من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
أول ما تفكر الحروب في استهدافه هو الحقيقة، ومنذ زمن بعيد أدرك صناع الحروب أن إسكات الكلمة وقتل الصحفيين هو السبيل الأنجح لطمس الجرائم ومحو آثارها من الذاكرة الجماعية. فالصحفي في مثل هذه الحالة، هو العدو الأخطر لمن يريد أن يروي الحرب كما يشتهي، لا كما حدثت.
ولم يعد قتل الصحفيين في الحرب الظالمة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة حادثا عرضيا أو خطأ غير متعمد ولكن، دون أدنى شك، سياسة ممنهجة لطمس الأدلة وإخضاع الوعي العالمي لسرديات المحتل الزائفة.
لكنّ الطموح الإسرائيلي المبني على الإيمان المطلق بالسردية الذاتية، يبدو أنه يتلاشى تمامًا بعد أكثر من 19 شهرا على بدء مجازر الاحتلال في قطاع غزة والذي راح ضحيته أكثر بكثير من 52 ألف فلسطيني بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، ولكل منهم قصته وحلمه وطموحه ومساره في هذا العالم.. فما زال صوت الحقيقة، ولو عبر ثقوب صغيرة جدا، يتسرب إلى العالم ويملك قوة تهشيم السردية الإسرائيلية، وصناعة الدهشة، وتحريك الضمائر الحرة في كل أنحاء العالم.
واغتالت يد الغدر الإسرائيلية منذ بدء الحرب أكثر من211 صحفيا، بعضهم تم استهدافه على الهواء مباشرة، وبعضهم رآه العالم وهو يحترق في خيمة الصحفيين حتى الموت، وهو عدد ضخم جدا في حرب واحدة لم تكمل بعد العامين. ولكل صحفي من هؤلاء حكايته التي لا نعرفها، وهو منشغل بنقل حكايات الآخرين من ضحايا الحرب، وله حلمه الذي ينتظر لحظة أن تضع الحرب أوزارها ليذهب نحو تحقيقه.. وكل جرائم هؤلاء أنهم اختاروا أن يكونوا شهودًا على الحقيقة، لا صامتين على الجريمة.
لم تكن الرواية يومًا كما يدعي الإسرائيليون، لكن الأمر كان، منذ الصحفي الأول الذي سقط ضحية للحقيقة، ممنهجا في سبيل احتكار الاحتلال للرواية، ليكتب الحرب وحده دون صور تُوثق أو أقلام تسائل ما يحدث أمام سطوة التاريخ التي لن ترحم في يوم من الأيام.. ويريد أن يحرق الحقيقة كما حرق أجساد الصحفيين، وأن يُطفئ العدسات كما يُُطفئ الحياة في عيون الأطفال.. تماما كما يستهدف المسعفين، ويدمر المستشفيات، ويقصف المدارس والجامعات.. إنه يستهدف، وفي كل مرة، شهود الجريمة أنفسهم.
وهذا ليس صادما لمن يفهم الاحتلال الإسرائيلي؛ فهو ينطلق دائمًا من مبدأ نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، وعقدة الاستثناء التاريخي من القوانين والأخلاقيات والمبادئ، وفصل جرائمه ضد الفلسطينيين، عن التقييم الأخلاقي والقانوني. ولذلك لا غرابة أن يعمد الاحتلال الصهيوني إلى اغتيال الحقيقة وإطفاء الأضواء في زمن الظلام؛ فالعمل الصحفي في نظره فعل مقاومة لأنه يعمل على كشف حقيقة ما يقوم به وفضح سردياته الملطخة بدماء الأبرياء.
رغم ذلك ورغم كل المحاولات الإسرائيلية لإسكات الحقيقة عبر اغتيال أبطالها وحرقهم بالنار تبقى «الحقيقة» آخر جدار للصمود، ويبقى الصحفيون في غزة هم حراس هذا الجدار، يكتبون بالدم ويصورون بالألم وصراخهم صدى لآلاف الضحايا الذين قضوا دون أن نسمع لهم صوتا أو أنينا. ولن تستطيع إسرائيل أن تصدّر سردياتها للعالم فقد كشف أمرها تماما، ومن يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الأخوان بيلينغهام يصنعان التاريخ في كأس العالم للأندية
في لحظة خالدة في تاريخ كرة القدم، دخل الشقيقان جود وجوب بيلينغهام صفحات المجد كأول أخوين يسجلان في نفس النسخة من كأس العالم للأندية، ليؤكد هذا الثنائي الإنجليزي الشاب أن كرة القدم تجري في عروق عائلة لا تعرف حدودا للطموح.
جود، نجم ريال مدريد، وجوب، لاعب بوروسيا دورتموند، ساهما في تحقيق انتصارين مهمين لفريقيهما في دور المجموعات من البطولة، ليحملا اسم "بيلينغهام" إلى العالمية، ويثبتا أن التألق لا يقتصر على لاعب واحد في العائلة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سبب وضع أحذية بلاستيكية في أقدام كلاب الكشف بمونديال الأنديةlist 2 of 2نتيجة وملخص مباراة الأهلي ضد بورتو في كأس العالم للأنديةend of listما يجعل هذا الإنجاز أكثر إثارة أن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها الشقيقان في نفس البطولة، ويسجلان فيها بفارق يوم واحد فقط، ليصنعا سابقة لم تسجل من قبل في تاريخ المسابقة التي انطلقت قبل 25 عاما.
ولم يتوقف الإنجاز عند ذلك، فقد أصبح جوب بيلينغهام أصغر لاعب إنجليزي يسجل في تاريخ كأس العالم للأندية، بعمر 19 عاما و271 يوما، محطما رقم شقيقه الأكبر جود، الذي سجل في البطولة ذاتها بعمر 21 عاما و358 يوما.
ويُقدَّر إجمالي القيمة السوقية للشقيقين بـ164 مليون جنيه إسترليني، وهو رقم يعكس مدى تأثيرهما في عالم كرة القدم رغم صغر سنهما، ويضعهما على رأس قائمة الإخوة الأغلى في اللعبة عالميا.
Every angle. Every touch. ????????
Jude Bellingham’s finish, exactly how it deserves to be seen. ⚽????
Watch the @fifacwc | June 14 – July 13 | Every Game | Free | https://t.co/i0K4eUu4lJ | #FIFACWC #TakeItToTheWorld #RMAPAC pic.twitter.com/sy2oRQ8gz1
— DAZN Football (@DAZNFootball) June 22, 2025
من جانبه، أعرب جود عن فخره بتألق شقيقه، مؤكدا بابتسامة مازحة أنه كان عليه الرد على من قالوا إن جوب "أفضل منه"، وهو ما يبرز روح التنافس الإيجابي بينهما ويعكس بيئة عائلية ملهمة.
إعلانومع تصدر ريال مدريد لمجموعته واقتراب دورتموند من التأهل، تبدو الفرصة مهيأة لمواجهة "أخوية" محتملة في الأدوار الإقصائية، قد تضيف فصلا جديدا من الإثارة إلى قصة بدأت ببساطة على شاشات التلفاز وانتهت بكتابة التاريخ في ملاعب العالم.
???? Every angle on Jobe Bellingham's first goal for @BVB
Watch the @FIFACWC | June 14 – July 13 | Every Game | Free | https://t.co/i0K4eUtwwb | #FIFACWC #TakeItToTheWorld #MSUBVB pic.twitter.com/EolKZPQE3v
— DAZN Football (@DAZNFootball) June 21, 2025