وليد الخفيف

التغيير هو الثابت الوحيد في مسار حياتنا؛ فمخاوف التغيير تمثل فشلًا محتملًا وخسارة مؤكدة، في حين أن أَلَمَ التغيير وتكاليفه أهون بكثير من ثمن الجمود والبقاء في المكان ذاته؛ فقطار العمر يمضي، والسنوات تتعاقب، فيما يشهد الدوري المحلي تراجعًا ملحوظًا؛ حيث هجرت الجماهير المدرجات بسبب تدنّي مستوى المنافسة، ولم يكن التتويج باللقب مُتناسبًا مع حجم الميزانيات المنفقة؛ بل إن الهبوط إلى الدرجة الأولى لم يعد شبحًا مُخيفًا للأندية؛ بل أضحى سبيلًا للهروب نحو تجميد النشاط الكروي!

وفي ظل هذا الواقع، تغيب بوادر الأمل في الأفق القريب مع استمرار الوضع الراهن دون تدخل إصلاحي حقيقي؛ فالدرب مظلم، ولا يظهر بصيص نور نهتدي به، حتى يأتي التغيير حاملًا معه مشاعل الأمل؛ ليضيء طريق الإصلاح ويقذف بأفكار الماضي البالية إلى أعماق النسيان، ولعلّ في استثمار الإمكانات المتاحة دليلًا عمليًا يمكن أن يُعيد كرة القدم العُمانية إلى موقعها الصحيح، كعنوان مشرق واسمٍ مرموق على الساحة الإقليمية والدولية.

وفي خضم الجدل بين التنظير والفتاوى والتربص، تشكّلت شبكة مُعقَّدة من المصالح والمفاهيم المختلطة ذات المردود الضعيف؛ حيث أدلى كل طرف بدلوه في بئر مليء بالملح، لعله يجد حلًا لطلاسم الدوري العقيم. لكنَّ تجاوز الواقع المرير يتطلبُ مشروعًا وطنيًا مُتكاملًا، ترتكزُ قاعدته على الوزارة، ويقوم على ضلعيْ الاتحاد والأندية، وذلك "الثالوث" هو الذي يُشكِّل ركيزة الإصلاح الحقيقي.

ويظهر الفارق جليًا بين تنظيم المسابقة وتطويرها؛ فتنظيمها من صميم مسؤوليات الاتحاد، عبر توفير البنية الرياضية المناسبة بالتنسيق مع الوزارة، وإصدار الجداول الزمنية، وضمان جودة عمل اللجان المختصة؛ كالتحكيم، والمسابقات، والرابطة، والانضباط، والاستئناف، مع تطوير الكوادر البشرية من حكام ومدربين وإداريين، أما تطوير المستوى الفني داخل الميدان، وتبقى مسؤولية الأندية على نفقة الوزارة والاتحاد في مرحلتها الأولى، في ظل تراجع دور الشراكة مع القطاع الخاص، إلى أن تتجاوز الأندية فترة النقاهة وتتمكن من صنع منتجها لتتولى مسؤولياتها تجاه جودة المنتج الرياضي.

ورغم أن الأندية معنية بصناعة اللاعبين وتحسين مستوياتهم، إلّا أن الواقع يُظهر ضعف قدرتها على ذلك، نتيجةً لمحدودية الموارد المالية وغياب الحوافز المرتبطة بمخرجات المسابقة؛ فالمطالبة برفع المستوى الفني تبدو عبثية إذا كانت مكافأة البطل لا تغطِّي إلّا نسبة ضئيلة من ميزانيته السنوية.

ورغم قسوة الواقع، إلّا أن المشهد ليس قاتمًا بالكُلية؛ فالحلول مُتاحة، ولكننا لم نخُض غمار  التغيير، الذي يحتاج إلى قرارٍ شجاع؛ فمرتكزات النجاح متوافرة، ومؤشرات الإنجاز عالية في بلدٍ كبير يزخر بالمواهب الرياضية، ويملك بنية اساسية ورياضية جيدة، ويحف ربوعها الأمن والاستقرار، ويزخر بالموارد البشرية والطبيعية. كما إن حُسن إدارة الأموال، وإعادة ترتيب الأولويات، وتطبيق مبادئ الحوكمة، والجودة، والاستدامة، كلها عوامل مجتمعة تُمثِّل حلًا فاعلًا، يمكن من خلاله تحقيق القيمة المضافة.

ورغم أن الدولة تُولي الرياضة اهتمامًا كبيرًا، كما تؤكد ذلك البيانات الرسمية، فإن الحاجة ماسة إلى تحديد الأولويات، خصوصًا فيما يتعلق بالموازنات المخصصة لاستضافة الفعاليات الرياضية؛ فبعض هذه الاستضافات تستهلك ميزانيات ضخمة دون عائد فني أو اقتصادي ملموس، ما يقتضي مراجعة أجندة الاستضافات وتقييم جدواها وفق مقتضيات المرحلة الراهنة، وقد يكون من الأنسب إلغاء بعض هذه الفعاليات، وتوجيه مواردها نحو دعم الدوري المحلي، الذي يُمثل الواجهة الحقيقية للرياضة العُمانية، والنقطة المحورية لتجويد المنتج الرياضي بدءًا من النادي وانتهاءً بالمنتخبات الوطنية، مع تعزيز الرقابة والتخطيط من قبل الوزارة.

لا شك أن التغيير يحتاج إلى وقت، غير أن تكوين لاعبي الفئات السنية يمثل سبيلًا استراتيجيًا لبناء قاعدة رياضية قوية؛ إذ إن تطوير اللاعبين الكبار أصبح أمرًا صعبًا من الناحية الفنية، نظرًا لتكوّنهم التدريبي المسبق من حيث الجوانب البدنية والمهارية والتكتيكية.

وعليه، فإنَّ الحل المثالي يكمن في التركيز على تكوين البراعم منذ سن مبكرة، وتوحيد المنهجية التدريبية، وربط الأندية بالإدارة الفنية للاتحاد، وتأسيس قاعدة بيانات دقيقة للاعبين، مع تعديل اللوائح بما يضمن حق الأندية في تنشئة اللاعبين، كما ينبغي تنظيم مسابقات قوية ذات مدة زمنية مناسبة وعدد مباريات كافٍ، بحيث توازي ساعات التدريب السنوية للاعب العماني نظراءه من الدول المنافسة.

وكما قال الأديب الروسي فيودور دوستويفسكي: "إذا ركبت القطار الخطأ، حاول أن تنزل في أول محطة؛ لأن تكلفة العودة تزداد كلما طال المسير".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

في مقدمتهم صلاح وفينيسيوس.. مزاد سعودي مفتوح لضم كبار أوروبا

تعيش كرة القدم السعودية فترة من الحراك غير المسبوق في سوق الانتقالات، مع تزايد التقارير العالمية التي تؤكد وجود مفاوضات جادة، وإن كانت غير رسمية حتى الآن، بين أندية دوري روشن للمحترفين وعدد من أبرز نجوم الدوريات الأوروبية.

رحيل صلاح المحتمل عن ليفربول… "تليجراف" البريطانية: لا وداع في الأنفيلد لحماية القيمة السوقية

وتعمل الأندية الكبرى في الدوري – الهلال، النصر، الاتحاد، والأهلي – على بناء فرق قادرة على المنافسة قارياً وعالمياً، في ظل المشروع الرياضي المتسارع الذي بدأ يغيّر خريطة كرة القدم في المنطقة.

وبحسب مصادر صحفية متعددة، فإن الأسماء المطروحة على طاولة المفاوضات ليست مجرد صفقات عادية، بل نجوم من العيار الثقيل ممن يملكون تأثيرًا مباشرًا على منتخباتهم وأنديتهم، ما يعكس حجم الطموح الذي يرافق خطة تطوير دوري روشن.

ويبرز في مقدمة الأسماء المطروحة النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور، لاعب ريال مدريد، والذي يعد واحدًا من أفضل أجنحة العالم في الوقت الحالي. ورغم عدم وجود أي تأكيد رسمي من النادي الإسباني، إلا أن بعض التقارير رجّحت اهتمام نادي الاتحاد وأيضًا النادي الأهلي ببحث إمكانية ضمه، لما يمكن أن يقدمه اللاعب من إضافة هجومية استثنائية، خصوصًا مع مهاراته الفردية وقدرته على صناعة الفارق في المباريات الكبرى.

كما عاد اسم النجم المصري محمد صلاح إلى الواجهة، إذ تردد أن نادي الهلال يراقب وضع اللاعب مع ليفربول بترقب كبير، مع تقييم كل الاحتمالات المتاحة قبل اتخاذ خطوة رسمية. ورغم ارتباط صلاح بعقد يمتد حتى 2027، إلا أن مستقبل اللاعب ظل موضع نقاش داخل الدوائر الإنجليزية، في ظل اهتمام سعودي مستمر منذ الموسم الماضي.

ويضاف إلى القائمة النجم البرتغالي برونو فيرنانديز، لاعب مانشستر يونايتد، والذي أصبح هدفًا محتملًا لنادي النصر. 

ويُنظر إلى فيرنانديز باعتباره أحد أفضل لاعبي الدوري الإنجليزي في صناعة الفرص، ولذلك فإن ضمه سيُعد إضافة نوعية لأي فريق يسعى للسيطرة على وسط الملعب.

أما المفاجأة، فكانت اسم اللاعب الإسباني رودري، أحد أعمدة مانشستر سيتي في أكبر إنجازات النادي. وتشير تقارير متداولة إلى احتمال انتقال اللاعب إلى أحد الأندية الصاعدة حديثًا من دوري يلو، في خطوة قد تكون الأكبر في تاريخ الأندية الصاعدة في المنطقة.

ورغم أن جميع هذه الأسماء ما تزال في مرحلة الشائعات والتكهنات، فإن ما يجمعها هو أن دوري روشن بات وجهة مرغوبة لنجوم الصف الأول، وأن سوق الانتقالات المقبل قد يشهد تغييرات ضخمة قد تعيد تشكيل ميزان القوى داخل البطولة.

مقالات مشابهة

  • الرابحون والخاسرون من ربع نهائي كأس العرب 2025
  • مختص يوضح أخطاء المتدربين في الأندية الرياضية ومخاطرها
  • برج الجوزاء حظك اليوم السبت 13 ديسمبر 2025.. لا تعاند التغيير
  • الأونروا: نملك إمدادات لمليون و300 ألف نازح خارج غزة والاحتلال يمنع دخولها رغم السيول والدمار
  • رئيس جامعة العاصمة بحلوان يكشف حقيقة التغيير في كلياتها | خاص
  • آيات أباظة تتصدر تريند جوجل: رحلة شجاعة نحو التعافي من السرطان تتفاعل معها الجماهير
  • مصطفى بكري ناعيًا النائب الراحل أحمد جعفر: مجلس النواب فقد نائبًا وطنيًا خدومًا ولا نملك إلا الدعاء له
  • في مقدمتهم صلاح وفينيسيوس.. مزاد سعودي مفتوح لضم كبار أوروبا
  • الجامعة الأمريكية تحتفل باختتام برنامج قيادة التغيير في المنظمات الديناميكية
  • في غياب الهلالي…الركراكي يعلن قائمة اللاعبين المشاركين في كأس أمم أفريقيا