تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم استعمال الصابون والمعقمات التي تحتوي على رائحة عطرية في مناسك الحج والعمرة؟ فبعد الوصول إلى الفندق ذهبت للاستحمام وتطهير جسدي من العرق، واستخدمت صابونًا معقمًا أثناء الاستحمام، فأخبرني أحد الأصدقاء أن هذا الصابون لا يجوز للمحرم أن يستخدمه؛ لأن به رائحة عطرية، فهل أكون بذلك قد ارتكبت محظورًا من محظورات الإحرام؟


وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: إنه لا يجوز شرعًا أن يستخدم المحرم أيَّ نوعٍ من أنواع الطِّيب أو العطور سواء كان للتطيب والتعطر أو لتنظيف بدنه أو ثوبه.

وأَضافت: أما إذا استخدم المحرم أنواع الصابون المعقم؛ لتنظيف جسده أو ثيابه من العرق والأوساخ، أو كان بنية التطهير والتعقيم، فهذا أمر جائز شرعًا ولا حرج فيه، لأنه وإن احتوى هذا الصابون المعقم على بعض الروائح، فإنه ليس المقصود منه التطيب بحالٍ.

ما حكم الاقتراض لتأدية فريضة الحج؟.. الإفتاء تجيبماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض في الحج؟.. عويضة عثمان يجيبحكم الحج لشخص عليه ديون.. الإفتاء: يجوز بشروطحكم حلق المرأة لجميع شعرها في التحلل من الحج أو العمرة.. الإفتاء توضح

حكم استخدام الطيب والعطور على جسد المحرم أو ثيابه
المقرَّر شرعًا أن المحرم بالحج أو العمرة لا يجوز له أن يرتكب أيَّ محظور من محظورات الإحرام، ومن تلك المحظورات استخدام الطِّيب والعطور على جسد المحرم أو ثيابه، فقد أخرج الشيخان في "صحيحيهما" واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنَّ رَجُلًا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: «لَا يَلْبَسُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ».

قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (8/ 74، ط. دار إحياء التراث العربي): [ونبه صلى الله عليه وآله وسلم بالورس والزعفران على ما في معناهما وهو الطِّيب، فيَحْرُم على الرجل والمرأة جميعًا في الإحرام جميعُ أنواع الطِّيب] اهـ.

وقد نصَّ الفقهاء على حرمة أن يقصد المحرم أن يستخدم الطِّيب في أثناء إحرامه.

حكم استخدام المحرم في غسله منظفات تحتوي على رائحة
في حالة إذا استعمل المحرم في غسله أو تنظيف بدنه وثيابه نوعًا من أنواع المطهرات والمنظفات التي تحتوي على قدر مِن رائحةِ الطِّيب أو العطور؛ فإنه بذلك لا يعتبر مستخدمًا للطِّيب؛ لأن مقصده هو تنظيف جسده أو ثيابه ممَّا علق به من عَرَقٍ، أو التطهير خشية وجود ميكروبات وأمراض ونحو ذلك.

وبيان وجه الاستشهاد يظهر ممَّا قاله الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (8/ 74) -عند شرح الحديث المذكور-: [فيحرم على الرجل والمرأة جميعًا في الإحرام جميع أنواع الطِّيب، والمراد ما يقصد به الطِّيب، وأما الفواكه؛ كالأترج والتفاح، وأزهار البراري؛ كالشيح والقيصوم ونحوهما: فليس بحرامٍ؛ لأنه لا يقصد للطِّيب] اهـ.

وقد نص الفقهاء على أنه لا حرج على المحرم أن يستخدم تلك الأشياء المخلوطة بنسبة من الطِّيب والعطر، التي ليس الغرض منها التطيب والتعطر.

أشارت الى أنه الفقهاء اوضحوا أن كل ما يستخدم من مواد للتنظيف أو التطهر والتعقيم يجوز استخدامها للمحرم، ما دامت ليست طيبًا أو عطرًا في أصلها، لأن المقصود منها ليس التطيب أو التعطر، ولا يضر وجود روائح عطرية في هذه المواد؛ لأنها ليست المقصودة منها، فوجودها فيها تبعًا.

والتعقيم ضرورة طبية ماسة بحسب تعليمات السلامة الطبية، وتحمي الجروح من المضاعفات السيئة ونحو ذلك، كما أن من خصائص مواد التعقيم أن العطر الذي تحتوي عليه ضعيف غير نفاذ ولا منتشر، فلا يُعَدُّ من العطور أو الطِّيب المنهي عن استعماله أثناء الإحرام؛ قال الشيخ سَعيد بن محمد بَاعَليّ الحضرمي في "بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم" (ص: 662، ط. دار المنهاج): [والمراد بـ (الطِّيب): ما يقصد ريحه غالبًا، كمسك وعود وورس وكافور وعنبر وصندل وبنفسج ونرجس وبان وريحان وسوسن ونمام وفاغية ولو يابسة بقيت فيه رائحة تظهر ولو بالرش.

 بخلاف ما يقصد منه التداوي أو الإصلاح أو الأكل وإن كان له رائحة طِيبة، كالفواكه طِيبة الرائحة كسفرجل وتفاح وأترج ونارنج أو قرفة وقرنفل وسنبل ومحلب ومصطكى وغيرها من الأدوية] اهـ.


وأكدت انه بناء على ذلك: فإنه لا يجوز شرعًا أن يستخدم المحرم أيَّ نوعٍ من أنواع الطِّيب أو العطور سواء كان للتطيب والتعطر أو لتنظيف بدنه أو ثوبه، أما إذا استخدم المحرم أنواع الصابون المعقم؛ لتنظيف جسده أو ثيابه من العرق والأوساخ، أو كان بنية التطهير والتعقيم، فهذا أمر جائز شرعًا ولا حرج فيه، لأنه وإن احتوى هذا الصابون المعقم على بعض الروائح، فإنه ليس المقصود منه التطيب بحالٍ.

طباعة شارك حكم استعمال الصابون والمعقمات التي تحتوي على رائحة عطرية في مناسك الحج والعمرة مناسك الحج حكم استخدام الطيب والعطور على جسد المحرم أو ثيابه حكم استخدام المحرم في غسله منظفات تحتوي على رائحة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مناسك الحج تحتوی على رائحة التی تحتوی على حکم استخدام أن یستخدم لا یجوز

إقرأ أيضاً:

هل يستحق البائع العربون إذا لم يتم البيع؟.. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم الإسلام في العربون؟ وهل هو من حق البائع شرعًا؟ وهل له أن يتبرع به في وجهٍ من وجوه البر مثلًا إذا لم يكن من حقه؟.

وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن أخذ العربون غير جائز شرعًا؛ لما ورد: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ" رواه أحمد وغيره، ولما فيه من الغرر وأكل أموال الناس بالباطل.

ونوهت بأنه يجب رد العربون إلى المشتري إذا كان على قيد الحياة، أو إلى ورثته إن كان قد توفِّي، فإن لم يستدل عليه ولا على ورثته، فإنه يتصدق بهذا المال في المصالح العامة للمسلمين، ولا يحلُّ للبائع الانتفاع به لنفسه.

قاتل زوجته هل يحق له أن يرثها ؟.. عالم بالأزهر يجيبعند عدم رغبة العميل في السلعة وإرجاعها.. من يتحمل تكلفة الشحن؟دعاء يوم تاسوعاء.. ردد أفضل أدعية الرزق والبركة ومغفرة الذنوبحكم صيام يوم تاسوعاء.. الإفتاء تجيب

تحريم البيع مع العربون

روى مالكٌ في "الموطأ" عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: "أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ"، ورواه أيضًا أحمد والنسائي وأبو داود، ورواه الدارقطنيُّ، ورواه البيهقيُّ موصولًا، وقد فسَّر الإمام مالكٌ العربونَ كما أورده أبو داود في "السنن" (283/3) قال: [وَذلِكَ -وَاللهُ أَعْلَمُ- أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ثُمَّ يَقُولُ: أُعْطِيكَ دِينَاراً عَلَى أَنِّي إِنْ تَرَكْتُ السِّلْعَةَ أو الكِرَاءَ فَمَا أَعْطَيْتُكَ لَكَ] اهـ بتصرف.

وهذا الحديث قد ورد من طرقٍ يقوي بعضها بعضًا، وهو يدل على تحريم البيع مع العربون؛ لما فيه من الشرط الفاسد، والغرر، وأكل أموال الناس بالباطل.
وقد نصَّ على بطلان البيع مع العربون وعلى تحريمه فقهاءُ مذاهب الأئمة؛ أبو حنيفة ومالك والشافعي، ورُويَ عن الإمام أحمد إجازتُه.

قال الشوكاني في بيان علة تحريم العربون: [وَالْعِلَّةُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ اشْتِمَالُهُ عَلَى شَرْطَيْنِ فَاسِدَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: شَرْطُ كَوْنِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ يَكُونُ مَجَّانًا إنْ اخْتَارَ تَرْكَ السِّلْعَةِ. وَالثَّانِي: شَرْطُ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ الرِّضَا بِالْبَيْعِ] اهـ، وأضافَ الشَّوكاني أنه إذا دار الأمر بين الحظر والإباحة ترجَّح الحظر. "نيل الأوطار" (5/ 153، 154)، و"الروضة الندية شرح الدرر البهية" (2/ 9)، و"المجموع للنووي شرح المهذب للشيرازي" (9/ 334، 335).


لمَّا كان ذلك: فإن استيلاءُ البائع على العربون غيرَ جائزٍ شرعًا؛ لنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن بيع العربون.

التصرف في مبلغ العربون بعد الحصول عليه

إذا كان ذلك، فما طريق التصرُّف في مبلغ العربون الذي ظهر أنه من المحرَّمات؟

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المسلِم إذا أخذ مالًا حرامًا كان عليه أن يصرفَه إلى مالكه إن كان معروفًا لديه، وعلى قيد الحياة، أو إلى وارثه إن كان قد مات، وإن كان غائبًا كان عليه انتظارُ حضوره وإيصالُه إليه، مع زوائده ومنافعه.

أما إن كان هذا المال الحرام لمالكٍ غير معيَّنٍ، ووقع اليأس من التعرُّف على ذاته، ولا يُدْرَى أمات عن وارثٍ أم لا، كان على حائزِ هذا المال الحرام في هذه الحال التصدُّقُ به؛ كإنفاقه في بناء المساجد والقناطر والمستشفيات.

وذهب بعض الفقهاء إلى عدم جواز التصدُّق بالمال الحرام؛ لأن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا.

وقد استدل جمهرة الفقهاء على ما قالوا من التصدق بالمال الحرام إذا لم يوجد مالكُه أو وارثُه بخبر الشاة الْمَصْلِيَّةِ التي أمر الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالتصدُّقِ بها بعد أن قدمت إليه فكلمته بأنها حرامٌ؛ إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى» رواه أحمد، وهو في "الدر المختار"، وحاشية "رد المحتار" لابن عابدين (3 / 498، 499 في كتاب اللقطة)، و"إحياء علوم الدين" للغزالي في (كتاب الحلال والحرام)، وأخرج العراقي الحديث عن أحمد بسندٍ جيد بهامشه.

ولما قامر أبو بكر رضي الله عنه المشركين بعد نزول قول الله سبحانه: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ [الروم: 1]، وكان هذا بإذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحقَّقَ اللهُ صدقَهُ، وجاء أبو بكر رضي الله عنه بما قامر المشركين به، قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «هذا سُحْتٌ فتصدَّق به». وكان قد نزل تحريمُ القِمار بعد إذن الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي بكر رضي الله عنه في المخاطرة مع الكفار.


وكذلك أُثر عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنه اشترى جاريةً فلم يظفر بمالكها ليعطيه ثمنها، فطلبه كثيرًا، فلم يظفر به، فتصدَّق بثمنها، وقال: "اللهم هذا عنه إن رضي، وإلا فالأجر لي". "إحياء علوم الدين" للغزالي، وتخريج العراقي بهامشه.

واستدلوا أيضًا بالقياس فقالوا: إن هذا المالَ مُردَّدٌ بين أن يضيع وبين أن يُصرفَ إلى خيرٍ إذ وقع اليأسُ من مَالِكه، وبالضرورة يُعلَم أن صرفه إلى خيرٍ أولى من رميه؛ لأن رميه لا يأتي بفائدةٍ، أما إعطاؤه للفقير أو لجهةٍ خيريةٍ ففيه الفائدة بالانتفاع به، وفيه انتفاعُ مالكه بالأجرِ ولو كان بغير اختياره؛ كما يدل على هذا الخبرُ الصحيحُ: «لَا يَغْرِسُ الْمُسْلِمُ غَرْسًا، وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلَا دَابَّةٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا كَانَتْ له صدقة» رواه ابن حبان. ولا شك أن ما يأكل الطير من الزرع بغير اختيار الزارع، وقد أثبت له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الأجر.


وردَّ الإمامُ الغزاليُّ على القائلين بعدم جواز التصدُّق بالمال الحرام بقوله: [وأما قول القائل لا نتصدق إلا بالطيب فذلك إذا طلبنا الأجر لأنفسنا ونحن الآن نطلب الخلاص من المظلمة لا الأجر، وترددنا بين التضييع وبين التصدق ورجحنا التصدق على التضييع، وقول القائل: لا نرضى لغيرنا ما لا نرضاه لأنفسنا فهو كذلك، ولكنه علينا حرامٌ؛ لاستغنائنا عنه، وللفقير حلالٌ إذا أحلَّه دليلُ الشرع، وإذا افترضت المصلحةُ التحليلَ وجب التحليلُ] اهـ. "إحياء علوم الدين" في النظر الثاني في المصرف (5/ 882: 890، ط. لجنة نشر الثقافة الإسلامية بالقاهرة سنة 1356هـ).

وأكدت بناء على ذلك، أن مبلغ العربون الذي دفعه المشتري إلى البائع ولم تتم الصفقة محرَّمًا على البائع، ويتعيَّنُ عليه ردُّه إلى المشتري إذا كان معروفًا لديه وعلى قيد الحياة، وإلى ورثته إن كان قد توفي، فإن لم يُعلم بذاته ولا بورثته فعلى البائع التصدُّق بمبلغ العربون في المصالح العامة للمسلمين، كبناء المساجد أو المستشفيات؛ لأنَّ عليه التخلُّص مما حازه من مال مُحرَّمٍ، ولا يحلُّ له الانتفاع به لنفسه؛ لأن كلَّ مسلمٍ مسؤولٌ عن ماله مِن أين اكتسبه وفيم أنفقه كما جاء في الحديث الشريف في "صحيح الترمذي" (9/ 252).

طباعة شارك تحريم البيع مع العربون العربون حكم الإسلام في العربون هل العربون من حق البائع التصرف في مبلغ العربون بعد الحصول عليه

مقالات مشابهة

  • هل يستحق البائع العربون إذا لم يتم البيع؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز صيام يوم عاشوراء منفردًا؟.. دار الإفتاء تجيب
  • متى يجوز القصر والجمع في الصلاة؟.. أمين الفتوى يجيب
  • متى صيام يوم عاشوراء 2025 وفضله وهل يجوز إفراد صيام يوم السبت؟
  • هل يجوز للحائض قراءة القرآن من الهاتف.. دار الإفتاء تجيب
  • هل الزواج في شهر محرم حرام شرعا.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز قصر الصلاة أو جمعها بدون عذر؟ الإفتاء تجيب
  • صيام يوم عاشورا ء.. دار الإفتاء توضح هل يجوز بنية التمتع والتطوع معا
  • متى يبدأ وقت صلاة الضحى؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم التوسعة على الأهل يوم عاشوراء.. الإفتاء تجيب