جريدة الوطن:
2025-08-01@17:33:54 GMT

من دراسات مجلس الشورى «2/16»

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

من دراسات مجلس الشورى «2/16»

ثانيًا: «الأبعاد التربويَّة والثقافيَّة في تنشئة الطفل».
تداولت وسائل التواصل المُجتمعي، أو الإعلام الإلكتروني، قَبل عدَّة أشْهُر، «مذكّرة داخليَّة» رسميَّة، مُعدَّة من قِبل «رئيس الجامعة» ـ أي جامعة السُّلطان قابوس ـ مُوَجَّهة إلى «عمداء الكُلِّيَّات والعمادات، والمدير العامِّ للمستشفى الجامعي ومديري المراكز والدوائر والمكاتب والمكتبات»، تنوِّه إلى ضرورة القيام بِدَوْرهم في «حماية القِيَم الدينيَّة والأخلاقيَّة والأُسريَّة…»، والتي تأتي كذلك «تنفيذًا لقرارات الاجتماع الثاني والعشرين للجنة أصحاب المعالي والسَّعادة وزراء التعليم العالي والبحث العلمي، بدول مجلس التَّعاون لدول الخليج العربيَّة»، في تأكيد على «مسؤوليَّة الجامعة في الحفاظ على القِيَم الأخلاقيَّة، وإعداد أجيال جامعية تعتز بقِيَمها الدينيَّة والاجتماعيَّة»، وتشدِّد الجامعة في هذه المذكّرة أيضًا على «أهمِّية حماية القِيَم الدينيَّة والأخلاقيَّة والأُسريَّة، ونشر الوعي لدى الأجيال الجامعيَّة حَوْلَ الالتزام بالقِيَم الإنسانيَّة النبيلة، وبيان إجماع الشرائع كافَّة على حرمة الشذوذ الجنسي أو المثليَّة الجنسيَّة، والتأكيد على مقاصد الشريعة في حفظ الدِّين والنَّفْس والعقل الَبَشري…».

ولكَيْ تتحقَّقَ هذه المِثل والغايات العظيمة واقعًا وتطبيقًا وممارسة تظهر بجلاء على أخلاق الإنسان وتُعمِّق وعْيَه بحقيقة الأشياء، وتُعظِّم دَوْره في حماية مُجتمعه من الانزلاقات والوقوع في شراك الرذائل، وفخاخ كُلِّ سلوك وعمل مقيت وبغيض وغير سوي وغير طبيعي تُحرِّمه الشرائع والرسالات السماويَّة ويستهجنه الذَّوق الإنساني السَّليم… فيجِبُ غرس تلك القِيَم والمبادئ على أساسات تعتمد «الأبعاد التربويَّة والثقافيَّة» السليمة، بدءًا من التنشئة الأولى للطفل مرورًا بأدوار حياته في درجات ومستويات التعليم المختلفة؛ أي لحظة الاستيعاب الأولى لِمَا لَها من تأثير ونتائج طويلة الأمد، وهو ما تنبَّه له مجلس الشورى مبكِّرًا، فأولى عنايته واهتمامه بملف التربية، مستوعبًا الدَّوْر الحقيقي للثقافة في تعزيز الوعي وتعميق الحسِّ بالمسؤوليَّة وتأثيراتها الإيجابيَّة أو السَّلبيَّة في تنشئة الطفل، وحمايته من المخاطر الجسيمة والعديدة التي تنتظره في ظلِّ الثورات التقنيَّة وقِيَم العولمة وانفتاح العالَم على بعضه، وتداخل الثقافات والأفكار وتشابكاتها والطفرات المتسارعة التي تشهدها برامج وتقنيَّات وشبكات التواصل المُجتمعي والإعلام الإلكتروني والإنترنت والتلفزة، ومحتوى الألعاب المُدمِّرة المُوَجَّهة إلى الطفل والتي تستهدف عقله وثقافته وتُوَجِّهه إلى الغايات والمقاصد التي يرسمها مُصمِّموها، والتي تمَّ تناولها والحديث عَنْها والتنبُّه من مخاطرها بالتفصيل المُملِّ، وأخيرًا انشغال الأبوَيْنِ بأعمالهما في ظلِّ التحاق الجنسَيْنِ بالوظائف الحكوميَّة والخاصَّة والأعمال والمشاريع الترفيهيَّة، والانغماس في حياة الرخاء والازدهار… لقَدْ تنبَّه مجلس الشورى إلى الخطر القادم، وذلك قَبل أكثر من ثلاثة عقود من الآن، ما زالت فيه هذه الطفرات والتحوُّلات والتبدُّلات التي طرأت على حياتنا في عالَم المجهول آنذاك، وقَبل بروز وانتشار وتغلغل الكثير من الآفات والكوارث التي بدأت تغزو مُجتمعاتنا، وتُهدِّد مستقبل أطفالنا، وتُنذر بويلات تنتظرها الحضارة الإنسانيَّة تدمِّر الأُسر، وتقتل القِيَم وبذور الخير في البَشَريَّة إذا لَمْ نتصدَّ لَها بكُلِّ قوَّة وعزْمٍ وإرادة وإيمان راسخ، مِثل التهتُّك الخُلُقي والميوعة والتعصُّب الأعمى، والمخدِّرات التي تفتك بعقل وروح وحياة النَّاس، والدعارة المعلنة دُونَ خجَلٍ والتي دخلت كنشاط تجاري مباحٍ في العديد من الدوَل والمُجتمعات، والشذوذ الجنسي الذي تشرع من أجْله اليوم كذلك الحكومات الغربيَّة دُونَ حياءٍ وأدَب، وتُروِّج له وسائل وبرامج التواصل وشبكاته الواسعة، وكأنَّه أصبح عملًا عاديًّا وممارسة إنسانيَّة طبيعيَّة، فإلى أين سيقودنا هذا السخف؟ لقَدْ قدَّم مجلس الشورى، في مايو 1992م، دراسة رصينة متكاملة، بعنوان «الأبعاد التربويَّة والثقافيَّة في تنشئة الطفل»، أُعدَّت على أُسُس ومنهج علمي، آخذة في الاعتبار مؤشِّرات الواقع في العام الذي أنجزت فيه، وقراءات وتنبؤات المستقبل وتطوراته، واستندت إلى لقاءات ومقابلات وزيارات لعددٍ كبير من خبراء التربية والتعليم والمسؤولين وأولياء الأمور وعلى نقاشات عميقة أدارها أعضاء اللجنة المختصَّة والمجلس فيما بعد. لقَدْ تناولت الدراسة «مضمون الرسالة التربويَّة السَّليمة، وأدوار الجهات المشاركة في هذه العمليَّة، والسِّياسات العامَّة المطبقة في مجال رعاية الطفولة، وأوضاع الوسائط والقنوات التي تتولى توصيل الرسالة التربويَّة والثقافيَّة للطفل بدءًا بالأُسرة والوسط الاجتماعي المحيط بها، مرورًا بِدَوْر الحضانة ورياض الأطفال وبيوت نُموِّ الطفل والجمعيَّات النسويَّة والمساجد والمدارس، وانتهاء بوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئيَّة… كما راجعت الدراسة التشريعات السَّارية» في تلك المرحلة «المتعلقة بالأمومة والطفولة، التي تنظِّم الوسائط والقنوات الناقلة للرسالة التربويَّة والثقافيَّة للطفل العُماني، وقدَّمت توصيات في مختلف مجالات رعاية الطفولة، والارتقاء بأدوار وأنظمة القنوات والجهات المعنيَّة بتنشئة الطفل…». وطالبت الدراسة في جملة من التوصيات المهمَّة جدًّا، بالتنسيق والتَّعاون بَيْنَ مؤسَّسات التعليم والإعلام والثقافة والشؤون الدينيَّة… وضرورة تخصيص وتنظيم وإعداد وصياغة برامج ومناهج وحلقات وفعاليَّات مدروسة ومُوَجَّهة، لتحقيق التنشئة السليمة، وذلك على مختلف المستويات بما في ذلك مدارس القرآن الكريم وتحفيظه وتجويده لتهذيب الطفل، وتعزيز وعْيِه وغرس الأساسات الأخلاقيَّة والدينيَّة في سلوكه وتعامله، وتعويده على ممارسة الشعائر الدينيَّة، وتنشئته على القِيَم والمُثل السَّامية التي كان عليها السَّلف الصالح والقدوات والنماذج المعروفة بفعل الخير وخدمة المُجتمع وسَعة العِلْم وبُعد النظر والقدرة على التأثير الإيجابي… فهل نحتاج اليوم في ظلِّ انتشار الآفات التي أشار لها المقال إلى العودة من جديد إلى دراسة المجلس حَوْلَ «الأبعاد التربويَّة والثقافيَّة في تنشئة الطفل»، وغيرها من الدراسات المشابهة التي أعدَّها وأقرَّها ورفعَها في فتراته الأولى من العمل؟ أم أنَّ لدَيْنا خيارات وحلولًا وجهودًا ومبادرات حديثة لدرء الخطر القادم وحماية المُجتمع ممَّا يتدفق إلَيْنا من قذارات تستهدف قِيَمنا الأصيلة؟ هذا ما نتمنَّاه ونتطلَّع إليه، فالأخلاق الإنسانيَّة هي أساس الحضارة والتقدُّم والاستمرار، هي المستقبل الحقيقي لرفعة المُجتمعات وتحقيق ازدهارها.

سعود بن علي الحارثي
[email protected]

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مجلس الشورى ة والثقافی الق ی م

إقرأ أيضاً:

المارديني لـ سانا: نؤمن بأن ما حققناه في مطارات أخرى من زيادة التفاعل الإعلاني ورفع قيمة الإعلانات، يمكن تحقيقه أيضاً في دمشق، مع مراعاة الطابع المحلي والثقافي للمكان

2025-07-30hadeilسابق المارديني لـ سانا: هدفنا هو تقديم تجربة إعلانية تُبرز الوجه العصري لدمشق منذ لحظة الوصول إلى أرض المطار، إيماناً منا بأن المطار هو النافذة الأولى التي يطل منها الزائر على البلادالتالي المارديني لـ سانا: تُقدّر قيمة سوق الإعلانات في المطارات العالمية بنحو 4.24 مليارات دولار في عام 2024، وتسعى فليك إلى إدماج مطارات سوريا في هذا السوق، من خلال تقديم حلول إعلانية حديثة تواكب المعايير الدولية انظر ايضاًالمارديني لـ سانا: تُقدّر قيمة سوق الإعلانات في المطارات العالمية بنحو 4.24 مليارات دولار في عام 2024، وتسعى فليك إلى إدماج مطارات سوريا في هذا السوق، من خلال تقديم حلول إعلانية حديثة تواكب المعايير الدولية

آخر الأخبار 2025-07-30المارديني لـ سانا: تُقدّر قيمة سوق الإعلانات في المطارات العالمية بنحو 4.24 مليارات دولار في عام 2024، وتسعى فليك إلى إدماج مطارات سوريا في هذا السوق، من خلال تقديم حلول إعلانية حديثة تواكب المعايير الدولية 2025-07-30المارديني لـ سانا: نؤمن بأن ما حققناه في مطارات أخرى من زيادة التفاعل الإعلاني ورفع قيمة الإعلانات، يمكن تحقيقه أيضاً في دمشق، مع مراعاة الطابع المحلي والثقافي للمكان 2025-07-30المارديني لـ سانا: هدفنا هو تقديم تجربة إعلانية تُبرز الوجه العصري لدمشق منذ لحظة الوصول إلى أرض المطار، إيماناً منا بأن المطار هو النافذة الأولى التي يطل منها الزائر على البلاد 2025-07-30مدير شركة ” فليك” للإعلان الطرقي محمد المارديني لـ سانا: نفتخر اليوم بتوقيع اتفاقية استثمار مع مطار دمشق الدولي لإدارة وتطوير المساحات الإعلانية، في خطوة محورية ضمن رؤيتنا لتحديث قطاع الإعلانات في سوريا 2025-07-30مدير الأمانة العامة للشؤون السياسية يلتقي عدداً من الناشطات في دمشق وريفها 2025-07-30النرويج تدعو دول العالم إلى الاعتراف بدولة فلسطين 2025-07-30مراسل سانا: توقيع عقد استثمار في مجال الإعلانات بين الهيئة العامة للطيران المدني السوري وشركة “فليك” للإعلان الطرقي وذلك في مبنى الهيئة بدمشق 2025-07-30وصول حافلات إلى معبر بصرى الشام الإنساني تتجه إلى السويداء لإجلاء أشخاص أردنيين وأمريكيين 2025-07-30وزير الطاقة: سوريا تبدأ استقبال 3.4 ملايين م3 من الغاز الأذري عبر تركيا اعتباراً من 2 آب المقبل 2025-07-30الشركة العامة لكهرباء ريف دمشق تنفذ أعمال زيادة استطاعة محوّلات عدة

صور من سورية منوعات اكتشاف بصمة يد عمرها 4 آلاف عام على أثر طيني مصري 2025-07-28 رجل صيني يثير جدلاً بتحويل سيارته إلى حوض أسماك متنقل 2025-07-28
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • دراسات تحذر من مادة مسرطنة في ماكينات القهوة المنزلية
  • دار الإفتاء تستقبل وفدًا ماليزيًّا لتعزيز التعاون الديني والعلمي
  • الشورى يدعو في جنيف إلى تفعيل دور البرلمانات في صون القيم الإنسانية
  • من نقد التاريخ إلى نقد اللاهوت.. صادق جلال العظم وتفكيك العقل الديني
  • جامعة صحار تفتح باب التسجيل في برنامج التأهيل التربوي
  • أوقاف الغربية تبحث بناء الوعي الديني والوطني لدى الشباب
  • هذه المناصب التي تقلدها رئيس مجلس قضاء الجزائر الجديد محمد بودربالة
  • ورشة عمل لإدراج قطاع النقل البري في دراسات التخطيط الإقليمي
  • المارديني لـ سانا: نؤمن بأن ما حققناه في مطارات أخرى من زيادة التفاعل الإعلاني ورفع قيمة الإعلانات، يمكن تحقيقه أيضاً في دمشق، مع مراعاة الطابع المحلي والثقافي للمكان
  • دراسات علمية جديدة تتوصل لعلاج جديد لمرضى السكري يظهر نتائج واعدة