شاهد: هكذا استغل ترامب صورته الجنائية التاريخية وحولها لعلامة تجارية وسلاح سياسي في حملته الانتخابية
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
من اللحظة التي التقطت فيها صورة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وهو ينظر شزراً إلى عدسة الكاميرا كأنه يتحدّاها، أصبحت صورة العالم وأحدثت ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية، لكن ترامب سرعان ما حوّلها إلى سلاح سياسى باعتبارها رمزا للتحدي، تعكس صورة ضحية استهدفها أعداؤها.
إمعاناً في السخرية من الصورة الجنائية التي التقطت لدونالد ترامب في سجن مقاطعة فولتون في ولاية جورجيا لدى توقيفه لفترة وجيزة مساء الخميس ( بتهمتَي الابتزاز والتآمر لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة لصالحه)، يقوم سكان لوس أنجلوس بأخذ صور طبقاً للأصل في مكان أعدّه خصيصاً الفنان المحلي بلاستيك جيسوس "Plastic Jesus" وأطلق عليه اسم "بقعة السيلفي".
خلفية الصورة رمادية وعليك أن تنظر شزراً مثل ترامب إلى عدسة الكاميرا وكأنك تتحداها. لكن بينما رأى البعض الصورة باعتبارها رمزاً للعدالة، ودليلًا على أنه لا أحد فوق القانون، رأى الملايين الصورة باعتبارها رمزاً للتحدي وحاربة استبداد السلطة.
قد تعتبر الصورة الجنائية بالنسبة لكل الناس وصمة عار يجب التخلص منها، لكن ليس بالنسبة لدونالد ترامب الذي سرعان ما حوّلها إلى علامة تجارية وسلاح سياسي.
ونشر ترامب بنفسه نشر ترامب نفسه صورته الجنائية فجر الجمعة على "إكس"، في أول منشور له على منصّة تويتر سابقاً، منذ يناير/ كانون الثاني 2021، وألحقها بعبارتي "تدخل في الانتخابات" و"لا استسلام".
وفي غضون ساعات قام فريقه بطباعة الصورة العابسة على القمصان والأكواب والملصقات، مصحوبة بعبارة "لا تستسلم أبداً" وقد خُطت بأحرف كبيرة.
وفي حين أن صورة كهذه، من شأنها أن تُغرق أي مرشح سياسي آخر، لكنها بالنسبة لترامب، مجرد وسيلة أخرى لتعزيز روايته عن البطولة والتحدي. فقد جاء في رسالة بالبريد الإلكتروني لجمع التبرعات أرسلها ترامب: "ستُسجل هذه اللقطة في التاريخ إلى الأبد كرمز لتحدي أمريكا للاستبداد"، في حين طالب مؤيديه بمبلغ 47 دولاراً لقاء الحصول على قميص يحمل الصورة.
شاهد: أنصار ترامب يتجمعون خارج سجن في أتلانتا شاهد: لقطة واحدة ووجه واحد ولحظة أمريكية ورقم السجين P01135809.. صورة جنائية لترامب تدخل التاريخترامب يسلّم نفسه الخميس لسلطات ولاية جورجيا لمحاكمته بتهمة التلاعب بنتيجة الانتخاباتوقال دانيال بينز، خبير تسويق مقيم في نيويورك، إن الصورة يمكن أن تكون أداة "قوية للغاية" لترويج العلامة التجارية لترامب. وأضاف: "هنا تظهر عبقريته كمسوّق، إنه يستطيع استغلال كل ما يُقال بشأنه، ويحوّل أي اتهام، أو أي صورة، إلى شيء يخدم القصة التي يريد أن يرويها".
ولم يتوان مؤيدوه استخدام الصورة كسلاح، حيث يسعى الحزب الجمهوري لاستعادة الرئاسة من جو بايدن. وكتبت عضوة الكونغرس لورين بويبرت على موقع X إلى جانب الصورة: "ليس كل الأبطال يرتدون العباءات".
بينما نشرت النائبة اليمينية المتطرفة مارجوري تايلور غرين الصورة وأضافت قائلة: "هذه هي الصورة التي ستفوز بالانتخابات الرئاسية لعام 2024".
ولا شكّ أن صورة ترامب وهو يرتدي ألوان العلم الأمريكي؛ بدلة زرقاء داكنة وقميصاً أبيض وربطة عنق حمراء.. قد أصبحت من أشهر الصور في التاريخ، أما التحديقة الشرسة من تحت الحاجبين والعينان المحتقنتان بالدم بشكل غريب والجبين المجعّد فقد نجح في تحويلها إلى رمز للغضب والقوة، ودليل على محاربته "الاستبداد".
شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "صوت من لا صوت لهم".. مؤسس "السفير" وفارس اللغة العربية والناشر اللبناني طلال سلمان يترجل الدفاعات الجوية الروسية تسقط طائرة مسيرة عند اقترابها من موسكو شاهد: عودة احتفالات مهرجان الأشندا في إثيوبيا بعد توقفها خلال حرب تيغراي محاكمة دونالد ترامب الولايات المتحدة الأمريكية الانتخابات الأمريكية الصورةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: محاكمة دونالد ترامب الولايات المتحدة الأمريكية الانتخابات الأمريكية الصورة روسيا إسبانيا فرنسا إسرائيل يفغيني بريغوجين سوريا نساء فلاديمير بوتين البحر الأبيض المتوسط شرطة النيجر الصين روسيا إسبانيا فرنسا إسرائيل يفغيني بريغوجين سوريا
إقرأ أيضاً:
تجوع غزة.. وحولها ألف مدينة
د. محمد بن خلفان العاصمي
حالة غزة لا تشبهها أي حالة في التاريخ القديم أو الحديث على السواء، هذه القطعة الصغيرة من أرض فلسطين السليبة التي صار اسمها معروفًا لدى العالم كله كشفت للعالم حقيقة الكيان الإرهابي الذي كان يصور نفسه من قبل كضحية للإرهاب وأنه يتعرض للاضطهاد من قبل الفلسطينيين والعرب والمُسلمين، بل كشفت حقيقة العالم أجمع، لقد أثبتت غزة أن معايير المساواة والعدالة وحقوق الإنسان تقاس وتفصل من خلال أصحاب القرار والسلطة، وأن العالم لا ينظر إلى المسحوقين ولا يحترم إلا الجلّادين.
في غزة حكايات كثيرة وفي غزة ألف قصة تحكي لأجيال صمدت وتحدت الخوف والجوع ونقص الأنفس والثمرات، حكايات نسجت بنسيج الفخر والعشق لأرض مباركة سرى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرج منها إلى السماء، أرض الأنبياء والرسل عليهم السلام، هناك في غزة حيث يولد الصغار كبارًا والنساء رجالًا والرجال مقاليع شهب في أعين العدو الغاصب، فقط في غزة يعد الموت حديث عابر والحياة مجرد محطة هامشية في عين قضية كبرى اسمها الحرية.
ما يحدث في غزة لا تستوعبه كثير من العقول التي تتساءل عن سر الحياة في أرض يحوم بها الموت في كل لحظة، وفي ساحة ينعدم فيها الأمن والأمان والاستقرار، وسط أرض أثقلتها القنابل وحرثتها مجنزرات الجبناء وحرقت أرضها الصواريخ بشتى أنواعها، أرض تعبت من القصف وإنسانها مازال يقول عزيمتي لا تنثني بمثل هذا العبث. وهناك حيث يصنع الرجال وتزف مواكب السائرين الوافدين إلى جنان الخلد يولد الفرسان على صهوات الرصاص متترسين بقلوب لا ترى الحياة سوى لحظة الشهادة، هناك تنبت الكرامة وتتدلى كروم الكبرياء.
لم تتعب غزة من سكب ينابيع الكرامة لأمة أثخنت بالجراح، ونهشتها كل صنوف المحن ولم تهنأ بالراحة منذ تغلغل هذا الكيان الغاصب في قلب هذه الأمة، ومازالت غزة تقاوم السقوط وترفض أن تكون يافا وحيفا جديدة، وتأبى أن تنحني في انتظار استفاقة المجدل وجنين وعكا من تحت ركام الغاصب المستبد، ولن تتوقف غزة عن التنفس من تحت الركام لأنها العزة في أبهى صورها، رغم أن ما تعانيه لا تصفه الكلمات ولا تعبر عنه المقالات وكما يقولون إن من رأى ليس كمن سمع، وهناك من يعيش الأمر بكل تفاصيله يومًا بيوم.
غزة هي مختبر الإيمان وامتحان الصبر؛ فليس من السهل على الإنسان أن ينتظر الفقد في كل رنة هاتف وأن يتقبل حقيقة أنه ربما يكون الجنازة التالية، أن ترى أطفالك يضحكون هزوًا بالحياة ويتعفرون بغبار القذائف ويستنشقون البارود، ليس سهلًا أن تبحث من بين الركام عن صرخة ولا تجد إلا جزءًا من بقايا طفلك، ليس سهلًا أبدًا أن تنظر للأفق وأنت تعلم أن كل معاناتك هي بسبب قرار اتخذه آخرون ليسوا أفخر الثياب وتأنقوا ثم نفخوا دخان سجائرهم وقرروا أنَّ هذه الأرض ليست أرضك وهذه الحقيقة التي عليك أن تعيشها، هناك في غزة لا يقدر على ذلك إلا المؤمنون حقًا.
إن الجوع الذي يلف غزة هو فصل جديد من معاناة 80 عامًا من القهر والظلم واغتصاب الأرض والموت والدمار، وكأن لا عذاب بقي لأهل هذه الأرض المباركة سوى الجوع، لتكتمل دائرة العذابات التي سلطها عدو غاصب ومجرم على أهل غزة الصامدة، وأن مشاهد الجوع التي تطبعها غزة عار في جبين الإنسانية والأمة، فكيف تجوع غزة وحولها ألف مدينة متخمة شبعًا، وكيف ننظر لغزة وأبناؤها يقاسون الجوع ولا نحرك ساكنًا، هل ماتت المروءة فينا أم صرنا بلا رحمة، هل تمكن الخوف من قلوبنا فلم نعد نشعر بما يشعر به الإنسان نحو الإنسان من تعاطف، ماذا حل بهذه الأمة من غضب وذل.
كيف لنا أن نعيش الحياة طولًا وعرضًا وبذخًا وهناك طفل بانت عظامه من شدة الجوع وامرأة تنظر لفلذات أكبادها يغادرون الحياة جوعًا وظمأ وما بينهم وبين البذخ بضع كيلومترات وسور وحاجز شوكي وبحر، كيف لنا أن نستوعب أنَّ مؤامرة إبادة غزة لا شركاء فيها وأن العدو هو فقط من قرر ذلك؟ لماذا كل هذا الصمت والاكتفاء بالمشاهدة والحوقلة وصب اللعنات والدعاء على العدو، هل أيقنا أننا لا نملك إلا اضعف الايمان؟ هل تبددت إنسانيتنا وصرنا لا نشعر بغيرنا ولا يهمنا من أمر الإنسان إلا من كان مثلنا في نعيم الحياة ورغدها، لماذا وصل بنا الحال إلى هذا الحد من البؤس.
تجوع غزة ويشبع العالم ويتباهى بموائد الطعام ويتفنن بصنوفه، تجوع غزة ويموت أطفالها جوعًا وفي العالم من يشتكي الراحة والشبع والتخمة، تجوع غزة وضجيج الاحتفالات من حولها يصل إلى قلب سكانها ولا يصل طعامهم إليها، يجوع طفل غزة ويتمنى رغيف خبز وأطفال العالم يبكون من أجل لعبة جديدة وعلبة حلوى، يموت طفل غزة ولم يعرف يومًا طعم الحلوى ولم يجرب شعور امتلاك لعبة جديدة، تموت غزة جوعًا وحولها ألف مدينة تتفرج، والله غالب على أمره ولكن أكثر النَّاس لا يعلمون.
رابط مختصر