جاء من الأرض المنسية .. ومن الشعب الذي لا يعبأ به.. ومن الجماعة المستضعفة ..
جاء في زمن الانهيار والعجز والهزيمة والانحطاط..
جاء في عصر الهيمنة الاستكبارية الصهيونية..
جاء في زمن باعت فيه الأمة سلاحها ورهنته عند مرابي العصر واستخدمته في قتل نفسها..
جاء في خريف أمة تساقط فيه لباسها وانكشفت سوأتها وانبطحت عارية لمغتصبيها…
جاء في زمن ظلمات الأمة حيث سلمت قيادها لجزاريها ووالت أعداءها وعبدت شياطينها…
جاء حيث اختار العرب الأبراج والمولات والسيارات والقصور وتمتع الأنعام على الإسلام.
جاء والجاهلية تطبق على كل شيء.. يموت عليها الكبير وينشأ فيها الصغير ويوالى عليها ويعطى ويمنع بها..
جاء في زمن اللا يقين الذي زرعه الطغاة في صدور الناس..
جاء في دخان الفوضى وعمى البصيرة وانحراف المعرفة وسقوط المبادئ واضمحلال الأخلاق…
جاء في زمن الصمت الأبكم عن كلمة الحق والصراخ الأنكر لأبواق الكذب والرذيلة…
جاء وقد سكت المفتون إلا حين يؤمرون .. أو عن الحيض والنفاس يصدعون.. أو في الفتنة يخوضون…
جاء والأمة يقودها القوادون والدلالون والرويبضة الناطقون والمتردية والنطيحة والسفلة الغابرون..
جاء والأمة تدفع الجزية مضاعفة صاغرة لعدوها الأزلي الذي يتغير جلده ولا تتغير حقيقته…
جاء والأمة مستباحة لا تلوي على شيء ..قد انكسر ظهرها من طول ركوعها للطاغوت.. وانقطع نفسها تسبيحا وتعظيما له…وخرت ساجدة دون أن يخطر ببالها أن ترفع …
جاء في زمن الأمة القصعة .. الأمة الغثاء .. الأمة التي أعطت ظهرها لله ولرسوله ولكتابه…
جاء والأمة نصفها جائع ونصفها مشرَّد وقليلها مترف يتخوض في ثروة الشعب يقضمها كالبعير دون أن ينكر عليه أو يهيج…
جاء وبعض الأمة كما في غزة متروك مخذول يفترسه وحش العصر تجويعا وتقتيلا وتشريدا.. وبعضها الأكثر يجلس متفرجاً كأنه في مسرح روماني أو سيرك.. يتسلون برؤية الوحش وهو يفترس الأطفال والنساء والشيوخ ويحرك لسانه لاعقا دماءهم.. فلا يرف لهم جفن .. ولا يغضبون .. كأنهم خشب مسندة…
جاء والأمة قد بايعت أمريكا على الخنوع والاستسلام والتسليم .. تسليم الأرض والعرض…
جاء في زمن القرآن المغنى (بتشديد وفتح اللام) المطرب المقروء على الأموات وبين يدي من لا يؤمن به من الطغاة .. لا القرآن المتلو المرتل الحاكم المتبوع المهيمن الظاهر النور المبين الحكيم العزيز الهادي….
جاء وقد أحاط الأعداء بالأمة .. جاءوها من كل اتجاه وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وظن بالله ظن السوء وعلا صوت النفاق وانطمست معالم الدين ودرست آثاره وصار لعقة على الألسن وأداة للاتجار ووسيلة للتضليل والاحتيال .. وأفيونا للغيبوبة.
جئت يا سيدي في زمن المقت، حيث يقول القوم ما لا يفعلون .. ويأكلون الدنيا بكذبهم على كتاب الله .. وينامون على الظلم ويقومون عليه وقد أدمنوا الذلة والهوان .. طعامهم الغفلة وشرابهم الجهل…
جئت يا سيدي لتمحو بنور قولك وفعلك كل هذا.. ولتحيي هذه المواطن القاحلة المتصحرة بصيبك النافع الذي تصبه من إنائك القرآني .. ومن هدي جدك صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. لا تحيد عنه ولا تزيغ .. وقد ثبتك الله بالقول الثابت .. وأنار بصيرتك .. وسدد لسانك .. وأصلح عملك .. وهداك للتي هي أقوم .. فنهضت تقوم الأمة بالقرآن الجامع لهوية هذه الأمة .. وأنت رافع رايته في هذا الزمان .. وأنت لسانه الناطق .. وترجمانه الصادق.. ورائد مسيرته التي بها وحدها ستمضي بمعية الله والمؤمنين سفينة نجاة الأمة وعزتها وكرامتها في الدارين.
فسلام عليك سيدي وأنت العلم الأسمى .. والثمر الأجنى .. والضحى الأجلى .. والعطاء الأبقى.. والنصر الأعز الأبهى.
* كاتب وباحث الفلسطيني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
فضيحة قضائية تهز سيدي قاسم…88 غرزة في وجه الكرامة…حكم قضائي مخجل يسائل نزاهة القضاء
زنقة20| علي التومي
في مشهد صادم يعكس هشاشة حماية النساء المعوزات في المغرب، تعرضت خديجة، وهي سيدة مطلقة وفقيرة من جماعة دار الكداري بإقليم سيدي قاسم، لاعتداء شنيع بعد أن رفضت تحرش أحد الأثرياء بها.
وتعود تفاصيل هءا الحادث إلى الأيام الماضية، حين أقدم رجل في حالة سكر على التحرش بخديجة، فواجهته بـ”لا” صريحة.
وقام المعتدي بردّ فعل كان عنيفا وصادما حيث قام بكسر زجاجة خمر وغرزها في وجهها، مما استدعى 88 غرزة طبية لمعالجة الجروح، وأثبتت الفحوصات الطبية عجزاً بدنياً لمدة 35 يوماً.
ورغم فداحة الاعتداء، تؤكد مصادر مطلعة بان الجاني للزال حراً طليقاً، في حالة وصفها نشطاء بأنها تجسيد لـ”عدالة انتقائية”، كما لم يتحرك الملف إلا بعد تداول الواقعة في وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل، ما دفع القضاء لفتح المسطرة القضائية.
وحسب ذات النشطاء فقد جاءت الصدمة الثانية في قاعة المحكمة الابتدائية بمشرع بلقصيري، حيث أصدر القاضي حكماً مخففا بسجن الجاني شهرين فقط، عقوبة اعتبرها حقوقيون ونشطاء نسويون “مستهترة بكرامة النساء، ومشجعة على الإفلات من العقاب”.
واثارت هذه القضية موجة غضب واستياء واسع، واعتُبرت رمزاً لمعاناة النساء الهشات مع العنف القائم على النوع الاجتماعي وغياب الحماية القانونية الفعالة، خاصة في الأوساط القروية.