كييف- بعد اتصال هاتفي دار بينهما لمدة ساعتين ونصف الساعة -أول أمس الاثنين- قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الحديث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين "سار على ما يرام"، وإن "لهجة وروح المحادثة كانت ممتازة"، بينما وصف بوتين المحادثة بأنها "ذات معنى وصريحة ومفيدة للغاية".

عبارات المدح هذه وغيرها شكَّلت انطباعا إيجابيا مؤقتا في ما يتعلق بقضية وقف الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا منذ فبراير/شباط 2022، لكنه انطباع تبدد سريعا، فعلى عكس المتوقع، لم يحيِ الاتصال "الممتاز" تفاؤل الأوكرانيين، بل لعله فرض أجواء جديدة من القلق إزاء ما تخبئه الأيام القادمة من أحداث وتطورات.

وسبق القلق الأوكراني اتصال ترامب ببوتين، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه تحدث مرتين مع ترامب، مطالبا إياه بِحثّ روسيا على قبول وقف إطلاق نار يستمر 30 يوما، و"عدم اتخاذ أي قرار بشأن أوكرانيا دون موافقتها".

كما طالب زيلينسكي ترامب باتخاذ خطوات أكثر جدية إذا رفضت روسيا، وفرض عقوبات توقف تمويل الحرب الروسية على بلاده.

دون إفراط في التوقعات

لكن مخرجات الاتصال التي أعلنها بوتين وترامب لم تلب أيا من مطالب أوكرانيا، بل جاءت عامة ومرسلة، لدرجة أثارت شكوك الأوكرانيين بإمكانية أن تؤدي إلى نتيجة فعلا.

إعلان

وتضمنت أبرزها:

استعداد روسيا للعمل مع أوكرانيا على مذكرة تفاهم لوقف إطلاق النار. تأكيد أهمية استئناف المفاوضات. التوصل إلى حلول وسط تناسب الجانبين وتقضي على جذور الصراع، ثم تصبح أساسا لمعاهدة سلام مستقبلية.

وحول هذا، علق رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا"، فولوديمير فيسينكو، قائلا للجزيرة نت "تواصل ترامب وبوتين 3 مرات على الأقل في السابق، فما الذي تغير؟ الاتصال الأخير لم يحمل أي شيء ملموس، ولا ينبغي أن نفرط في التوقعات".

وبعد أن أطلعه الرئيس الأميركي على نتائج الاتصال، قَبِل زيلينسكي، وقال في مؤتمر صحفي إن بلاده تنتظر مقترحا روسيا للنظر فيه، وتدرس إمكانية عقد اجتماعات التفاوض في تركيا أو الفاتيكان أو سويسرا.

لكن أسئلة الصحفيين انهالت عليه بخصوص قضايا حساسة، كانت مثل ألغام منعت أي تقدم على طريق الحل، كقضية العودة إلى الحياد وتخلي أوكرانيا عن مساعي العضوية في حلف شمال الأطلسي، وشروط روسيا المتعلقة بانسحاب قوات كييف من كامل أراضي 4 مقاطعات ضمتها، (لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون)، واعتراف السلطات الأوكرانية أيضا بشرعنة السيطرة الروسية على تلك الأراضي، إضافة لشرط التخلي عن السلاح الغربي وبناء الجيش.

كييف ترفض الحياد وسحب قواتها والاعتراف بسيطرة موسكو على 4 مقاطعات لوقف إطلاق النار (الجزيرة) هدف التعجيز

وجدد زيلينسكي التأكيد على تمسك بلاده بحق تقرير المصير وسيادة القرار، وهو ما علق عليه الخبير فيسينكو قائلا "أوكرانيا تطالب منذ زمن طويل بما أعلنه ترامب وبوتين، والمشكلة ليس في الآليات، بل في النيات، والشيطان يكمن في التفاصيل".

وأضاف متسائلا "متى ستقدم روسيا مقترحها؟"، وتابع أنه ما من سقف زمني لكل ما طُرح، والأمر مرسل، وقد يطول كسبا للوقت، وتهربا من الرغبة الحقيقية في وقف الحرب. وقال "أي معنى لانتظار المجهول إذا كانت شروط روسيا تعجيزية، فيها ذل واستسلام أوكرانيا، ونيات مبطنة للهيمنة على أراضيها واستقلال قرارها".

إعلان

وبالإضافة إلى ما سبق، جدَّد الاتصال خشية أوكرانيين من عودة الدفء إلى العلاقات الأميركية الروسية على حساب بلادهم، لكن آخرين يرون أن "ذلك سابق لأوانه".

وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي إن ترامب وبوتين خاطبا بعضهما بعضا بالاسم الأول (دونالد وفلاديمير)، ولم يرغب أي منهما في المبادرة إلى إغلاق الهاتف، كما قال ترامب لبوتين إنه يستطيع الاتصال به في أي وقت.

وعبّر ترامب عن تأييده العودة إلى "تجارة ضخمة" مع روسيا، وقال إنه لن يفرض عقوبات جديدة عليها حاليا، وإن "بوتين يحترم زوجته ميلانيا، والروس يحبونها أكثر منه".

سابق لأوانه

وتعليقا على الأجواء التي صاحبت وتلت اتصال ترامب ببوتين، قال الدبلوماسي السابق رومان بيسميرتني، للجزيرة نت، إن "بوتين يجيد خداع ترامب والتأثير عليه بالعواطف، للأسف".

وأضاف "بالنسبة إليّ، يجب ألا نثق بترامب، فنتائج اتصاله الأخير مع بوتين هي بمنزلة تمهيد لتخلي واشنطن عن جهود الوساطة، حتى يحدث أمر جديد".

من جهته، رأى الكاتب والمحلل إيفان ياكوفينا أنه "من السابق لأوانه الحديث عن عودة كامل الدفء إلى العلاقات الأميركية الروسية، أو انحياز ترامب إلى روسيا، فقد غيّر الأميركيون تكتيكاتهم مرات عدة خلال الشهور الماضية، ويريدون منح الدبلوماسية فرصة حتى النهاية".

ميدان الاستقلال في كييف وفيه يظهر ركن الأبطال الذي يضم أعلاما ترمز لقتلى الحرب (الجزيرة)

ويعتقد ياكوفينا -في حديثه للجزيرة نت- أنه بغض النظر عن النتيجة، فالولايات المتحدة لم ترفع أو تخفف العقوبات عن روسيا، بل تلوح بأخرى في حال الفشل، وبزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا.

ويضيف أن "تقلبات ترامب لا تغير من حقيقة الأمر شيئا، وواشنطن تدرك أن نصر روسيا سيكون كارثيا على مكانتها العالمية، وعلى علاقاتها مع أوروبا وباقي دول العالم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

بعد ساعات فقط مما قاله ترامب عن مكالمة بوتين.. عمل عسكري روسي ضخم وليلة مروعة في كييف

(CNN)--  شنت روسيا هجوما ضخما بعدد قياسي من الطائرات المسيرة على أوكرانيا ليلة الجمعة، مستهدفةً العديد من المباني والمناطق السكنية، وذلك في خطوة أتت بعد ساعات فقط من تصريح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بأنه "لم يُحرز أي تقدم" نحو اتفاق وقف إطلاق النار في مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين.

وأُصيب ما لا يقل عن 23 شخصًا في الهجوم الذي استمر 13 ساعة، وفقًا لمدينة كييف والسلطات العسكرية، واعترضت أوكرانيا 476 طائرة روسية مسيرة من أصل 539 طائرة، وهو رقم قياسي، وفقًا لسلاح الجو الأوكراني، الذي ذكر أن روسيا أطلقت أيضًا 11 صاروخًا باليستيا ومن طراز كروز.

وأجرى ترامب مكالمة هاتفية استمرت قرابة ساعة مع بوتين، وأعرب بعدها عن إحباطه إزاء تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، وقال ترامب: "لقد أجرينا مكالمة. كانت مكالمة طويلة جدًا. تحدثنا عن الكثير من الأمور، بما في ذلك إيران، وتحدثنا أيضًا، كما تعلمون، عن الحرب مع أوكرانيا.. أنا لست سعيدًا بذلك".

وعندما سُئل عما إذا كان يشعر بأنه أحرز تقدمًا مع بوتين بشأن اتفاق مع أوكرانيا، قال ترامب بحزم: "لا.. لم أحرز أي تقدم معه اليوم على الإطلاق".

وقال ترامب إنه سيتحدث مع زيلينسكي في وقت مبكر من صباح الجمعة، قائلًا إنه "يشعر بخيبة أمل كبيرة" من محادثته مع بوتين، الذي يعتقد أنه "لا يسعى إلى وقف" الحرب.

وأمضى آلاف السكان الليل في الملاجئ، بما في ذلك في محطات مترو الأنفاق أو مواقف السيارات تحت الأرض، حيث ترددت أصداء الانفجارات وأصوات الطائرات المسيرة في أرجاء المدينة في الساعات الأولى من صباح الجمعة.

وقال وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيا: "ليلة مروعة بلا نوم في كييف، واحدة من أسوأ الليالي حتى الآن"، ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الهجوم بأنه "واحد من أوسع الهجمات الجوية" التي شهدتها البلاد، قائلا: "من الجدير بالذكر أن أولى تحذيرات الغارات الجوية في مدننا ومناطقنا أمس بدأت بالظهور بشكل شبه متزامن مع تقارير إعلامية تتحدث عن مكالمة هاتفية بين الرئيس ترامب وبوتين.. مرة أخرى، تُظهر روسيا أنها لا تنوي إنهاء الحرب والإرهاب"، إذ أدت الغارات الجوية إلى اندلاع حرائق في مبانٍ ومنشآت في عدة أحياء بالمدينة، وتدمير جزئي لمبانٍ متعددة الطوابق، وفقًا لهيئة الطوارئ الحكومية في أوكرانيا، كما دمرت جزءًا من سكة حديد كييف، وألحقت أضرارًا بخمس سيارات إسعاف كانت تستجيب لنداءات جرحى.

مقالات مشابهة

  • ترامب غير راضٍ عن موقف بوتين بشأن أوكرانيا: يريد الاستمرار في قتل الناس
  • ترامب وزيلينسكي يتواصلان هاتفيا بعد تعهد بوتين بمواصلة الحرب في أوكرانيا
  • مكالمة ساخنة بين بوتين وترامب.. موسكو تلوّح بالتفاوض في أوكرانيا وتهاجم واشنطن بسبب إيران
  • «الكرملين»: بوتين أخبر ترامب بتوقعات روسيا بشأن المفاوضات مع أوكرانيا
  • بعد ساعات فقط مما قاله ترامب عن مكالمة بوتين.. عمل عسكري روسي ضخم وليلة مروعة في كييف
  • ترامب يفشل في إقناع بوتين بإنهاء الحرب في أوكرانيا.. وقصف روسي غير مسبوق لكييف
  • ترامب: الحرب الروسية في أوكرانيا لن تتوقف.. وننتظر رد حماس
  • هل تريد إدارة ترامب استسلاما أوكرانيا أمام روسيا؟
  • بوتين لـ ترامب: روسيا ستحقق أهدافها في أوكرانيا ولا تراجع عن إزالة الأسباب الجذرية للنزاع
  • الكرملين: اتصال صريح بين بوتين وترامب تناول أوكرانيا والشرق الأوسط