د. محمد بشاري يكتب: من الجُرأة على التخيّل إلى صناعة المستقبل
تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT
لم يعد من المقبول أن تنحصر لقاءاتنا الفكرية في إنتاج بيانات ختامية أو سرد توصيات معتادة تستعيد ذات العبارات وتكرّر ذات المواقف. فما نحتاجه اليوم ليس تكرار ما قيل بالأمس، بل إحياء ما لم يُقال بعد، واستدعاء ما لم يُفكر فيه بعد. نحن في حاجة إلى جرأة جديدة، جرأة على التخيل لا تكتفي بوصف الواقع، بل تتجاوزه إلى تصور الممكن وابتكار الأفق.
لقد أصبح من الواضح أن الأطر التقليدية لفهم الشباب ودورهم قد باتت عاجزة عن مواكبة تحولات الزمن.
لم تعد الأجوبة المعلبة قادرة على إقناعهم، ولم يعد الخطاب الذي يُسقط عليهم التصورات من علُ، قادرا على إدماجهم. إن الحاجة اليوم تتجه صوب فتح أبواب الأسئلة الكبرى التي تخرجنا من ضيق الأجوبة الجاهزة إلى سعة التفكير المشترك. الشباب لا ينتظرون من يرسم لهم الطريق، بل يبحثون عمن يمنحهم حق المشاركة في إعادة رسم معالمه.
إن من بين أهم الأسئلة التي ينبغي أن نطرحها اليوم:
كيف يمكن أن نُعيد هندسة العلاقة بين المقدّس والواقع؟ كيف نصوغ توازنا جديدا بين النصّ والتجربة، بين الشريعة والحكمة، بحيث يشعر الشاب أن الدين ليس عبئًا مضافًا على الحياة، بل روحًا تبعث فيها المعنى وتحررها من الفراغ؟
وهل لدينا ما يكفي من الشجاعة النقدية للاعتراف بأن الكثير من خطاباتنا الدينية والتربوية لم تعد تواكب تحولات العصر، ولا تستجيب لانتظارات جيل رقمي يعيش في عوالم هجينة من الافتراضي والواقعي، ومن الواقعية النفسية إلى الرمزية الثقافية؟
ثم، كيف يمكن أن نخلق فضاءات جديدة للتعلم تتجاوز النماذج الجامدة للمؤسسات التقليدية؟ فضاءات يتجاور فيها المتعلم مع العالم، والمتدين مع الفنان، والفقيه مع عالم الاجتماع، ضمن مجتمع معرفة جديد لا يفصل بين العقل والروح، ولا يختزل الإنسان في وظيفة أو شعار.
ألا يجدر بنا أن نعيد الاعتبار للتجارب المحلية المتعددة، التي تحمل في تفاصيلها حكمة الأرض وصدق الواقع، بدلًا من السعي الدائم لاستيراد نماذج كبرى لا تتلاءم مع سياقاتنا ولا تعبّر عن ملامحنا الثقافية الحقيقية؟ ربما يكون ما يُنقذ شبابنا ليس خطابا معولما ولا مشروعًا أمميا، بل معنى قريبًا حيًا صادقًا ينبثق من بيئاتهم ويلامس حاجاتهم الواقعية.
ثم، لماذا لا نحول كل لقاء فكري من مجرد حدث موسمي إلى محطة تأسيسية دائمة تُعيد بناء مفهوم العمل التشاركي، حيث تتحول اللقاءات إلى ورش مفتوحة للإبداع لا إلى مناسبات للنشر الإعلامي فقط؟
أليس الأجدر أن يتحرك هذا الأفق بإرادة القيم لا بمنطق التمويل؟ أليس الأجدر أن يُبنى على صرامة السؤال لا على خمول التقليد؟
لقد تعب الشباب من الزيف الفكري ومن الشعارات التي لا تلامس وجدانهم. هم في حاجة إلى صدق في الموقف، وجرأة في التفكير، وفضاءات حرة للتعبير والمشاركة. ومتى فعلنا ذلك، سنكتشف أن الإنسان فيهم لم يمت، بل ينتظر من يحرّكه ويستنهضه. إنهم نبضنا الأصدق، ورايتُنا التي لن تنكسر ما دمنا نؤمن بأن المستقبل لا يُهدى، بل يُصنع.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
رئيس هيئة الصحفيين: "دار اليوم" فتحت الباب.. لتبدأ رحلة 100 إعلامي نحو المستقبل
أكد رئيس هيئة الصحفيين السعوديين عضوان الأحمري، أنه في ظل الحراك التنموي الذي تشهده المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وعرّاب الرؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء كان لا بد من حراك استكشافي موازٍ، لا لاستكشاف مكامن المعادن وحقول الغاز وآبار النفط وحسب، بل لاستكشاف مواهب وطنية إعلامية من شباب هذا الوطن العظيم، ليكونوا شهودًا على عملية التنمية والتحديث والنهضة السعودية الحديثة في ظل مستهدفات "رؤية ٢٠٣٠".
وأضاف بأن "هيئة الصحفيين السعوديين" اختارت وجهتها الأولى المنطقة الشرقية لعرض إستراتيجية التغيير، وقبل ٥ أشهر ونيف، طرقنا باب "دار اليوم" و"مؤسسة الوليد المبارك الأهلية"، فكانت الاستجابة للطارق بما يريد، وليس بغريب عليهم، فهم في منطقة لا تكاد تمر في شارع رئيس من شوارع مدنها ومحافظاتها، إلا وتستقبلك لوحة إعلان حول مبادرة تستهدف الوعي وعقل الإنسان لتنويره، برعاية الأمير والإمارة.تنمية رأس المال البشري في الصحافة والإعلاموقال: استقبلتنا "مؤسسة أهم" و "دار اليوم" عبر رئيس مجلس إدارتها الوليد بن حمد المبارك، بحفاوة الموافقة، وكرم المبادرة، ورعاية المتدربين، والعناية بهم ماديًا ومعنويًا، مدة تجاوزت الأسابيع الخمسة، عبر دورة مكثفة استهدفت تقنيات الذكاء الاصطناعي في الصحافة والإعلام، لاكتشاف وتأهيل كوادر وطنية، وتحديث مهاراتها بما تتطلبه مرحلة الثورة التقنية في العالم وسوق العمل.وتابع: ولئن سئلتُ عن نجاح المبادرة وصداها المنتشر منذ اليوم الأول، فالسبب حماسة المبادرين والتقاء رغبات هيئة الصحفيين السعوديين مع توجهات وأهداف الداعمين، فرغبة الهيئة تكمن في تنمية رأس المال البشري في الصحافة والإعلام، وهي رغبة تنطلق من هدف ورؤية ومستهدفات دار "اليوم" و"مؤسسة أهم"، في تطوير رأس المال البشري للصحافة والإعلام، والتي ترون نتاجها اليوم بتخريج ١٠٠ مستفيدة ومستفيد.دعم المبادرةومنذ اليوم الأول لبدء الحديث مع "دار اليوم"، وجّه وزير الإعلام سلمان بن يوسف الدوسري الزملاء في منظومة الإعلام من هيئات ومؤسسات بدعم المبادرة، كل بما يستطيع مما أضفى عليها بعدًا آخر أسهم في نجاحها.
أخبار متعلقة أمير الشرقية يشرف حفل تخريج 100 صحفي وإعلامي بدار "اليوم".. الأحدأمير الشرقية: طموح القيادة يعزز تنافسية المملكة عالميًاأمير الشرقية: المملكة ملتزمة بدعم الشباب من أجل صياغة المستقبلوقال "الأحمري" أن رعاية وحضور سمو أمير المنطقة الشرقية، هو التكريم الحقيقي للخريجين ولنا، وأضاف للمناسبة شرفاً كبيراً، وأثبت ما يردده العرب عن مسك الختام، بأن ختام هذه المبادرة فعلًا "مسك".