في زمن تصاعد الشعبوية السياسية وتحول البلطجة إلى نهج دولي، يخرج دونالد ترامب بتصريحات فجة تدعو إلى عبور السفن الأميركية قناتي السويس وبنما مجانًا، في سقوط مدوٍّ عن فهم التاريخ والسيادة الدولية، تصريحات تعيد إلى الأذهان أسوأ حقب الاستعمار القديم، وتكشف وجه الإمبريالية الجديدة بلا أقنعة. في هذا المقال، يتم تسليط الضوء على هذه السقطة التاريخية، ناقدًا بحدة سياسة الهيمنة الجديدة في عالم فقد توازنه.

في واحدة من أسوأ سقطاته السياسية، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم بتصريح يدعو إلى السماح للسفن العسكرية والتجارية الأميركية بالمرور مجانًا عبر قناتي السويس وبنما، في تجاهل فجّ ليس فقط للسيادة الوطنية للدول، بل وللحقائق التاريخية التي لا يملك ترامب أدنى دراية بها.

ترامب الذي كلّف وزير خارجيته بهذا الملف، بدا كمن سقط من صفحات التاريخ، متصورًا أن العالم لا يزال محكومًا بسياسة 'المدافع والبوارج.

ترامب الذي اعتقد أن منطق القوة وحده قادر على إعادة تشكيل موازين العالم، لا يعي أن هذه السياسات قد عفا عليها الزمن، تصريحاته كشفت عن عمق الأزمة الأخلاقية والسياسية التي تعيشها الشعبوية السياسية اليوم، حيث تحكم العالم مفاهيم جديدة، لا تختلف كثيرًا عن قانون الغاب، تصريحات ترامب لم تكن مجرد زلة لسان، بل تجسيد لمنهجية سياسية خطيرة تعيد إنتاج منطق الاستعمار بثوب أكثر قبحًا.

حين كانت الإمبراطوريتان الفرنسية والبريطانية تتنازعان النفوذ أثناء حفر قناة السويس في القرن التاسع عشر، لم يكن للولايات المتحدة دور يذكر سوى المشاهدة من بعيد.أما اليوم، فقد أصبحت واشنطن، بقيادة أصوات مثل ترامب، تسعى لإحياء نزعة "الإمبريالية الجديدة"، تفرض الضرائب والإتاوات، وتتعامل مع الممرات الدولية كما لو كانت ملكية خاصة تخضع لمزاج السادة الجدد.

في عالم فقد إيقاع احترام سيادة الدول، وسقطت فيه معايير النظام الدولي القديم، يظهر ترامب كرمز لهذه الحقبة المظلمة.

إن ترامب، في محاولته التسلط على الممرات البحرية العالمية، قد تجاهل تمامًا القيم التي قامت عليها منظومة العلاقات الدولية الحديثة. التصريحات التي خرجت عن الإدارة الأميركية لم تكن مجرد خطأ دبلوماسي، بل تجسيد للهيمنة المطلقة التي تروج لها الأنظمة الشعبوية، تلك التي تظن أن القوة العسكرية يمكن أن تحل مكان الدبلوماسية، وأن ابتزاز الدول هو الحل في عصر العولمة.

سياسة الإدارة الأميركية الجديدة لم تعد تكتفي بفرض الضرائب والرسوم، بل تجاوزتها إلى فرض الإتاوات على الدول.

إن تصريحات ترامب، رغم كل سذاجتها الظاهرة، تكشف عن عقلية سلطوية غائبة عن التقدير السليم لحقوق السيادة الوطنية، وتكاد أن تعيد العالم إلى زمن "البلطجة السياسية" حيث يتم فرض التوازن بالقوة والعنف، وتطوى صفحات الأعراف الدولية.

التاريخ لا يرحم، فكما سقطت قوى غطرسة سابقة تحت وطأة الشعوب، سيسقط هذا النمط من البلطجة مهما طال الزمن. "لكن التاريخ لا يرحم. فكما سقطت قوى غطرسة سابقة تحت وطأة الشعوب، سيسقط هذا النمط من البلطجة مهما طال الزمن." تصريحات ترامب ليست مجرد سقطة فردية، بل نذير بانفجار قادم في النظام العالمي، ستدفع ثمنه القوى التي تحسب أن العالم صامت إلى الأبد.

في زمن تصاعد الشعبوية السياسية، أصبحت البلطجة السياسية سيدة الموقف، والأمر الواقع يتم فرضه بالقوة.

نهايةً، تصرفات ترامب تضعنا أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام بداية حقبة جديدة من التسلط الدولي تحت مسميات "الحماية" و"المصالح المشتركة"، أم أن هذا النوع من البلطجة السياسية سيواجه معارضة قوية من القوى التي تؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها وفي احترام سيادتها؟

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

بطاقة ترامب الذهبية تفتح أبواب أمريكا للأثرياء والكفاءات.. كيف تحصل عليها ؟

أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رسميًا تأشيرة "البطاقة الذهبية"، وهي مسار هجرة جديد يسمح للأجانب بدفع مليون دولار لتسريع إجراءات طلب التأشيرة، أو للشركات بدفع مليوني دولار لرعاية عامل أجنبي ترغب في استقدامه إلى الولايات المتحدة.

بطاقة ترامب الذهبية

وقال ترامب خلال اجتماع مائدة مستديرة في البيت الأبيض: "بكل حماس، لي وللبلاد، أطلقنا للتو "بطاقة ترامب الذهبية"، بحسب ما أفادته به شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية.

زلة سياسية لتاكايتشي تشعل أزمة بين اليابان والصين .. وتكشف خروجا عن النص الرسميالصندوق العربي للمعونة الفنية يختتم دورته حول التفاوض وإدارة الأزمات

تم إطلاق موقع التأشيرة الإلكتروني، trumpcard.gov، بعد ظهر الأربعاء، ويتضمن رابطًا لطلب التأشيرة الرسمي، واعدًا بـ"الحصول على الإقامة الأمريكية في وقت قياسي".

وينص الموقع الرسمي على: "مقابل رسوم معالجة وزارة الأمن الداخلي البالغة 15 ألف دولار، وبعد الموافقة الأمنية، مساهمة قدرها مليون دولار، احصل على الإقامة الأمريكية في وقت قياسي مع بطاقة ترامب الذهبية".

في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الخميس، صرّح وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك بأن البرنامج سيضمن "استقطاب أفضل الكفاءات؛ فهم قادرون اقتصاديًا على دفع عجلة اقتصادنا".

كما وصفه بأنه نسخة "أكثر فعالية" من البطاقة الخضراء، التي تتيح للمهاجرين الإقامة والعمل بشكل دائم في الولايات المتحدة.

كيف تحصل على بطاقة ترامب الذهبية" ؟

بحسب الموقع الإلكتروني، تستغرق الإجراءات "أسابيع" بعد تقديم الطلب، وتشمل مقابلة شخصية. وقد تُفرض رسوم إضافية على وزارة الخارجية الأمريكية "بحسب حالة المتقدم".

ويشير الموقع إلى أنه "يتعين على المتقدم حضور مقابلة للحصول على التأشيرة وتقديم أي مستندات إضافية في الوقت المحدد".

كارثة سومطرة الإندونيسية .. آلاف الأشجار تبتلع مسجدا وتمنع دخول المصلينإيران تعتقل نرجس محمدي الحائزة على جائزة نوبل للسلام

ويوضح الموقع أن المتقدم الناجح سيحصل على الإقامة الدائمة القانونية بموجب تأشيرة EB-1 أو EB-2، وهي تأشيرات عمل تُمنح للأفراد ذوي القدرات "الاستثنائية" أو "المتميزة".

طباعة شارك بطاقة ترامب الذهبية بطاقة ترامب البطاقة الذهبية الرئيس الأمريكي دفع مليون دولار

مقالات مشابهة

  • بلطجة عابرة للحدود
  • برج الحمل حظك اليوم السبت 13 ديسمبر 2025… طاقة عالية تغيّر مسارك وتفتح لك أبوابًا جديدة
  • بطاقة ترامب الذهبية تفتح أبواب أمريكا للأثرياء والكفاءات.. كيف تحصل عليها ؟
  • بعد حل مجلس النواب.. تايلاند تدخل مرحلة سياسية جديدة
  • معابد الكرنك بمصر.. لوحة إبداعية منحوتة بأسرار التاريخ
  • آخرها اللوفر وبريستول.. عمليات سطو هزت متاحف العالم لن يناسها التاريخ
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • ميسي يسطر التاريخ في الدوري الأمريكي
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة