
فمنذ مارس/آذار 2025 رحلت السلطات الموريتانية نحو 3 آلاف مهاجر من مالي كانوا يقيمون على أراضيها، وفق ما أكدته وزارة الماليين في الخارج.
وترافقت هذه العملية مع شكاوى من انتهاكات ومصادرة ممتلكات، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات عنيفة في معبر كوكي الزمال الحدودي، بلغت حد إحراق مركز للشرطة الموريتانية، مما ينذر بامتداد الأزمة في منطقة غرب أفريقيا كلها، خاصة في ظل غياب سياسة موحدة للتعامل مع المهاجرين.
إعلانوفي تصريح للجزيرة نت، يحذر ألي تانديا، أستاذ علم الاجتماع بجامعة غاستون بيرجي في سانت لويس ورئيس المرصد السنغالي للهجرة، من أن غياب التنسيق بين دول المنطقة يجعل من الهجرة غير النظامية قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار الإقليمي.
وأضاف تانديا "لا يمكن لأي دولة بمفردها إيقاف هذه الظاهرة، لأن دوافعها عابرة للحدود الحل الوحيد يكمن في التعاون الإقليمي ووضع سياسات شاملة تراعي أبعاد الهجرة الاقتصادية والإنسانية والأمنية".
وأكد تانديا أن المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي، بل يجب التفكير في حلول تنموية حقيقية وتوفير بدائل واقعية للشباب داخل بلدانهم، وإذا لم يتم التحرك بسرعة فقد تنفجر الأزمة، وتتحول إلى نزاع إقليمي مفتوح.
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي مصطفى جوب أن استمرار الإجراءات الأحادية الجانب في التعامل مع الهجرة يمكن أن يولد أزمات دبلوماسية جديدة.
وقال جوب ينبغي على الحكومات أن تعمل جنبا إلى جنب للحد من هذه الظاهرة، لأنها قد تخلق توترا إقليميا حقيقيا، فالمنطقة بحاجة ماسة إلى تنسيق جميع الجهود أمنيا وسياسيا وتنمويا لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير القانونية.
يتزايد القلق من أن تتحول الهجرة غير القانونية من صداع أوروبي إلى أزمة أفريقية داخلية تهدد التماسك الإقليمي، وتفتح الباب أمام نزاعات سياسية ودبلوماسية جديدة، وما لم تبادر دول غرب أفريقيا إلى صياغة رؤية موحدة قائمة على التنمية والتنسيق الأمني، فإن مزيدا من الشباب سيستمرون في طرق أبواب الهجرة حتى وإن كانت تلك الأبواب موصدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الهجرة غیر القانونیة
إقرأ أيضاً:
13 محظورا انتخابيا.. تحذير هام لمرشحي الشيوخ لتجنب المساءلة القانونية
يترقب الشارع السياسي غدًا الثلاثاء إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات نتيجة الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ، وسط أجواء من الحماس والترقب لما ستسفر عنه صناديق الاقتراع.
ومن المقرر أن تبدأ فور الإعلان، إجراءات جولة الإعادة في عدد من المحافظات، على أن تنطلق مرحلة الدعاية الانتخابية في اليوم التالي مباشرة، تمهيدًا لبدء الصمت الانتخابي يوم 24 أغسطس، قبل تصويت المصريين بالخارج يومي 24 و25 أغسطس، وتصويت الداخل يومي 27 و28 من الشهر ذاته.
وبناءً على أحكام الدستور والقانون، حددت قائمة محظورات دعائية ملزمة لكل مرشح، يترتب على مخالفتها مساءلة قانونية قد تصل إلى شطب المرشح أو إحالة المخالفة للنيابة العامة.
أبرز المحظورات الدعائية لمرشحي مجلس الشيوخ:
يحظر التطرق لحياة المواطنين أو المرشحين الشخصية بأي شكل.
الشعارات الدينية والتمييز
منع استخدام أي رموز أو شعارات دينية، أو ما يُحرّض على التفرقة والكراهية بسبب العقيدة أو الجنس أو اللغة.
العنف والتهديد
تُمنع كافة أشكال العنف أو التلويح باستخدامه ضمن حملات الدعاية.
استغلال مؤسسات الدولة
محظور استخدام المباني والمنشآت والمركبات الحكومية أو التابعة للقطاع العام أو الجمعيات الأهلية في الدعاية.
دور العبادة والتعليم
لا يجوز استغلال المساجد أو الكنائس أو الجامعات والمدارس في أي نشاط دعائي.
أموال الدولة
يُمنع استخدام الأموال العامة أو التابعة للقطاع العام أو الجمعيات في الإنفاق على الحملة.
التشويه والتشهير
تُحظر الدعاية القائمة على التضليل، أو نشر الشائعات، أو الإساءة الأخلاقية للمرشحين.
الرشوة الانتخابية
تقديم الهدايا أو المساعدات أو الوعود بها للناخبين مباشرة أو غير مباشرة يعتبر مخالفة جسيمة.
تشويه دعاية الآخرين
الاعتداء على ملصقات أو وسائل دعاية المنافسين بالشطب أو التمزيق أو الإزالة يُعد مخالفة قانونية.
الترويع والتخويف
أي محاولات للتأثير على الناخبين بالتهديد أو التخويف مرفوضة تمامًا وتخضع للعقوبة.
تجاوز الهدف الانتخابي
استغلال أدوات الدعاية لأغراض غير دعم البرنامج الانتخابي، أو التنازل عن أماكن الحملة الانتخابية، أمر غير مشروع.
الضوضاء العشوائية
يحظر استخدام مكبرات الصوت في الشوارع إلا في الاجتماعات الانتخابية المنظمة.
وتؤكد الهيئة الوطنية للانتخابات أن احترام هذه الضوابط يعكس التزامًا أخلاقيًا وقانونيًا من المرشح، ويُعزز ثقة المواطنين في نزاهة الاستحقاق الانتخابي.
كل مخالفة تُوثّق وتُحال إلى الجهات المختصة، ولا تهاون مع أي سلوك يُهدد شفافية المنافسة أو يُسيء لصورة العملية الديمقراطية.