21 مايو، 2025

بغداد/المسلة: دعا خبراء اقتصاديون، ان على الحكومة العراقية التعامل مع تقرير صندوق النقد الدولي بحدية تامة، بعدما ألقى البيان الأخير لمشاورات المادة الرابعة الضوء على هشاشة البنية الاقتصادية العراقية، محذراً من مأزق مالي متسارع قد يهوي بالبلاد نحو أزمة يصعب تداركها.

وأكّد التقرير الصادر في 20 أيار 2025 أن الاقتصاد العراقي يسير في مسار بالغ الخطورة، بفعل تضخم النفقات التشغيلية التي تجاوزت 60% من إجمالي الميزانية العامة، وغياب أي إصلاح هيكلي فعلي في سياسة الإيرادات، فيما لا تزال الحكومة تعتمد بنسبة تقارب 92% على عوائد النفط، رغم التراجع المتواصل في أسعاره وتقلّب السوق العالمي.

وأوصى صندوق النقد بضرورة ضبط فاتورة الرواتب المتضخمة التي تستهلك وحدها أكثر من نصف الإيرادات السنوية، معتبراً أن سياسة التوظيف العشوائي ونهج إرضاء الكتل السياسية بالدرجات الوظيفية يدفعان بالمالية العراقية نحو حافة الانهيار، وفق المحلل الاقتصادي زياد الهاشمي.

وقال الهاشمي ان الصندوق  في تقريره إلى توقعات بانخفاض متوسط سعر برميل النفط العراقي إلى 65 دولاراً خلال 2025، مما سيزيد من فجوة العجز التي قد تتجاوز 7.5 تريليون دينار إذا استمرت سياسات الإنفاق دون مراجعة، فيما تجاوز العجز الفعلي في موازنة 2024 نسبة 4.2% من الناتج المحلي، وفقاً لبيانات رسمية أُدرجت بالتقرير.

وتجاهلت الحكومة حتى اللحظة الرد المباشر على توصيات الصندوق، بينما اكتفت بعض الأصوات المقربة منها بالتقليل من أثر التقرير، ووصفت ما ورد فيه بـ”القراءة المتحفظة وغير الواقعية”، الأمر الذي أعاد للأذهان ردود الأفعال المشابهة لتقارير مماثلة صدرت في 2016 و2019 وواجهت الإنكار ذاته من حكومات سابقة.

وسبقت تلك التحذيرات موجة انهيارات مالية في العراق منتصف العقد الماضي، حين شهدت البلاد أزمة سيولة خانقة دفعت وزارة المالية عام 2015 إلى تأخير صرف رواتب الموظفين، تزامناً مع تراجع سعر البرميل إلى ما دون 40 دولاراً، وهو سيناريو قد يتكرر مجدداً إن بقيت السياسات على حالها.

وتقاطع هذا الوضع مع تحذيرات داخلية صدرت عن خبراء اقتصاديين عراقيين، من بينهم المستشار المالي السابق للحكومة مظهر محمد صالح، الذي أشار مراراً إلى “غياب الإرادة السياسية لتغيير قواعد اللعبة المالية”، معتبراً أن العجز الهيكلي لا يُحل بمسكنات بل بإصلاح ضريبي وزيادة الإنتاج الوطني غير النفطي.

وتزامنت موجة التحذيرات هذه مع مؤشرات اجتماعية مقلقة، أبرزها ارتفاع معدل البطالة إلى 17% وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء، واتساع رقعة الفقر إلى ما يزيد على 25% في بعض المحافظات الجنوبية، ما يعكس العلاقة المباشرة بين التردي الاقتصادي والعجز الإداري الذي لا تزال بغداد عاجزة عن معالجته بجدية.

وتمخض هذا المشهد المعقّد عن تراجع حاد في ثقة المستثمرين الأجانب، حيث كشفت بيانات وزارة التخطيط عن انخفاض عدد المشاريع الاستثمارية المسجلة في الربع الأول من 2025 بنسبة 38% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، وهي نسبة تنذر بانسحاب تدريجي لرؤوس الأموال من السوق العراقية.

وقال الهاشمي ان رئاسة الحكومة الحالية دخلت بدورها أجواء الانتخابات ومن غير المتوقع أن تتحرك لمعالجة الاختلالات الاقتصادية الكبيرة لكنها قد تصدر تصريحات عاجلة تقلل من قيمة بيان صندوق النقد وتطمئن الشعب من أن الأمور المالية مريحة وتحت السيطرة ولا شئ يدعو للقلق، وهذا يعني أن تلك المشاكل سيتم ترحيلها كما هي للحكومة القادمة بدلاً من حلها!

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

النفط العراقية ترفض تعاقدات حكومة كردستان لاستثمار حقلَيْن بالسليمانية

20 مايو، 2025

بغداد/المسلة: أعلنت وزارة النفط الاتحادية العراقية، الثلاثاء، رفضها للإجراءات الخاصة بتعاقد وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان لاستثمار حقلي ميران وتوبخانة-كردمير في محافظة السليمانية.

وقالت وزارة النفط، في بيان نشرته عبر صفحتها بموقع فيسبوك: تداولت بعض المواقع الإخبارية خبراً صادراً من حكومة إقليم كردستان تضمن اتفاقيات الطاقة الجديدة التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات.

وأضافت أنها توضح رفضها للإجراءات الخاصة بتعاقد وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان لاستثمار حقلَي (ميران) و(توبخانة-كردمير)، في محافظة السليمانية، لأن هذه الإجراءات مخالفة للقرارات الصادرة من محكمة التمييز الاتحادية التي أشارت إلى عدم شرعية العقود المبرمة بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى المرقمة (59 اتحادية 2012، وموحدتها 110 اتحادية 2019).

وأشارت الوزارة إلى أنه على الرغم من حاجة العراق إلى تعظيم استثمار الغاز وسد الحاجة المحلية لتشغيل محطات توليد الكهرباء في البلاد، فإن الإجراءات المتخذة من قِبل حكومة الإقليم تُعد مخالفة صريحة للقانون العراقي.

وأوضحت الوزارة أن الثروات النفطية تُعدّ ملكاً لجميع أبناء الشعب العراقي، وأن أي إجراء لاستثمار هذه الثروة يجب أن يكون من خلال الحكومة الاتحادية، مؤكدة بطلان هذه العقود استناداً إلى الدستور العراقي وقرارات المحكمة الاتحادية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الحكومة الإسبانية اليسارية في عين العاصفة
  • مدبولي: برنامج الإصلاح الاقتصادي مصري خالص.. وصندوق النقد لا يفرض شروطًا على مصر
  • كلمة الرئيس السيسي وصندوق النقد ونسب النمو.. 3 تصريحات مهمة لرئيس الوزراء
  • المالية العراقية تحدد السن القانوني للتقاعد (وثيقة)
  • المالية العراقية تطلق تمويلات رواتب الشهر الجاري
  • العراق في مواجهة تحديات اقتصادية : رؤية صندوق النقد الدولي لعام 2025 ؟
  • النفط العراقية ترفض تعاقدات حكومة كردستان لاستثمار حقلَيْن بالسليمانية
  • المالية النيابية:لاقلق على الرواتب الشهرية !
  • المالية بالعراق تطمئن: الرواتب آمنة وتحذير من تأخر الموازنة