في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي يشهده العالم، أصبحت البيانات هى العمود الفقري لكل مؤسسة، سواء كانت حكومية، تجارية أو حتى خدمية. ومع هذا التقدم، يبرز تهديد أمنى متزايد قد لا يأتي من الخارج، بل من الداخل ألا وهو: تسريب البيانات من قبل موظفين أو أفراد من داخل المؤسسة نفسها. تسريب البيانات ليس مجرد خلل تقني فحسب، بل إنة مشكلة ثقافية وإدارية تتطلب تضافر الجهود لحماية ما أصبح يُعتبر ذهب العصر الحديث.


في العصر الرقمي الحالي، أصبحت البيانات واحدة من أهم الأصول التي تمتلكها المؤسسات، سواء كانت معلومات مالية، بيانات عملاء، أسرار تجارية، أو إستراتيجيات داخلية. ومع تزايد الإعتماد على التكنولوجيا والأنظمة الرقمية في إدارة الأعمال، تصاعدت المخاطر المرتبطة بأمن المعلومات، ولا سيما خطر تسريب البيانات من داخل المؤسسات، سواء كان ذلك عن طريق الخطأ أو بسبب نوايا خبيثة. 
إن النسبة الأكبر من حوادث تسريب البيانات فى الأونة الأخيرة عادةً ما تحدث بسبب أطراف داخلية، سواءً عن قصد أو بسبب الإهمال وضعف المعرفة. فالموظف الذي يضغط على رابط ضار في رسالة بريد إلكتروني، أو الذي يرسل مستنداً حساساً بالخطأ إلى جهة غير مخولة، يمكن أن يتسبب في كارثة أمنية لا تقل ضرراً عن أى إختراق خارجي مدبر. لكن الأخطر من ذلك فى وجهه نظرى، هو التسريب المتعمد للبيانات. فقد يلجأ بعض العاملين، لأسباب تتعلق بالمنافسة أو بدافع الإنتقام من المؤسسة، إلى بيع أو كشف معلومات حساسة لجهات خارجية. وفي كلتا الحالتين، تكون النتائج كارثية لا محالة وتؤدى حتما إلى فقدان ثقة العملاء فى المؤسسة إضافةً إلى الإضرار بالسمعة، الخسائر المالية وربما المساءلة القانونية.
هذا النوع من التهديدات لا يقتصر فقط على المؤسسات التقنية فحسب، بل إنه يطال مختلف القطاعات فى الدولة مثل الصحة، التعليم، والقطاع المالي. ورغم أن الكثير من المؤسسات تركز على حماية أنظمتها من الإخترقات والهجمات الخارجية، إلا أن الحماية من الداخل لا تزال في كثير من الأحيان ضعيفة جداً. الأمر يتطلب تضافر جهود مؤسسات الدولة وكافة الجهات المعنية لتبنى سياسات أمنية شاملة تتضمن تدريب الموظفين على التعامل مع البيانات، مراقبة الوصول إليها، وإستخدام أدوات تكنولوجية متقدمة قادرة على رصد أي نشاط مشبوه.
في النهاية، لم يعد هناك مجال للتهاون. المؤسسات مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بحماية بياناتها من جميع الإتجاهات، وعلى رأسها الإتجاه الداخلي.أمن البيانات ليس مجرد إجراء تقني، بل هو انعكاس مباشر لوعي المؤسسة، ومؤشر على مدى إلتزامها بحماية ثقة عملائها وسمعتها في السوق. إننا فى حاجة ملحة إلى سنّ حزمة من التشريعات التي تفرض على المؤسسات حماية بيانات عملائها وتُحدد بوضوح مسؤولياتها القانونية عند الإخلال بذلك. يجب أن تكون هناك قوانين وطنية واضحة تُجبر المؤسسات على إتباع معايير محددة في حماية البيانات، تشمل آليات الحفظ، صلاحيات الوصول، والإفصاح في حال وقوع تسريب. مثل هذه القوانين ستدفع المؤسسات إلى الإستثمار في البنية التحتية الأمنية بدلاً من الإكتفاء بالإجراءات الشكلية.
لكن القانون وحده لا يكفي؛ فنجاح أي منظومة أمن معلومات يعتمد بشكل أساسي على سلوك الأفراد داخل المؤسسة، حيث الموظف الواعي، المُدرب، والمشارك في حماية بيانات المؤسسة، هو خط الدفاع الأول ضد أي تهديد. من الضرورى العمل على تنمية وعي مؤسسى داخلي يعزز من ثقافة أمن المعلومات ويجعل من كل موظف خط الدفاع الأول عن البيانات، فبناء ثقافة داخلية قوية أصبح ضرورةً لا خياراً ولابد من الإستثمار في تنمية الوعي المؤسسي، وتدريب الموظفين ليكونوا جزءًا من منظومة الحماية، لا ثغرةً فيها.
ولتفادي هذا الخطر المتزايد، فإنى أؤكد على ضرورة إعتماد إستراتيجية متكاملة تشمل:
•    تدريب الموظفين على التعامل الآمن مع البيانات.
•    مراقبة وتحديد صلاحيات الوصول للمعلومات الحساسة.
•    تطبيق أنظمة متقدمة لرصد التسريب (DLP).
•    ترسيخ ثقافة الثقة والمسؤولية الرقمية داخل المؤسسة.

طباعة شارك التحول الرقمي تسريب البيانات الأنظمة الرقمية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التحول الرقمي تسريب البيانات الأنظمة الرقمية تسریب البیانات

إقرأ أيضاً:

موقع أمريكي: الحرب مع القوات المسلحة اليمنية تركت ثغرة في مخزون أسلحة البحرية الأمريكية

 حيث أطلقت سفن البحرية الأمريكية مئات صواريخ الدفاع الجوي المتطورة على تهديدات القوات المسلحة اليمنية، ونشرت البحرية عددًا غير معلن من صواريخ توماهوك كروز وغيرها من ذخائر الهجوم البري خلال الهجمات المضادة.. وخلال حملة الضربات الجوية المكثفة التي شنتها إدارة ترامب، من 15 مارس إلى 6 مايو، أنفقت الولايات المتحدة ما لا يقل عن  مليار دولار من الأسلحة في 1100 غارة جوية.

وقال قائد العمليات البحرية الأدميرال جيمس كيلبي في وقت سابق من هذا الأسبوع إن هذه الضربات أحدثت ثغرة في مخزون الأسلحة لدى البحرية الأميركية، وأن القاعدة الصناعية الدفاعية ستجد صعوبة في تعزيزها وإعادة ملئها..وأكد للجنة المخصصات في مجلس النواب أن الصواريخ بعيدة المدى دقيقة التوجيه، مثل توماهوك، والصواريخ بعيدة المدى المضادة للسفن، والطوربيدات الثقيلة، كلها ذخائر نحتاج إلى زيادة إنتاجها". وأضاف: "لكنني أرى أيضًا أننا بحاجة إلى البحث عن موردين آخرين.. قد لا يتمكنون من إنتاج نفس المواصفات الدقيقة، لكنهم قد يتمكنون من إنتاج صاروخ فعال.

وأكد الموقع أن مسألة ردع الصين، المنافس الاستراتيجي الرئيسي للبحرية الأمريكية، تتصدر قائمة الأولويات.. ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فإنّ معدل استهلاك مخزونات أسلحة البحرية وما نتج عنه من ضعف في حال نشوب صراع في المحيط الهادئ، كان أحد العوامل العديدة التي دفعت البيت الأبيض إلى اتخاذ قرار وقف الأعمال العدائية مع القوات المسلحة اليمنية.. صُممت حملة الضربات التي شنها البيت الأبيض في البحر الأحمر لتستمر من 8 إلى 10 أشهر، وقد أُلغيت بهدنة بعد أقل من شهرين، رغم استمرار القوات المسلحة اليمنية في شن هجمات على إسرائيل.. وتتعدى أسباب تقصير الحملة مسألة مخزونات الصواريخ.

وأورد انه اتضح أن القوات المسلحة اليمنية يصعب مواجهتها.. فخلال العملية، أجبرت هجمات قوات صنعاء حاملة الطائرات يو إس إس هاري ترومان على اتخاذ إجراء مراوغة مفاجئ ، مما أدى إلى إسقاط مقاتلة من طراز إف 18.. في العمليات فوق اليمن، لم تتمكن القوات الأمريكية عالية التقنية من فرض سيطرتها الكاملة على المجال الجوي: أسقطت أنظمة الدفاع الجوي البدائية للقوات المسلحة اليمنية حوالي ست طائرات مسيرة من طراز إم كيو-9 ريبر، وكادت أن تصيب عدة مقاتلات من طراز إف-16، وأجبرت مقاتلة شبحية متطورة من طراز إف-35 على القيام بمناورات مراوغة.. وحتى بعد أسابيع من الغارات الجوية الأمريكية، احتفظت القوات المسلحة اليمنية ببعض القدرة المتبقية على شن هجمات بالصواريخ الباليستية بعيدة المدى.

وقال الرئيس دونالد ترامب، في حديثه عن وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي: لقد تعرضوا  لعقاب هائل.. وكما تعلمون، يمكن القول إن هناك قدرًا كبيرًا من الشجاعة، وكان من المذهل ما تحملوه..تشير الأدلة الأخيرة إلى أن القوات المسلحة اليمنية تُعيد تسليح نفسها وإعادة بناء صفوفها، وتُواصل إطلاق الصواريخ الباليستية على أهداف في إسرائيل، بما في ذلك ثلاث محاولات هجوم أُبلغ عنها في وقت سابق من هذا الأسبوع.. حتى الهجمات على السفن لا تزال تبدو مطروحة.. ففي بيان صدر يوم الخميس، قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد "يحيى سريع"، إنه إلى أن تُنهي إسرائيل عملياتها في غزة، سنستمر على "حظر الملاحة البحرية في البحر الأحمر والبحر العربي"

مقالات مشابهة

  • خيانة على أعلى مستوى .. ترامب يهاجم مساعدي بايدن
  • طهران: لن نتخلى عن حقنا في تخصيب اليورانيوم سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا
  • بعد الضوء الأخضر الإسرائيلي .. غزة الإنسانية بديل من المؤسسات الدولية
  • موقع أمريكي: الحرب مع القوات المسلحة اليمنية تركت ثغرة في مخزون أسلحة البحرية الأمريكية
  • وزير العدل داخل البرلمان: جمعيات حماية المال العام تفسد السياسة و أحد رؤسائها تعطات لو فيلا
  • اكتشاف ثغرة أمنية خطرة في مكتبة بايثون البرمجية
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب.. الوجدان الراقي
  • د. محمد بشاري يكتب: من الجُرأة على التخيّل إلى صناعة المستقبل
  • الجيش الإسرائيلي يعاقب 3 جنود رفضوا القتال في غزة
  • تعليمة تؤكد ..تصوير التلاميذ داخل المؤسسات التربوية ممنوع