الجزيرة:
2025-05-09@20:55:16 GMT

عدن في قبضة الظلام و أزمة كهرباء تخنق الحياة

تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT

عدن في قبضة الظلام و أزمة كهرباء تخنق الحياة

عدن- في حي شعبي مكتظ بمدينة عدن، يقف منصور سفيان (45 عاما) أمام منزله الغارق في الظلام، محاطا بأطفاله الثلاثة، باحثا بيأس عن نسمة هواء تخفف لهيب صيف قائظ في المدينة التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عاصمة مؤقتة للبلاد.

هذا المشهد لا يشكّل استثناءً، بل يعكس معاناة يومية يعيشها سكان عدن، الذين يرزحون تحت وطأة أزمة كهرباء خانقة، حوّلت حياتهم إلى جحيم لا يُطاق، ودَفعت بالمدينة المنهكة نحو كارثة إنسانية تلوح في الأفق.

يعيش منصور في منطقة الشيخ عثمان مع أسرته المكوّنة من 5 أفراد، يتناوبون في ليالٍ خانقة بين جدران المنزل وسطح يعجّ بالبعوض، كحال آلاف السكان الذين يُجبرون على قضاء لياليهم في العراء أو فوق الأسطح، هربا من غرفٍ تحوّلت بفعل الحر وانقطاع الكهرباء إلى أفران تخنق الأنفاس وتسلب النوم.

محتجون يغلقون الطريق تنديدا بانقطاع الكهرباء (مواقع التواصل) فصول المعاناة

تعاني عدن من انهيار شبه تام في منظومة الكهرباء، مع انقطاع يتجاوز 22 ساعة يوميا، في أزمة تُعدّ الأسوأ في تاريخ المدينة التي كانت أول من عرفت خدمة الكهرباء في شبه الجزيرة العربية خلال عشرينيات القرن الماضي.

يقول منصور للجزيرة نت واصفا معاناته: "النوم صار حلما بعيد المنال.. الليل جحيم من الحر، والنهار أشد وطأة"، ويضيف بنبرة يائسة: "نعيش في جحيم لا يُطاق، لا أحد يسمعنا.. وكأننا خارج حسابات الدولة تماما".

ولا تقتصر المعاناة على الحر والأرق، بل تحوّلت الأزمة إلى كابوس يهدد حياة السكان، بعدما ألقت بظلالها على مختلف مناحي الحياة، وأدّت إلى تعطيل الخدمات الحيوية، كالمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية، لتُصبح من أشد فصول المعاناة التي مرت بها المدينة.

إعلان

 

وأدى استمرار الانقطاعات خلال الأيام الماضية إلى تصاعد موجة من الغضب الشعبي، حيث خرج السكان في احتجاجات غاضبة شملت إشعال إطارات السيارات وإغلاق الشوارع، تنديدا بتدهور الخدمات العامة، وفي مقدمتها الكهرباء.

والاثنين الماضي، شهدت عدن حادثة مأساوية، حيث تُوفي مواطن وزوجته اختناقًا بغاز أول أكسيد الكربون داخل سيارتهما، بعد لجوئهما إليها للنوم هربًا من الحر الشديد.

ورغم أن أزمة الكهرباء المزمنة تتكرر كل عام في عدن، خاصة خلال فصل الصيف، فإن المدينة لم تشهد من قبل انقطاعا شاملا وطويل الأمد كما يحدث اليوم، ما يهدد حياة السكان ويشلّ المرافق الحيوية.

يصف وكيل محافظة عدن لقطاع المشاريع، المهندس غسان الزامكي، الوضع الراهن بـ"الكارثي والمأساوي"، في ظل ارتفاع درجات الحرارة والانهيار شبه الكامل لمنظومة الطاقة، مؤكدا في حديثه لـ"الجزيرة نت" أن الأزمة تؤثر بشكل مباشر على خدمات المياه والصرف الصحي، ما يستدعي تحركا عاجلا من الجهات المعنية لمنع تفاقم الوضع.

أزمة كهرباء خانقة تغرق عدن في ظلام دامس (الجزيرة) جذور الأزمة

يُرجع مسؤولون السبب الرئيسي لتفاقم الأزمة إلى تهالك البنية التحتية، وتراجع الطاقة الإنتاجية مقارنة بالاحتياج الفعلي، إلى جانب العجز المزمن في توفير الوقود وقطع الغيار اللازمة، وتكاليف التشغيل الباهظة.

وتعتمد مدينة عدن على مزيج من المحطات العاملة بالمازوت والديزل والنفط الخام، إلى جانب حقل للطاقة الشمسية.

ومن أصل 17 محطة توليد، تعمل حاليا 5 فقط، بينما توقفت 12 محطة عن الخدمة بسبب نفاد الوقود وغياب الصيانة، وفقا لمسؤولين في القطاع.

وتقول الحكومة اليمنية إن كلفة تشغيل الكهرباء في عدن تبلغ نحو 55 مليون دولار شهريا، بمعدل 1.8 مليون دولار يوميا، بينما لا تغطي الإيرادات الشهرية كلفة تشغيل يوم واحد، ما يزيد من تعقيد الأزمة المالية والخدمية.

محطة لتوليد الكهرباء في عدن متوقفة بسبب نفاد الوقود (الجزيرة)

ويشير المهندس الزامكي إلى أن جذور الأزمة تعود إلى توقف مصافي عدن عقب حرب صيف 2015، والتي كانت المصدر الرئيسي لتكرير وتوزيع المشتقات النفطية لمحطات الكهرباء، ما أجبر الحكومة على استيراد الوقود بأسعار باهظة، لا سيما أن معظم المحطات تعتمد على الديزل، وهو من أكثر أنواع الوقود كلفة.

إعلان

ويضيف أن مشروع "محطة الرئيس"، الذي يعمل بالنفط الخام بطاقة 64 ميغاواتا، ساهم جزئيا في تخفيف الأزمة، إلا أن إمدادات الوقود الخام غير منتظمة بسبب توقف الإنتاج في حقول حضرموت وشبوة ومأرب نتيجة هجمات الحوثيين، ما زاد الوضع تعقيدا.

فجوة كبيرة

وبحسب الزامكي، تحتاج عدن إلى نحو 600 ميغاوات يوميا لتلبية الطلب وتجاوز الأزمة، في حين أن الطاقة التوليدية المتاحة حاليا لا تتجاوز في أفضل الأحوال 138 ميغاواتا، ما يخلق فجوة كبيرة ويزيد من معاناة السكان.

ويُفاقم الأزمة تردّي الخدمات العامة والانهيار الاقتصادي الحاد الذي تعاني منه المدينة، إلى جانب التدهور المستمر في قيمة العملة المحلية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار واتساع رقعة الفقر، وجعل اللجوء إلى المولدات أو شراء الوقود ترفا لا تقدر عليه غالبية الأسر المنهكة أصلا.

يخشى مراقبون من أن يؤدي استمرار أزمة الكهرباء في عدن إلى مزيد من تدهور الأوضاع (مواقع التواصل)

 

وتتزايد المخاوف من تفشي الأوبئة والأمراض، خاصة بعد إعلان مكتب إدارة الترصد الوبائي منتصف أبريل/نيسان الماضي تسجيل أكثر من 50 ألف حالة اشتباه بالملاريا، وألف حالة مؤكدة بحمى الضنك، بالإضافة إلى 12 حالة وفاة.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي استمرار الأزمة من دون تدخل عاجل لتوفير الوقود وإعادة تأهيل البنية التحتية لقطاع الكهرباء إلى مزيد من التدهور الإنساني، ما قد يعقد الأوضاع بشكل أكبر.

تداعيات كارثية

في هذا السياق، يُحذر الصحفي والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري من تداعيات كارثية لأزمة الكهرباء، مشيرا إلى أن تأثيرها لا يقتصر على الجوانب المعيشية، بل يمتد ليشكّل أزمة اقتصادية وصحية وإنسانية شاملة.

وقال في حديثه لـ"الجزيرة نت" إن غياب الكهرباء يعطّل مختلف الأنشطة الاقتصادية، بدءا من بائعي البقالة الذين تتلف بضائعهم في الثلاجات، مرورا بأصحاب الورش والمطاعم والبوفيهات الذين تتوقف أعمالهم، وصولا إلى الأسر التي تفتقر إلى أبسط مقومات الراحة.

وأشار إلى أن اللجوء إلى المولدات الخاصة يزيد من الأعباء المالية، إذ تتجاوز تكاليف التشغيل ما يمكن تحقيقه من أرباح، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي المتواصل وتدهور سعر العملة المحلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الکهرباء فی فی عدن

إقرأ أيضاً:

استمارة التوظيف.. فخ جديد في قبضة المزورين

8 مايو، 2025

بغداد/المسلة: انتشرت في الأيام الأخيرة منشورات وهمية وروابط مزيفة عبر منصات التواصل الاجتماعي، زعمت توفير استمارات ورقية وفرص تعيين مقابل مبالغ مالية، مستغلّة حاجة الشباب العاطلين وضيق فرص العمل المتاحة.

وتمادت بعض الصفحات في إيهام المتابعين، مستخدمة شعارات رسمية ومصطلحات حكومية لخداع المتقدمين، ما استدعى رداً عاجلاً من محافظة بغداد، التي شددت في بيان رسمي على أن التقديم للعقود الحكومية يتم فقط عبر بوابة أور الإلكترونية، محذّرة من مغبّة الوقوع ضحية هذه المحاولات الاحتيالية.

وأكدت المحافظة أن الجهات التي تروّج لاستمارات ورقية أو تزعم امتلاك “وساطات خاصة” إنما تعمل على التضليل والابتزاز، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تهدف إلى زعزعة الثقة بآلية التقديم الرسمية، المعتمدة لضمان العدالة وتكافؤ الفرص.

وأطلقت المحافظة خطاً ساخناً (5635) لتلقي بلاغات المواطنين بشأن أي محاولة ابتزاز أو تلاعب، كما خصصت بريداً إلكترونياً رسمياً لتسجيل الشكاوى والاستفسارات، في محاولة لتعزيز الشفافية وحماية المتقدمين.

ووقعت في السنوات الماضية ظواهر مشابهة، أبرزها ما جرى في محافظة ديالى عام 2021، عندما أُلقي القبض على شبكة كانت تبيع استمارات توظيف مزورة مقابل مبالغ وصلت إلى مليون دينار، قبل أن تُكتشف الفضيحة بعد شكاوى تقدم بها بعض الضحايا.

واستغل المحتالون في كلا الحالتين الضبابية في آليات التوظيف وضعف التواصل الرسمي، ما سمح بنمو “سوق سوداء” لوظائف وهمية مدفوعة الأجر.

وأسفرت هذه الحالات عن اعتقالات وملاحقات قانونية، لكنها لم توقف تكرار الأسلوب، خاصة مع تجدد الأزمات الاقتصادية، وبلوغ معدل البطالة بين الشباب في العراق قرابة 27% حسب إحصاءات وزارة التخطيط لعام 2024.

واستدعت هذه الوقائع دعوات متكررة من منظمات المجتمع المدني لتعزيز الرقابة الرقمية وتكثيف حملات التوعية، خصوصاً في ظل ازدياد الاعتماد على المنصات الإلكترونية في التقديم للوظائف العامة.

وغرد ناشطون على “إكس” مستنكرين تفشي هذه الظاهرة، وكتب أحدهم: “بين كل إعلان حقيقي عشرة وهمية.. الحكومة تصمت، والضحايا يزدادون”. بينما قال آخر: “صار التقديم وظيفة بحد ذاته.. يطلبون فلوس حتى تحلم بفرصة”.

وشدد مراقبون على ضرورة إنشاء بوابة موحدة بمواصفات أمنية عالية، ترتبط مباشرة بالوزارات والمحافظات، وتُدار مركزياً للحد من تدخلات الوساطة ومحاولات التزوير.

وتمخضت هذه الموجة الجديدة من الاحتيال عن نقاش واسع حول دور الدولة في تنظيم التوظيف وضمان الشفافية الرقمية، وسط دعوات لتشريع قانون يحظر بيع الاستمارات ويوجب الملاحقة القضائية لمن يروّج لها، سواء أفراداً أو صفحات وهمية.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • هلعٌ في الهند وباكستان: السكان يهرعون لتخزين الأدوية والطعام وارتفاع جنوني في الأسعار
  • طلب إحاطة بالبرلمان بسبب أزمة البنزين المغشوش في محطات الوقود
  • أزمة وقود في مناطق سيطرة الحوثيين تعقّد معاناة اليمنيين
  • شبوة.. أزمة غاز حادة تخنق الأهالي
  • إعلان هام من صنعاء حول أزمة المشتقات النفطية
  • استمارة التوظيف.. فخ جديد في قبضة المزورين
  • عاجل| رئيس الوزراء يرد على أزمة البنزين.. تحقيقات عاجلة وإجراءات صارمة لضمان الجودة
  • الكهرباء التجارية تغزو عدن وتضع السكان بين لهيب الصيف ونار الفواتير
  • إجراءات عاجلة لمواجهة الشائعات.. تحرك سريع لاحتواء أزمة «البنزين المغشوش»