لجريدة عمان:
2025-10-12@12:54:25 GMT

من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ

تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT

من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ

أول ما تفكر الحروب في استهدافه هو الحقيقة، ومنذ زمن بعيد أدرك صناع الحروب أن إسكات الكلمة وقتل الصحفيين هو السبيل الأنجح لطمس الجرائم ومحو آثارها من الذاكرة الجماعية. فالصحفي في مثل هذه الحالة، هو العدو الأخطر لمن يريد أن يروي الحرب كما يشتهي، لا كما حدثت.

ولم يعد قتل الصحفيين في الحرب الظالمة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة حادثا عرضيا أو خطأ غير متعمد ولكن، دون أدنى شك، سياسة ممنهجة لطمس الأدلة وإخضاع الوعي العالمي لسرديات المحتل الزائفة.

لكنّ الطموح الإسرائيلي المبني على الإيمان المطلق بالسردية الذاتية، يبدو أنه يتلاشى تمامًا بعد أكثر من 19 شهرا على بدء مجازر الاحتلال في قطاع غزة والذي راح ضحيته أكثر بكثير من 52 ألف فلسطيني بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، ولكل منهم قصته وحلمه وطموحه ومساره في هذا العالم.. فما زال صوت الحقيقة، ولو عبر ثقوب صغيرة جدا، يتسرب إلى العالم ويملك قوة تهشيم السردية الإسرائيلية، وصناعة الدهشة، وتحريك الضمائر الحرة في كل أنحاء العالم.

واغتالت يد الغدر الإسرائيلية منذ بدء الحرب أكثر من211 صحفيا، بعضهم تم استهدافه على الهواء مباشرة، وبعضهم رآه العالم وهو يحترق في خيمة الصحفيين حتى الموت، وهو عدد ضخم جدا في حرب واحدة لم تكمل بعد العامين. ولكل صحفي من هؤلاء حكايته التي لا نعرفها، وهو منشغل بنقل حكايات الآخرين من ضحايا الحرب، وله حلمه الذي ينتظر لحظة أن تضع الحرب أوزارها ليذهب نحو تحقيقه.. وكل جرائم هؤلاء أنهم اختاروا أن يكونوا شهودًا على الحقيقة، لا صامتين على الجريمة.

لم تكن الرواية يومًا كما يدعي الإسرائيليون، لكن الأمر كان، منذ الصحفي الأول الذي سقط ضحية للحقيقة، ممنهجا في سبيل احتكار الاحتلال للرواية، ليكتب الحرب وحده دون صور تُوثق أو أقلام تسائل ما يحدث أمام سطوة التاريخ التي لن ترحم في يوم من الأيام.. ويريد أن يحرق الحقيقة كما حرق أجساد الصحفيين، وأن يُطفئ العدسات كما يُُطفئ الحياة في عيون الأطفال.. تماما كما يستهدف المسعفين، ويدمر المستشفيات، ويقصف المدارس والجامعات.. إنه يستهدف، وفي كل مرة، شهود الجريمة أنفسهم.

وهذا ليس صادما لمن يفهم الاحتلال الإسرائيلي؛ فهو ينطلق دائمًا من مبدأ نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، وعقدة الاستثناء التاريخي من القوانين والأخلاقيات والمبادئ، وفصل جرائمه ضد الفلسطينيين، عن التقييم الأخلاقي والقانوني. ولذلك لا غرابة أن يعمد الاحتلال الصهيوني إلى اغتيال الحقيقة وإطفاء الأضواء في زمن الظلام؛ فالعمل الصحفي في نظره فعل مقاومة لأنه يعمل على كشف حقيقة ما يقوم به وفضح سردياته الملطخة بدماء الأبرياء.

رغم ذلك ورغم كل المحاولات الإسرائيلية لإسكات الحقيقة عبر اغتيال أبطالها وحرقهم بالنار تبقى «الحقيقة» آخر جدار للصمود، ويبقى الصحفيون في غزة هم حراس هذا الجدار، يكتبون بالدم ويصورون بالألم وصراخهم صدى لآلاف الضحايا الذين قضوا دون أن نسمع لهم صوتا أو أنينا. ولن تستطيع إسرائيل أن تصدّر سردياتها للعالم فقد كشف أمرها تماما، ومن يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«تحركت حتى وقَفَ نزيف الدم في غزة».. مصطفى بكري: العالم يسمع كلمة «القاهرة» صانعة التاريخ

أكد الإعلامي مصطفى بكري، أن الجميع في انتظار زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى مصر، للتوقيع النهائي على اتفاق المرحلة الأولى من المقترح الأمريكي لوقف الحرب في غزة.

وأضاف مصطفى بكري، خلال تقديمه برنامج «حقائق وأسرار»، عبر فضائية «صدى البلد»، أن مصر شعبا وقيادة يشعران بسعادة بالغة، بعد توقف الموت والدمار في غزة، وعودة أهلها من الجنوب إلى الشمال رغم ما لحق به من دمار، مصر تكتب التاريخ من جديد، لأنها تدرك تماما أنها صانعة التاريخ.

وأوضح:«خبر وقف إطلاق النار يأتي من القاهرة ليعطي رسالة للجميع، لماذا مصر؟ والإجابة أن ما حدث ليس صدفة، فهي كانت معركة عقل ودهاء وصبر وقيادة».

وأشار مصطفى بكري، إلى أن مصر كانت تتحرك في صمت وتراقب وتنسق بين الأطراف المعنية، والرئيس عبد الفتاح السيسي، كان يرى المشهد كاملا أمامه، ليعيد رسم دور مصر في المنطقة العربية.

وأكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا يتحدث كثيرا، ولكنه لما يتحرك يعلم الزمان والمكان، ويفكر بعقل استراتيجي وصبر، وهذا ما جعل العالم كله يرجع ليسمع كلمة القاهرة، فعادت القاهرة لتتصدر المشهد مجددا، فاليوم ليس مجرد وقف نار، وإنما يتعاظم دور مصر بعدما حاول البعض التقليل من شأن هذا الدور.

اقرأ أيضاًمصطفى بكري يعزي رئيس وزراء مصر الأسبق في وفاة شقيقته

مصطفى بكري في الذكرى الـ 52 لحرب أكتوبر: انتصار تاريخي سيظل يؤرق إسرائيل ويفسد أحلامها للأبد

ينتج أكثر من 30 طن يوميا.. مصطفى بكري يزور مصنع الغزل والنسيج «1» بالمحلة ويلتقي بالعضو المنتدب والعمال

مقالات مشابهة

  • محمد صلاح يواصل كتابة التاريخ.. وليفربول يرد
  • عبد الله الثقافي يكتب: الحرب جرح لا يندمل
  • محمد ماهر يكتب: من خارج الخط
  • عادل نصار يكتب: مدينة السلام تصنع التاريخ
  • بعد وقف الحرب| محمد نجاتي: التاريخ سيُسجل ما فعله الرئيس السيسي من أجل فلسطين
  • «تحركت حتى وقَفَ نزيف الدم في غزة».. مصطفى بكري: العالم يسمع كلمة «القاهرة» صانعة التاريخ
  • برقم قياسي جديد.. محمد صلاح يكتب التاريخ الإفريقي من جديد
  • اتفاق غزة يكتب فصلًا جديدًا في دبلوماسية مصر .. وتحليل استراتيجي يكشف كواليس النجاح
  • حين تفشل القوة تنتصر الرواية.. هكذا خسرت إسرائيل المعركة النفسية أمام حماس
  • من التسجيل للقيادة.. حسام حسن يكتب التاريخ مع منتخب مصر ويبدأ طريق البحث عن المجد ولكن؟