عمر الدقير يكتب عن جولة ترمب الخليجية والأزمة السودانية

من المقرر أن يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب جولةً خليجية – يوم التثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ – تشمل الرياض والدوحة وأبوظبي على التوالي، كما سيشارك في اجتماع قمة مع قادة دول الخليج لبحث أوجه التعاون في عدد من المجالات إلى جانب ملفات الأزمات في المنطقة..

ومن المرجح أن تكون الأزمة السودانية حاضرة خلال الاجتماعات في العواصم الثلاث.

لا نملّ التأكيد بأن حل الأزمة السودانية يكون بإرادة السودانيين، لا سواهم.. ورغم اندفاع هذه الأزمة إلى مزيد من التصعيد والتعقيد مع طالع كل شمس، فإن الحل لا يزال ممكناً باصطفاف أوسع تيار سياسي واجتماعي وراء خيار التفاوض لإنهاء الحرب، والمحافظة علي وحدة الوطن، والتوافق على عقد اجتماعي لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية توفر شروط الحياة الكريمة لأهلها كافة بلا تمييز.

ومع ذلك- وفي عالم اليوم المتداخل المصالح والتأثيرات- ندعو إلى دور خارجي إيجابي يساعد في الوصول لاتفاق إيقاف إطلاق النار، واستنفار وتنسيق الجهود لمواجهة الكارثة الإنسانية، والحل السياسي الذي هو مسؤولية السودانيين، ومن ثم إعادة الإعمار التي تتطلب رؤية وطنية استراتيجية لتشجيع انسياب الاحتياجات المالية والفنية وفق صِيَغ تشاركية تحقق المنفعة المتبادَلة مع المساهمين في مختلف مجالات إعادة الإعمار.

وفي هذا السياق، نعتقد أن منبر جدة لا يزال يمثل آليةً مناسبة لاستئناف التفاوض- بناءً على ما سبق التوافق عليه- شريطة أن تتوفر إرادة صادقة لتحقيق السلام، وأن تُقرَن جهود المنبر بتنسيق فعّال مع القوى الدولية والإقليمية الأخرى، مع الاستفادة من أية تفاهمات تمت بين الطرفين في منابر أخرى مثل اتفاقية المنامة والالتزامات الإنسانية التي يَسّرت الوصول إليها الأمم المتحدة.

نأمل أن تدفع جولة ترمب الخليجية في اتجاه استئناف جهود تيسير التفاوض عبر منبر جدة برؤية أكثر شمولاً وفعالية، وأن تُسهم في إعادة اهتمام العالم بما يجري  في السودان وتداعياته الكارثية على شعبه، وتنسيق الجهود الدولية والإقليمية لدعم مسار السلام الشامل في هذا البلد المحروق بنار الحرب.

وأيّاً كان مستوى الاهتمام الدولي والإقليمي، يظل مفتاح الحل في أيدي السودانيين- مدنيين وعسكريين- إذا اختاروا طريق التفاوض والحوار باللسان، بدل السِّنان، لطي صفحة الحروب وخلاص وطنهم من أزمته المزمنة باستئصال جذور أسبابها من تربة واقعهم، وتهيئة هذه التربة لزرعٍ جديد ثماره السلام والتعافي الوطني والحرية والعدالة والنهضة الشاملة.

* رئيس حزب المؤتمر السوداني

* نقلاً عن صفحته بـ(فيسبوك)

الوسومأبوظبي الأزمة السودانية الدوحة الرئيس الأمريكي الرياض حزب المؤتمر السوداني دونالد ترمب عمر يوسف الدقير منبر جدة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أبوظبي الأزمة السودانية الدوحة الرئيس الأمريكي الرياض حزب المؤتمر السوداني دونالد ترمب منبر جدة الأزمة السودانیة

إقرأ أيضاً:

هل ينجح برنامج دمج وتسريح مقاتلي تيغراي بعد شهور من التعثر؟

في تطور لافت ضمن مسار تنفيذ اتفاق بريتوريا للسلام الموقّع بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي عام 2022، أعلنت قيادة الإدارة المؤقتة في الإقليم عن استئناف برنامج نزع السلاح وإعادة تأهيل المقاتلين السابقين بالجبهة بعد أن توقّف في يناير/كانون الثاني الماضي.

ويستهدف البرنامج إعادة تأهيل نحو 60 ألف مقاتل خلال فترة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر، في محاولة لتعويض التعثر السابق وتحقيق التزامات الإقليم في إطار الاتفاقية الموقعة مع الحكومة الفدرالية.

ويأتي هذا الاستئناف في سياق تعهدات الرئيس الجديد لإدارة تيغراي المؤقتة الجنرال تاديسي ويردي بإعادة الزخم إلى عملية السلام، واستكمال البنود العالقة من الاتفاق، وعلى رأسها نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج.

آلاف المقاتلين السابقين

ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية معلنة من تيغراي حول عدد المقاتلين، فإن الرئيس السابق لإدارة الإقليم غيتاتشو ردا قال في مؤتمر صحفي بأديس أبابا إن أكثر من 270 ألف مقاتل سابق موجودين في المنطقة ما زالوا ينتظرون إعادة التأهيل والإدماج.

وبحسب تقديرات محلّية، لم يُنجز في المرحلة السابقة من البرنامج سوى تأهيل حوالي 12 ألف مقاتل فقط خلال فترة رئاسة غيتاتشو ردا، قبل أن يتوقف العمل بفعل تحديات تمويلية وإدارية.

إعلان نزع السلاح والتسريح

وأمس الأربعاء، أعلن رئيس الإدارة المؤقتة في تيغراي الجنرال تاديسي ويردي أن تنفيذ برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج يسير بخطى ملموسة، مشيرًا إلى أن الجولة الأولى، التي تستهدف نحو 75 ألف مقاتل سابق، ستُستكمل بحلول سبتمبر/أيلول المقبل.

وخلال لقاء جمعه أمس بالسفير الألماني المعتمد لدى إثيوبيا، أوضح ويردي أن المرحلة الثانية من البرنامج ستنطلق بالتوازي مع جهود تأمين الوضع الدستوري لإقليم تيغراي وضمان العودة الكاملة والآمنة للنازحين إلى ديارهم، وذلك بهدف دعم عملية السلام وتثبيت دعائم الاستقرار.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه المنطقة تحديات كبيرة تتعلق بإعادة الإعمار، وبناء الثقة بين الأطراف.

وتزامنت هذه التصريحات أيضا مع ضغوط متزايدة لتنفيذ اتفاق بريتوريا بشكل شامل، يتجاوز الجوانب العسكرية إلى معالجة القضايا السياسية والإنسانية الجوهرية.

ويُنظر إلى التقدم في ملف إعادة التأهيل والتسريح كاختبار حاسم لمدى التزام الحكومة الفدرالية والإدارة المؤقتة في الإقليم بتهيئة بيئة دائمة للسلام تتجاوز آثار العنف والحروب الداخلية.

ورغم أن المراقبين والشركاء في عملية السلام ينظرون إلى أن خطوة البدء في إعادة تأهيل مقاتلي تيغراي مؤشر إيجابي على بناء الثقة بين الأطراف، فإن بعض التحديات السياسية والإنسانية لا تزال قائمة، بما في ذلك قضايا إعادة الإعمار، والمساءلة عن الانتهاكات، وملف إعادة دمج الإقليم بشكل كامل في النظام الفدرالي الإثيوبي.

مخاوف وتحفّظات

في سياق متصل، عبّر حقوس جبر أكيدان الضابط السابق بقوات جبهة تحرير تيغراي عن رؤيته بشأن عملية تسريح المقاتلين، مشيرًا إلى أنها تحمل في طياتها آثارا إيجابية وأخرى مقلقة.

وقال في تصريح للجزيرة نت إن الخطوة يمكن أن تسهم في الحد من انتشار السلاح ومظاهر الانفلات الأمني، وهي عناصر ضرورية للانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب وبناء الثقة، لكنها في المقابل تثير مخاوف حقيقية لدى قطاعات من المجتمع التيغراوي.

إعلان

ويرى الضابط السابق أن مخاوف نزع السلاح تتجّلى أساسا في حال تجدّد النزاع، إذ إن جمع هؤلاء المقاتلين لم يكن مهمة سهلة، وكثيرون منهم انخرطوا في القتال بدافع حماية مناطقهم والدفاع عن قضيتهم.

وحذّر أكيدان من أن التركيز المفرط على برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج دون ضمان التزام فعلي من طرفي الحكومة الفدرالية وجبهة تحرير تيغراي، قد يضعف الثقة المجتمعية ويعرّض عملية السلام لمخاطر الانتكاس.

القتال الدائر بإقليم تيغراي أجبر إثيوبيين على اللجوء في ظل تحذيرات أممية من مجاعة في المنطقة (رويترز)

وحول سيناريوهات نجاح عملية إعادة تأهيل وإدماج مقاتلي تيغراي كأول اختبار حقيقي لإرادة الأطراف الإثيوبية لتحقيق السلام، يرى هيلي ميكائيل جبرهيوت الصحفي الإثيوبي المختص في شؤون تيغراي أن إمكانية تحقيق تقدم مستمر في تنفيذ البرنامج مرهون بتوفر الإرادة السياسية والدعم المؤسساتي من الحكومة الفدرالية والإدارة المؤقتة.

ويضيف جبرهيوت، في تصريح للجزيرة نت، أن نجاح هذا المسار يتوقف كذلك على تعاون المقاتلين السابقين وتوفير ضمانات جدّية لإعادة دمجهم في الحياة المدنية أو الهياكل الأمنية الرسمية.

وإذا تحقق ذلك، فإن العملية قد تشكّل نقطة تحوّل حقيقية نحو الاستقرار وتعزيز الثقة بين أديس أبابا وتيغراي.

مواقف سياسية متباينة

وتمثل المواقف السياسية المتباينة في مسار إدماج مقاتلي تيغراي بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي نقطة تقاطع بين أولويات السلام، وحسابات النفوذ، وتوازنات القوى الإثنية في البلاد.

ويرى الصحفي والمحلل السياسي الإثيوبي إمانويل جبر أميدهن أن الإرادة السياسية المتأرجحة بين أديس أبابا والحرس القديم في جبهة تحرير تيغراي، الذي يهيمن على الإقليم، تمثّل تحدّيا أمام نجاح عملية إعادة إدماج المقاتلين.

وقال أميدهن، في تصريح للجزيرة نت، إن الانقسامات المتزايدة داخل جبهة تحرير تيغراي، لاسيما في ظل الجدل حول شرعية قيادة الجنرال تاديسي ويريدي، تمثل منعطفا خطيرا بشأن عودة الصراع مرة أخرى للإقليم.

إعلان

وأضاف أميدهن أن رفض بعض الفصائل عملية نزع السلاح دون ضمانات واضحة قد يؤدي إلى إبطاء التنفيذ أو تعطيله، كما أن غياب التنسيق الكامل بين الحكومة الفدرالية والإدارة المؤقتة قد يسهم في تعقيد المشهد.

ورغم أن الحكومة الفدرالية بقيادة آبي أحمد تتبنّى موقفًا علنيا داعما لمسار السلام، بما فيه إعادة إدماج مقاتلي تيغراي، فإن أوساطا داخل النظام تخشى أن يؤدي دمج المقاتلين في المؤسسات الأمنية إلى اختراق محتمل أو إعادة بناء شبكات نفوذ عسكرية ذات طابع إثني، مما يعيد إلى الأذهان ما كانت تعرف بـ"الدولة العميقة" قبل مجيء آبي أحمد إلى الحكم.

مقالات مشابهة

  • سويسرا تحتضن جولة مفاوضات رفيعة بين الصين وأمريكا 
  • وزير الخارجية: مصر تواصل جهودها لحل الأزمة السودانية.. وتتمسك بالحلول السلمية
  • باكستان تشكر ترامب وتشيد بدور واشنطن في حل الأزمة مع الهند
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: المسيّرات تُقوّض فرص السلام
  • الدقير : نأمل أن تدفع جولة ترمب الخليجية في اتجاه استئناف جهود تيسير التفاوض عبر منبر جدة
  • ترمب يحدد شروط التفاوض مع الصين قبيل محادثات جنيف
  • ملف لبنان حاضر في جولة ترامب الخليجية
  • عبد السلام فاروق يكتب: الفيزياء.. لغة المستقبل وجسر الحضارات
  • هل ينجح برنامج دمج وتسريح مقاتلي تيغراي بعد شهور من التعثر؟