بمبادرة طوعية.. ناشطة تؤوي آلاف الحيوانات المشردة بدمشق
تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT
سوريا – استطاعت ناشطة سورية بمجال حقوق الحيوان أن تكسر حواجز الصمت والإهمال تجاه الكلاب والقطط الضالة بشوارع العاصمة دمشق، البلد الذي أنهكته سنوات الحرب، وتفاقمت فيه الأزمات الإنسانية والاقتصادية.
وسط صخب العاصمة وبعيدًا عن أعين الإعلام، تقود الناشطة هنادي المحتسب، مبادرة فريدة من نوعها تحوّلت من مجهود فردي متواضع إلى منظمة مجتمعية تحمل اسم “جمعية ستار STAR” (الفريق السوري لإنقاذ الحيوانات).
وباتت المحتسب بجمعيتها توفّر اليوم ملاذًا آمنًا ومكانًا للعلاج والرعاية لآلاف الكلاب والقطط المشردة في شوارع دمشق.
في منطقة الصبورة الواقعة جنوب غرب دمشق، أقامت الجمعية مأوىً مساحته تقارب الدونمين (الدونم يساوي ألف متر مربع)، يضم حوالي 1830 كلبًا و816 قطة، وجميعها كانت مهددة بالموت جوعًا أو مرضًا أو بفعل تداعيات سنوات الحرب.
وتعود بدايات المبادرة إلى نحو 10 سنوات مضت، حين قرّرت مجموعة من المتطوعين إطلاق حملة لإنقاذ الحيوانات المشردة، بالتزامن مع تصاعد وتيرة الحرب في البلاد وما خلفته من تداعيات إنسانية وأمنية أثرت على الجميع، بمن فيهم الحيوانات.
مؤسسة الجمعية هنادي المحتسب (48 عامًا) قالت للأناضول: “عشنا أيامًا عصيبة في خضم الحرب، والمجتمع بالكاد يفكر في حقوق الإنسان، فكيف بالحيوان؟ الناس لا يرون في حقوق الحيوان أولوية، وهناك الكثير من العنف الموجّه ضد هذه الكائنات، خاصة من الأطفال، نتيجة غياب التوعية”.
ووفق المحتسب، فإن نقطة التحول التي دفعتها إلى إنشاء الجمعية كانت حادثة شخصية حين شاهدت قوات النظام السوري السابق تطلق النار على كلاب أمام منزلها، فتمكنت لاحقًا من إنقاذ 87 كلبًا، إلا أن بعض الكلاب فارقت الحياة بين ذراعيها.
وتحت تأثير هذا المشهد الذي ما زال عالقا في ذاكرتها تقول: “الكلاب التي أنقذناها هي من أنشأنا لأجلها هذه الجمعية. استأجرنا مزرعة صغيرة لإيوائها، ثم بدأنا نفكر في توسيع النشاط وتحويله إلى كيان قانوني”.
وبالفعل، تمكّنت المحتسب والمتطوعون من تأسيس جمعية “ستار”، التي باتت اليوم تُجري جولات ميدانية منتظمة في الشوارع لتقديم الطعام والماء للحيوانات، كما يعمل فيها أطباء بيطريون يقومون بالفحوصات والعلاجات اللازمة، لا سيما للحالات الطارئة أو تلك التي تعاني من إصابات خطيرة.
ورغم النشاط اللافت للجمعية إلا أنها تعاني من أزمة تمويل خانقة وفق المحتسب التي أضافت: “المجتمع فقير، والدعم محدود للغاية. في السابق، كانت مخلّفات الدجاج تعطى لنا مجانًا، أما اليوم فكل شيء يُباع حتى الماء”.
وأردفت: “ندفع ثمن كل قطرة، والإيجار مرتفع جدًا، والأسوأ أن بعض الناس يظنون أننا جمعية غنية لمجرد أننا منظمة، فيمتنعون عن تقديم الدعم أو التبرع”.
وفي ظل هذه الصعوبات، تبحث الجمعية حاليًا عن دعم دولي لمواصلة عملها، لا سيما أن عدد الحيوانات المشردة في ازدياد مستمر، والموارد المتاحة بالكاد تغطي الحد الأدنى من احتياجات المأوى.
لا تقتصر جهود الجمعية على الإنقاذ والرعاية، بل تنفّذ أيضًا برامج توعية مخصصة للأطفال لتعزيز ثقافة الرفق بالحيوان.
وبشأن هذه الجهود، قالت المحتسب: “الكثير من الناس والأطفال يؤذون الحيوانات لأنهم ببساطة لا يعرفون أنها تشعر وتتألم”.
وزادت: “التربية الخاطئة وغياب التوعية يؤديان إلى ممارسات عنيفة ومؤذية. ولهذا نولي في عملنا اهتمامًا كبيرًا بالجانب التعليمي والتوعوي”.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
حادثة النجف تفتح ملف تربية الحيوانات المفترسة في العراق
في الثامن من مايو/أيار الجاري، شهدت محافظة النجف جنوب العراق حادثة مروعة، حيث لقي مربي أسد مصرعه على يد حيوانه المفترس.
سلّطت هذه الحادثة المأساوية الضوء بشكل واضح على مشكلة تربية الحيوانات المفترسة والبرية داخل العراق، كاشفةً عن فوضى تشريعية وغياب ملموس للرقابة الحكومية الفعالة، وأثارت موجة من التساؤلات الجادة بشأن المخاطر المتزايدة التي تهدد أمن المواطنين وسلامة البيئة.
ورغم تحذيرات الخبراء من الانتشار المقلق لهذه الظاهرة وغياب المساءلة الحقيقية، فإن القوانين العراقية تتضمن بالفعل نصوصًا تُجرّم مثل هذه الممارسات، بيد أن الإشكالية تكمن في ضعف تنفيذ تلك النصوص، مما يجعلها شبه غائبة على أرض الواقع.
عدم وجود رقابة حكومية
أكد مهدي ليث، مدير الإعلام والعلاقات في منظمة المناخ الأخضر العراقية، أنه لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة لأعداد الأسود التي تتم تربيتها في العراق.
وقال ليث -للجزيرة نت- إنه "استنادا إلى أعدادها المتداولة في معظم المحافظات، تقدر المنظمة وجود ما بين 100 إلى 200 عائلة في مناطق مختلفة من العراق تربي هذه الحيوانات، سواء داخل المنازل أو في مزارع تحولت إلى محميات لتربية الحيوانات المفترسة وغير المفترسة".
إعلانوأوضح ليث أن المنظمة ترى عدم وجود جهة حكومية مسؤولة بشكل مباشر عن مراقبة ومنع تربية الحيوانات المفترسة داخل المنازل، مشيرا إلى أن التحرك الرسمي يقتصر على حالات رفع دعاوى قضائية من قبل المواطن على مربي تلك الحيوانات داخل المنازل.
وأكد أن المشكلة الأساسية تكمن في كيفية دخول هذه الحيوانات إلى العراق وطرق تسويقها وبيعها علنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما شجع الأفراد المقتدرين على شرائها من دون إدراك العواقب الخطرة المحتملة عليهم وعلى محيطهم وأسرهم.
وأضاف ليث أنه "باستثناء حادثة النجف، سجلت حوادث أخرى، لكنها لم تصل إلى حد القتل، بل تضمنت إصابات خطيرة وجروحا كبيرة وبترا للأعضاء نتيجة هجمات الحيوانات المفترسة".
إخلال بالتوازن البيئيمن جهته، حذر الخبير البيئي موفق صالح من المخاطر الكبيرة التي ترافق تربية الحيوانات البرية والمفترسة داخل المنازل في العراق، مثل الأفاعي والأسود والنمور والقرود والتماسيح، مشددا على أن هذه الظاهرة تشكل تهديدا مباشرا للسلامة العامة.
وأوضح -في حديثه للجزيرة نت- أن بعض الأشخاص يلجؤون إلى تربية هذه الحيوانات بدافع التميز أو الشعور بالفخر، غير أن هذا التصرف يحمل في طياته أخطارا جسيمة، نظرًا لصعوبة التنبؤ بسلوك هذه الكائنات، حتى وإن بدت مروّضة. فطبيعتها الغريزية قد تطغى في أي لحظة، مما يجعلها متأهبة لمهاجمة البشر أو الحيوانات الأخرى دون سابق إنذار.
وأشار إلى أن الخطر لا يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل يمتد ليشمل آثارا صحية وبيئية، إذ يمكن أن تسهم هذه الحيوانات في نقل أمراض خطيرة، كما أن فقدان السيطرة عليها قد يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي بافتراسها أنواعا حيوانية أخرى.
وشدد صالح على ضرورة منع تربية الحيوانات المفترسة بشكل قاطع إلا في حدائق خاصة مهيأة لهذا الغرض وتخضع للإشراف الكامل من قبل المسؤولين المختصين، مؤكدا أن هذا الإجراء ضروري لضمان السيطرة التامة على هذه الحيوانات وحماية المجتمع من المخاطر المحتملة.
إعلانوسجلت في السنوات الأخيرة عمليات اقتناء حيوانات مفترسة كالأسود والنمور والكلاب البوليسية داخل أقفاص من قبل أصحاب المحال التجارية والمطاعم، فضلا عن حالات اصطحاب تلك الحيوانات داخل السيارات من قبل أصحابها، وأحيانا التجول معها مشيا في الأسواق أو هروب بعضها، وهو ما يسبب ذعر المواطنين.
@alawla.tvأسد يهرب من قفصه ويستقر فوق جدار منزل في منطقة اليرموك ببغداد قناة_الاولى_العراقية تابعونا عبر التردد التالي | نايل سات 10971-أفقي
♬ الصوت الأصلي – alawla tv قناة الاولى العراقية – alawla tv قناة الاولى العراقية
تربية الحيوانات المفترسة في القانون العراقي
أما الخبيرة القانونية مريم النعيمي فأكدت وجود نصوص قانونية واضحة في قانون العقوبات العراقي تحذر بشدة من تربية الحيوانات المفترسة أو البرية داخل المدن والتجمعات السكنية، لما تشكله من خطر حقيقي على سلامة المواطنين وأمنهم.
وقالت النعيمي للجزيرة نت إن المادة (495) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 تتضمن عقوبات واضحة في هذا الشأن، ففي الفقرة الخامسة من هذه المادة، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر واحد أو بغرامة كل من لم يتخذ الاحتياط الكافي إزاء حيوان في حيازته أو تحت مسؤوليته وترتب على ذلك حدوث أي خطر أو ضرر.
كما أشارت إلى الفقرة الرابعة من المادة نفسها التي تنص على معاقبة من أطلق في الطريق العام مجنونا يخشى منه أو حيوانا مفترسا أو ضارا بأي وجه من الوجوه، وذلك بالحبس مدة لا تزيد على شهر أو بغرامة.
وفي السياق ذاته، تناولت الخبيرة القانونية النعيمي ظاهرة التباهي باصطحاب الحيوانات المفترسة في الأماكن العامة، معتبرة أن اصطحاب الأسود في السيارات لأغراض التفاخر يندرج ضمن المادة (493) من قانون العقوبات العراقي، التي تنص على معاقبة كل من يقود حيوانًا أو وسيلة نقل في الطرق والساحات العامة دون مراعاة لسلامة الآخرين، بالحبس لمدة لا تتجاوز 10 أيام وغرامة مالية.
إعلانوأوضحت النعيمي أن العقوبة تختلف حسب نوع الحيوان، إذ يميز القانون بين الحيوانات المفترسة والداجنة، مشيرة إلى أن قانون العقوبات العراقي يتعامل بصرامة مع تربية الحيوانات المفترسة، في حين تخضع تربية الحيوانات الداجنة لإشراف وتعليمات الأطباء البيطريين والجهات الصحية المختصة.
وبخصوص القوانين واللوائح العراقية، بيّنت النعيمي أنها لا تتضمن نصوصا صريحة تتعلق بتربية أو حيازة حيوانات مفترسة مثل الأسود، لكنها تتناول بشكل واضح تنظيم التعامل مع الحيوانات البرية المهاجرة مثل الطيور، وذلك ضمن إطار قانون حماية الحياة البرية.
وفي ختام حديثها، دعت النعيمي الجهات المعنية إلى تفعيل وتطبيق النصوص القانونية بصرامة للحد من هذه الظاهرة، مؤكدة أهمية توعية المواطنين بمخاطر تربية الحيوانات المفترسة، سواء على المستوى الأمني أو القانوني، حفاظًا على سلامة المجتمع واستقراره.