حسين نجار.. صوت إذاعي من الزمن الجميل
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
هو أحد نجوم الإذاعة السعودية، بل أحد نجوم الإذاعات العربية يوم كانت الإذاعات تعيش عصرها الذهبي، وكان المذيعون من أصحاب الثقافة العالية، والأصوات المتميزة، والأداء الرصين الواثق، فضلًا عن ارتباط أصواتهم ببرامج تُعدّ اليوم من كنوز التراث الإذاعي الخالد، ومن منا لايتذكر: عباس غزاوي ويحى كتوعة وبدر كريم وعبدالرحمن يغمور وعبدالله راجح ومحمد صبيحي ومحمد الشعلان وعبدالرحمن الشبيلي وماجد الشبل وغالب كامل .
لقد تفتحت آذاننا على الإذاعة السعودية في السبعينيات الهجرية ومابعدها، وسعدنا بقضاء أوقات من المتعة والجمال والثقافة الرفيعة مع برامجها يوم كانت الإذاعات تتسيد المشهد الإعلامي قبل انتشار التلفزيون، وتعيش عصرها الذهبي ببرامجها التنويرية والثقافية، وظلت كذلك لفترات محتفظة بوهجهها وجاذبيتها التي لاتقاوم.
وترتبط شهرة الاستاذ الدكتور (حسين نجار) في الإذاعة ببرامجه الاجتماعية
والثقافية، وفي ظني أن كل البرامج التي قدمها حسين نجار، ماكان لها أن تحقق ماحققته من رواج وشهرة إلا بفضل الله، ثم بفضل عدة عوامل من أهمها ارتباطها بصوته الهادئ الرصين الواضح النبرات الذي يجذب المستمع للانصات إليه بشغف شديد ومتعة حقيقية، ترفدها ثقافة عالية وحب للعمل، فضلا عن تمكُّن ومستوى رائع ورفيع في اللغة العربية.
اسمه الكامل حسين محمد بن يعقوب نجار، ولد بمكة المكرمة عام 1363هـ الموافق 1944م، ولدخوله بوابة الإذاعة السعودية قصة تروى: فقد كان شغوفاً بالإذاعة المدرسية منذ أن كان طالبا في المرحلة الابتدائية، وكانت موهبته محل إعجاب مدرسيه وزملائه، وكان يتم اختياره ليشارك في تقديم بعض فقرات الحفلات الختامية السنوية التي جرت العادة على إقامتها سنويا في المدارس. وكان عام 1964 نقطة تحول كبير في حياته حين شارك في تقديم بعض الفقرات في حفل رياضي في مكة المكرمة، وكان من بين الحضور الاستاذ زاهد قدسي المعلم والتربوي القدير والمعلق الرياضي المعروف الذي أحسَّ بأن هذا الشاب يملك موهبة اذاعية تسندها لغة عربية سليمة وصوت جهير، فذهب به إلى الإذاعة في بداية العام 1965.. فعمل بها متعاونا، ثم موظفا بها بعد أن نقلت خدماته إليها من وزارة المعارف وكان برنامج[ حدائق منوعه]، أول برنامج يقدمه عبر إذاعة البرنامج الثاني، كما قدم عبر سنوات عمله العديد من البرامج الثقافية والعلمية والاجتماعية،اضافة لتقديم نشرات الأخبار الرئيسية والتغطيات الإعلامية البارزة، وبعد تقاعده استمر في العمل الاذاعي ومحاضرا متعاونا مع معهد الإدارة العامة في مدينة جدة، وكلية الإتصال والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز والمركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني في دمشق وجهاز إذاعة وتلفزيون الخليج.
ولعلنا نقول إن آلاستاذ حسين نجار أحد العصاميين الذين عملوا بجد واجتهاد ودون كلل من أجل الوصول إلى الهدف المنشود مهما طال الزمن، وازدادت العقبات؛ فمَنْ جَدَّ وَجَدْ، ومَنْ زَرَعَ حَصَدْ، ومن سارَ على الدّرْبِ وَصَلْ”، وبعد أن أتم المرحلة الابتدائية، التحق بالمدرسة المتوسطة، ولكنه غادرها بعد السنة الأولى، والتحق بمعهد المعلمين بمكة المكرمة، وبعد تخرجه من المعهد، عمل معلما لمادة اللغة العربية في نفس المدرسة التي تخرج منها، ثم واصل دراسته في الفترة المسائية وأصبح معلما نهارا وتلميذا ليلا، وأكمل تعليمه الثانوي والجامعي حتى تخرج من جامعة الملك عبد العزيز تخصص إدارة أعمال، ثم ابتعث للدراسة في أمريكا والتحق بجامعة “ميزوري” وحصل منها على الماجستير والدكتوراة.
يقول عنه زميله الاذاعي القدير الأستاذ عدنان صعيدي في كتابه «على موجة طويلة»: حسين نجار وُلِد مذيعًا بما وهبه الله من صوت ملفت مميز، وهو ممَّن يستطيع أن يدخل الإستديو دون نص، ولم أره يومًا في النقل المباشر للصلوات، والمناسبات يقرأ من ورقة، بل يرتجل بتمكن صوتًا وأداءً ولغة.
ويصفه الدكتور عبدالله المغلوث قائلا :” إنه كوب القهوة الوحيد الذي أرتشفه من دون سكر، إنه الصوت الذي يسافر معنا إلى كل مكان منذ 15 عامًا، و يملؤنا طمأنينة وهو يتلو دعاء السفر بخشوع، على متن طائرات الخطوط السعودية كلما ربطنا الحزام ورفعت الطائرة أصابعها عن الأرض واتجهت نحو السماء.
إنه الصوت المهيب الذي يأتي في تمام الساعة الثامنة وأربعين دقيقة مساء كل اثنين وأربعاء وخميس على موجات إذاعة البرنامج الثاني، يعمل 11 ساعة متواصلة منذ 5 عقود دون تبرم، دون أن تفارقه ابتسامته التي تحول ثغره إلى غابة لؤلؤ.
وعن الدور الكبير الذي لعبه رواد العمل الإعلامي من الأدباء والمثقفين في مد يد العون له ولزملائه، يقول حسين نجار: لقد كنا ننهل من معينهم، ونستفيد من ثقافتهم الموسوعية، فلا يضيقون بكثرة استفساراتنا واستشاراتنا، لذا فإني استشعر الشموخ الكبير أمام هؤلاءالرواد، الذين شجعونا، فتحولت الإذاعة إلى خلية نحل من الأدباء والفنانين الذين يبذلون الوقت والجهد حرصًا على إرضاء المستمع.
حفظ الله الأستاذ الدكتور حسين نجار الرجل العصامي الذي أحب عمله، وأخلص له في كل موقع.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: عبدالعزيز التميمي
إقرأ أيضاً:
"محمد حسين هيكل مؤسس الرواية العربية".. لقاء حواري بثقافة الفيوم
نظمت إدارة الثقافة العامة بفرع ثقافة الفيوم برئاسة ياسمين ضياء لقاء حواري بعنوان محمد حسين هيكل مؤسس الرواية العربية، ضمن برامج الهيئة العامة لقصور الثقافة .
شارك في اللقاء الروائي احمد قرني، والكاتب والمفكر عصام الزهيري، والروائي احمد ابراهيم، وإدارة الدكتور محمد جبر بحضور عدد من المفكرين والمثقفين والأدباء.
"هيكل صاحب أول رواية عربية فنية".. ضمن نقاشات ثقافة الفيومبدأ الدكتور محمد جبر اللقاء بوصف الدكتور محمد حسين هيكل بأنه صاحب اول رواية عربية فنية ويعني هذا انه كان قبلة وقبل رواية زينب روايات عدي من اكثر من ثمانين عام ولكنها كانت روايات غير فنية بمعنى انها لا يتحقق فيها شروط الرواية الفنية الحديثة، ثم قدم الروائي احمد قرني والذي بدأ حواره بانه لأسباب لا نعرفها تم تجاهل محمد حسين هيكل كثيرا لكن هو صاحب اشهر رواية او أول رواية وان كان هناك باحثون ونقاد لهم راي يخالف انه صاحب أول رواية عربيه وتعددت أيضا فيها وجهات النظر لكن الاهم هو لماذا كتب هيكل هذه الرواية وهو الأمر الذي افصح عنه هيكل انه عندما سافر الى فرنسا للحصول على الدكتوراه تاثر بما رآه في فرنسا من رقي وتحضر ولكنه عندما عاد إلى مصر والريف المصري قال في مقدمة روايته بأنه حاول ان يقدم الريف المصري بجماله وروعته مضاهيا بذلك الحضارة الغربية، اي انه لم يكن يشغله فكرة كتابة روايه بقدر ما كان يشغله كان كيف يمكن ان يقدم الحضارة المصريه والريف المصري بجماله الساحر بما يضاهي الحضارة الغربية، واوضح ايضًا ان هيكل قال انه لم يقدر ان يكتب الرواية بإسمه وكتبها بإسم مستعار وهو فلاح مصري طوال عشر سنوات ولم يكن يتوقع ان تحدث كل هذا الإهتمام والضجيج.
ثم انتقل الحديث بعد ذلك الى الكاتب والمفكر عصام الزهيري وبدأ الحديث بان هيكل هو مؤسس الرواية المصرية بروايته زينب بل وانه بكتابه عن جان جاك روسو هو مؤسس الكتابة بما يسمى علم الإستغراب والكتابة عن شخصيات مهمه وبكتابه حياة محمد هو مؤسس الكتابة في الإسلاميات وعند التعمق في الدراسات التي كتبها هيكل نجد الخصوصيه الريادية فيها واعطى مثال عن كتابه حياة محمد بانه كان فاتحه لطوفان من الكتابة في الإسلاميات بعده واعتمد على كتابة رؤيه متماسكه في كتابة شخصية النبي محمد لن تجدها في كتب التراث الإسلامي، مؤكدًا على ان هيكل ارتبط بمدرسة الجريدة وانه كان من كتاب الجريدة التي اسسها لطفي السيد كلسان حال حزب الأمة وان هذه الجريدة كانت مدرسة في الثقافة المصريه وذلك لان لطفي السيد حولها من جريدة تعبر عن حزب سياسي الى مدرسه فكرية فنجد معظم المفكرين الكبار في هذه الفترة هم من خريجي مدرسة الجريدة واوضح ان المبدأ والشعار الأساسي للجريده كان الوطنية المصرية شعار مصر للمصريين.
واكمل حديثه بأنه لا نستطيع القول بأن رواية زينب هي أول رواية فنية مكتملة واوضح ان هناك روايات سابقة على رواية هيكل كانت اكثر اكتمالا من رواية زينب وضرب بعض الامثلة على ذلك وانه لا يتفق مع بعض الآراء التي تصفها بأنها المهمة والاعظم هي لها الفضل في تأسيس الرواية العربية والمصرية فهو غير متفق مع وجهة النظر هذه ولكنه تأثر بالروايه الأوربية وبالفكر الأوربي التنويري وبذلك لا نستطيع ان نقول ان رواية هيكل هي الأولى ولكنها هي المؤسسة للرواية العربية ومن كتبوا الرواية بعد ذلك واكملوا جوانب الرواية تأثروا برواية زينب وختم كلامه بأننا نستطيع ان نقول ان الرواية المصريه خرجت من معطف محمد حسين هيكل برواية زينب.
واكمل الحوار الروائي احمد ابراهيم والذي تناول جانب مختلف وهو الحديث عن الرواية نفسها والسياق الذي يفترض ان هيكل كان يقع تحت تأثيره عندما قرر ان يؤلفها موضحا انه خلال هذه الفتره كان يعيش في فرنسا وان الحنين للوطن هو الذي أثار عنده كتابة هذه الرواية وانه لم يكن يريد ان يكمل هذا التوجه وانها بدافع اهتمامه بقضايا الوطن وكذلك دراسته للحقوق زودت هذا العبء وكذلك حبه وتأثره بجان جاك روسو واحساسه بجمال هذا البلد ومعاناة شعبها ما دفعه لكتابة رواية زينب ثم اعقب ذلك مداخلات من الدكتور محمد سيد عبد التواب والشاعر مجدي احمد، وذلك تحت إشراف وتنظيم سحر الجمال مدير الثقافة العامة.