قصة الوادي الصغير (45) .. الأخيرة
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
حمد الناصري
في ساحة العِزّ، الواقعة أسفل الوادي الأصمّ، وسُمّي بالأصمّ، ساحة تُحيط بها الجبال من جهات ثلاثة وفي قُعرها عُمق، يُعرف ببطن الوادي الأصمّ، تنصبّ مياه السّيل في بطن ساحة العِزّ وتُكوّن حفرة عميقة تظهر كبطن ضخم.
قال الرجال بصوت عالٍ، تردّد على جنبات جبال صلدة شامخة، أصوات تُنادي إلى تكوين حِلف مُستقل عن قيادة الوادي الصغير بزعامة سامر بن علي.
كان نهار اليوم طويلاً على الأمير سامر بن علي وصدى الأصوات لا يزال يتردّد في ساحة العِزّ، وكأنّ حناجر الرجال جاءت من كهوف الجبال العميقة، حقْناً لدماء مجتمع جبال العزّ، الذين أثّرت عليهم الانقسامات وبدوا مُشتّتين ومجيئهم إلى ساحة العِزّ، حفاظاً على سلامة الشيخ سامر بن علي ، لكن جماعة من بني حارث وبني راشد وعزّام وأولاد جنيب وعويس، اتخذت طرفاً معادياً للشيخ سامر بن علي، وتحصّنت على الجبال الشرقية التي تبدو أخفّ صلابة من جبال ساحة العزّ الصمّاء. وقالوا عن أنفسهم تفاخراً نحن نحرث الأرض ونقضم الحديد وفي أيدينا سيوفًا وربطنا بطوناً بالخناجر لا نَهاب ولا نخشى أولاد المنصور بالجن. ومنذ ذلك اليوم عُرفوا بآل مُحرث.
قال زعيم آل مُحرث نقلاً عن أحد جماعته ، نحن أشدّ عداوة من شرّ الشرقيين ذوي العيون الزرقاء والأنوف الفطحاء ومن شايعهم من رجال ثابت ومحسن الشيخ ومن سار على طريقتهم كالذين عُرفوا بالشرّ والظُلم والسُوء، من ذوي العيون السود وفارعي الطول وذوي العيون الجاحظة.
وقد تسارعت الأحداث بوادي العِزّ؛ وعَجِل الناس انطلاقاً من فطرتهم التي لا يستوطنها الهدوء، فإنْ جيئت أحداث، استعجلتها النفس الشرّانية بإجترار الاختلافات المرجعية، وإذا ما امتثلت للضغط، فصلت بين صناعة الشخصية الاريبة وبين صناعة الصورة اللامعة داخل او خارج الاحداث.؛ وتزداد وتيرة الاختلاف على كل المُستويات، وتلك مؤشرات لبداية هيمنة الغُرباء المُتنفذين في مجتمع أعراب الرمال.
رجال يحملون على ظهورهم وفوق رؤوسهم صبية ونساء يركبن حميراً وبغالاً وأثقالاً من التمر والعسل والحبوب وصيد البحر المجفّف، وغدت الكهوف مفتوحة في عمق جبال صَماء تصل مساحتها أكبر من مساحة وادي العِزّ .. كهوف سرية لن يصل إليها غير العارفين بها من جماعة الأمير سامر بن علي، كهوف طبيعية كشريان لا ينقطع يمتد من الجبل الأصمّ إلى ساحة وادي العزّ في عمق الجبال الصمّاء وتحت وادي العزّ، وكأنّها حبل سريّ يُحيط بوادي العزّ.
قال قائد تحالف الأعراب، الأمير سامر بن علي، وهو يرفع يديه، تحية للرجال الذين وثقوا به والتفوا حوله في ساحة وادي العزّ.. مُتعهّداً بالقيام بمسؤولياته الجسام وأمانة أمة الأعراب وشموخ رجال وادي العزّ بالتعاون مع حلف سامر والرمال الغربية، من أقصى شرق البحر الكبير إلى نهاية غرب بحر المرجان، حلفاً واحداً، يُرسِّخ القيم الإيجابية، ويعمل على نشر الأفكار التي تُبقي تحالف الأعراب كأمة فاعلة بهوية وإرث أمة واحدة، في عزّ وشموخ.
نظرات الأمير سامر بن علي، تتبادل في عين طالب بن حبيب، وكأنّهم يتساءلون.. ما بال أبو صالح، أحدث شيء في نفسه.. لغة العيون هي التي تتحدّث فقط. قال "نعيم" من الوادي الصغير وتعود جذوره إلى الساحل المهادن وكأنّه قد اخترق جدار صمت الرجال الذين تحلّقوا حول الأمير سامر بن علي:
ـ فوالله لا زلت مقهوراً على الساحل الطويل والحارات المُهادنة ، فنحن ضحية كل تحالف مدعوم من الغُرباء، لا قاعدة لنا أبداً ولا ثبات مُجتمعنا بين رحمة ثابت ونار محسن وشرّانية الشرقيين ، واندفاع أبو صرعة وخبث لفيف الأحمر وعتيق التراث ولؤم طالب بن شحيح ابن القرية الأعلى أو رأس الممرّ الذي وافق بني الزهران آل الشيخ وذلك الرجل ذو عينين ضيّقتين، الذي عُرف بـ أسد الزهران ، وكلام أجوف تبادل فيه الخائنين أفكار ميّتة ونوايا خفيّة وقيم لا صِلة لنا بها ، وكان مكرهم جميعاً هو الخطر ، مكرٌ هو الأكبر على مُجتمع الأعراب والرمال والساحل المهادن، مكرٌ لتزول منه المساكن الثابتة والبيوت المكينة، مكرٌ تتفطّر منه الرمال وتتفجّر منه الجبال وتنشقّ الصخور، مكرٌ لم يُظهرونه، تنقلع منه الثوابت وتزول القيم، مِقدارهُ الشدة والغلظة، إنه مكرُ الظالمين، وحقد الحاقدين وحسد المُغلّفة قلوبهم ، لا تحتمله قوة لا في الرمال ولا في البحار، مكرٌ مُفرط لا يُعزّز القدرة على تحمّله، مكرٌ قبيح لا طاقة لنا به ، مكرٌ فيه استكبار وغُلُوّ، مكرٌ سيّء خبيث لا يحيق السيء إلّا بفاعل سيئ مثله ولا يأتي الخبيث إلّا من خبيث أشدّ خبثاً منه.
سكت قليلا وهَمْهم بكلام خفيّ، سمعه الرجال ولا يُفهم منه شيئاً، ولا مغزى منه.. والتفت إلى المُجتمعين بغضب، ثم أردف قائلا: ذلك بما كسبت عقولهم البائدة وأنفسهم الخائبة، والذي خبُث لا بركة فيه كالسّبخة المالحة.
لفيف الأحمر يشهر سلاحه ويُوجّهه فوراً إلى رأس نعيم ابن رمال الوادي الجنوبية فيرديه قتيلاً، وعلى الفور أخرج أبو صرعة سهماً حاداً وصوّبه ناحية محسن الشيخ وأسقطه ميّتاً.. صراع يحتدم بين الرجال يصل إلى ذروته، هامات تسقط، عهد جديد يتخلّق ويتشقّق في لحظة عابسة كالحة غير مسبوقة، تطاول الرجال على بعضهم، نتج عن قتلى، روائح الموت تشمّها الجبال، فتصغر في عين الموتى.
غضب يتزايد، ملامح تفترس بعضها، انشقاق وانقسام، اتهامات ومُواجهات، ضجيج واهتزازات ونظرات حادّة متبادلة.. انقسم الجمع، اختلافات في الرؤية والأفكار، حركات تحرّرية تُعلن وأخرى مُناهضة، وقوميات وأحلاف تتشكّل.. غضب شديد يلوح في الأفق، تهديد مباشر، وتوعّد بالقتل وتصفية جسدية لمعارض عليه ملامح الوقار، حاول تهدئة الموقف كان برفقة الأمير سامر بن علي، بغية تثبيته أميراً على الوادي الصغير.. سيف بن زيد، يُعرف بـ حفيد الجد رعالْ من الرمال الغربية، ضحية الولاء وتثبيت الأمير سامر بن علي.
إمرأة مُلثّمة الوجه وراءها رجال مُلثّمين كأنّهم أسود مُفترسة، يُفرّقون الجمع ويُطلقون رصاص أسلحتهم في الذين تشاقوا واختلفوا، ويشعلون النيران في كل مكان بعشوائية، طالت الجثث، تحترق أجساد رجال لا ذنب لهم غير أنّهم حضروا تنصيب الأمير سامر بن علي لقيادة تحالف الوادي الصغير أو حلف وادي العِزّ.
تتجمّع الجثث وتُخرج روائح كريهة علت سماء الوادي الصغير.. أحداث ساحة وادي العزّ، غيّبت عزّ الرجال، وتبدّدت التحالفات وتفرّقت الأحلاف.. وذاعت أخبار هروب الأمير سامر بن علي إلى الرمال الغربية أو إلى أعراب الوادي الجاف.. يختفي ثابت ولا يُعرف مكان اختفائه، ولم يأتِ أحد عنه بخبر أو جذوة من عِلم يَصِلون إليها، تنفعهم لمعرفة كل الأسباب، فـ ثابت عُرف بالصدق والأمانة والرزانة . لكن الأقوال سارت إلى كونه أصيب برصاصة طائشة في الحادثة الشرّانية المؤسفة.
غضب يتصاعد وصل حدّ الرمال الغربية والقعدان وبحر المرجان، قوة غربية مدعومة من أعراب الرمال الذهبية تتحرّك إلى بحر الوادي الكبير، والممرّ الضيّق هو الهدف، وقوة شرقية مضادّة تسير إلى بحر الأعراب العميق، وتأخذ مكانها في أقصى جنوب رمال الوادي، وقافلة رجال مُدجّجين بالسلاح تأخذ مكانها في رمال الجنوب باتجاه رملة ياكوف وشاطي مجدولة.
أعراب من رمال الوادي الجاف، يُؤمّنون سلامة الأمير سامر بن علي ، ويمنحوه صكّ الحماية ، استشعار بالخوف باتجاه الرمال الذهبية ، تأخذ حِذرها وتسير ناحية الوادي الجاف وتأخذ موقعها في البلدة العتيقة .
تمّت..
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إخلاء سبيل أحمد السقا بعد واقعة التعدي على طليقته مها الصغير
أمرت جهات التحقيق المختصة بمدينة 6 أكتوبر، إخلاء سبيل الفنان أحمد السقا من سراي النيابة، بكفالة مالية قدرها 5 آلاف جنيه عقب الاستماع لأقواله في البلاغ المقدم ضده من طليقته الإعلامية مها الصغير وسائقها الخاص، يتهمانه فيه بالتعدي عليهما بالضرب والسب العلني.
تفاصيل التحقيق:
وقد نفى أحمد السقا أمام النيابة التهم المنسوبة إليه، مؤكدًا أن الواقعة «أُخرجت عن سياقها»، وأنه لم يكن في نيته التعدي على أحد، بل حاول فقط الحديث مع طليقته مها الصغير بخصوص «أمر عائلي يخصهما وأولادهما»، بعد أن تجاهلت اتصالاته المتكررة، وفق أقواله.
وأضاف أنه فوجئ بوجود السائق يشارك في الحديث بطريقة وصفها بـ«غير اللائقة»، ما أدى إلى احتداد الموقف.
وبرر «السقا» تصرفه بأنه نابع من «حرصه على مصلحة أولاده»، مشيرًا إلى أنه لم يوجّه أي إهانات عمدية ولم يقم بالاعتداء بدنيًا، مؤكدًا أن السائق ادّعى واقعة الضرب لتضخيم الموقف، ومحاولة تصوير الحادث على غير حقيقته.
أحدث أعمال أحمد السقا:
ويذكر أن ينتظر أحمد السقا عرض فيلم أحمد وأحمد،يشارك في بطولة الفيلم بجانب أحمد السقا وأحمد فهمي، جيهان الشماشرجي، علي صبحي، حاتم صلاح، أحمد الرافعي، أحمد عبد الوهاب، رشدي الشامي، إلى جانب ضيوف الشرف طارق لطفي وغادة عبد الرازق.
العمل من تأليف أحمد درويش ومحمد عبدالله سامي، وإشراف على الكتابة أحمد عبد الوهاب وكريم سامي (كيمز)، ومن إخراج أحمد نادر جلال، ومن إنتاج فيلم سكوير للمنتج أحمد بدوي