لماذا ترفض أوكرانيا الهدنة الروسية قصيرة الأمد؟
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
موسكو: تستعد روسيا -غدا الجمعة- للاحتفال بمرور 80 عاما على انتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، وسط إجراءات أمنية مشددة لم تعهدها سابقا الاحتفالات بهذه المناسبة التي توصف بـ"أم الأعياد" وتقام تقليديا بالساحة الحمراء في موسكو.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تخضع فيها العاصمة الروسية لإجراءات أمنية في غاية الدقة بسبب الحرب مع أوكرانيا، لكن منسوب الاحتياطات الأمنية الاحترازية الجديدة جاء على خلفية تهديدات من كييف بتعطيل الاحتفال، وفقا لتقييمات مراقبين روس لتصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن بلاده "لن تكون مسؤولة عن سلامة الزعماء الأجانب الذين يخططون لحضور موكب النصر في موسكو".
ويشير خبراء روس إلى أن كييف تحاول بهذه الطريقة أن تعكر صفو الاحتفالات، وهو ما ترافق -حسب رأيهم- مع محاولات القوات الأوكرانية اقتحام مقاطعة كورسك مرة أخرى.
رفض أوكرانيتأتي هذه التطورات رغم إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقفا كاملا للأعمال "العدائية" قصير الأمد، وذلك اعتبارا من منتصف ليل 7-8 مايو/أيار الحالي حتى منتصف ليل 10-11 من الشهر ذاته، لكن المبادرة قُبلت برفض أوكراني قاطع، في مؤشر على أن فجوة كبيرة لا تزال قائمة بين الجانبين المتحاربين.
إعلانولم يتوقف الرفض الأوكراني عند ذلك، بل أكدت وزارة الدفاع الروسية تدمير 105 طائرات مسيّرة فوق أراضيها ليلة 6 مايو/أيار الجاري وتعرض 11 منطقة -بما في ذلك العاصمة موسكو- لعدد من الهجمات الأوكرانية.
وردا على سؤال عما إذا كانت هذه الهجمات ستشكل عائقا أمام وقف إطلاق النار الذي أعلنه بوتين، قال الناطق الصحفي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن القوات الروسية ستلتزم بالقرار لكنها سترد بشكل فوري ومناسب إذا استمرت كييف في محاولة توجيه ضربات.
ومن جانبه، رأى الخبير العسكري فكتور ليتوفكين في موقف القيادة الأوكرانية مؤشرا على أن كييف ليست ميالة إلى تسوية سلمية للصراع، موضحا بأنه بمجرد تقديم الكرملين "المبادرة السلمية" قامت القوات الأوكرانية على الفور بزيادة كثافة الهجمات على الأهداف المدنية من أجل إثارة التصعيد على الجبهة.
طابع سياسيوفي تعليق للجزيرة نت، اعتبر الخبير ليتوفكين أن هدف الرئيس زيلينسكي من الموافقة على وقف إطلاق النار لمدة شهر هو أن يتسنى له إعادة تجميع قواته وشن هجوم مضاد، متابعا أن هذا هو بالضبط ما فعلته كييف بداية الحرب عندما وافقت موسكو على وقف إطلاق النار خلال المفاوضات عام 2022.
ووفقا له، فإن الغاية من وقف إطلاق النار الذي اقترحته روسيا هو اختبار مدى استعداد أوكرانيا لإيجاد سبل لتحقيق سلام مستدام وطويل الأمد واتخاذ إجراءات "حسن نوايا" لجهة تهدئة الصراع -على الأقل- خلال الاحتفالات بعيد النصر.
وأوضح أن وقف إطلاق النار قصير الأمد ليس في صالح أوكرانيا، على عكس طويل الأمد دون شروط مسبقة "فخلال هذه الفترة، سيتمكنون من مداواة جراحهم وتعزيز قدرات جيشهم القتالية من خلال استدعاء متطوعين جدد ولو بالقوة".
ومن جهته، يرى الباحث في النزاعات الدولية فيودور كوزمين أن رفض زيلينسكي مقترح الهدنة الروسية ذو طابع سياسي أكثر مما هو عسكري. ويضيف للجزيرة نت أنه من وجهة النظر العسكرية، يمكن توقع انخفاض في العمليات العسكرية والهجمات من جانب كييف.
إعلان رسالة مشفرةوبرأي الباحث نفسه، لم يتم شكليا قبول اقتراح الكرملين، لكن أوكرانيا قد تحاول التجاوب معه بطريقة غير مباشرة. واعتبر أن رفض زيلينسكي للمقترح الروسي رسالة "مشفرة" موجهة في المقام الأول إلى الزعماء الأوروبيين، حتى لا يأتي أي منهم إلى موسكو للمشاركة في احتفالات عيد النصر ويعطل مظهر الوحدة الأوروبية بشأن قضية العلاقات مع روسيا.
وبتصريحاته، يهدد زيلينسكي ليس فقط سكان موسكو والمواطنين والقيادة الروسية، بل أيضا شخصيات دولية من بلدان غير متورطة في الصراع، وفق الباحث كوزمين.
ويتساءل "لماذا يرغب زيلينسكي في الذهاب إلى حد استخدام التهديدات للتأثير على الاختيار الحر لرؤساء دول أجنبية للسفر إلى موسكو لحضور حدث ذي أهمية دولية وتاريخية؟". ويرى أن ما يجب الاتفاق عليه قبل وقف إطلاق النار المؤقت هو إطار عمل لوقف طويل الأمد.
ويشير إلى نقطة جوهرية بالنسبة لموسكو، تتلخص في أنه لم يتضح بعد من المحادثات الأميركية الأوكرانية الأخيرة ما إذا كانت كييف قد تخلت نهائيا عن رغبتها في قوة حفظ سلام أوروبية. ويؤكد أن على أوكرانيا التخلي عن هذه الفكرة نهائيا، لأن روسيا ستعتبر ذلك بمثابة عضوية في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بمسمى آخر، وإذا حاول الأوكرانيون والأوروبيون إعادة طرحه لاحقا، فستستأنف موسكو الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا تعتبر الهدنة الروسية خدعة وتوثق مئات الانتهاكات
اتهمت أوكرانيا جارتها الروسية بخرق الهدنة المؤقتة التي أعلنتها موسكو بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ووصفتها بأنها "خدعة سياسية مكررة".
وقال أندريه سيبيها، نائب وزير الخارجية الأوكراني، في بيان نشره مساء الخميس عبر منصة "إكس"، إن الهجمات الروسية لم تتوقف منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ في منتصف ليل 7 – 8 مايو/أيار الجاري، مشيرا إلى أن الجيش الأوكراني سجل 734 انتهاكا خلال أقل من 24 ساعة.
وأكد سيبيها أن روسيا استخدمت في هذه الانتهاكات 16 قنبلة موجهة و176 طائرة مسيرة هجومية، فيما ردت القوات الأوكرانية على جميع هذه الهجمات، وأبلغت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بالتفاصيل.
وأضاف المسؤول الأوكراني "كما كان متوقعا، فإن هدنة بوتين المرتبطة بالاستعراض العسكري في موسكو لم تكن إلا خدعة، ولن نسمح له بخداع أحد".
وأكد مجددا استعداد بلاده للدخول في هدنة حقيقية تستمر 30 يوما، شرط أن تلتزم روسيا بها بوضوح.
كذلك، قالت القوات المسلحة الأوكرانية، اليوم الجمعة، إن روسيا شنت خلال الـ24 ساعة الماضية هجمات متعددة، تضمنت إطلاق صواريخ وإلقاء قنابل من الجو وشن غارات على مواقع على طول خط المواجهة.
إعلانوتأتي هذه التصريحات في ظل احتفالات موسكو بيوم النصر، حيث تنظم روسيا عرضا عسكريا ضخما في الساحة الحمراء بحضور عدد من زعماء الدول الحليفة، وسط إجراءات أمنية مشددة وهجمات متكررة على مناطق حدودية بينها بيلغورود.
بالمقابل، أعلن حاكم منطقة بيلغورود الروسية الحدودية أن طائرة مسيرة أوكرانية هاجمت مبنى حكومي في المدينة صباح الجمعة، دون أن يسفر الهجوم عن وقوع إصابات.
ونشرت قناة الحاكم الرسمية على تيلغرام الحادث، ليصبح بذلك جزءا من سلسلة هجمات عبر الحدود استهدفت عمق الأراضي الروسية خلال الأسابيع الأخيرة.
وكان الكرملين قد أعلن مطلع الأسبوع عن هدنة تستمر لثلاثة أيام بمناسبة الذكرى الثمانين ليوم النصر على النازية. ووصف المتحدث باسم الرئاسة الروسية هذه الخطوة بأنها "بادرة إنسانية"، وأكد أن القوات الروسية "تلتزم بالهدنة وترد فقط على الهجمات الأوكرانية".
لكن كييف اعتبرت إعلان وقف إطلاق النار مجرد "غطاء سياسي" لتجميل صورة روسيا أمام زعماء الدول الحليفة الذين حضروا العرض العسكري في موسكو، أبرزهم الرئيس الصيني شي جين بينغ.
اعتقال مجريين بتهمة التجسسكذلك، أعلنت السلطات الأوكرانية – الجمعة – أنها ألقت القبض على مواطنين مجريين اثنين في منطقة زاكارباتيا غرب البلاد، بتهمة تنفيذ أنشطة تجسس لصالح الاستخبارات العسكرية المجرية.
وقال جهاز الأمن الأوكراني في بيان: "للمرة الأولى في تاريخ أوكرانيا، كشف جهاز الأمن عن شبكة استخبارات عسكرية مجرية كانت تقوم بأنشطة تجسس على حساب دولتنا"، مؤكدا أنه تم توقيف رجل يبلغ من العمر 40 عاما وامرأة، وهما عسكريان سابقان.
وأوضح البيان أن المعتقلين كانا يعملان تحت إشراف مباشر من ضابط في الاستخبارات المجرية، وقد تم تكليفهما بجمع معلومات حساسة، من بينها مواقع أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية، بالإضافة إلى تقييم الاتجاهات السياسية والاجتماعية للسكان المحليين، و"تصورهم لاحتمال دخول قوات مجرية إلى المنطقة".
إعلانووفقا للتحقيقات، تلقى الرجل المجري أموالا من الضابط المسؤول، وحاول تجنيد شخصين آخرين كمخبرين ضمن الشبكة. وتواجه المجموعة عقوبة السجن مدى الحياة بموجب القوانين الأوكرانية المتعلقة بالتجسس.
في المقابل، شكك وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو في الرواية الأوكرانية، وصرح من بودابست قائلا: "أدعو الجميع إلى توخي الحذر إزاء هذه الدعاية الأوكرانية".
وأضاف: "إذا حصلنا على أي تفاصيل أو معلومات رسمية، فسنكون قادرين على التعامل مع هذا الأمر، ولكن حتى ذلك الحين، ينبغي التعامل معه كدعاية".
وفي تطور متصل، حذر المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس، خلال زيارته الأولى إلى بروكسل، من أن روسيا قد تواجه عقوبات جديدة في حال لم تبدأ محادثات سلام "جادة وذات مصداقية".
وأكد ميرتس أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي يدعمان خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعية لوقف إطلاق نار لمدة 30 يوما.
وقال المستشار الألماني الجديد: "ندعو روسيا لبدء مسار تفاوضي حقيقي لإحلال السلام. وإذا لم يحدث ذلك، فإن أوروبا والولايات المتحدة لن تتردد في فرض عقوبات إضافية".
كما شدد ميرتس على أن برلين لن توافق على إصدار ديون أوروبية مشتركة لتمويل الإنفاق الدفاعي، رغم استعدادها لزيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف تدخلا في شؤونها.