الجزيرة:
2025-06-24@03:46:34 GMT

عدن في قبضة الظلام و أزمة كهرباء تخنق الحياة

تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT

عدن في قبضة الظلام و أزمة كهرباء تخنق الحياة

عدن- في حي شعبي مكتظ بمدينة عدن، يقف منصور سفيان (45 عاما) أمام منزله الغارق في الظلام، محاطا بأطفاله الثلاثة، باحثا بيأس عن نسمة هواء تخفف لهيب صيف قائظ في المدينة التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عاصمة مؤقتة للبلاد.

هذا المشهد لا يشكّل استثناءً، بل يعكس معاناة يومية يعيشها سكان عدن، الذين يرزحون تحت وطأة أزمة كهرباء خانقة، حوّلت حياتهم إلى جحيم لا يُطاق، ودَفعت بالمدينة المنهكة نحو كارثة إنسانية تلوح في الأفق.

يعيش منصور في منطقة الشيخ عثمان مع أسرته المكوّنة من 5 أفراد، يتناوبون في ليالٍ خانقة بين جدران المنزل وسطح يعجّ بالبعوض، كحال آلاف السكان الذين يُجبرون على قضاء لياليهم في العراء أو فوق الأسطح، هربا من غرفٍ تحوّلت بفعل الحر وانقطاع الكهرباء إلى أفران تخنق الأنفاس وتسلب النوم.

محتجون يغلقون الطريق تنديدا بانقطاع الكهرباء (مواقع التواصل) فصول المعاناة

تعاني عدن من انهيار شبه تام في منظومة الكهرباء، مع انقطاع يتجاوز 22 ساعة يوميا، في أزمة تُعدّ الأسوأ في تاريخ المدينة التي كانت أول من عرفت خدمة الكهرباء في شبه الجزيرة العربية خلال عشرينيات القرن الماضي.

يقول منصور للجزيرة نت واصفا معاناته: "النوم صار حلما بعيد المنال.. الليل جحيم من الحر، والنهار أشد وطأة"، ويضيف بنبرة يائسة: "نعيش في جحيم لا يُطاق، لا أحد يسمعنا.. وكأننا خارج حسابات الدولة تماما".

ولا تقتصر المعاناة على الحر والأرق، بل تحوّلت الأزمة إلى كابوس يهدد حياة السكان، بعدما ألقت بظلالها على مختلف مناحي الحياة، وأدّت إلى تعطيل الخدمات الحيوية، كالمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية، لتُصبح من أشد فصول المعاناة التي مرت بها المدينة.

إعلان

 

وأدى استمرار الانقطاعات خلال الأيام الماضية إلى تصاعد موجة من الغضب الشعبي، حيث خرج السكان في احتجاجات غاضبة شملت إشعال إطارات السيارات وإغلاق الشوارع، تنديدا بتدهور الخدمات العامة، وفي مقدمتها الكهرباء.

والاثنين الماضي، شهدت عدن حادثة مأساوية، حيث تُوفي مواطن وزوجته اختناقًا بغاز أول أكسيد الكربون داخل سيارتهما، بعد لجوئهما إليها للنوم هربًا من الحر الشديد.

ورغم أن أزمة الكهرباء المزمنة تتكرر كل عام في عدن، خاصة خلال فصل الصيف، فإن المدينة لم تشهد من قبل انقطاعا شاملا وطويل الأمد كما يحدث اليوم، ما يهدد حياة السكان ويشلّ المرافق الحيوية.

يصف وكيل محافظة عدن لقطاع المشاريع، المهندس غسان الزامكي، الوضع الراهن بـ"الكارثي والمأساوي"، في ظل ارتفاع درجات الحرارة والانهيار شبه الكامل لمنظومة الطاقة، مؤكدا في حديثه لـ"الجزيرة نت" أن الأزمة تؤثر بشكل مباشر على خدمات المياه والصرف الصحي، ما يستدعي تحركا عاجلا من الجهات المعنية لمنع تفاقم الوضع.

أزمة كهرباء خانقة تغرق عدن في ظلام دامس (الجزيرة) جذور الأزمة

يُرجع مسؤولون السبب الرئيسي لتفاقم الأزمة إلى تهالك البنية التحتية، وتراجع الطاقة الإنتاجية مقارنة بالاحتياج الفعلي، إلى جانب العجز المزمن في توفير الوقود وقطع الغيار اللازمة، وتكاليف التشغيل الباهظة.

وتعتمد مدينة عدن على مزيج من المحطات العاملة بالمازوت والديزل والنفط الخام، إلى جانب حقل للطاقة الشمسية.

ومن أصل 17 محطة توليد، تعمل حاليا 5 فقط، بينما توقفت 12 محطة عن الخدمة بسبب نفاد الوقود وغياب الصيانة، وفقا لمسؤولين في القطاع.

وتقول الحكومة اليمنية إن كلفة تشغيل الكهرباء في عدن تبلغ نحو 55 مليون دولار شهريا، بمعدل 1.8 مليون دولار يوميا، بينما لا تغطي الإيرادات الشهرية كلفة تشغيل يوم واحد، ما يزيد من تعقيد الأزمة المالية والخدمية.

محطة لتوليد الكهرباء في عدن متوقفة بسبب نفاد الوقود (الجزيرة)

ويشير المهندس الزامكي إلى أن جذور الأزمة تعود إلى توقف مصافي عدن عقب حرب صيف 2015، والتي كانت المصدر الرئيسي لتكرير وتوزيع المشتقات النفطية لمحطات الكهرباء، ما أجبر الحكومة على استيراد الوقود بأسعار باهظة، لا سيما أن معظم المحطات تعتمد على الديزل، وهو من أكثر أنواع الوقود كلفة.

إعلان

ويضيف أن مشروع "محطة الرئيس"، الذي يعمل بالنفط الخام بطاقة 64 ميغاواتا، ساهم جزئيا في تخفيف الأزمة، إلا أن إمدادات الوقود الخام غير منتظمة بسبب توقف الإنتاج في حقول حضرموت وشبوة ومأرب نتيجة هجمات الحوثيين، ما زاد الوضع تعقيدا.

فجوة كبيرة

وبحسب الزامكي، تحتاج عدن إلى نحو 600 ميغاوات يوميا لتلبية الطلب وتجاوز الأزمة، في حين أن الطاقة التوليدية المتاحة حاليا لا تتجاوز في أفضل الأحوال 138 ميغاواتا، ما يخلق فجوة كبيرة ويزيد من معاناة السكان.

ويُفاقم الأزمة تردّي الخدمات العامة والانهيار الاقتصادي الحاد الذي تعاني منه المدينة، إلى جانب التدهور المستمر في قيمة العملة المحلية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار واتساع رقعة الفقر، وجعل اللجوء إلى المولدات أو شراء الوقود ترفا لا تقدر عليه غالبية الأسر المنهكة أصلا.

يخشى مراقبون من أن يؤدي استمرار أزمة الكهرباء في عدن إلى مزيد من تدهور الأوضاع (مواقع التواصل)

 

وتتزايد المخاوف من تفشي الأوبئة والأمراض، خاصة بعد إعلان مكتب إدارة الترصد الوبائي منتصف أبريل/نيسان الماضي تسجيل أكثر من 50 ألف حالة اشتباه بالملاريا، وألف حالة مؤكدة بحمى الضنك، بالإضافة إلى 12 حالة وفاة.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي استمرار الأزمة من دون تدخل عاجل لتوفير الوقود وإعادة تأهيل البنية التحتية لقطاع الكهرباء إلى مزيد من التدهور الإنساني، ما قد يعقد الأوضاع بشكل أكبر.

تداعيات كارثية

في هذا السياق، يُحذر الصحفي والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري من تداعيات كارثية لأزمة الكهرباء، مشيرا إلى أن تأثيرها لا يقتصر على الجوانب المعيشية، بل يمتد ليشكّل أزمة اقتصادية وصحية وإنسانية شاملة.

وقال في حديثه لـ"الجزيرة نت" إن غياب الكهرباء يعطّل مختلف الأنشطة الاقتصادية، بدءا من بائعي البقالة الذين تتلف بضائعهم في الثلاجات، مرورا بأصحاب الورش والمطاعم والبوفيهات الذين تتوقف أعمالهم، وصولا إلى الأسر التي تفتقر إلى أبسط مقومات الراحة.

وأشار إلى أن اللجوء إلى المولدات الخاصة يزيد من الأعباء المالية، إذ تتجاوز تكاليف التشغيل ما يمكن تحقيقه من أرباح، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي المتواصل وتدهور سعر العملة المحلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الکهرباء فی فی عدن

إقرأ أيضاً:

أزمة كهرباء متفاقمة في شرق ليبيا.. احتراق محطات في بنغازي والمرج وانقطاع كامل يضرب مراوة

يتفاقم الوضع الكهربائي في المنطقة الشرقية من ليبيا بشكل متزايد، حيث كشفت مصادر متطابقة عن سلسلة من الأعطال والحرائق التي ضربت مكونات رئيسية في الشبكة العامة، مما أدخل مدنا ومناطق واسعة في ظلام دامس، وينذر بكارثة خدمية واقتصادية وشيكة.

انفجار وحريق يلتهم محطة في بنغازي
شهدت محطة كهرباء رقم “واحد” (جهد 30/11 ك.ف) الواقعة بمنطقة أرض ازواوة، انفجارا تلاه حريق ضخم لم تعرف أسبابه بعد متسببا في أضرار جسيمة أدت إلى احتراق المحطة بالكامل تقريبا، بحسب مصدر من شركة الكهرباء لليبيا الأحرار.

ووفقا للمصدر فإن هذا الحادث أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن رقعة جغرافية واسعة في المدينة، تشمل مناطق حيوية مثل أرض أزواوة، وأرض الشريف، وعمارات المشير.

نداء استغاثة من المرج
وفي مدينة المرج، وجه مدير محطة الكهرباء، حسين بو سيف، نداء عاجلا عبر وكالة الأنباء الليبية إلى الحكومة وصندوق التنمية، مطالبا بتدخل فوري لإنقاذ المدينة التي تعيش في ظلام شبه كامل منذ خمسة أيام بعد احتراق محطتها الرئيسية.

وأكد بوسيف أن الوضع حرج للغاية، حيث يتم تشغيل المدينة حاليا عبر محولات قديمة تفتقر لأنظمة الحماية، مما يعرض المعدات وحياة الفنيين لخطر داهم، مشيرا إلى أن ضعف الجهد الكهربائي قد أثر بشكل مباشر على خدمات ضخ المياه، مما تسبب في ارتفاع كبير في أسعار صهاريج المياه.

انقطاع تام في مراوة ومحيطها
وفي الجبل الأخضر، أفاد مصدر خاص من الشركة العامة للكهرباء لقناة “ليبيا الأحرار” بأن منطقة مراوة والمناطق المحيطة بها تعيش في حالة إظلام تام منذ صباح اليوم، كاشفا أن السبب يعود إلى عطل فني في محول (66/11 ك.ف) الرئيسي بمحطة مراوة.

وأشار المصدر إلى فشل المحاولات المستمرة لإصلاح العطل من قبل الفرق الفنية منذ وقوعه، مؤكدا أن المحول يحتاج إلى تغيير كامل، وهي عملية قد تستغرق ما بين 5 إلى 10 أيام، في حال توفر محول بديل.

المصدر: ليبيا الأحرار + وال

أزمة الكهرباءبنغازيرئيسيمحطة لكهرباء Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • البترول تطمئن المصريين: لا توجد أزمة كهرباء خلال فصل الصيف
  • عدن تختنق تحت حرارة الصيف وأزمة الكهرباء تفاقم معاناة السكان
  • حضرموت على أبواب أزمة كهرباء خانقة وسط عجز تمويلي وارتفاع درجات الحرارة
  • غزة تعاني أزمة دفن الشهداء بالتزامن مع تدمير المقابر
  • “غرفة المدينة” ترصد في تقريرها للربع الأول توزيع السكان والمساحات الجغرافية وأداء الاقتصاد بمحافظات المنطقة
  • انقطاع متواصل وصيف ملتهب.. كهرباء عدن تزيد أوجاع السكان
  • أزمة كهرباء متفاقمة في شرق ليبيا.. احتراق محطات في بنغازي والمرج وانقطاع كامل يضرب مراوة
  • مدير الكهرباء بالجزيرة: تغطية كهربائية بنسبة 90% في محلية جنوب الجزيرة، و98% بمحلية المناقل
  • تهديدات بوقف ضخ النفط من قطاع العقلة بشبوة المخصص لتشغيل كهرباء عدن
  • البترول: سفن التغييز الـ 3 تجنبنا حدوث أزمة كهرباء في الصيف