عربي21:
2025-06-24@11:16:34 GMT

العراق: الإدارة المالية للدولة والعبث!

تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT

يفترض أن يكون الدستور والقانون، المرجع الوحيد ذا الطبيعة الإلزامية الذي يحكم عمل الدولة، وينظم السلطات العامة فيها. لكن في العراق لا تبدو هذه الفرضية صحيحة؛ وعلى جميع مستويات إدارة الدولة؛ فقد ألزم الدستور الحكومة بتقديم مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي (حساب الإيرادات الفعلية والمصروفات الفعلية لسنة مالية منتهية) إلى مجلس النواب لإقراره.

لكن الحكومات المتعاقبة، ومجالس النواب المتعاقبة، تواطأت جميعها على إقرار قوانين الموازنة العامة دون إقرار قوانين الحسابات الختامية، وإلى حد هذه اللحظة لم تقدم الحسابات الختامية للسنوات 2016 إلى 2024 إلى مجلس النواب لإقرارها، وآخر حسابات ختامية قدمت إلى مجلس النواب، كانت موازنة عام 2015 وقد أقرت عام 2023!

ما يعكس عدم اهتمام مجلس النواب باقرار قوانين الحسابات الختامية، هو التنازع بين القوانين التي شرعها والمتعلقة بهذه المسألة؛ فبينما نص قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم 13 لسنة 2018 على أن «يعرض الحساب الختامي على المجلس في مدة لا تزيد على تسعة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية» (المادة 21/ أولا). نص قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 على أن «يعلن وزير المالية تاريخ غلق الحسابات الختامية للسنة المالية المنتهية على أن لا يتجاوز (31/1) من السنة اللاحقة»، وأن يصدر ديوان الرقابة المالية تقريره عن هذه الحسابات «في موعد أقصاه نهاية شهر حزيران من السنة اللاحقة» (المادة 28/ أولا وثالثا). وبالتالي يفترض أن تعرض هذه الحسابات وتدقيقها خلال ستة أشهر وليس تسعة أشهر!

وسبق للمحكمة الاتحادية العليا أن أثبتت بقرارها (190/ اتحادية/ 2023) أن الحساب الختامي «يشكل عاملا أساسيا، إن لم يكن العامل الأول، في وقف هدر المال العام والحد من ظواهر الفساد المالي والإداري الذي تعاني منه مؤسسات الدولة». وأنها من خلال التحقيقات التي أجرتها قد ثبت لديها «عدم التزام كل من وزارة المالية ومجلس الوزراء بإنجاز الحسابات الختامية ضمن التوقيت المحدد في الدستور والقانون»، وألزمت رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية بتقديمها وفقا لتلك التوقيتات!
في عام 2023 أُقرت موازنة اتحادية لمدة ثلاثة أعوام، وبالرغم من أن قانون الإدارة المالية قد اشترط أن يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة إلى مجلس النواب «قبل منتصف شهر تشرين الأول من كل سنة»، واشترط أيضا أنه «لا يجوز أن يزيد العجز في الموازنة التخطيطية عن 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي» (المادة 6/ رابعا) لكن مشروع قانون الموازنة لم يصل إلى مجلس النواب إلا في 16 آذار/ مارس 2023، أي بعد أكثر من خمسة أشهر عن التاريخ المحدد في القانون، فيما زادت نسبة العجز المخطط في الموازنة عن 20٪ تقريبا من الناتج المحلي الاجمالي، أي سبعة أضعاف النسبة المحددة في القانون (وفقا لأرقام البنك الدولي فقد بلغ الناتج المحلي الاجمالي للعراق 250.84 مليار دولار في العام 2023، فيما بلغت نسبة العجز المخطط في الموازنة ما يقارب 49.6 مليار دولار). كما قرر القانون أنه من بين مصادر تمويل هذا العجز الهائل، قروض داخلية وخارجية بما يزيد قليلا عن 10 مليار دولار!
يفترض أن يكون الدستور والقانون، المرجع الوحيد ذا الطبيعة الإلزامية الذي يحكم عمل الدولة، وينظم السلطات العامة فيها قبل أيام قرر مجلس الوزراء العراقي تخويل وزيرة المالية صلاحية «سحب مبالغ الامانات الضريبية التي لم يمض عليها خمس سنوات»، والتي تبلغ ما يقارب 2.3 مليار دولار، لتمويل وتسديد الرواتب الحكومية «على أن تجري التسوية النقدية شهريا عند المطالبة بها»، وسوغت وزريرة المالية هذا القرار بالقول: «الإجراء طبيعي لتعظيم إيرادات الموارد والسيطرة عليها بكافة انواعها»!

والأمانات الضريبية مبالغ تودعها الشركات لحين إكمال التحاسب الضريبي، ولا تعد من الإيرادات العامة للدولة، إلا بعد مرور خمس سنوات على إيداعها دون المطالبة بها كما يقرر القانون. وبالتالي فان قرار مجلس الوزراء يُعد اجراء مخالفا للقانون من أوجه عدة، وليس «إجراء طبيعيا» كما قالت وزيرة المالية.

فضلا على أن استخدام أموال الأمانات الضريبية لتسديد الرواتب االحكومية يمثل دينا داخليا إضافيا ما يزيد حجم هذا الدين الذي وصل إلى أرقام غير مسبوقة في ظل الحكومة الحالية؛ فقد ارتفع الدين الداخلي عام 2023 2023 من 48.624 مليار دولار إلى 55.033 مليار دولار، وارتفع أيضا في نهاية النصف الأول من عام 2024 ليصل إلى 58.995 مليار دولار وفقا لأرقام وزارة المالية. فيما يقدم البنك المركزي العراقي أرقاما مختلفة، فعلى موقعه الرسمي بلغ الدين الداخلي في العام 2024 ما يقارب 63.883 مليار دولار وفقا لسعر الصرف الرسمي، في حين قرر قانون الموازنة أنه يجب أن لا يزيد الدين الخارجي والداخلي عن 10 مليار دولار! كما أن قانون إدارة الدولة اشترط أن الااقتراض لتمويل العجز يجب أن يكون «ضمن الحدود القصوى المقررة في قانون الموازنة العامة الاتحادية» (المادة 39/ اولا)!

كان يمكن للدولة أن تلجأ إلى إجراءات أخرى لتخفيض العجز الكبير في الموزانة العامة، خاصة بعد الانخفاض الكبير في أسعار النفط (بلغ سعر برميل النفط المقدر في قانون الموازنة 70 دولارا وانخفاض سعر النفط عن هذا السعر سيعني زيادة العجز في الموازنة بأكثر من 1.5 مليار دولار عن كل دولار واحد) من بينها خفض الإنفاق الحكومي، أو خفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، لكنها لم تفعل ذلك لأسباب انتهازية بحتة، تتعلق بقرب موعد الانتخابات، وعدم استعدادها للذهاب إلى اجراءات اقتصادية يمكن أن تفقدها بعض الأصوات؛ لهذا كان الحل هو كالعادة اللجوء إلى انتهاك أحكام القانون في سياق التواطؤ الجماعي على عدم احترام القانون بشكل منهجي، فالقانون بالنسبة للطبقة السياسية العراقية مجرد «سطر تكتبه وسطر تمسحه» متى شاءت، ومتى ما اقتضت مصالحها ذلك!
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه العراق الموازنة العراق الموازنة السوداني سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحسابات الختامیة إلى مجلس النواب قانون الموازنة مجلس الوزراء فی الموازنة ملیار دولار عام 2023 على أن

إقرأ أيضاً:

الشيوخ يفض دور الانعقاد الخامس.. مناقشة 40 مشروع قانون.. و93 طلب مناقشة

أعلن المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، فض دور الانعقاد الخامس والأخير، عقب الجلسة الختامية من الفصل التشريعي الأول.

فض دور الانعقاد الخامس 

و أشار  التقرير الذي أعدته الأمانة العامة لمجلس الشيوخ، بشأن إنجازات 5 أدوار انعقاد، عن عقد 186 جلسة عامة، وجلسة واحدة طارئة، بعدد ساعات عمل 488 ساعة، شهدت 6013 مداخلة.

و  تضمن التقرير مناقشة 40 مشروع قانون، 93 طلب مناقشة عامة، 919 اقتراحا برغبة، 18 دراسة برلمانية، و9 دراسات قياس الأثير التشريعي.

وعقدت اللجان النوعية 2947 اجتماعا، وإصدار 1034 تقريرا، و24 زيارة ميدانية، فيما بلغت عدد اجتماعات اللجنة العامة 16 اجتماعا، وإصدار 24 تقريرا برلمانيا.

انجازات مجلس الشيوخ 

وشهدت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، عرض فيما تسجيليا أعدته الأمانة العامة، عن إنجازات المجلس، استعداد لفض دور الانعقاد الخامس.

القي المستشار رئيس مجلس الشيوخ كلمة بالجلسة الختامية لدور الانعقاد العادي الخامس من الفصل التشريعي الأول
و قال في هذه اللحظة التي نختتم فيها أعمال الفصل التشريعي الأول لمجلسنا الموقر، يُشرفني أن أخاطبكم بكلمات يخطها التقدير، وتملؤها مشاعر العرفان والاعتزاز.

و أضاف لقد سمعتم منذ قليل ما قلناه في الجلسة الافتتاحية لهذا الفصل في ١٨ أكتوبر ٢٠٢٠، حين عبّرنا عن زهو مصر بعودة مجلس الشيوخ للحياة البرلمانية، ليتكامل مع مجلس النواب في غير تنافر، مؤكدين أن مهمتكم لم تكن يسيرة، بل عظيمة، تتطلب عزيمة الرجال من أولي العزم. ويومها استبشرت خيرًا بكم، وكنت واثقًا أنكم أهل لها، تباشرونها بهمّة وعزم لا يلين، دون ممالأة ولا محاباة. وها أنتم قد صدقتم العهد، فأديتم الأمانة على أكمل وجه، أداءً نال تقدير شعبكم، وكان محل إشادة مجلس النواب، وتُوج بتوجيهات فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ رئيس الجمهورية، للحكومة بالعمل على تنفيذ توصيات دراساتكم؛ فشكرًا لكم جميعًا.

و تابع " وكما قلنا – أيضًا- في الجلسة الافتتاحية، إن الله قد حمى هذا البلد مما حيك له من مهالك، وهيأ له فارسًا وطنيًا مغوارًا، فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي امتثل لإرادة شعبه، وقاد سفينة الوطن وسط أمواج عاتية، وتربص الأشرار، بثبات وحكمة لا تلين، زعيمًا جسورًا لا يخشى في الحق لومة لائم، ولا يهاب التحديات مهما عظمت، فله منا خالص الشكر والعرفان، ونعاهده جميعًا أن نظل خلفه صفًا واحدًا فداءً لهذا الوطن.

وقال " وفي هذا المقام، يسعدني أن أتوجه ببالغ الشكر وعظيم التقدير إلى أعضاء الحكومة المصرية، برئاسة السيد الدكتور مصطفى مدبولي، الذين لم يدخروا جهدًا، ولم يتأخروا يومًا عن تلبية نداء مجلسكم الموقر، فكانت استجابتهم الصادقة، وتعاونهم البنّاء، مرآة صادقة لما يجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من شراكة مسؤولة، هدفها الأسمى تحقيق مصلحة الوطن، وصون مقدراته، وضمان خير أبنائه.

و تابع " واخص   بالشكر السيد المستشار محمود فوزي؛ وزير شؤون المجالس النيابية والقانونية والتواصل السياسي، الذي كان ـ ولا يزال ـ خير معين في إحكام حلقة الوصل بين المجلس والحكومة، يؤدي مهمته الجليلة بإخلاص بالغ، وعمل دؤوب، دون كلل أو ملل، ومتفانيًا في خدمة الوطن. والشكر موصول للسيد المستشار علاء الدين فؤاد، الذي حمل الأمانة ذاتها من قبله، وأداها بصدق العهد وتمام الوفاء.

و قال دير أُعبر في هذه المناسبة عن عميق شكري وامتناني للسيد المستشار بهاء الدين أبو شقة، والسيدة الفاضلة فيبي فوزي، وكيلي المجلس، لما أبدياه من تعاون صادق، وجهد مخلص في إدارة شؤون المجلس، وما قدماه من دعم أصيل كان له أبلغ الأثر في إنجاز أعمالنا على الوجه الأكمل.

و تابع كما أتقدم بالشكر ل ممثلي الهيئات البرلمانية، والزملاء الأجلاء من أعضاء الأحزاب والمستقلين و تنسقية شباب الأحزاب ، الذين أثروا المناقشات تحت هذه القبة بما طرحوه من آراء سديدة ومقترحات بناءة، عكست جميعها حرصهم على المصلحة الوطنية العليا، وسعيهم الدائم لترسيخ دعائم العمل البرلماني الرشيد.

واسمحوا لي، في هذه اللحظة التي تعلو فيها قيم الوفاء وتُستحضر فيها معاني التعاون الصادق، أن أسجل بكل التقدير والاعتزاز، ما كان لمجلس النواب الموقر، برئاسة أخي العزيز، المستشار الدكتور حنفي جبالي، من تعاون كريم ودعم راسخ أصيل.

وزير المجالس النيابية: مجلس الشيوخ شريك في بناء الجمهورية الجديدة وسند للدولةوكيل الشيوخ: الرئيس السيسي واجه التحديات بحكمة لنتمكن من عبور العواصف

لقد كنا ـ وما زلنا ـ معًا على درب واحد، نشد من أزر بعضنا، ونعلي بنيان دولتنا، ونكمل المسيرة الوطنية كتفًا بكتف، في صورة تُجسد وحدة الهدف وصدق الغاية. ولقد عرفته نعم الأخ، والرجل الذي استقرت الحكمة في قلبه، وتجسدت الرصانة في أقواله وأفعاله، فكان ـ وبحق ـ قدوة في القيادة، ومثالًا يُحتذى به، وصورة مشرفة لرئيس مجلس حمل الأمانة، وأداها بصدق ووفاء، فله مني أصدق عبارات الامتنان وأسمى معاني التقدير.
 

إنه لمن تمام الوفاء أن نخص بالذكر، في هذه المناسبة، أبناء هذا المجلس من موظفي الأمانة العامة، الذين كانوا ولا يزالون عصب أدائه، بسواعدهم المخلصة، وجهودهم الدؤوبة، تحت قيادة السيد المستشار محمود عتمان، الأمين العام، ونائبه المستشار عمرو يسري، اللذين تجسدت في شخصهما أسمى معاني الإخلاص والتفاني، وصدق الانتماء لهذا الوطن، فلم يدخرا جهدًا، ولم يترددا لحظة في تسخير كل طاقاتهما، ليبقى مجلسنا عامرًا بالأداء الرفيع، وقائمًا برسالته في أبهى صورة، بما يليق بمقامه الدستوري ودوره الوطني.

و توجه  بتحية تقدير وإجلال إلى رجال الإدارة العامة لشرطة مجلسي النواب والشيوخ، على ما بذلوه من جهود مخلصة لحماية هذا الصرح النيابي وضمان أمنه واستقراره.

وتابع " و لا يسعني إلا أن أثني على دور السادة الصحفيين والإعلاميين المعنيين بتغطية شؤون المجلس، الذين أدوا واجبهم بأمانة واحترافية، وأسهموا في نقل صورة صادقة لما يدور تحت هذه القبة، تعزيزًا للشفافية وترسيخًا لثقافة المشاركة.

وأخيرًا وليس آخرًا، أتقدم إلى شعب مصر العظيم بأسمى معاني التحية والتقدير، هذا الشعب الأبيّ، الذي لم يتوان يومًا عن تقديم الغالي والنفيس، مؤمنًا بقدسية الوطن، مدركًا جسامة التحديات، متحملًا في سبيل.

طباعة شارك مجلس الشيوخ البرلمان أخبار النواب أخبار البرلمان السيسي

مقالات مشابهة

  • الإدارة العامة للتحريات المالية برئاسة أمن الدولة تشارك في الاجتماع الثاني للجنة وحدات التحريات المالية بمجلس التعاون لدول الخليج العربية
  • محافظ جنوب سيناء أمام مجلس النواب: معركة السلاح انتهت ونخوض معركة التعمير الآن
  • رغم تحذيرات المركزي.. عقيلة صالح يدافع عن ميزانية الـ69 مليار دينار
  • اتحاد شركات التأمين المصرية يفتح باب الترشح لعضوية مجلس الإدارة
  • الشيوخ يفض دور الانعقاد الخامس.. مناقشة 40 مشروع قانون.. و93 طلب مناقشة
  • 29.4 مليار دولار تحويلات المصـريين العاملين بالخارج خلال الشهور العشرة الأولى من السنة المالية 2024/2025
  • المالية النيابية:(80)تريليون ديناراً العجز في موازنة 2025
  • بلمعطي: كل ما أثير حول تقارير الحسابات يهم الفترة السابقة في أنابيك
  • سخرية مريرة: أين اختفى البرلمان العراقي؟
  • حددت 3 أسباب.. المالية النيابية تستبعد إرسال جداول الموازنة للبرلمان