عربي21:
2025-06-30@11:49:03 GMT

الرياضة في قبضة الدولة في مصر

تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT

في الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمات الاقتصادية وتتراجع فيه مؤشرات الحريات في مصر، يتساءل الكثيرون عن الكيفية التي تُستخدم بها البطولات الرياضية لتجميل المشهد السياسي. إذ تتصدّر مشاهد التتويج وتنظيم الفعاليات الرياضية واجهة الإعلام، ويُقدَّم كل فوز أو استضافة لحدث دولي بوصفه دليلا على "الريادة والاستقرار".

لكن، خلف هذه الصورة المُنمّقة، تُستغل الرياضة كأداة سياسية لصناعة وهم الإنجاز، لا كتعبير حقيقي عن نهضة تنموية أو تطور مجتمعي.

في هذا المقال، نستعرض حجم الإنفاق على البطولات التي تم تنظيمها خلال السنوات الماضية، ثم ننتقل لتسليط الضوء على دور الإعلام في طمس الحقائق وترويج الإنجازات الوهمية، قبل أن نُحلّل كيف تُستخدم الانتصارات الرياضية كوسيلة لتهدئة الشارع المتعب من التضخم والمعاناة المعيشية. وأخيرا، نُلقي نظرة على واقع استقلالية المؤسسات الرياضية ومدى خضوعها للتوجيه السياسي.

بطولات كبرى.. ومليارات مهدرة؟

منذ 2014، كثّفت الدولة من تنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى، مثل بطولة كأس الأمم الأفريقية 2019، وبطولة العالم لكرة اليد 2021، وبطولة العالم للدراجات 2024، كما عبّرت عن رغبتها في استضافة دورة الألعاب الأولمبية في المستقبل. ورغم عمق الأزمة الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين، استمر الإنفاق السخي على هذه البطولات، دون وضوح في مصادر التمويل أو شفافية في عرض العوائد.

فقد بلغت تكلفة تنظيم بعض البطولات أرقاما ضخمة، وصلت في إحدى المناسبات إلى أكثر من مليار جنيه، وفي أخرى إلى عدة مليارات، دون أن يُعلن بشكل رسمي عن أي مردود اقتصادي أو اجتماعي لهذا الإنفاق، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الأولويات في ظل ما يعانيه المواطنون من ضغوط معيشية متزايدة.

إعلام التهليل والإنجازات الوهمية

لعب الإعلام الرسمي والخاص الموالي للنظام دورا محوريا في صناعة صورة مضخّمة للنجاحات الرياضية، وربطها مباشرة بـ"عبقرية القيادة" و"رعاية الرئيس". يتم تسويق الانتصارات الرياضية كدليل على سلامة المسار السياسي، فيما يُدفن الفشل أو يتم تحميله للاعبين وغياب "الولاء"، دون نقد بنّاء أو مراجعة للسياسات الرياضية أو الإدارية.

تتكرّر العبارات مثل "تحيا مصر" و"الرئيس راعي الشباب والرياضة" في تغطيات تتويج الفرق أو استضافة البطولات، لتتحول الرياضة من منافسة حرة تُعبّر عن الروح الوطنية، إلى أداة للدعاية وتسكين الغضب الشعبي.

كيف تصبح الانتصارات مُسكّنا شعبيا

في فترات الأزمات، تلجأ السلطة إلى تقديم البطولات والانتصارات كوسيلة لتهدئة الشارع. فخلال السنوات التي تلت تحرير سعر الصرف في 2016، ومع تصاعد نسب التضخم وارتفاع الأسعار بشكل حاد، واصلت الدولة استثمارها في الأحداث الرياضية الكبرى، واستخدم الإعلام لغة "رفع الروح المعنوية" و"الرياضة في مواجهة الأزمات"، في تجاهل تام لحقوق المواطنين الأساسية في الصحة والتعليم والغذاء والسكن.

الرياضة، بدلا من أن تكون جزءا من الحل، تحولت إلى أداة لتأجيل الانفجار، وإلهاء الناس عن الواقع المتدهور، عبر مسكنات عاطفية مرتبطة بانتصارات مؤقتة لا تغير من جوهر الأزمة.

رياضة بلا استقلال

قد يكمن الخطر الأكبر في افتقار المجال الرياضي للاستقلالية التامة، حيث يتم اختيار قيادات الاتحادات والأندية بناء على الولاءات السياسية والأمنية، بينما تُستبعد الكفاءات والمستقلون. هذا الأمر يعكس واقعا يعاني فيه القطاع الرياضي من غياب الرقابة الفعّالة على الإنفاق، إضافة إلى تغوّل الأجهزة التنفيذية على قرارات المؤسسات الرياضية.

لم تعد الأندية الرياضية تمثل إرادة جماهيرها كما كانت في الماضي، بل تحوّلت إلى أدوات تعمل في إطار شبكة الولاء السياسي. أصبحت الجمعيات العمومية مقيدة، والانتخابات الرياضية تُدار وفق ترتيبات فوقية، مما يؤدي إلى تراجع القيم الرياضية الأساسية لصالح الأجندة الرسمية.

في جوهرها، الرياضة تمثل مرآة للمجتمع، حيث تروج لحرية الرأي، العدالة، تكافؤ الفرص، والانضباط. وعندما تُستغل هذه القيم بشكل سياسي، تصبح الرياضة أداة لتخدير المجتمع بدلا من أن تساهم في تنميته. في مثل هذه الحالة، تتحول الرياضة إلى "أداة تجميل سياسي"، حيث تُفقد استقلاليتها وتُدار كجزء من جهاز دعاية، بدلا من أن تُستخدم كوسيلة لتعزيز الصحة العامة وبناء الإنسان.

ختاما

إن ما تحتاجه مصر اليوم ليس المزيد من البطولات البراقة، بل منظومة رياضية نزيهة، مستقلة، وشفافة. منظومة تُشرك الرياضيين، والجماهير، والمجتمع المدني، وتخضع للرقابة والمساءلة. فالقوة الناعمة الحقيقية لا تُصنع بالدعاية، بل بالعدالة، والفرص المتكافئة، والمنافسة النزيهة. وعندما تتحرر الرياضة من قبضة الدولة، يمكن أن تصبح رافعة حقيقية للتنمية، لا مجرد واجهة لتزيين الأزمات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات مصر البطولات السياسي الرياضة مصر رياضة أنفاق بطولات سياسي مدونات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

كيف تعرف أن بياناتك الشخصية في أمان؟

في تطور خطير على صعيد الأمن السيبراني، تم مؤخرا تسريب بيانات أكثر من 16 مليار اسم مستخدم وكلمة مرور من منصات كبرى مثل "أبل" و"فيسبوك" و"غوغل"، وحتى بعض الخدمات الحكومية، في أكبر خرق بيانات من نوعه.

وسلط هذا الحادث الخطير الضوء على هشاشة الخصوصية الرقمية، وأكد أهمية اتخاذ إجراءات وقائية.

وقدم موقع "تايمز ناو"، بعض الطرق الفعالة لمعرفة البيانات المسرّبة، وكيفية حماية الحسابات الشخصية:

مدقق كلمات المرور في "غوغل كروم"

توفر شركة "غوغل" أداة Password Checkup، والتي تقوم بفحص معلومات تسجيل الدخول، وترسل تنبيهات في حال تم اختراقها.

كما تساعد هذه الأداة في التعرف على كلمات المرور الضعيفة أو المعاد استخدامها، وتقترح بدائل أقوى.

أداة مراقبة كلمات المرور في "مايكروسوفت إيدج"

تقدم "مايكروسوفت" أداة Password Monitor، والتي تقارن بين البيانات المسرّبة وبيانات المستخدم.

وفي حال وجود أي تشابه، تقوم الأداة بإرسال تحذيرات وتنبيهات فورية.

استخدام موقع "Have I Been Pwned"

يوفر الموقع أداة مجانية وموثوقة، يمكن من خلالها التحقق فيما إذا كان البريد الإلكتروني أو كلمة المرور قد ظهرا في تسريبات سابقة.

ماذا تفعل إذا تسربت بياناتك؟

في حال اكتشاف تسريب بياناتك، ينصح خبراء باتباع الخطوات التالية:

تغيير كلمات مرور الحسابات المقرصنة فورا. استخدام أدوات موثوقة لإنشاء كلمات مرور قوية وفريدة، وتخزينها بأمان باستخدام برامج إدارة كلمات المرور. تفعيل ميزة المصادقة الثنائية (2FA)، لتعزيز حماية الحسابات ومنع الوصول غير المصرح به إليها.

مقالات مشابهة

  • أحمد موسى: الإعلام المعادى يستغل حادث الطريق الإقليمى لاستهداف الرأى العام .. فيديو
  • تعويم بوصلة الولاء والانتماء في حقبة الأزمات الوجودية
  • بالصور… الصفدي يؤكد تبني مجلس النواب كافة مطالب نقابة الصحفيين
  • تركيا تُحدث ثورة ذكية في إدارة أموال الدولة.. خطوة تغيّر قواعد اللعبة بالكامل
  • مجلس النواب يعلن دعم كامل لمطالب نقابة الصحفيين ويؤكد أهمية تطوير التشريعات الإعلامية
  • «الوطني» يرفع للحكومة 11 توصية لتعزيز دور الإعلام الحكومي
  • وزير الرياضة: 54 مليار جنيه لدعم المنشآت الرياضية في عهد الرئيس السيسي
  • وزير الشباب و محافظ بورسعيد يؤكدان مواصلة دعم الدولة لتطوير البنية التحتية للأندية الرياضية
  • كيف تعرف أن بياناتك الشخصية في أمان؟
  • محمد بن راشد: الإمارات واحدة من ضمن أعلى 7 وجهات عالمية في الإنفاق الدولي للسياح متفوقة على دول سبقتنا في المجال بمئات السنين