أخرجتهم الدعم السريع.. مساع سودانية لإعادة آلاف السجناء
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
الخرطوم- كشف وزير الداخلية السوداني خليل باشا سايرين للجزيرة نت، أن عدد "النزلاء" الذين أخرجتهم قوات الدعم السريع من السجون بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023 بلغ أكثر من 19 ألفا.
وقال الوزير إن الذين غادروا السجون في الولايات المتأثرة بالحرب -في الخرطوم والجزيرة وسنار ودارفور- تم إخراجهم بواسطة قوات الدعم السريع ولم يهربوا طوعا أو بإرادتهم.
وأضاف أن بياناتهم موجودة لدى رئاسة قوات السجون، وقد تم إدراجهم في قوائم الحظر من السفر حتى لا يغادروا لخارج السودان عبر المطارات والمعابر الرسمية، لكنه لم يستبعد مغادرة بعضهم عن طريق التهريب عبر الحدود البرية الشاسعة للسودان مع دول الجوار.
وأوضح باشا أن هناك 5 سجون في ولاية الخرطوم تتفاوت درجة تهيئتها حسب مستوى الدمار والتخريب الذي طال كل سجن. وأكد أن "أوضاع السجون بالخرطوم مطمئنة، وستسهم في استعادة نشاط أجهزة العدالة بالمستوى المطلوب".
وأوضح وزير الداخلية السوداني أن "معظم النزلاء الذين خرجوا من السجون انضموا للدعم السريع، وبعضهم أصلا كان من عناصر المليشيا المحكوم عليهم بجرائم مختلفة، حيث كان بسجن الهدى لوحده أكثر من 300 سجين من عناصر القوات".
إعلانوأفاد أن عددا من هؤلاء النزلاء عادوا إلى السجون طوعا، في حين جرى القبض على عدد آخر محدود بواسطة المباحث وإعادتهم إلى السجون، أما الغالبية فلم تتم إعادتهم بعد.
وأضاف أنه سيتم الإعلان عن الإجراءات القانونية للعودة طوعا، ومن لم يستجب سيتم تعميم أسمائهم من خلال عمليات البحث والإعلام للقبض عليهم في كل الولايات الآمنة والمحررة.
وشدد باشا على أنهم سيفعِّلون كل الإجراءات الإدارية والجنائية لإعادتهم، بما في ذلك التعاون مع مكاتب الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول" في دول الجوار، للمساعدة في إعادة من غادر من السجناء إلى خارج السودان.
وأشار إلى أن حجم الضرر ليس كبيرا في سجون الهدى وسوبا ودبك بولاية الخرطوم، حيث بدأ تشغيلها بالفعل، وتم تخصيص سجني سوبا ودبك لمعتقلي الدعم السريع ومعاونيهم، وخُصص سجن الهدى للنزلاء والمحكومين العاديين في ولاية الخرطوم والولايات الأخرى، التي تعاني سجونها من التكدس.
أما سجن كوبر، فإن حجم الضرر فيه كبير، ويحتاج لصيانة وإعادة تأهيل، بينما تمت صيانة سجن أم درمان منذ تحرير المدينة وبه حاليا نحو 600 نزيل.
وأكملت إدارة السجون بالشرطة السودانية -خلال الأيام الماضية- انتقال قواتها لممارسة عملها من مقر رئاستها بمنطقة المقرن بالخرطوم، بعد استقرار الأحوال الأمنية عقب سيطرة الجيش السوداني على العاصمة، وأكدت استعدادها لتأمين كافة السجون والبدء بإجراءات الصيانة والتأهيل بكل مقرات السجون بالخرطوم.
كما شهدت الخرطوم زيارات لعدد من المسؤولين لتفقد السجون والوقوف على مدى جاهزيتها لاستقبال النزلاء سواء الهاربون أو الجدد، وتعهد رئيس القضاء السوداني مولانا عبد العزيز فتح الرحمن، خلال زيارته لولاية الخرطوم في أبريل/نيسان الماضي، بالتواصل مع السلطات المختصة لإعادة فتح السجون واستكمال المنظومة العدلية، بينما رحب النائب العام بالسودان الفاتح طيفور بعودة سجون ولاية الخرطوم للعمل.
إعلان شهادة سجينالتقت الجزيرة نت في دولة مجاورة للسودان بأحد المحكومين على ذمة قضية جنائية بإحدى مناطق وسط السودان، وقال للجزيرة نت إنه بعد هروبه من السجن تورّط -للأسف- في جريمة أخرى باضطراره للتعاون مع الدعم السريع قبل أن يتمكن من الهرب من المنطقة التي كانوا يُحكمون سيطرتهم عليها لخارج البلاد عن طريق التهريب.
وجزم أمير (اسم مستعار) أنه لم يكن ُيفكر في الهرب، ولكن "تم دفعهم لهذا الأمر دفعا" بعد اقتحام الدعم السريع لسجن الهدى، الذي خلا بعد اقتحامهم من السجانين والمسجونين، وقال إن "ما رآه بعينيه من جرائم ترتكبها المليشيا دون وازع من أخلاق أو ضمير لم يسمع به من كبار المجرمين الذين زاملهم في السجن لأكثر من 3 سنوات".
وترك أمير الباب مواربا أمام احتمال عودته للسودان وتسليم نفسه للسلطات المختصة بالخرطوم لقضاء ما تبقى من فترة حكمه، وقال إنه الآن محتار بين العودة وتسليم نفسه، أو البقاء مختبئا خارج السودان. وأضاف أن "الأمرين أحلاهما مرٌّ" بالنسبة له.
وحول إمكانية إعادة المحكومين الهاربين من السجون لخارج السودان، قال الصحفي السوداني المتخصص في قضايا الجريمة طارق عبد الله للجزيرة نت، إنه سيتم إعادتهم عن طريق "الإنتربول"، لكنه لم يستبعد فشل هذه الطريقة في حال تمكن الهاربون من الوصول لدول غير مستقرة أمنيا، وقال إن معظم حالات الهروب اتجهت إلى 3 دول هي ليبيا وتشاد وجنوب السودان.
واعتبر عبد الله أن عملية إطلاق سراح النزلاء والمحكومين تعد واحدة من أسوأ إفرازات الحرب الراهنة "لأنها أضاعت الحقوق الخاصة، وتم إطلاق سراح الآلاف من القتلة والمغتصبين وبعض المحكومين في قضايا إرهاب". وأشار إلى أن "هناك محكومين في قضايا حق خاص، سيجتهد المتضررون فيها بجمع المعلومات عن المتهمين في قضاياهم".
إعلانوتوقّع أن يمتد تأثير هذه القضية وتهديدها للأمن بسبب خروج عصابات خطرة من السجن وجدت التسليح وأصبح لها شكل تنظيمي وقيادة، ويصاحبها تراجع في أداء الشرطة بسبب فقدانها الآلاف من منتسبيها وفقدانها لكميات من الأسلحة والآليات.
وأكد عبد الله الذي سبق أن اعتقلته قوات الدعم السريع بسجن سوبا أن "معظم الفارين من السجون -خاصة من الذين ينحدرون من حواضن التمرد- قد التحقوا بمليشيا الدعم السريع، فمات بعضهم وتم أسر آخرين، في حين لا يزال آخرون يقاتلون مع المليشيا، مثل علي رزق الله السافنا، الذي قاد هجوما فاشلا أمس على منطقة النهود بغرب كردفان" حسب قوله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الدعم السریع من السجون
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـ”الدعم السريع”
رفض الاتحاد الإفريقي الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرا من خطر تقسيم البلاد وتداعيات ذلك على جهود السلام، وداعيا المجتمع الدولي إلى عدم التعامل مع الكيان الجديد.
دعا الاتحاد الإفريقي إلى عدم الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرًا من تداعيات هذه الخطوة على وحدة البلاد وجهود السلام الجارية، في وقت تتصاعد فيه الأزمة الإنسانية نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
تحذير من تقسيم السودان
وفي بيان له، دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي “جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى رفض تقسيم السودان وعدم الاعتراف بما يُسمى الحكومة الموازية” التي شكلتها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المدعو “حميدتي”.
وأكد البيان أن هذه الخطوة “ستكون لها عواقب وخيمة على جهود السلام ومستقبل السودان”، منددا مجددا بـ”جميع أشكال التدخل الخارجي التي تؤجج النزاع السوداني، في انتهاك صارخ” لقرارات الأمم المتحدة.
حكومة موازية وسط رفض محلي ودولي
وأعلنت قوات الدعم السريع يوم السبت 26 تموز/يوليو تشكيل حكومة موازية تتألف من 15 عضوا، يرأسها حميدتي، ويتولى عبد العزيز الحلو، زعيم “الحركة الشعبية لتحرير السودان”، منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي. كما تم تعيين محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء، والإعلان عن حكام للأقاليم، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور.
وكان حميدتي قد أعلن في نيسان/أبريل الماضي، في الذكرى الثانية للحرب الأهلية، نيته تشكيل “حكومة السلام والوحدة”، مؤكدا أن التحالف الجديد يمثل “الوجه الحقيقي للسودان”، مع وعود بإصدار عملة ووثائق هوية جديدة، واستعادة الحياة الاقتصادية.
وقد أعربت الأمم المتحدة في حينه عن قلقها العميق من خطر “تفكك السودان”، محذّرة من أن مثل هذه الخطوات ستؤدي إلى تصعيد إضافي في النزاع وترسيخ الأزمة.
اتهامات لـ”الدعم السريع” باستهداف المدنيين
وقبل أيام، اتهمت مجموعة “محامو الطوارئ” السودانية، المعنية بتوثيق الانتهاكات خلال الحرب المستعرة في البلاد، قوات الدعم السريع بارتكاب مجزرة راح ضحيتها 30 مدنياً على الأقل، بينهم نساء وأطفال، خلال هجوم استمر يومين على قرية بريما رشيد بولاية غرب كردفان.
وذكرت المجموعة، في بيان صدر الجمعة 25 تموز/يوليو، أن الهجوم وقع يومي الأربعاء والخميس واستهدف القرية الواقعة قرب مدينة النهود، وهي منطقة استراتيجية لطالما شكلت نقطة عبور للجيش السوداني في إرسال التعزيزات نحو الغرب. وأسفر اليوم الأول من الهجوم عن مقتل ثلاثة مدنيين، بينما ارتفع عدد الضحايا في اليوم التالي إلى 27.
وأكد البيان أن “من بين القتلى نساء وأطفال، ما يجعل من الهجوم جريمة ترقى إلى انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي، لاسيما من حيث الاستهداف المتعمد والعشوائي للمدنيين”.
وفي تطور خطير، اتهمت المجموعة قوات الدعم السريع باقتحام عدد من المنشآت الطبية في النهود، بينها مستشفى البشير والمستشفى التعليمي ومركز الدكتور سليمان الطبي، ووصفت ذلك بأنه “انتهاك صارخ لحرمة المرافق الطبية”.
ولم تصدر قوات الدعم السريع حتى الآن أي تعليق رسمي على تلك الاتهامات.
انقسام ميداني يعمق الأزمة الإنسانية
وتخوض قوات الدعم السريع منذ 15 نيسان/أبريل 2023 حربا دامية ضد الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، أسفرت عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وتشريد أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة. وتسيطر قوات الجيش على مناطق الشمال والشرق والوسط، بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على معظم إقليم دارفور وأجزاء من كردفان.
في ظل هذا الانقسام، تعاني البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 50 مليون نسمة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، تتفاقم مع انتشار المجاعة وصعوبة وصول المساعدات.
13 وفاة بسبب الجوع في دارفور
وفي مؤشر على عمق الكارثة الإنسانية، أعلنت مجموعة “شبكة أطباء السودان” أمس الثلاثاء عن وفاة 13 طفلا في مخيم لقاوة بشرق دارفور خلال الشهر الماضي بسبب سوء التغذية. ويأوي المخيم أكثر من 7000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال، ويعاني من نقص حاد في الغذاء.
ودعت المجموعة المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة إلى زيادة الدعم الإنساني العاجل، محذرة من تفاقم الوضع في ظل تزايد معدلات الجوع بين الأطفال. كما ناشدت منظمات الإغاثة الأطراف المتحاربة السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى مناطق النزاع.
أزمة إنسانية خطيرة
وبحسب تقييمات الأمم المتحدة، يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، في ظل تعقيدات أمنية وسياسية تحول دون الوصول الآمن للمساعدات. ومع تزايد المبادرات المنفردة لتقاسم السلطة، تبدو البلاد مهددة بتفكك فعلي، في غياب تسوية شاملة للنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
من جهة أخرى، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنه “رغم احتدام الصراع في السودان ظهرت بؤر من الأمان النسبي خلال الأشهر الأربعة الماضية، مما دفع أكثر من 1.3 مليون نازح للعودة إلى ديارهم، لتقييم الوضع الراهن قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم نهائيا”.
وأضاف المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان بلبيسي أن “أغلبية العائدين توجهت إلى ولاية الجزيرة، بنسبة 71% تقريبا، ثم إلى سنار بنسبة 13%، والخرطوم بنسبة 8%”.
وتوقع بلبيسي عودة “نحو 2.1 مليون نازح إلى الخرطوم بحلول نهاية هذا العام، لكن هذا يعتمد على عوامل عديدة، ولا سيما الوضع الأمني والقدرة على استعادة الخدمات في الوقت المناسب”.
يورو نيوز
إنضم لقناة النيلين على واتساب