وزير الاقتصاد السوري للجزيرة نت: انفراجة تدريجية في اقتصاد البلاد بعد رفع العقوبات
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
دمشق – أكد وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار أن رفع العقوبات الأميركية يشكّل "فرصة مفصلية" لاقتصاد سوريا تتطلب إدارة حكيمة، مشيرًا إلى أن البيئة الاقتصادية بدأت تشهد انفراجة تدريجية، مما من شأنه تحريك عجلة الإنتاج.
وقال الشعار، في تصريحات للجزيرة نت، إن قطاعات مثل الصناعة والزراعة والطاقة والنقل ستستفيد مباشرة من هذه الانفراجة، لا سيما في ظل الجهود الحكومية لتوفير المواد والمعدات اللازمة مما ينعكس على الأسعار والإنتاج وفرص العمل، مشددًا على أهمية دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مرحلة التعافي.
وكشف الوزير عن خطة متكاملة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، تتضمن:
تحديث قانون الاستثمار. تبسيط الإجراءات. تقديم حوافز مثل الإعفاءات الضريبية والتسهيلات الجمركية.وأضاف أنه يجري العمل على تطوير المناطق الصناعية والحرة لتصبح مراكز جذب استثماري ضمن رؤية تعتمد على الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
التحويلات الماليةوأشار الشعار إلى أن عودة سوريا إلى نظام "سويفت" المصرفي الدولي للتحويلات المالية ستكون نقطة تحول بارزة، مؤكدًا أن تدفق أموال المغتربين والمستثمرين السوريين سيسهم في إنعاش الاقتصاد المحلي، وأن النتائج ستبدأ بالظهور فور تحقق هذا الإجراء.
إعلانوتوقع الوزير أن يتسارع تنفيذ الوعود التجارية والاستثمارية مع دخول رؤوس الأموال من دون قيود، مما سينعكس على المواطن السوري من خلال تحسن الوضع المعيشي، وتيسير التحويلات المالية التي كانت معقدة في السابق.
ووصف الشعار القرار الأميركي بـ"المنصف للشعب السوري"، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب جهدًا مضاعفا من جميع الجهات، وأن وزارة الاقتصاد ستكون في صدارة من يقود عملية رسم السياسات الاقتصادية الجديدة.
وتوقع الوزير السوري تحسنًا في مستوى المعيشة وانخفاضا في معدلات البطالة، إلى جانب استعادة علاقات سوريا مع عدد من الدول.
وبشأن سعر صرف الليرة السورية، قال الشعار إن سعر صرفها مقابل العملات لا يعكس حاليًا القدرة الإنتاجية الحقيقية، لكن تدفقات الأموال الخارجية ستسهم في تعزيز قيمتها واستقرار السوق النقدي.
من هو الوزير محمد نضال الشعار؟ في 29 مارس/آذار 2025 عُيّن وزيرا للاقتصاد في الحكومة السورية الأولى برئاسة الرئيس أحمد الشرع. من مواليد مدينة حلب عام 1956. حاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة حلب عام 1980. نال درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة. بعد حصوله على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة جورج تاون، أصبح أستاذًا في كلية الاقتصاد في جامعة حلب بين عامي 1996 و2001. شغل بعد ذلك عدة مناصب في قطاع الأسواق المالية والمصرفية، إذ أصبح في عام 2002 الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين، ورئيس الجمعية السورية الأميركية لرجال الأعمال، ومستشار في وزارة الإسكان الأميركية، وخبير في البنك الدولي. في عام 2006 حصل على جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتفوق المصرفي. رُشّح لجائزة نوبل في الاقتصاد عامي 2009 و2010.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی الاقتصاد
إقرأ أيضاً:
5 نقاط تشرح تأثير رفع العقوبات الأميركية على اقتصاد سوريا
في خطوة مفاجئة أعادت ترتيب أوراق السياسة الإقليمية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، خلال زيارته إلى السعودية يوم 13 مايو/أيار 2025، وهو القرار الذي مثّل نقطة تحوّل غير متوقعة في النهج الأميركي بعد سنوات من القطيعة والعقوبات المشددة، وفق مراقبين.
هذا التحول -الذي جاء ثمرة جهود دبلوماسية إقليمية قادتها كل من السعودية وقطر وتركيا- لم يكن مجرد قرار أحادي، بل إنه انعكاس لتغير في المناخ السياسي الإقليمي والدولي، ورغبة في إعادة دمج سوريا في المنظومة الدولية بعد عزلة استمرت لأكثر من عقد من الزمان.
1- دعم إقليميوتخللت زيارة ترامب إلى الرياض اجتماعات رفيعة المستوى مع قادة دول الخليج، وكان اللقاء التاريخي مع الرئيس السوري أحمد الشرع من بين الأبرز في جدول الزيارة.
وجاء الإعلان عن رفع العقوبات بمنزلة إشارة واضحة على أن صفحة جديدة تُفتح بين واشنطن ودمشق.
وتزامن القرار مع دعوات متكررة من السعودية وقطر والاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في العقوبات المفروضة على سوريا، بهدف تسهيل عملية إعادة الإعمار، مع تأكيدهم في الوقت ذاته احترام وحدة سوريا وسيادتها.
إعلانورغم أن القرار الأميركي يُعد سابقة في سياق العلاقة بين البلدين، فإن توقيته وطبيعة الحراك الدبلوماسي المصاحب له يشيران إلى تحوّل إستراتيجي أكبر في ملامح المنطقة.
2- تداعيات اقتصادية فوريةومثلت العقوبات التي فُرضت على سوريا خلال العقود الماضية أحد أبرز التحديات أمام الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع بعد إسقاط النظام السابق، خاصة من حيث إعاقة عجلة الاقتصاد ومنع تدفق الاستثمارات.
ويقول الدكتور يحيى السيد عمر -في تصريح للجزيرة نت- إن رفع العقوبات يمهّد لعودة العلاقات الاقتصادية السورية مع الإقليم والعالم، مما سينعكس على تنشيط التجارة الخارجية، وفك الحجز عن الأموال السورية المجمدة في الخارج، وعودة الشركات الأجنبية للاستثمار داخل البلاد.
ويضيف السيد عمر أن القرار أظهر أثرًا فوريًا على سعر صرف الليرة السورية، التي استعادت خلال ساعات أكثر من 16% من قيمتها، ومن المتوقع استمرار تحسنها، خصوصًا في ظل توقعات بدخول مبالغ ضخمة من الدولار إلى السوق السورية والمصرف المركزي.
كما أشار إلى أن إعادة الإعمار باتت ممكنة بعد رفع العقوبات، إذ يُتوقّع دخول شركات أجنبية في قطاعات حيوية مثل التطوير العقاري والطاقة والنقل والتعليم وغيرها خلال أشهر قليلة.
من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي عبدالعظيم مغربل أن قرار رفع العقوبات يمثل بوابة حقيقية نحو تغيير بنيوي في الاقتصاد السوري، موضحًا أن تخفيف القيود على قطاعات إستراتيجية، مثل الطاقة والمصارف والنقل، يعيد ضخّ "الأكسجين" في جسد الاقتصاد المتعب، ويخلق فرص عمل جديدة، مما يرفع الناتج المحلي الإجمالي، ويحسّن مستوى المعيشة، ويقلل من الفجوة الاجتماعية.
3- تأثير مباشر على الاستقرار الداخليوفي قراءة للانعكاسات السياسية والاجتماعية للقرار، يقول الأستاذ باسل حفار، مدير مركز إدراك للدراسات والاستشارات السياسية، في تصريح خاص للجزيرة نت، إن رفع العقوبات سيمنح السلطة في دمشق إمكانات اقتصادية تساعدها في التواصل مع المكونات السورية التي لم تنخرط بعد تحت حكم الدولة، لا سيما في شمال شرق سوريا ومحافظة السويداء.
ويشير إلى أن تمكين السلطة من تقديم حلول اقتصادية للمناطق الخارجة عن سيطرتها قد يتحول إلى نقطة جذب، ويسهم في تعزيز وحدة الدولة على الأرض.
إعلانأما الباحث مغربل، فيرى أن أي انتعاش اقتصادي سينتج عنه استقرار اجتماعي تدريجي، مع توفر فرص العمل وتحسّن الدخل، مما يقلل من الحاجة إلى الهجرة، ويضعف الاقتصاد الموازي والتهريب. ويرى أن ذلك سيسهم في تعزيز قيم الإنتاج والانتماء والثقة، ويؤدي إلى تغيير الخطابات المجتمعية من العدائية إلى التشاركية.
ويضيف أن هذا التحول الاقتصادي سيكون له أثر نفسي كبير، إذ سيشعر المواطنون بأن حياتهم تتحسن، مما يولّد دافعًا حقيقيًا لحماية الاستقرار، وليس تقويضه، مما قد يهيئ الأرضية لسلام أهلي مستدام قائم على التمكين الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، وليس على التهدئة المؤقتة.
4- إعادة بناء الدولة وأجهزتها الأمنيةمن الناحية الأمنية، يؤكد الأستاذ باسل حفار أن رفع العقوبات سيساعد في دعم الاستقرار الداخلي من خلال إعادة بناء مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية، وفق عقيدة أمنية جديدة.
ويشير مغربل إلى أن تخفيف الضغط الاقتصادي سيحدّ من ظواهر أمنية سلبية مثل موجات اللجوء، وتهريب البشر والمخدرات والأسلحة، التي كانت نتيجة طبيعية لانهيار الاقتصاد السوري.
ويضيف أن خلق فرص العمل وتوفير حياة كريمة داخل البلاد سيقلل من انخراط الشباب في هذه الأنشطة، ويعيد التوازن إلى النسيج المجتمعي.
5- انفتاح على المحيط الإقليميمن الزاوية الجيوسياسية، يوضح الأستاذ حفار أن رفع العقوبات يندرج ضمن إعادة التموضع الإقليمي والدولي لسوريا، وأن الانفتاح الأميركي -ومن قبله الأوروبي- هو جزء من إعادة توزيع الأدوار والتحالفات في المنطقة.
ويرى أن سوريا باتت قادرة الآن على تفعيل موقعها الجغرافي كممر تجاري محوري بين تركيا ودول الخليج وأوروبا، وهو ما يمنحها قيمة إستراتيجية جديدة.
ويؤكد الباحث مغربل أن تجاوز العقوبات سيُسهّل عودة تدريجية للاجئين السوريين من دول الجوار، مثل لبنان وتركيا والعراق، وهو ما يخفف العبء عن هذه الدول ويقلل من الاحتكاك بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
إعلانكما يشير إلى أن الاستقرار في سوريا سيقلل من احتمالات تفجّر النزاعات الحدودية، ويُمهّد الطريق لشراكات اقتصادية جديدة في قطاعات الطاقة والنقل والإعمار، بما يُحوّل سوريا من نقطة نزاع إلى عامل استقرار إقليمي.
نحو انطلاقة جديدة لسوريا والمنطقةفي ضوء ما سبق، يبدو واضحًا أن قرار رفع العقوبات عن سوريا لم يكن مجرد خطوة اقتصادية أو سياسية منعزلة، بل يشكّل لحظة فارقة في مسار البلاد والمنطقة. فقد أعاد فتح الأبواب أمام إنعاش الاقتصاد الوطني، وتحفيز الاستثمار، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، كما منح السلطة أدوات جديدة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز وحدة النسيج الوطني.
الأثر لا يتوقف عند حدود سوريا، بل يمتد إلى جيرانها وإلى مجمل التوازنات في الشرق الأوسط. فالقرار قد يكون بداية حقبة جديدة من التعاون الإقليمي، يعيد رسم خريطة التحالفات الاقتصادية والسياسية، ويمنح المنطقة فرصة نادرة للانتقال من مرحلة النزاع والتفكك إلى مسار إعادة البناء والشراكة.
وإن كانت التحديات لا تزال كثيرة، فإن هذه الخطوة قد تكون نقطة الانطلاق نحو مشروع شامل لبناء دولة سورية حديثة، وعادلة، ومستقرة، ومنفتحة على محيطها والعالم.