سجون اليونان تغص بلاجئي الحرب من السودان.. هذا هو السبب
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
فرّ طالب القانون سابقا صموئيل، البالغ من العمر 19 عاما، من بلدته الجنينة بعد وقت قصير من نهبها خلال إحدى أسوأ المجازر في الحرب الأهلية السودانية، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف وشردت أكثر من 13 مليون شخص.
بعد وصوله برا إلى ليبيا، أمضى صموئيل يومين في عبور البحر الأبيض المتوسط في حزيران/ يونيو قبل أن تنقذه سفينة شحن ويرافقه خفر السواحل اليوناني إلى جزيرة كريت، بحسب صحيفة "الغارديان".
يُحتجز الآن في سجن أفلونا للشباب، على بُعد 45 كيلومترا شمال أثينا، مع ما يُقدر بخمسين رجلا سودانيا آخر، معظمهم، كما يقول المحامون والناشطون، لاجئو حرب احتُجزوا واتُّهموا بتهريب المهاجرين بعد طلبهم اللجوء في أوروبا ووصولهم إلى جزيرة كريت اليونانية.
تم التعرف على صموئيل من قِبل ركاب آخرين على أنه قائد القارب، وهو ما يُمثل انتهاكا لعدة قوانين يونانية، بما في ذلك المساعدة في نقل المهاجرين غير الشرعيين. في حال إدانته، يواجه صموئيل عقوبة سجن محتملة تصل إلى 15 عاما.
يقول إنه ليس مُهربا، بل لاجئ يبحث عن الأمان في أوروبا. دفع للمهربين 12 ألف دينار ليبي (1660 جنيها إسترلينيا)، وهو ما يقول إنه أجرة مُخفضة بشرط أن يقود القارب. وقال إنه لم يكن يجيد قيادة القوارب ولا حتى السباحة. وقال للمدعين العامين اليونانيين في شهادته: "كان عليّ أن أقود [القارب] وإلا قتلوني".
أُلقي القبض على مئات الأشخاص بموجب قانون مكافحة التهريب اليوناني الصارم، الذي دخل حيز التنفيذ عام ٢٠١٤، ونص على أحكام بالسجن تصل إلى ٢٥ عاما. ويُعدّ مهربو المهاجرين المدانون الآن ثاني أكبر مجموعة في السجون اليونانية بعد المسجونين بتهم تتعلق بالمخدرات.
أكد ناشطون ومحامون أن الأكثر ضعفا هم من يقودون القارب في كثير من الأحيان، بمن فيهم الرجال الذين يوافقون أحيانا على القيام بذلك مقابل تخفيض في سعر الرحلة لأنفسهم أو لأفراد أسرهم. ويضيفون أن تجريم اللاجئين وطالبي اللجوء غير فعال في تعطيل شبكات التهريب، إذ نادرا ما يكون المهربون الحقيقيون على متن القارب.
يقول سبيروس بانتازيس، محامي صموئيل: "لقد كان قانون مكافحة التهريب الصارم سلاحا حكوميا دائما للحد من الهجرة غير الشرعية. في الواقع، هو عديم الفائدة تماما، ولا يؤدي إلا إلى ملء السجون اليونانية بأشخاص ليس لديهم سجل أو صلة بجرائم جنائية".
يصف بانتازيس، وهو محام جنائي مقيم في أثينا، صموئيل بأنه "شجاع ويسعى إلى مستقبل أفضل"، ويقول إن قضية الادعاء اليوناني تعتمد كليا على إفادات الشهود التي سجلها خفر السواحل اليوناني، دون أي تسجيلات أو أدلة رقمية أو إثباتات على مكاسب مالية. كما يقول بانتازيس إنه لن يُطلب من أي شهود المثول أمام المحكمة، مما يحرم صموئيل من حقه في مواجهة متهميه.
قال صموئيل للمدعين العامين اليونانيين في حزيران/ يونيو 2024، بعد وصوله بفترة وجيزة: "تشتتت عائلتي. لديّ أم وأب، وأنا الأكبر بين ستة. أخبرني أصدقائي أنهم في مخيمات للاجئين، لكنني لم أتحدث إليهم منذ أكثر من عام".
برزت جزيرة كريت مؤخرا كنقطة دخول رئيسية للمهاجرين إلى اليونان، حيث استقبلت أكثر من ربع إجمالي الوافدين منذ كانون الثاني/ يناير 2025، متجاوزة بذلك بؤرا ساخنة سابقة مثل ليسبوس وساموس. ووفقا للمسؤولين اليونانيين، وصل أكثر من 2500 شخص إلى كريت من أفريقيا حتى الآن هذا العام.
يشكل السودانيون رابع أكبر مجموعة من طالبي اللجوء في اليونان، متجاوزين بذلك الفئات التقليدية مثل السوريين والفلسطينيين. تُظهر أرقام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أعداد الوافدين إلى جزيرة كريت زادت بأكثر من ستة أضعاف في عام 2024 مقارنة بعام 2023.
تقول غابرييلا سانشيز، الباحثة في جامعة جورج تاون، إن تجريم اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية في السودان يتعارض مع بروتوكول الأمم المتحدة بشأن تهريب المهاجرين، الذي "ينص بوضوح على أنه لا يمكن مقاضاة المهاجر لتسهيله تهريب نفسه. إن ممارسة مقاضاة المهاجرين الشباب كمهربين في دول الاتحاد الأوروبي تتعارض مع مبادئ البروتوكول".
أُدين لاجئ حرب آخر، جاستن أنغوي، 19 عاما، فرّ من السودان عام 2023، بالتهريب الشهر الماضي، لكنه يستأنف الآن ضد إدانته. يقول إنه رأى والده يُقتل قبل فراره من السودان.
في شهادته أمام المحكمة، قال: "طلبت مني والدتي المغادرة بأي ثمن، فهربت إلى ليبيا. عملت في سوبر ماركت لتوفير المال، ثم استخدمت ما كسبته - إلى جانب المبلغ الضئيل الذي أعطته لي والدتي - لدفع مبلغ لمهرب وسافرت إلى هنا".
يقول أنغوي الآن إنه يتوق للتحدث إلى والدته وشقيقتيه الصغيرتين. "لم أتواصل معهن منذ سجني قبل ستة أشهر. لقد فقدت الأمل - كل شيء مظلم الآن".
تقول جوليا وينكلر، عالمة سياسية شاركت في تأليف تقرير عام ٢٠٢٣ حول تجريم المهاجرين في اليونان: "ما يحدث في كريت مثالٌ وحشي على تجريم ما يُسمى 'حرب أوروبا على التهريب' لفعل الهجرة نفسه في الواقع". ورفضت وزارة الهجرة واللجوء اليونانية التعليق على ما ورد في التقرير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية السودانية اليوناني الهجرة السودان اليونان هجرة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جزیرة کریت أکثر من
إقرأ أيضاً:
رؤى حول الإصلاح العدلي في السودان إثر الحرب
أولا : المحكمة الدستورية
مقدمة
على الرغم من أن خطاب البروفسير كامل إدريس رئيس مجلس الوزراء لم يتناول الإصلاح العدلي بشكل مباشر ومفصل كقسم منفصل إلا أنه يمكن استخلاص عدة رؤى ومبادئ أساسية، وردت في الخطاب، تتقاطع مع مفهوم الإصلاح العدلي :
1 : دولة القانون:
يذكر الخطاب صراحة مبدأ العدل : يرسي دولة القانون ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) وهذا المبدأ هو جوهر أي إصلاح عدلي ويدل على التزام الحكومة المقترحة بتعزيز سيادة حكم القانون .
2 : القيم الجوهرية: يحدد الخطاب خمس قيم جوهرية لحكومة الأمل المدنية وهي الصدق والأمانة والعدل والشفافية والتسامح، وهذه القيم أساسية لبناء نظام عدلي نزيه وفعال وموثوق به .
والعدل هو القيمة المحورية للإصلاح العدلي وتركيز الخطاب عليها يؤكد على أهميتها .
والشفافية ضرورية لضمان المساءلة ومنع الفساد في الجهاز العدلي .
الأمانة والصدق قيم أساسية لضمان نزاهة القضاة والعاملين في الجهاز العدلي .
الحكومة التكنوقراطية واللاحزبية:
يشير الخطاب إلى أن حكومة الأمل ستكون تكنوقراطية (حكم الناس من خلال وكالة خادمهم العلماء بناء على خبرتهم وخلفيتهم التقنية) ولا حزبية (لا ينتمي منسوبوها للأحزاب السياسية) وهذا النموذج يمكن أن يساهم في تجريد الجهاز العدلي من التأثيرات السياسية والحزبية بما يعزز استقلاليته وحياديته .
مكافحة الفساد: بما أن الفساد يعد أحد المشكلات الرئيسية فإن أي جهود لمكافحته سينعكس إيجابا على النظام العدلي حيث إن الفساد يقوض العدالة ويزعزع الثقة في المؤسسات.
التركيز على الأمن القومي
ويذكر الخطاب أن الأمن القومي هو الأساس فالأمن والاستقرار هما شرطان أساسيان لعمل أي نظام عدلي فعال ولا يمكن تحقيق العدالة في ظل الفوضى وغياب الأمن .
فالمعلوم أن النظام العدلي في السودان قد تعرض أثرا لهذه الحرب إلى تعطله كلية وفقد مبناه ومضمونه وفقد الباحثون عن العدالة أدلتهم كما انتشر العاملون من قضاة ومستشارين ونيابة في أنحاء الأرض وضاع من العمر زمن مقدر ، إلا أنه يحدونا الأمل أيضاُ في أن تنجح الدولة في بناء نظام عدلي يحتفظ بالوجه المشرق لما أرساه أهل القضاء والقانون ويزيل السلبيات التي علقت به مستعيناً بالتقنية والذكاء الاصطناعي وقبل كل ذلك وجود تشريعات لتحقيق كل الرؤى ومستفيدا من كل تجارب الدول المتحضرة، وللسودانيين تجربتهم ومساهماتهم في تلك التجارب، مراعياً أن تكون الرؤية واقعية تأخذ في الاعتبار التحديات الأساسية والأمنية والإنسانية ، وتعمل على بناء الثقة في النظام العدلي بما يتطلب معالجة شاملة للمشكلات التي تؤثر على حياة المواطنين بشكل مباشر بما في ذلك آثار الحرب والنزوح .
وأرجو أن أبدأ هذه الرؤى بالحديث عن إصلاح المحكمة الدستورية.
المحاكم الدستورية المستقلة الثلاث
المحكمة الدستورية الأولى : 1998 إلى 2005
لم يعرف السودان دستوراً قبل الاستقلال، بل كانت هنالك بعض الاتفاقيات والتشريعات تعتمد عليها الدولة في تسيير وتنظيم أعمالها وأول مرة يذكر فيها الدستور وحراسة وحماية المحاكم له هو ما نص عليه في قانون الحكم الذاتي لسنة 1953 والذي تلته عدة دساتير بعد ذلك في 1956 و 1964 ومشروع دستور 1969 و1973 و1985 ، وقد نصت كل هذه الدساتير على تشكيل المحكمة العليا وخصصت فيها دائرة دستورية وصدرت عدة قوانين لتنظيم الهيئة القضائية نص فيها على اختصاصات المحاكم وخاصة المحكمة العليا والدائرة الدستورية فيها. وكل ما جاءت به الدساتير المشار إليها وما صدر منها من قوانين تنظيما لأعمال الهيئة القضائية يؤكد وجود المحكمة الدستورية كدائرة في المحكمة العليا.
وترسيخاً لمبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين وحماية الحريات والحقوق فقد رأى المشرع في السودان بعد صدور دستور 1998 أن يفصل الدائرة الدستورية من المحكمة العليا ويجعلها محكمة مستقلة بعد منحها العديد من السلطات ولم يترك اختصاصاتها قاصرة على النص القديم في الدساتير السابقة وزيادة على ما تصدره المحكمة من أحكام وقرارات لفض النزاعات فإنها تقوم أيضا بتفسير النصوص الدستورية والقانونية وفقا للإجراءات المنصوص عليها في الدستور والقانون .
أصدرت المحكمة الدستورية في الفترة من إنشائها بما نشر في مجلتها أحكاما بين 1998 وحتى 2003 حوالي 140 حكما ومن الأهمية بمكان الوقوف على نوع الأحكام التي صدرت :
1 : القضايا الجنائية 75 طعن .
2 : القضايا المدنية النقض ، دعاوى الأسرة ، البنوك وغيرها .
ومن القضايا الدستورية قضايا متعلقة بالانتخابات وتفسير لوائح العمل الصحفي.
والملاحظ أن المحكمة الدستورية الأولى قد جعلت من منصتها وسيلة لمراجعة أحكام المحكمة العليا بما فيها قضايا الأحوال الشخصية مما خلق صراعاً خفياً وعلنياً بين المحكمتين ليس هنا مجال البحث فيه، رغم أن كثيراً من أهل القانون كانوا يرون أن تلك الوسيلة لتقييم أحكام المحكمة العليا ، إلا أن القضايا الدستورية لم تكن بالكم الكبير فقط لم يكن لمحكمة دور سياسي بارز إلا في قضية حل المجلس الوطني.
وقد تشكلت المحكمة الدستورية الأولى برئاسة المرحوم مولانا جلال على لطفي وعضوية ستة من القضاة وكلهم من القضاة السابقين فيهم من قضى نحبه يرحمهم الله ومن بقى أطال الله أعمارهم والتحية لمولانا واستاذنا محمد محمود أبو قصيصة.
المحكمة الدستورية الثانية بموجب دستور 2005 وحتى انفصال الجنوب ، تشكلت المحكمة الدستورية الثانية وبان من تشكليها انتماء قضاتها الجغرافي والجهوي لولايات السوان وجمعت بين شيوخ القضاة برئاسة مولانا عبد الله البشير وأساتذة الجامعات وشبابها كما كان للمرأة وجود حيث تم اختيار القاضية سنية الرشيد كما لم يكن قد بقي من أعضاء المحكمة الدستورية الأولى في تشكيلها إلا القاضي عبد الله أحمد عبد الله والذي أصبح رئيسا للمحكمة الدستورية إلى أن توفاه الله ، وقد استمرت المحكمة الدستورية إلى 2019 حيث أكمل كل قضاتها عدا رئيسها الدكتور وهبة مختار مدة بقائهم مدة سبع سنوات وينص القانون على إمكانية التجديد لهم ، ولم يتم بعد اكتمال الفترة أيضا خلال الفترة اللاحقة فأصبحت المحكمة الدستورية في الحقيقة خارج الخدمة.
أصدرت هذه المحكمة مجلتين لأحكامها المجلة الأولى للعام 2011 وشملت 38 حكما والمجلة الأخرى 2012 تضمنت 75 حكما . وتتميز هذه الفترة وأحكامها بميل المحكمة إلى تطبيق النصوص الدستورية ويظهر ذلك من التبويب كما أرست كثيراً من القواعد الذهبية أو رأي مخالف، كما أرجو أن يكون هناك وقت للبحث والكتابة عنها ومنها ما قيل في كمال محكم حامد ضد حكومة السودان المنشورة في العدد الثاني حول اشتراك القاضي في مراجعة حكم أصدره يتعارض مع قواعد العدالة الطبيعية وعلى وجه التحديد القاعدة ضد التحيز ( Justice must not only been done ,it must manifestly be seen to be done ) وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام أن حجم العمل الدستوري كان قليلا إذ أن متوسط عمل القاضي في الرأي الأول تفاوت في الأعوام الأربعة الأولى بين سبع قضايا وقضيتين وأن القضايا المدرجة (لا تشمل الفترة اللاحقة لعدم توفر الإحصائيات).
المحكمة الدستورية في ظل الوثيقة الدستورية 2019 والتعديلات وكيف يمكن قيامها لتقوم بدورها؟
أنشأت الوثيقة الدستورية 2019 مجلسا للقضاء العالي يحل محل مفوضية الخدمة القضائية في دستور 2005، يحدد القانون تشكليه واختصاصاته وسلطاته ومن مهامه اختيار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية ورئيس القضاء ونوابه، كما نصت الوثيقة في المادة 31 على أن المحكمة الدستورية محكمة مستقلة ومنفصلة عن السلطة القضائية وحددت اختصاصاتها بالإشراف على دستورية القوانين والتدابير وحماية الحقوق والحريات وتحدد اختصاصاتها وسلطاتها وفقا للقانون . وحيث لم يتم تعديل قانون مفوضية الخدمة القضائية 2005 ووفقا للفصل 16 من الوثيقة إذا تم تضمين حكم ذي صلة بأن تستمر أعمال الوكالات والمؤسسات الحكومية القائمة ما لم يتم حلها أو إلغاؤها أو إعادة تشكيلها بموجب أي تدبير لاحق مما يعني استمرار تطبيق قانون المفوضية.
وحيث إنه بموجب قانون المفوضية تتشكل من رئيس القضاء رئيسا وعضوية كل من وزير العدل ووزير المالية ورئيس اللجنة القانونية بالمجلس الوطني ورئيس اللجنة القانونية بمجلس الولايات وعميد كلية القانون جامعة الخرطوم ونقيب المحامين وثلاثة أعضاء من ذوي الخبرة يعينهم رئيس الجمهورية (رئيس مجلس السيادة) .
من جماع نص الوثيقة والقانون فإن السلطة التنفيذية ورغم غيابها هي المسيطرة على تعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية بل أن لائحة المفوضية بشأن التعيين أن رئيس الجمهورية يرشح ثلاثة للمفوضية وتختار المفوضية منهم رئيس المحكمة الدستورية ، كما أنه ليس هناك مجلس وطني أو مجلس ولايات كما أنه لم يتم اختيار ثلاثة أعضاء للمفوضية ، وحاولت التعرف على كيفية من تم اختياره من رؤساء القضاء ونوابهم وقضاة المحكمة العليا منذ 2019 وحتى الآن وهذه معضلة حاضرة .
وهناك صعوبة ثانية هل نحن في حاجة لمحكمة دستورية مستقلة عن السلطة القضائية أم في الإمكان أم الأنسب أن تعاد المحكمة الدستورية لدائرة مستقلة بالمحكمة العليا برئاسة رئيس القضاء وإعادة النظر في قانون المحكمة العليا وتقدير حاجة الولايات وفي ظلل النظام الفدرالي وتحقيقا لهوية الولايات ومعالجة بعض أسباب الحرب والأخذ بنظام المحكمة العليا ووجود محكمة عليا في الأقاليم ومحاكم استئناف في عواصم الولايات كما في أنظمة عدة منها النظام الأمريكي ولمزاياه في أنه يضمن تكامل القانون الدستوري مع فروع القانون الأخرى كما يوحد القواعد القانونية ويعزز الانسجام ويستفيد من البنية التحتية القائمة والفعالية بما يوفر الموارد ويقلل التكاليف.. وتحظى قرارات المحكمة العليا بقبول أوسع نظرا لمكانتها وتتكيف المحكمة العليا في اختصاصاتها مع تطورات القضاء والقانون الدستوري وفقا للمقترح عند مناقشة إصلاح القضاء ، كما أن حجم العمل ونوع القضايا وطبيعة النزاعات القانونية والمفاهيم والدولة ما زالت في إطار الهيمنة المركزية كما أنه لم تقم المحكمة الدستورية ومنذ إنشائها بممارسة السلطات الجنائية كمحاكمة الرئيس ولم تتعرض لقضايا في هيكلة الحكم أو الخلاف بين السلطات أو غيرها .
ورغم ما في وجود المحكمة الدستورية المستقلة من مزايا إلا أن الدساتير المتعاقبة من 1998 وحتى الآن لم تحترم دور رئيس المحكمة الدستورية السياسي في المسائل الدستورية أو القانوني فالمحكمة الدستورية تنظر القضايا التي شارك فيها رئيس القضاء ويمكن أن تلغي أحكامه ورغم ذلك أسند مسائل منها تكليف الرئيس والوزراء .
مما أرى:
أولا : العمل على تعديل الوثيقة الدستورية لجعل المحكمة الدستورية دائرة دستورية مستقلة بالمحكمة العليا وتعديل قانون المحكمة العليا.
ثانياً: أو إذا رأت الدولة من ضرورة قيام محكمة دستورية مستقلة، فينبغي إنشاء مجلس القضاء العالي واستكمال تعيين أعضائه بما يحفظ للقضاء استقلاله وحياده ونزاهته.
وبإذن الله إلى المقال الثاني تحت عنوان إصلاح القضاء.
دكتور عوض الحسن النور
قاضي سابق
إنضم لقناة النيلين على واتساب