موسم الورد يجذب السياح من داخل وخارج سلطنة عمان
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
الجبل الأخضر- في قلب سلسلة جبال الحجر التي تبعد مسافة 242 كلم غرب العاصمة العمانية مسقط، وعلى ارتفاع يتجاوز 3 آلاف متر فوق سطح البحر بمحافظة الداخلية، تتفتح آلاف أزهار الورد العُماني في مشهد طبيعي يأسر الألباب، إذ يُعد موسم الورد في الجبل الأخضر -الذي يمتد من منتصف مارس حتى أوائل مايو- من أبرز الفعاليات الزراعية والسياحية في البلاد، حيث يتحول الجبل إلى لوحة فنية تتناغم فيها ألوان الورود، مع خضرة المدرجات الزراعية، مما يجذب الزوار من داخل السلطنة وخارجها.
في قرى مثل العين، وسيق، والشريجة، ووادي بني حبيب، تنتشر أكثر من 5 آلاف شجرة ورد على مساحات تتراوح بين 7 أفدنة (قرابة 3 هكتارات) إلى 10 (4.2 هكتارات) حسب الإحصاءات الرسمية.
هذه الأشجار تُزرع على مدرجات زراعية صخرية، تمثل إرثا زراعيا تناقلته الأجيال في هذه القرى الجبلية. مهارة الإنسان العُماني في ترويض الطبيعة أيضا تبدو واضحة في طريقة العناية بالحقول، حيث تُروى الأشجار بنظام الأفلاج، ويُعتنى بها عناية فائقة طيلة العام.
عملية قطف الورد تبدأ عند شروق الشمس، إذ يُفضل قطف الأزهار حين تكون نديّة للحفاظ على نقائها العطري. وبعد جمعها تُنقل الزهور إلى بيوت التقطير، حيث يُستخرج منها ماء الورد العماني الشهير.
إعلان إرث وعطر خالدتُستخدم في عملية التقطير أدوات تقليدية، إلى جانب بعض التقنيات الحديثة، في مزيج يعكس توازنًا بين التراث والحداثة. ويُنتج ما يزيد عن 28 ألف لتر من ماء الورد سنويًا، تستخدم في صناعة العطور، وتحضير الحلويات، وإحياء المناسبات التقليدية والاستخدامات الطبية.
تتفاوت أسعار ماء الورد وفقًا لحجم الزجاجة وجودة الاستخلاص، حيث تُباع بأسعار تتراوح بين 5 إلى 11 ريالا عمانيا (ما بين 13 و28.5 دولارا). ويُعرف ماء الورد العُماني بصفائه العالي ورائحته الفريدة التي تميّزه عن غيره في الأسواق الإقليمية.
وشهد موسم 2024 نموا ملحوظا في حجم الإنتاج، حيث بلغ إجمالي المحصول قرابة 20 طنًا من الورد، بزيادة قدرها 9 أطنان مقارنة بموسم 2023، بحسب الإحصائيات الصادرة عن مركز الأعمال والحاضنات بهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السلطنة. وقدرت القيمة السوقية لهذا الإنتاج بنحو 200 ألف ريال (519 ألف دولار)، ما يعكس انتعاشًا اقتصاديًا متزايدًا مع كل موسم ورد جديد.
اقتصاد موسميلا يقتصر أثر موسم الورد على الجوانب الزراعية فقط، بل يشكل ركيزة اقتصادية موسمية لعشرات الأسر العُمانية التي تعتمد عليه كمصدر دخل رئيس. فإلى جانب بيع ماء الورد، تنشط صناعات أخرى كالصابون، والزيوت العطرية، والمراهم الطبيعية، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويحفّز ريادة الأعمال الصغيرة.
كما يشهد الجبل في هذه الفترة توافد الحرفيين والسياح والمصورين والباحثين، مما يُنعش مختلف الأنشطة التجارية من الضيافة والمطاعم إلى بيع المشغولات اليدوية.
وتترافق مواسم الحصاد مع تنظيم جولات ميدانية تتيح للزوار التفاعل المباشر مع التجربة، بدءا من المشاركة في قطف الورد، وصولًا إلى حضور جلسات تقطير الماء، والاستماع إلى قصص المزارعين. هذا التفاعل يُعزز السياحة البيئية، ويجعل من منطقة الجبل الأخضر وجهة فريدة تمزج بين الاستجمام والمعرفة.
إعلانوتشير بيانات وزارة التراث والسياحة إلى أن الجبل الأخضر يشهد في موسم الورد ارتفاعا كبيرًا في عدد الزوار من داخل السلطنة وخارجها، ليصبح أحد أبرز المقاصد العُمانية في فصل الربيع.
ويبعد الجبل الأخضر نحو 150 كيلومترا عن العاصمة مسقط، وتُعد بلدة بركة الموز بمحافظة الداخلية نقطة الانطلاق نحو القمة. ويتطلب الطريق استخدام مركبات الدفع الرباعي فقط، نظرا للطبيعة الجبلية. عند نقطة تفتيش بوابة الصعود يُجرى فحص للمركبات لضمان جاهزيتها، ثم تبدأ الرحلة بين منعطفات جبلية منحدرة، تكشف عن مناظر خلابة للوديان والتكوينات الصخرية.
إطلالات على الورديُعد الجبل الأخضر من أبرز مقاصد السياح في سلطنة عُمان، ولا تقتصر جاذبيته على طبيعته الخلابة فحسب، بل تمتد إلى تنوع خيارات الإقامة التي تلبّي مختلف التفضيلات والميزانيات.
ففي حين توفر المنتجعات الفاخرة، مثل منتجعات إنديغو الجبل الأخضر، وأنانتارا وأليلا تجارب إقامة تتراوح أسعار الغرف فيها بين 100 و250 ريالا لليلة الواحدة (ما يعادل 260 إلى 650 دولارا)، تُتيح بيوت الضيافة المحلية والنُّزُل الصغيرة بدائل اقتصادية بأسعار تبدأ من 30 ريالا (قرابة 78 دولارا).
أما على صعيد المأكولات، فيمكن للزائرين الاستمتاع بتجارب طعام متعددة، من المطاعم الشعبية التي تقدم أطباقًا عُمانية تقليدية بأسعار معتدلة تتراوح بين 2 و6 ريالات (ما بين 5.2 و15.6 دولارا) للوجبة، إلى المطاعم الفندقية الراقية التي توفر مزيجا من المأكولات العالمية والمحلية بأسعار تبدأ من 10 ريالات (نحو 26 دولارًا) للوجبة.
هذا التنوع في الإقامة والطعام يمنح السائح حرية تصميم تجربته حسب أولوياته، سواء كان يبحث عن الفخامة والراحة، أو عن بساطة الحياة الجبلية وروح الضيافة المحلية.
إعلان "إنديغو".. رفاهية بإطلالة ورديةمن المنشآت السياحية الفاخرة التي افتتحت مؤخرا، منتجع وسبا "إنديغو الجبل الأخضر" التابع لمجموعة فنادق ومنتجعات "آي إتش جي" (IHG)، الذي افتُتح في 2024 في قلب الجبال المطلة على المدرجات الزراعية. ويُعد المنتجع أحد أحدث المشاريع السياحية التي تواكب النمو المتسارع في القطاع، حيث يقدم تجربة إقامة تمزج بين التصميم العصري والطابع المحلي العُماني، وتتميز معظم غرفه بإطلالات خلابة على مدرجات الورد والوديان الجبلية.
ويُوفّر المنتجع لنزلائه باقة من الأنشطة الثقافية والبيئية، تشمل زيارات ميدانية لمزارع الورد، ولقاءات مع الحرفيين المحليين، والمشاركة في تجربة تقطير ماء الورد.
كما يضم مركز سبا تستخدم فيه عناصر طبيعية من بيئة الجبل كالورد والصخور البركانية، إلى جانب مطاعم تقدم مأكولات فاخرة مستوحاة من المطبخ العُماني والعالمي، لتمنح الزائر تجربة ذوقية وثقافية لا تُنسى.
طابع مستدامتكمن أهمية موسم الورد في الجبل الأخضر في كونه نموذجا حيا للسياحة المستدامة، إذ يدمج بين الحفاظ على البيئة، وتمكين المجتمعات المحلية، والحفاظ على التراث غير المادي. وتقوم المؤسسات الفندقية في الجبل بدور محوري في هذا السياق، من خلال توظيف أبناء القرى، ودعم المنتجات المحلية، وتنظيم فعاليات ثقافية وسياحية تراعي خصوصية المكان.
كما تعمل الجهات الحكومية المعنية مثل وزارة التراث والسياحة وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، على دعم المزارعين والحرفيين وتمكينهم من التوسع في الإنتاج والتسويق، بما يعزز من مكانة الورد العُماني كمنتج وطني ذي هوية راسخة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجبل الأخضر موسم الورد ماء الورد الع مانیة الورد ا
إقرأ أيضاً:
السعودية ترحب بإعلان عمان التوصل لوقف إطلاق النار في اليمن
أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيبها بالبيان الصادر من سلطنة عُمان بشأن التوصل إلى وقف إطلاق النار في اليمن بهدف حماية الملاحة، والتجارة الدولية.
وجددت المملكة دعمها لكافة الجهود الرامية للتوصل إلى حلٍّ سياسي شامل للأزمة اليمنية بما يحقق الأمن والاستقرار لليمن والمنطقة، وذلك حسبما ذكرت وكالة "واس".
ووصفت الخارجية الأميركية الاتفاق بأنه "اختبار لجدية الحوثيين"، مشيرة إلى أنهم "أبلغونا عبر سلطنة عمان برغبتهم في وقف إطلاق النار"، لكنها شددت على أن "الحكم سيكون على الأفعال لا الأقوال".
وأعلنت سلطنة عمان، الثلاثاء، عن توصل الولايات المتحدة والمتمردين الحوثيين في اليمن إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يشمل وقف استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وذلك بعد أسابيع من التصعيد العسكري.
وقال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إن الاتفاق جاء "بعد المناقشات والاتصالات التي أجرتها سلطنة عمان مؤخراً مع الولايات المتحدة الأميركية والسلطات المعنية في صنعاء بهدف تحقيق خفض التصعيد"، مضيفاً أن الاتفاق "يقضي بعدم استهداف أي من الطرفين للآخر مستقبلاً، بما في ذلك السفن الأميركية".