في مديح الاختلاف .. كيف نحول التنوع إلى أداة استقرار؟!
تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT
استقر في رُوْع الدراسات الاجتماعية ولردحٍ طويلٍ من الزمن أن التنوع الفائض عن الحد (يقصد به التنوع في سياقات مختلفة: دينية، عرقية، قبائلية...إلخ) هو السبب الرئيس في إضعاف حالات التضامن الاجتماعي. ولعلها نظرة رغم رجعيتها من الناحية المنهجية، إلا أنها ما زالت تعيش في عقل الكثير من الباحثين المشغولين بقضايا المجتمع ومشكلاته.
ووفقًا لهذه الرؤية الخلدونية نسج الكثير من علماء الاجتماع العرب فرضية استعصاء تحقيق التعاون والتعايش، واستقرار الدولة في المجتمعات العربية بسبب أنها متعددة الأعراق ومتنوعة المذاهب والنِّحَل، وفي مقدمتهم علي الوردي (1913م- 1995م) والذي يعود بازدواجية الشخصية في بلاده إلى التَنازُع بين «البداوة والحضارة».
وكذلك بين العصبيات والانتماء الوطني، وكل هذا في رأيه أدى إلى قيام الدولة على التنافر والتَشَظِّي، وهو ما يشكّل أثرًا واضحًا في طغيان مقولة ابن خلدون حول شرطية غياب التعدد ليستقر المجتمع. لكن الحقيقة أن السيسيولوجيا الحديثة أثبتت زيف هذه الفرضية، وقبل أن نعرض لها فإننا أمام حقيقة أكثر وضوحًا وهي أن المجتمعات التي كان ابن خلدون يحلل فضاءها، مجتمعاته هو، ولا تنتمي إلى فضائنا الراهن إلا في تماسات محدودة، مما لا يصح معه اعتماد هذه الرؤية، ناهيك عن تجذيرها الوعي الجمعي لعرب اليوم، إذ إن ذلك جرمٌ ثقافيٌ بالغ الخيبة.
ولعله من نافلة القول الإشارة إلى أن لفظ مجتمع ذاته، يشير بدقة إلى نسق من العلاقات المنظمة، نسق قائم على التضامن والاعتماد المتبادل كما يقول إيميل دوركايم. وهذا يعني أن البنية الرئيسة في اجتماعنا البشري لا تقوم على تمزيع الذات الكلية، وقهرها بالزوال لأنها تشتمل على بنى مركبة، فالصحيح أنه لا قيام لذاتٍ شاملةٍ دون تضامنٍ واعتمادٍ متبادَلٍ يُنْشِئُ هذا الاتساق الشمولي، ويرتفع بالفردي لصالح الجماعي. فهكذا يقوم الاجتماع البشري في أبسط تركيباته، إنه استثمار التعدد في بناء التنظيم الاجتماعي الفاعل فيما يسميه إدغار موران بـ«التنوع الخلَّاق» وهو ذلك قوله إنه لا توجد وحدة حقيقية دون احتضان التعدد، والفكرة الأساسية التي يقوم عليها البناء الاجتماعي أن التنوع الثقافي أو التعدد بمستوياته المختلفة هو الأساس، فلا تستقر البنية الشاملة إلا إذا قامت على حالات من الاعتراف بالاختلاف، أي أن كل اجتماع إنساني استطاع القيام بعمليات تلخيص وتشميل لكل بُناه فإن الذي قام به أن وفر للهويات الفرعية مداخل آمنة لتضمينها ليس في البنية الأم فحسب، بل في السماح لها بأن تُعيد بناء ذاتها داخليًّا، ومن هنا ينتُج عن ذلك إشراعُ بواباتٍ ضامةٍ للجميع، تستقبلهم بالبِشرِ ذاته، وإن تعددت ألوانهم طالما أنهم ذوات فردية تدخل إلى بيتها الكبير وتضع حمولاتها من الوعي عند بواباته، تفعل ذلك ما دامت مطمئنةٌ إلى سلامة حضورها الثقافي في البنية العامة، وهي بنية وظيفتها إتمام عمليات الاستقطاب والتضمين.
إن مجتمعاتنا العربية وإن تعدد حضورها الجغرافي، وتباينت فضاءاتها الثقافية، إلا أنها لا تزال تعيش حالات متأخرة من فهم ذاتها، فما زالت تعتقد بأن التنوع مشكلة، وأن اختلاف البنى الثقافية تهديدٌ للوحدة، إنها مجتمعات تعيش مخاوفها من الاختلاف فقط لأن المرآة متعددة الزوايا، وقد نبهتنا مدرسة فرانكفورت، والتي نشأت منذ عشرينيات القرن الماضي إلى هذا الأمر، وهي المدرسة التي وضعت على عاتقها إصلاح فضاء الاجتماع الغربي، والبحث في متاعبه، لكن ليس من ناحية الشكوى، كما نفعل، بل بالتحليل المُركِب لمعارفها، وقد أشار أحد أهم أعلامها هربرت ماركوزه في كتابه: «الإنسان ذو البعد الواحد-1964م» إلى أن من أسباب الصراع الاجتماعي هو أُحادية الأفق، ما ينتج أفرادًا يفكرون ضمن نسق مغلق، وهو ما سمّاه بـ One-Dimensional Society. وقد أفلحت هذه المدرسة في إحداث اختراقٍ عميقٍ في الفكر الغربي، والذي من نتائجه أن صاغت نظرية اجتماعية متصلة بجملة العلوم ما أوصلها إلى تشييد رؤية واضحة، ومستعدة لمواجهة الأزمات في الوعي والمجتمع معًا. هذا حالهم، كما نقول دائمًا، وعندما نكتب كثيرًا عن الظاهرة الغربية فليس القصد أن تنكفئ المجتمعات العربية، أو أن ينسجن الفاعلون بالقول فيها على خصوصيات مغلقة، بل هذا عين ما نريد مواجهته بالكتابة، فالذي نقوله بأن لكل ظاهرة فَرَادة، وبالتالي إذا أردنا العمل على تحقيق حالات الاستقرار فينا فإن أولى واجبات البحث والتنظير أن ننطلق من قواعدنا، ولا يعني ذلك الانكفاء على التقليدي والتاريخي، بل أن تكون هذه المرجعيات الغربية هاديًا لنا على مستوى الأدوات وليس النتائج، أن نستفيد من السياق الغربي المتقدم علينا في البحث الاجتماعي، وذلك من خلال آلياته المنهجية، وهي آليات مستقلة كونها نتاجًا تمظهريًّا لحالات البحث الإجرائي، وكم نحتاج في ظل غياب مدرسة لاجتماع عربي إلى الاستفادة من إرث مدرسة فرانكفورت وغيرها من المؤسسات الاجتماعية حتى يستقيم عودنا، ونؤسس مراكز شبيهة توفر لنا مرجعيات معرفية لمواجهة أزماتنا الخاصة، ونفعل ذلك بحثًا في تمتين حضور هذا التنوع والاعتراف بفضله علينا وضرورته لمجتمعاتنا إن صح منها عزم النهوض والتقدم.إن التنوع أصيل في الإنسانية ومصداق ذلك أنه في ديننا الحنيف يقول سبحانه وتعالى: «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا» - سورة الحج، الآية (40)، وفي تفسيرها بأن التوازن بين القوى هو سُنّة إلهية لحماية الحياة الاجتماعية من طغيان الأُحادية المنتجة للإقصاء.
إذن الاختلاف والتدافع سمة من سمات التكوين الإلهي للوجود. وفي سورة البقرة- الآية 251: «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ» وهنا التدافع أداةٌ لحفظ النظام وتحقيق العدل، ومنع الفساد الناجم عن غياب التوازن في التركيب الاجتماعي.
إن حاضرنا الاجتماعي يشير إلى تمترس مقولات الفُرقة والتشتت، وشواهدها مظاهر التفكك وغياب التعاون باعتباره آلية طبيعية في السياق الاجتماعي، ولو فحصنا بصورة محايدة ظواهر الصراع في مجتمعاتنا العربية فإننا لنجدها تعود إلى الرؤية الخلدونية المؤبدة لفكرة أن التنوع يهدد الوحدة، وبالطبع ليست جريرة عبدالرحمن بن محمد الحضرمي (ابن خلدون) بل الأزمة فينا، حين غابت لدينا النظرة التاريخية لتراثنا، وتركب الظن بأن مقولات تنتمي إلى القرن الرابع عشر الميلادي تصلح لإدارة راهنٍ اجتماعيٍّ مختلف التكوين. وكم من المفكرين الآخرين جعلناهم رهائن بسبب اقتطاعنا مقولاتهم وتدمير سياقها على نحو مؤذٍ، كما حدث مع ابن خلدون، ونتحمل تبعات هذا الأذى في صورٍ شتى لمشكلات نواجهها بعقل يخاصم النقد، ووجدان يتمزق بين التراث والواقع، ولا حل لنا سوى الاعتراف بالتنوع الثقافي، وهو ليس اعترافًا فقط، بل تمكين له في السياق، إن المطلوب من هذه المجتمعات أن تثق في تنوعها، وأن تُحسن توظيفه على أساس من تدافع صانع للتوازن، وهذا ما سيخلصها من الجمود الفكري القائل بأن التعدد الثقافي عائقٌ مركزيٌ في بناء الجماعة الثقافية.
إن دعوتنا لصالح بناء مجتمع تعاوني، تبادلي، متماسك الأطراف، تتطلب أن تقوم مؤسساتنا الثقافية بهندسة سياسات إصلاحية، وذلك لأجل استعادة التوازن بين الفردي والجمعي، والحفاظ على وحدة الوعي والوجدان، ولكي تنجو مجتمعاتنا من الفرقة المؤجِّجة للصراع، فإن واجبها إحسان إدارة التنوع الثقافي ما سيحمي وحدتها الوطنية، ويوفر لها أسبابًا للتقدم والنهضة.
وهنا لنبحث عن ابن خلدون الآخر، وليس المؤبد في مقولات زمنه الاجتماعي، ابن خلدون المستقبلي والذي قال: «الإنسان مدنيٌّ بالطبع، لا يقوم كمال وجودِه إلا بالتعاون».
غسان علي عثمان كاتب سوداني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أن التنوع ابن خلدون
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يفتتح المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء.. ويؤكد: الخوارزميات تحوَّلت إلى أداة قتل في غزة
افتتح الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء، الذي يُعقد هذا العام تحت عنوان: «صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي».
ورحَّب مفتي الجمهورية بالضيوف من مختلف دول العالم، مُعبِّرًا عن اعتزازه الكبير بالرعاية الكريمة التي يُوليها فخامةُ الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا الحدث العِلمي المتميز، مؤكدًا أنَّ الرعاية تمثل دعمًا مستمرًّا من القيادة السياسية لمسيرة الإفتاء الرشيد، وتهيئة بيئة علمية متقدمة تُعِدُّ جِيلًا جديدًا من المُفْتينَ القادرين على مواكبةِ التحولات الرَّقْمية وتِقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأوضح مفتي الجمهورية أنَّ العالم اليوم يشهد تحوُّلات غير مسبوقة بفِعل ثورة الذكاء الاصطناعي، التي أثَّرت بشكل جذري على مختلف المجالات، مثل الطب والتعليم والإدارة، وفتحت آفاقًا جديدة للبحث العلمي وتطوير العمل المؤسسي، ولكنه شدَّد على أنَّ هذه التطورات التقنية تستوجب توظيفًا مسؤولًا يخدم الإنسانية، خصوصًا في مجال الفتوى التي تتطلَّب توازنًا دقيقًا بين المرجعية الشرعية وأدوات العصر الرقمي. وأشار إلى أن الخطر يكمن في برمجة الفتوى دون ضوابط دقيقة، ما قد يحوِّل الدينَ من خطابِ هدايةٍ إلى خطابٍ ماديٍّ جامد، ينفصل عن روحه وأهدافه.
وطرح المفتي مجموعةً من الأسئلة الفقهية الجوهرية المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الفتوى، مثل قدرة الآلة على فَهْم تعارض النصوص، ومراعاة النيَّات الإنسانية، والسياقات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، وأَثَر اختلاف الزمان والمكان في صياغة الفتاوى، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعيَّ يجب أن يكون أداة مساعدة للمفتي، لا بديلًا عنه، بحيث يظل المفتي هو صاحب الرؤية المسؤولة، المبنية على خشية الله وبصيرة القلب وحكمة المقصد.
وشدَّد مفتي الجمهورية على أهمية تطوير الفتوى لتواكب تحوُّلات العصر الرقْمي، حيث لا يكفي أن تكون دقيقة فحسْب، بل يجب أن تحمل ضميرًا حيًّا ووعيًا أخلاقيًّا، مؤكدًا دَوْرَ المؤسسات الدينية في وضع أُطُرٍ رقابية وأخلاقية صارمة لإدارة نُظم الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى، عبر إشراف هيئات علمية متخصصة تضم علماء شرعيين وخبراء تقنيين وفلاسفة الشريعة، لضمان شرعية المُخرجات وموثوقيتها.
في السياق ذاته أوضح الدكتور نظير محمد عيَّاد أن إدماج تِقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى لا يمكن أن يكون بديلًا عن المفتي الرشيد، وإنما وسيلةٌ لتوسيع أدواته وتعزيز وعيه بمتغيرات العصر، محذرًا في الوقت ذاته من مخاطر استحواذ الخوارزميات الجامدة على مرجعية الفتوى الدينية، وما قد يترتب على ذلك من ترويج لأقوال شاذة، وتشويه للوعي الديني، وفصلٍ للنصوص عن مقاصدها الشرعية والأخلاقية. كما أكَّد أن التعامل مع الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى ينبغي أن يكون بحذر عميق، وأن يظلَّ مرتبطًا بمركزية الإنسان بوصفه فاعلًا أخلاقيًّا ومجتهدًا مسؤولًا أمام الله والتاريخ، مشددًا على أنَّ الأنظمة الذكية لا تملك خشية الله، ولا بصيرة القلب، ولا حكمة المقصد، وهي الأركان الأساسية التي تقوم عليها صناعة الفتوى الرشيدة.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أنَّ الذكاء الاصطناعي قد يكون مفيدًا في المراحل التحضيرية للعملية الإفتائية، لا سيما في تصوير المسائل، وتحليل أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وجمع النصوص وتنظيمها، لكنه لا يملك صلاحية إصدار الحكم الشرعي الذي يظل منوطًا بالمجتهد الرشيد، القادر على الترجيح بين الأدلة، ومراعاة سياقات النوازل، لافتًا النظرَ إلى أنَّ من أبرز التحديات التي تواجه الفتوى في هذا العصر الرقمي هو ما يُعرف بـ"هلوسة الذكاء الاصطناعي"، حيث قد تنتج هذه النماذج فتاوى مختلقة بصياغة مقنعة، ما يُظهر ضرورة أن تظل المؤسسات الدينية حارسةً لشرعية الوعي، وقائدة لعَلاقة واعية بين النص والآلة.
ودعا نظير محمد عيَّاد إلى ضرورة بناء نماذج ذكاء اصطناعي شرعية، مدرَّبة على قواعد الاستنباط، والضوابط اللُّغوية، وفهم المقاصد الشرعية، مع ضرورة إخضاعها لإشراف علمي مشترك بين علماء الشريعة وخبراء الذكاء الاصطناعي وفلاسفة المقاصد، مشيرًا إلى أهمية إنشاء مِنصَّات رقْمية موثوقة للفتوى تخضع لمراجعة مستمرة من لجان شرعية مؤهَّلة، ويُحدَّد لعملها ميثاق أخلاقي خاص، على غرار ما هو معمول به في المجالات الطبية والقضائية.
وفي جزء مؤثر من كلمته، ركَّز مفتي الجمهورية على ما تتعرض له غزَّة من عدوان ممنهج، قائلًا: "إنَّ غزة اليوم ليست مجرد بلد منكوب يُعاني الجوع والتشريد وبطش الاحتلال، بل هي اختبار حقيقي لنبض الفقه، ومرآة لصدق كلمة الفتوى، وصيحة مظلومين لا يجوز أن تغيب عن ضمير الأمة".
وأشار إلى أن الفتوى في جوهرها ليست محصورة في مسائل العبادات، بل هي أداة لبناء الوعي، وغرس قيم العزة والكرامة والدفاع عن الأرض، داعيًا المُفتينَ والعلماء إلى عدم الصمت إزاء المظالم التي يتعرض لها أهل غزَّة. وفي هذا السياق، كشف فضيلة المفتي عن توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل مروِّع في استهداف سكان غزَّة، موضحًا أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدمه لتحليل الصور والتنبؤ بالتحركات واستهداف الأحياء بدقَّة قاتلة، ما أسفر عن سقوط آلاف الضحايا وتدمير البنية التحتية، وقال: "إن هذا المشهد يبرز خطورة التقنية إذا انفصلت عن القِيَم، ويؤكد الحاجة إلى وضع ميثاق عالمي يضبط استخدامات الذكاء الاصطناعي على أساس العدل والرحمة، وصيانة الكرامة الإنسانية"، مؤكدًا أن التقدم التقني إذا لم يصحبه ضمير أخلاقي، تحوَّل إلى أداةِ قمعٍ وعدوان.
كما وجَّه الدكتور نظير عيَّاد نداءً إنسانيًّا إلى أصحاب الضمائر الحيَّة في الشرق والغرب، قائلًا: "ارحموا عجزَ أهلِ غزَّة، فإنَّ لهم عند الله موقفًا يُقتصُّ فيه من الطغاة الذين سفكوا دماءهم ودمَّروا بيوتَهم، وشرَّدوا مَن بَقِيَ من أطفالِهم ونسائِهم وشيوخِهم". كما وجَّه تحيةَ إجلالٍ لأهل غزة الصامدين، القابضين على جمر الكرامة، وبشَّرهم بأنَّ النصر آتٍ لا محالة، وإن تأخرت بوادرُه أو بعدت أسبابُه.
وفي خلال حديثه عن الموقف المصري، أكَّد مفتي الجمهورية أنَّ مصر ما زالت تؤدي واجبها التاريخيَّ تجاه القضية الفلسطينية بوَعْيٍ وشرف، على الرغم من الهجمة الشرسة التي تستهدف دَورها، مشيرًا إلى أن القيادة المصرية رفضت بكلِّ وضوح محاولات تهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم، وتمسَّكت بحقوقهم الثابتة في وجه الابتزاز السياسي، في موقف سيخلِّده التاريخ بمِداد الشرف والكرامة.
وفي ختام كلمته، توجَّه المفتي بالشكر إلى السادة العلماء والوزراء والمُفتين المشاركين في المؤتمر، كما عبَّر عن تقديره العميق للجهات الرسمية والتنفيذية والإعلامية التي ساهمت في نجاح فعاليات المؤتمر.
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية يستقبل مفتي القدس والديار الفلسطينية للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء
«تصعيد خطير».. مفتي الجمهورية يدين قرار الوزراء الإسرائيلي باحتلال قطاع غزة
مفتي الجمهورية يستقبل سفير كازاخستان ويشيد بمتانة العلاقات بين البلدين