مايو 13, 2025آخر تحديث: مايو 13, 2025

المستقلة/- تواجه وزارة الموارد المائية في العراق تحديًا كبيرًا في التعامل مع أزمة شح المياه التي تعصف بالبلاد، حيث وصفت الوزارة الوضع الحالي للخزين المائي بالصعب للغاية، وأشارت إلى أن العراق يسجل أعلى نسب هدر مائي على مستوى العالم. في الوقت الذي أعلنت فيه الوزارة عن اتخاذ إجراءات لتعزيز نهري دجلة والفرات من خزين بحيرة الثرثار لتجاوز الأزمة، أكد المسؤولون أن الوضع قد يتفاقم بشكل أكبر في السنوات القادمة.

العوامل المسببة للأزمة

تشير التقارير إلى أن التغير المناخي والتراجع الكبير في إمدادات المياه من دول المنبع هما من أهم العوامل التي ساهمت في تفاقم أزمة المياه في العراق. وفي هذا السياق، أكدت تقارير للأمم المتحدة أن العراق قد يواجه عجزًا كبيرًا في موارد المياه، حيث من المتوقع أنه بحلول العام 2035، لن تستطيع أنهار العراق تلبية أكثر من 15% من احتياجاته المائية.

وقال غزوان عبد الأمير السهلاني، مدير الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل في وزارة الموارد المائية، في تصريحات خاصة لصحيفة “الصباح”، إن الوضع الحالي لخزين المياه في العراق يعتبر من أصعب الفترات التي مرّت على البلاد. وأضاف السهلاني أن حصص المياه المقررة بين المحافظات يتم توزيعها بشكل دوري، وتستمر عمليات التوزيع من 1 مايو حتى 1 نوفمبر من كل عام، بهدف ضمان تأمين مياه الشرب وري الأراضي الزراعية.

الوضع المائي في العراق: التحديات والتهديدات

وأشار السهلاني إلى أن العوامل الرئيسية التي ساهمت في نقص المياه هي قلة هطول الأمطار خلال المواسم الماضية، بالإضافة إلى الإفراط في إطلاق حصص المياه خلال الأشهر الأخيرة لتأمين الخطة الزراعية الشتوية. كما توقع السهلاني أن يتم التوصل إلى اتفاق بين وزارتي الموارد المائية والزراعة بشأن الخطة الزراعية الصيفية في الأسبوع المقبل.

هدر المياه في العراق: مشكلة تتطلب تدابير عاجلة

واحدة من أبرز القضايا التي تواجهها العراق هي معدلات الهدر المائي التي تجاوزت المعدلات المقررة عالميًا. وفقًا لتصريحات السهلاني، فإن معدلات الهدر للمياه في العراق تعتبر مرتفعة للغاية، حيث تتجاوز المعدل المقرر في بعض المناطق. إذ بلغت حصة المياه للفرد في بعض المناطق نحو 700 لتر يوميًا، ما يزيد بشكل كبير عن المعدلات المحددة وهي 135 لترًا في القرى والأرياف، و200 لتر في الأقضية والنواحي، و240 لترًا في مراكز المدن.

ويعد هذا التفاوت الكبير في استهلاك المياه من أكبر التحديات التي تواجه الوزارة في الوقت الحالي، ويستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة وعاجلة للحد من هدر المياه وتعزيز الوعي في المجتمع حول ضرورة ترشيد استهلاك المياه.

إجراءات الوزارة لتعزيز الخزين المائي

من أجل مواجهة هذه الأزمة، أكدت وزارة الموارد المائية أنها بدأت بتضخ 140 متر مكعب في الثانية من المياه يوميًا، لتوجيهها إلى نهري دجلة والفرات من خزين بحيرة الثرثار. وتوزع المياه بنسب مختلفة لتعزيز نهر الفرات بـ 80 متر مكعب في الثانية، ونهر دجلة بـ 70 متر مكعب في الثانية. وتشير الوزارة إلى أن إجمالي كمية المياه المخزنة في بحيرة الثرثار في الموسم الشتوي الماضي كانت 500 مليون متر مكعب فقط، ما يشير إلى حجم النقص الكبير في المياه المخزنة.

أفق الحلول المستقبلية

تعد بحيرة الثرثار أحد المصادر الرئيسية التي يعتمد عليها العراق في مواجهة نقص المياه، ولكن مع انخفاض المخزون في السدود والبحيرات نتيجة قلة الأمطار، تزداد المخاوف من تفاقم الوضع في المستقبل. في ضوء هذه التحديات، تتطلب الأزمة اتخاذ خطوات سريعة للتوسع في مشاريع إدارة المياه وتقليل الهدر، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع الدول المجاورة لضمان حصص عادلة من المياه.

ختامًا

تعد أزمة المياه في العراق من أخطر القضايا التي تهدد استقراره الاقتصادي والاجتماعي في السنوات المقبلة. وإذا لم يتم اتخاذ تدابير فعالة وحلول عاجلة لإدارة المياه بشكل أفضل، فإن البلاد قد تواجه مزيدًا من التحديات في المستقبل القريب. ومن هنا تبرز أهمية تعزيز التعاون الدولي وتنفيذ سياسات رشيدة لإدارة الموارد المائية والحفاظ على الأمن المائي في العراق.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: المیاه فی العراق الموارد المائیة بحیرة الثرثار متر مکعب إلى أن

إقرأ أيضاً:

لا سيولة في غزة: أزمة نقدية خانقة تدفع اقتصاد القطاع إلى الهاوية

تفاقمت الأزمة بعد رفض إسرائيل إدخال الأموال النقدية إلى القطاع، رغم الضغوط الفلسطينية والدولية. كما أدى القصف إلى تدمير أو إتلاف معظم فروع البنوك، بل وتعرض بعضها للسرقة، مما أوقف عمليات السحب والإيداع. اعلان

غزة تحت الحصار النقدي: أزمة سيولة خانقة تدفع الاقتصاد إلى الهاوية

 يشهد قطاع غزة أزمة سيولة حادة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث حذرت سلطة النقد الفلسطينية من تفاقم الوضع بسبب تدمير البنوك ومنع إدخال الأموال، مما تسبب في شلل كامل في النظام المصرفي. 

وأكدت سلطة النقد عبر بياناتها أن القصف الإسرائيلي المستمر أدى إلى تدمير العديد من فروع المصارف، بينما تعذر فتح الفروع القليلة المتبقية بسبب انعدام الأمن وانقطاع الكهرباء. وأشارت إلى أن معظم أجهزة الصراف الآلي خرجت عن الخدمة، مما فاقم أزمة السيولة بين المواطنين والتجار. 

زادت حدة الأزمة بعد رفض إسرائيل إدخال الأموال النقدية إلى القطاع، رغم الدعوات الفلسطينية والدولية. كما أدى القصف إلى تدمير أو إتلاف معظم فروع البنوك، بل وتعرض بعضها للسرقة، مما أوقف عمليات السحب والإيداع. 

ونتيجة لذلك، تراجعت حركة النقد في السوق، حيث لجأ المواطنون والتجار إلى تخزين الأموال بدلاً من تداولها، مما عطّل الدورة النقدية الطبيعية وزاد من معاناة السكان وسط شح حاد في السيولة. 

انهيار شبه كامل للنظام المصرفي في غزة: بنك واحد فقط بقي في الخدمة

تعرض القطاع المصرفي في غزة لدمار شامل جراء الحرب، حيث توقفت جميع الفروع المصرفية عن العمل، ولم يبق سوى فرع لأحد البنوك المحلية وسط القطاع، وهو يعمل بشكل محدود جداً على تفعيل الحسابات المجمدة أو غير المفعلة، دون تقديم خدمات السحب أو الإيداع النقدي. 

قبل الحرب، كان في غزة 56 فرعاً مصرفياً و91 صرافاً آلياً تابعاً لـ 13 بنكاً محلياً وأجنبياً (7 فلسطينية، 5 أردنية، وبنك مصري واحد). لكن اليوم، لا يعمل أي صرّاف آلي في كامل القطاع، بعد تدمير البنية التحتية المالية بشكل منهجي. 

ويُذكر أن إجمالي أصول القطاع المصرفي الفلسطيني يبلغ نحو 22 مليار دولار لكن غزة أصبحت شبه معزولة عن هذه المنظومة بسبب تعطيل كافة قنوات التمويل والنقد. 

الدفع الإلكتروني في مواجة السيولة الشحيحة والأوراق النقدية المهترئة

في ظل الأزمة النقدية غير المسبوقة بقطاع غزة، اضطر آلاف المواطنين إلى التحوّل نحو التطبيقات البنكية والمحافظ الإلكترونية لإجراء معاملاتهم اليومية، بعد أن أصبحت الأوراق النقدية المتداولة مهترئة ونادرة بسبب استمرار الحرب. 

يقول المواطن أحمد السيد: "أصبحت المحفظة الإلكترونية ملاذنا الوحيد لشراء الاحتياجات الأساسية، خاصة مع تدهور حالة العملات الورقية التي يتعذر استبدالها". ويضيف: "لكن هذه الحلول تبقى محدودة، فليس كل المحلات تقبل الدفع الإلكتروني، والأسعار فيها غالباً ما تكون أعلى بكثير". 

فلسطينيون يقفون أمام الصراف الآلي في أحد البنوك للمرة الأولى منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في 27 كانون الأول/ديسمبر، لسحب رواتبهم 20 كانون الثاني/يناير 2009. ، AP Photo

وكإجراء طارئ، أطلقت سلطة النقد الفلسطينية نظام المدفوعات والحوالات الفوري بين البنوك وشركات خدمات الدفع، في محاولة لتخفيف معاناة المواطنين الذين يعجزون عن الوصول إلى أموالهم بعد تدمير 98% من البنية التحتية المصرفية في القطاع. 

ورغم هذه المبادرات، تبقى المعاملات الإلكترونية عاجزة عن تعويض النظام النقدي المنهار، حيث: 

- 25% فقط من المحلات التجارية تقبل الدفع الإلكتروني. 

- أسعار السلع عند هذه المحلات تزيد 30-50% عن الأسواق العادية.

- 72% من العائلات لا تمتلك حسابات بنكية قابلة للتفعيل إلكترونياً 

اعلان

هذا التحوّل القسري نحو الاقتصاد الرقمي يكشف فداحة الأزمة المالية في القطاع، حيث تحولت الحياة الاقتصادية إلى مقايضة بين حلول غير كاملة ومعاناة يومية متصاعدة، في ظل استمرار الحصار المفروض على دخول العملات والنقد.

أزمة الصرف: عمولات تصل لـ 40%

تسببت الأزمة النقدية في القطاع في تحول عمليات صرف العملات إلى كابوس يومي للمواطنين والتجار، حيث باتوا يخسرون ما يصل إلى 40% من قيمة أموالهم في ما يسمى بعمليات "التكييش"، وفقاً للخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر. وتعود جذور الأزمة إلى رفض إسرائيل إدخال أي سيولة نقدية منذ بداية الحرب، بالإضافة إلى خروج كميات كبيرة من النقد خلال الأشهر الأولى منها، وتعطيل بروتوكول باريس الاقتصادي الذي كان ينظم حركة النقد. 

ويواجه الغزيون تحديات جسيمة مع تدهور قيمة العملة وانتشار السوق السوداء، حيث أصبحت الأوراق النقدية المهترئة غير مقبولة في التعاملات اليومية، مما أدى إلى تضخم غير مسبوق وفقدان الشيكل لقيمته الشرائية. وفي محاولة للتخفيف من حدة الأزمة، يقترح أبو قمر حلولاً عاجلة مثل الضغط الدولي لإجبار إسرائيل على إدخال سيولة نقدية، وتعزيز الشمول المالي عبر التحويلات الإلكترونية، وإيجاد آلية لاستبدال العملة التالفة. 

لكن هذه الحلول تواجه عقبات كبيرة في ظل انهيار النظام المصرفي حيث أغلقت 98% من الفروع، وغياب الرقابة على الأسعار، وانتشار السوق السوداء التي تستفيد من الأزمة. وبينما يحاول الغزيون الحفاظ على ما تبقى من قيمة لأموالهم، تزداد المعاناة يومياً في اقتصاد منهار يعاني من شح النقد وارتفاع الأسعار، مما يضع السكان أمام تحديات غير مسبوقة في تلبية احتياجاتهم الأساسية.

اعلانRelatedغزة تواجه خطر المجاعة بسبب الحصار: الآلاف يعودون من المطابخ الخيرية بأوعية فارغة فرحة غائبة وموت مؤجّل... كيف يستقبل سكان غزة أجواء عيد الفطر؟في مستشفيات غزة لا دواء ولا غذاء.. المرضى يصارعون الجوع في ظل حصار إسرائيلي خانقيتامى غزة في وقفة احتجاجية ضد سياسة التجويع: دعوات لرفع الحصار وإدخال المساعداتأزمة السيولة تحوّل الحياة الاقتصادية في غزة إلى كابوس يومي

في مشهد يعكس عمق الأزمة النقدية التي يعانيها قطاع غزة، يتحدث مهنيون عن معاناتهم اليومية مع شح السيولة وارتفاع عمولات "التكييش" التي وصلت إلى 45%، وفق قولهم مما أجبرهم على اللجوء للحلول الإلكترونية مع ما يرافق ذلك من تحديات جديدة.

إذ يصف طبيب الأسنان حازم أبو معيلق الوضع بالقول: "اضطررنا في العيادة للتحول كلياً نحو التطبيقات البنكية والحوالات الداخلية هرباً من أزمة التكييش، لكن هذا ليس حلاً مثالياً". ويوضح أن شركات توريد المستلزمات الطبية ترفض التعامل إلكترونياً، مما يضطره لدفع الكاش بأسعار أعلى بنسبة 30-50%، وهو ما ينعكس بدوره على تكلفة العلاج للمواطنين.

من جانبه، يكشف الصيدلاني براء البنا عن معاناة مماثلة: "نواجه صعوبات جمة في سحب الأموال بعمولة تصل إلى 45%، مما اضطرنا للتعامل بالتطبيقات الإلكترونية". ويشير إلى أن هذا الوضع تسبب في ارتفاع أسعار الأدوية، في وقت يعاني القطاع الصحي أصلاً من منع إسرائيل إدخال المستلزمات الطبية منذ مارس الماضي بعد استئناف إسرائيل هجماتها العسكرية على قطاع غزة.

أما محمد مهدي، بائع أجهزة إلكترونية، فيروي كيف تحول إلى التعامل الإلكتروني قسراً: "أصبح الحصول على أقل قدر من السيولة النقدية أشبه بالمستحيل". بينما يصف محمد تايه- بائع مواد تموينية - التحويلات الإلكترونية بـ "المال الميت" الذي لا يمكن الاستفادة منه بشكل كامل بسبب صعوبة تحويله إلى نقد.

اعلان

في محاولة منا لتتبع خيوط أزمة السيولة الخانقة، بذلت يورونيوز جهوداً حثيثة للاتصال بعدد من صرافي العملة في قطاع غزة، إلا أن جميعهم امتنعوا عن الإدلاء بأي تصريحات أو إفادات حول: 

- آلية تحديد نسب التكييش.

- مصادر توفير السيولة في ظل الحصار الشامل.

- طرق التعامل مع العملة التالفة والمهترئة. 

اعلان

"يعمل سوق الصرافة في غزة حالياً ضمن ما يشبه الاقتصاد الخفي، حيث تتم معظم العمليات بشكل غير رسمي خوفاً من الملاحقة، مع وجود شبكات متخصصة في توفير العملة الصعبة بأسعار خيالية".

هذا الصمت يكشف جزءاً من تعقيدات الأزمة التي تحولت فيها عمليات صرف العملات إلى سوق موازٍ تتحكم فيه قوى غير مرئية، ترفض الكشف عن أسرارها رغم المعاناة اليومية لسكان القطاع.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • باكستان تحذر من حرب مع الهند بسبب أزمة المياه
  • عاجل- الأمم المتحدة تحذر من أزمة غذائية وصحية حادة في غزة
  • الموارد تطمأن العراقيين حول الوضع المائي
  • وزير الطاقة يبحث مع القائمة بأعمال السفارة النرويجية بدمشق التعاون ‏المشترك في مجالات الكهرباء والموارد المائية
  • وزير الموارد: تركيا تجاوبت مع طلب العراق بدفع كميات كافية من المياه في الصيف
  • لا سيولة في غزة: أزمة نقدية خانقة تدفع اقتصاد القطاع إلى الهاوية
  • أصوات من غزة.. تفاقم أزمة بنوك الدم وتأثيرها على حياة المرضى
  • العراق: هبوط كبير في منسوب المياه
  • تفاقم أزمة الغاز المنزلي تزيد من معاناة المواطنين في شبوة