شهد الجناح السعودي جلسة ثقافية بعنوان "القصة القصيرة جداً: فن الاقتصاد اللغوي ورحابة المعنى"، شاركت فيها الدكتورة حمدة العنزي، أستاذة النقد الأدبي والشعر الجاهلي، وأدارها المذيع بدر الحارثي. ناقشت الجلسة مفهوم القصة القصيرة جداً وتطورها التاريخي، مستعرضةً أهمية الفنون الأدبية المختلفة وأثرها في التعبير الأدبي.

وقدّمت العنزي قراءة نقدية معمقة، مشيرة إلى التباين النقدي حول هذا الفن بين القبول والرفض، ومعتبرةً القصة القصيرة جداً فنًا يتسم بالقصر، والاختزال، والكثافة، والبلاغة، والحكاية، وقد تتراوح نصوصه بين سطر واحد وصفحة ونصف، مع اختلاف مفهوم القصر من ثقافة إلى أخرى.

واستعرضت "أستاذة النقد الأدبي والشعر الجاهلي" تطور القصة القصيرة جداً، موضحةً أن بعض النقاد يعتبرونها فنًا غربيًا خالصًا، بينما يرى آخرون جذورًا عربية له، مستشهدةً بالمقامات، والأمثال، والنُكت في العصر العباسي، كما أشارت إلى قصة إرنست همنغواي الشهيرة التي كتبها عام 1925 بست كلمات فقط، معتبرة إياها نموذجًا مبكرًا للقصة القصيرة جداً، بالإضافة إلى كتاب "الانفعالات" للكاتبة الفرنسية ناتالي ساروت عام 1932. وعربيًا، ذكرت الناقدة تجربة العراقي نائل سام في الثلاثينيات، إلا أنه لم يلقَ الاعتراف الرسمي، في حين أكدت أن الريادة العالمية بقيت محفوظة لساروت.

وفي مداخلتها النقدية، أوضحت الدكتورة حمدة العنزي أنها تميل إلى النقد الرافض لفن القصة القصيرة جداً، معتبرةً أنه يفتقر إلى عناصر الحكاية التقليدية مثل تصاعد الأحداث، والعقدة، والحل، مقارنةً بالرواية والقصة الطويلة، مبينةً تقاطعات هذا الفن الأدبي مع عدة أنواع أدبية أخرى، مثل الخاطرة التي تشترك معه في الشعور والتكثيف اللغوي، والومضة الشعرية التي تتلاقى معه في الإيجاز وتفترق عند الإيقاع الموسيقي، إلى جانب الإيبيغرام اللاتيني، وقصيدة النثر، والهايكو الياباني، وفن التوقيعات العربي.

وأكدت أن القصة القصيرة جداً تُبنى على خطين متوازيين هما ظاهر النص وعُمقه الرمزي، مشيرة إلى أن قراءة القصة تتطلب قارئًا واعيًا قادرًا على تفكيك الرموز واستيعاب المعاني الخفية، وضربت مثالًا على ذلك بقصة همنغواي عن حذاء الطفل، التي فتحت آفاق التأويل حول الحرب والخسارة.

ومن خصائص القصة القصيرة جداً، بحسب العنزي، التكثيف اللغوي الذي يحافظ على غزارة المعنى، والمفارقة التي تفاجئ القارئ بتغير غير متوقع في السرد، إضافة إلى الرمزية العميقة التي تتطلب تأملًا وجهدًا لتفكيكها. وأشارت إلى أهمية العنوان كأداة مساعدة، لكنه ليس شرطًا إلزاميًا، مؤكدةً ضرورة العناية بالصياغة اللغوية وانتقاء الألفاظ بدقة عالية.

كما أوضحت أن كتابة القصة القصيرة جداً تمثل تحديًا خاصًا، إذ تتطلب خلق دهشة حقيقية ضمن مساحة محدودة دون اللجوء إلى الشرح المباشر، مع استخدام مكثف ودقيق للغة. وعلى المستوى الثقافي، أشارت إلى محدودية تقبّل هذا الفن لدى القراء التقليديين، مقابل انتشاره بين الشباب بفضل طبيعة الحياة الحديثة وثقافة الاستهلاك السريع، رغم النظرة الاستخفافية التي قد تلاحقه تحت مسميات مثل "قصة المترو" أو "قصة الساندويتش".

وتحدثت أيضًا عن التحديات التي تواجه هذا الفن نتيجة كثرة النصوص الضعيفة وغياب المعايير النقدية الصارمة، مما يتطلب وجود قارئ نوعي يمتلك ذائقة فنية عالية.

وفي مقارنة بين الأدب العربي والأدب الغربي في هذا المجال، أوضحت الدكتورة حمدة العنزي، أستاذة النقد الأدبي والشعر الجاهلي، أن المدرسة العربية تتأثر بالمدارس الأوروبية مع طغيان الكم أحيانًا على الكيف، في حين يتصدر الأدب الأمريكي من حيث الجودة، مستفيدًا من التنوع الثقافي والتقنيات السردية المتقنة.

مؤكدةً في ختام حديثها أن فن الحكاية جزء أصيل من التراث العربي منذ القصص القرآني والنبوي، والمقامات، وألف ليلة وليلة، رغم أن الرواية الحديثة ظهرت بصيغتها النهائية في الغرب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذا الفن

إقرأ أيضاً:

«العين: واحة تنبض بالحياة».. تجارب ثقافية ومغامرات استثنائية

أبوظبي (الاتحاد)
يعود الموسم الثاني من سلسلة أفلام حملة «العين: واحة تنبض بالحياة»، بمغامرات جديدة مع الصديقين الإماراتيين عبيد البدور وسالم العطاس، لاكتشاف منطقة العين التي تجمع بين التجارب الثقافية الأصيلة، وروح المجتمع المضياف، والأنشطة الاستثنائية المتنوعة بين أحضان الطبيعة الخلابة.
عُرض من الموسم الجديد 4 حلقات، تستعرض التجارب المليئة بالتحدي والمغامرات الاستثنائية التي يخوضها كلٌّ من عبيد وسالم. تحتفي الحلقة الأولى بروح المجتمع والإبداع في منطقة العين، وتبدأ الرحلة في «مزرعة الإمارات البيولوجية»، حيث يرافقهما مهند، مدير العمليات، في جولة بين حقول الخضراوات والأعشاب العطرية، ويحدّثهما عن أسرار الزراعة العضوية في الصحراء، وسريعاً ما تتحول الزيارة إلى تجربة تواصل عميقة مع الأرض وخيراتها. ويخوض سالم وعبيد تجربة فريدة في أجواء من الهدوء والصفاء الذهني خلال جلسات العلاج بالصوت داخل المزرعة. وينتقلان بعدها إلى مقهى المزرعة لاكتشاف الأطباق النباتية الغنية بالنكهات والألوان. وتستمر الجولة في مقهى «فارم 13»، حيث يستقبلهما عبدالله السالمي، ويدعوهما لتذوق العسل الطازج. ينتقل عبيد وسالم في الحلقة الثانية من هدوء المزارع إلى عالم المغامرة في نادي العين للفروسية والرماية والجولف.
ثم توجّها لزيارة قلعة الجاهلي، وقبل غروب الشمس، يخوضان تجربة التجديف بقوارب الكاياك في بحيرة رائعة عند سفح جبل حفيت، والتي يواجهان خلالها تحديات حقيقية في السيطرة على القارب. في الحلقة الثالثة، يتوجّه عبيد وسالم إلى نادي صقور الإمارات للطيران، حيث يُعرّفهما الكابتن محمد عبيد راشد الكعبي على عالم الرياضات الجوية.
ويحلّق عبيد على متن طائرة ثابتة الجناح، فيما يختار سالم تجربة الباراترايك، ليشاهدا اللوحة البانورامية الجميلة لمنطقة العين، التي تجمع بين الجبال والكثبان والأودية والواحات الممتدة في الأفق.
وتُختتم المغامرة في متنزه قمر الصحراوي، المنتجع البيئي الفاخر بين الكثبان الرملية. ويكتشف الصديقان في هذه الحلقة أن جمال منطقة العين يكمن في تنوع تجاربها التي تلبي تطلعات الجميع، من التزلج على الرمال إلى العشاء تحت النجوم. يبدأ سالم وعبيد يومهما في الحلقة الرابعة، بالتوجّه إلى نادي العين للرماية بكرات الألوان، لخوض تحديات تمزج بين روح المتعة والمنافسة، ثم يتوجهان إلى «بورا إيكو ريتريت» في منتزه جبل حفيت الصحراوي لقضاء ليلة تخييم تحت النجوم، وخوض مغامرة التوازن على ألواح التزلّج الكهربائية، وزيارة مدافن جبل حفيت المبنية على شكل خلايا النحل، والتي يعود تاريخها إلى 5 آلاف عام.
 

أخبار ذات صلة بتوجيهات رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد يعتمد صرف حزمة المنافع السكنية الثالثة لعام 2025 للمواطنين في أبوظبي إدارة ترامب تعلن إيقاف جميع قرارات اللجوء

مقالات مشابهة

  • برامج رياضية وفعاليات ثقافية متنوعة في افتتاح المهرجان السادس لذوي الإعاقة
  • مساعدات سعودية إلى فلسطين بقيمة 90 مليون دولار
  • العنود العتيبي: الشريك الأدبي أعاد صياغه الحلم على هئية واقع
  • اطّلع على تقرير أعماله وبرامجه.. أمير الحدود الشمالية يستقبل رئيس النادي الأدبي بالمنطقة
  • أرقام النقد الدولي تفضح المستور
  • تدريبات سعودية أمريكية مشتركة.. لهذه الأهداف
  • إعلان جوائز "الأفلام القصيرة" في ختام مهرجان الفيوم لأفلام البيئة
  • إعلان جوائز الأفلام القصيرة في ختام مهرجان الفيوم لأفلام البيئة
  • مسابقات رياضية ومناشط ثقافية في "مهرجان ذوي الإعاقة".. الاثنين
  • «العين: واحة تنبض بالحياة».. تجارب ثقافية ومغامرات استثنائية