الحكومة السودانية: الدعم السريع أحرقت 270 قرية في شمال دارفور
تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT
دارفور- قال وزير التنمية الاجتماعية السوداني أحمد آدم بخيت إن "مليشيا" الدعم السريع "أحرقت 270 قرية من قرى شمال دارفور في منطقتي طويلة وشقرات"، حيث دخلت قواتها مناطق أم كدادة وعمدت إلى "تصفية الرجال والنساء -على حد سواء- من منزل إلى آخر"، حسبما ذكر في مؤتمر صحفي لعدد من الوزراء في الحكومة السودانية اليوم الأربعاء بمدينة بورتسودان.
وأضاف بخيت في تصريح خاص للجزيرة نت أن "المليشيا عمدت إلى قتل المواطنين ونهب ممتلكاتهم في عدد من المناطق في شمال دارفور، ومن ذلك قتل 11 من الكوادر الطبية في منطقة أم كدادة، وإلى حرق أكثر من 50 قرية غرب وجنوب الفاشر"، مما تتسبب في نزوح السكان إلى منطقتي الفاشر وطويلة، وأكد أن الناس يعيشون أوضاعا إنسانية غاية في السوء.
وأوضح أن هذه القوات اجتاحت منطقة المالحة وقتلت وشردت المئات من مناطق صياح ومليط، واعتدت على المواطنين العزل وهجّرتهم قسرا في مناطق جبل حلة وبروش وأم كدادة، و"ألقت بعض الأسر في آبار المياه"، في حين يواجه الذين فروا منهم في الوديان والجبال انعدام مصادر المياه.
ووفق بخيت، فإن كل المناطق التي هوجمت خالية من أي وجود عسكري، مما يعني "أن المليشيا وجهت حربها نحو المواطنين".
بدوره، أكد وزير الصحة في إقليم دارفور بابكر حمدين أن نحو 450 ألف شخص فروا من معسكر زمزم نحو منطقتي الفاشر وطويلة عقب هجوم قوات الدعم السريع عليه، تاركين ممتلكاتهم ومدخراتهم.
وأفاد حمدين بأن نحو 500 شخص من بين النازحين تعرضوا للقتل أثناء فرارهم، في حين مات عدد من الأطفال في رحلة النزوح تلك وهم محمولون على ظهور أهاليهم، قبل أن "تلاحقهم المليشيا بالقصف والقتل أثناء نزوحهم".
وقال حمدين -في تصريح خاص للجزيرة نت- إن الأطباء بوزارة الصحة في شمال دارفور يعملون على اختيار مواقع بديلة غير مكشوفة لإجراء العمليات الجراحية وتقديم الخدمات الصحية بسبب الاستهداف الممنهج للمنشآت الصحية ومواقع تقديم الخدمة العلاجية، الأمر الذي أدى إلى توقف عدد من المستشفيات عن العمل.
إعلانوأضاف أن الأسباب التي أدت إلى تهجير النازحين قسرا من معسكر زمزم جراء الهجوم الذي قامت به "المليشيا" تمثلت أساسا في استهداف المركز الصحي في المعسكر، الأمر الذي أدى إلى مقتل أكثر من 9 من الكوادر الطبية العاملة فيه، وأن منع وصول الاحتياجات الأساسية والوقود إلى مدينة الفاشر أدى إلى بلوغ تكلفة "جركانة" الوقود (إناء بلاستيكي توضع فيه الوقود بسعة 4 غالونات) إلى مليون جنيه.
ووفقا لحمدين، فإن الإدانة التي صدرت الأسبوع الماضي للدعم السريع وحدها لا تكفي، حيث "لا تزال المليشيا تواصل انتهاكاتها ضد المدنيين، إذ تمت مهاجمة مناطق أم كدادة، وقد أحرقت هذه القوات الأسواق وقتلت الناس، مما أدى إلى فرارهم نحو القرى المجاورة، قبل أن تلاحقهم في تلك المناطق التي فروا إليها".
وأشار حمدين إلى أن "المليشيا لاحقت الأطباء والكوادر الصحية ومنعتهم من تقديم الخدمة، وتستخدم سلاح التجويع من خلال استهداف المدنيين كجزء من الحرب الحالية".
وتشهد الفاشر حاليا -وفقا لحمدين- وضعا إنسانيا متأزما، إذ تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء وانعدام فرص العلاج، مع نقص كبير في الإمداد المائي بعد أن عطلت قوات الدعم السريع كل مصادر المياه بالمنطقة.
وطالب حمدين المجتمع الدولي بالتعامل بجدية وحسم تجاه "مليشيا الدعم السريع" بخصوص تواصل إمدادها بالسلاح الذي يساهم في استمرار الحرب ويفاقم من معاناة المدنيين.
من جانبه، صرح حمد عبد الوهاب مدير الإدارة العامة للطوارئ وممثل مفوض عام العون الإنساني بأن قوات الدعم السريع هجّرت أكثر من 400 قرية في مناطق شمال دارفور التي شهدت موجات نزوح عالية، وتحدث عن وجود جرحى بدون رعاية صحية، وعن ممارسة سياسة التجويع الممنهج وترويع المواطنين العزل بـ"قسوة شديدة".
وأكد عبد الوهاب استعداد الحكومة السودانية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق في شمال دارفور في حال فتح الطرق.
إعلانوطالب عبد الوهاب بحماية المدنيين وتوفير التغذية والمياه لإنقاذهم، و"بإعلان الدعم السريع مليشيا إرهابية والضغط على داعميها الأساسيين لإيقاف الدعم".
كما طالب بتطبيق قرار مجلس الأمن القاضي بفك حصار الفاشر "الذي لم يلتزم المجلس بتفعيل آليات لتطبيقه"، مع إيصال مساعدات إنسانية عاجلة.
من جهته، قال العمدة محمد شرف الدين ضو البيت وكيل ناظر عموم قبائل شرق دارفور في تصريح للجزيرة نت إن منطقة أم كدادة شهدت مقتل المدير والطاقم الطبي في مستشفاها، بالإضافة إلى إعدام مرافقي المرضى، وقد بلغ عدد الضحايا نحو 111 شخصا، وإن كثيرا من الأهالي نزحوا نحو مناطق أم سدرة.
وأضاف أن هناك أكثر من 80 مواطنا "استشهدوا" عقب اجتياح منطقة جبل حلة من قبل قوات الدعم السريع، وأن منطقة بروش شهدت نزوحا كاملا بعد تعرضها للهجوم الثالث من قبل هذه القوات التي قامت بـ"إفقار الأهالي ونهب ممتلكاتهم وتعطيل مصادر المياه هناك".
أما ممثل المجتمع المدني بشمال دارفور سمير محمد أحمد فيقول في تصريح للجزيرة نت إن محليات أم كدادة ومليط والمالحة والفاشر وطويلة والطويشة واللعيت تمثل المناطق الأكثر تأزما في الوضع الإنساني، إذ يعاني الأهالي من انعدام الغذاء والدواء ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، مع غياب الرعاية الصحية بسبب إغلاق الطرق التي تؤدي إلى تلك المناطق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع فی شمال دارفور للجزیرة نت عبد الوهاب أم کدادة فی تصریح أدى إلى أکثر من عدد من
إقرأ أيضاً:
تصاعد التوترات الأمنية والإنسانية في السودان وسط انسحاب للجيش واتهامات لليبيا.. التفاصيل
في تطور لافت على الساحة السودانية، شهدت البلاد اليوم سلسلة من المستجدات العسكرية والإنسانية الحرجة، وسط تزايد القلق من اتساع رقعة الصراع وارتفاع حدة التهديدات الداخلية والخارجية، مما دفع مجلس الأمن والدفاع السوداني إلى عقد اجتماع طارئ برئاسة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
انسحاب مفاجئ واتهامات لليبيا
أعلنت القوات المسلحة السودانية، اليوم الثلاثاء، انسحابها من مثلث الحدود السودانية – الليبية – المصرية، في خطوة أثارت تساؤلات حول خلفياتها وتداعياتها على الوضع الأمني في المنطقة الغربية للبلاد.
وجاء الانسحاب بعد اتهامات مباشرة وجهها الجيش السوداني لقوات المشير خليفة حفتر، قائد ما يُعرف بالجيش الوطني الليبي، بالتنسيق مع قوات الدعم السريع في شن هجوم على ثكنات عسكرية سودانية قرب المثلث الحدودي، وهي أول تهمة رسمية من نوعها توجهها الخرطوم إلى ليبيا منذ اندلاع الحرب في السودان عام 2023.
في الوقت ذاته، تشهد منطقة كردفان تصعيدًا ميدانيًا خطيرًا، حيث تحولت إلى محور جديد للصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، معارك عنيفة اندلعت منذ ديسمبر الماضي ولا تزال مستمرة، وسط مؤشرات على تمدد العمليات القتالية نحو مناطق كانت حتى وقت قريب بمنأى عن الصراع.
كارثة إنسانية تلوح في الأفق
وعلى الجانب الإنساني، تتواصل المأساة في إقليم دارفور، حيث سجلت تقارير منظمات الإغاثة نزوح أكثر من 300 أسرة من مخيم أبو شوك ومدينة الفاشر، وذلك بين 4 و9 يونيو الجاري، في ظل تدهور أمني ومعيشي غير مسبوق.
كما تستمر قوات الدعم السريع في تنفيذ حملة اعتقالات تطال مسؤولين محليين بشرق دارفور، بحجة تعاونهم مع الحكومة الشرعية، ما زاد من حالة القلق بين السكان والنازحين على حد سواء.
في تطور مأساوي، لقي خمسة من العاملين الإنسانيين مصرعهم وأُصيب آخرون، في هجوم استهدف قافلة مشتركة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) ومنظمة اليونيسف قرب منطقة "الكومة" بشمال دارفور، وهو ما وصفته المنظمات الدولية بأنه "اعتداء جسيم على العمل الإنساني".
وفي العاصمة الخرطوم، حذر برنامج الأغذية العالمي من تصاعد خطر المجاعة، خصوصًا في جنوب المدينة وتحديدًا في مناطق مثل "جبل أولياء"، بالإضافة إلى شمال دارفور التي أكدت التقارير بالفعل تفشي المجاعة فيها.
اجتماع طارئ لمجلس الأمن والدفاع
في خضم هذه التطورات، عقد مجلس الأمن والدفاع السوداني اجتماعًا مهمًا اليوم برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لمناقشة الأوضاع الأمنية في البلاد.
وأشار بيان رسمي صادر عن المجلس إلى أنه تم استعراض الإجراءات والتدابير الأخيرة المتخذة للحفاظ على الاستقرار وحماية المواطنين، مع التأكيد على التزام القوات النظامية بمواصلة العمل على تعزيز الأمن القومي، ومواكبة التحديات والتهديدات المتصاعدة لضمان سلامة الوطن ووحدة أراضيه.
وأكد المجلس دعمه الكامل لمؤسسات الدولة في مواجهة ما وصفه بـ "التحولات الحرجة"، مشددًا على ضرورة التعامل بحزم مع التهديدات القادمة من خارج الحدود.
قراءة في المشهد
يرى مراقبون أن انسحاب الجيش من المنطقة الحدودية المتاخمة لليبيا ومصر يمثل تحولًا استراتيجيًا قد تكون له تبعات إقليمية، خاصة في ظل الاتهامات المباشرة لحفتر. كما أن تصاعد القتال في كردفان يشير إلى اتساع خارطة الحرب بشكل يهدد بتقويض أي مساعٍ مستقبلية للتهدئة أو الحل السياسي.
في المقابل، تؤكد التقارير الأممية أن الوضع الإنساني في السودان دخل مرحلة الخطر الشديد، ما يفرض ضرورة التحرك الدولي العاجل لمنع انهيار شامل قد يُفاقم من أزمة اللاجئين والنزوح في المنطقة.