دَعَا الإسْلَامُ إِلَى الوَحْدَةِ، لِأَنَّهَا طَبِيعَتُهُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا، فَوَحْدَةُ المُسْلِمِينَ وَتَآخِيهِمْ إِنَّمَا هِيَ نَتِيجَةٌ حَتْمِيَّةٌ لِاعْتِنَاقِ هَذَا الدِّينِ، الَّذِي يَعْتَبِرُ المُسْلِمُ أَخَا المُسْلِمِ، فَهُوَ يَعْتَبِرُ رَابِطَةَ الإيمَانِ الأَسَاسَ، فَلَا جِنْسِيَّةَ، وَلَا شُعُوبِيَّةَ، وَلَا تَفْرِيقَ بِالأَلْوَانِ وَاللُّغَاتِ وَالقَبَائِلِ: ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وَفِي الحَدِيثِ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ».

وَفِي القُرْآنِ الحَكِيمِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
وَلَمْ يَبْلُغِ المُسْلِمُونَ مَا بَلَغُوهُ مِنْ مَحَبَّةٍ وَتَضَامُنٍ وَتَنَاصُرٍ وَتَنَاصُحٍ حَتَّى كَانَ شِعَارُهُمْ تَسْلِيطَ الأَضْوَاءِ عَلَى الفَضَائِلِ الإنسَانِيَّةِ الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ المُسْلِمَ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَكْذِبُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ، وَأَنَّ المُسْلِمَ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ. وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».
فَالإسْلَامُ يَنْهَى عَنِ التَّعَالِي وَالسُّخْرِيَةِ، وَكُلِّ مَا مِنْ شَأْنِهِ إِحْدَاثُ تَقَاطُعٍ وَتَنَابُزٍ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾. فَهَذِهِ الآيَاتُ تُرْشِدُ إِلَى أَسْمَى التَّعَالِيمِ وَأَشْرَفِ الآدَابِ، وَتَنْهَى عَنِ السُّخْرِيَةِ وَاللَّمْزِ وَالتَّنَابُزِ بِالأَلْقَابِ، وَتَعْتَبِرُ اقْتِرَافَ الأَخْلَاقِ السَّيِّئَةِ خُرُوجًا عَنِ الإيمَانِ، وَتُسَمِّيهِ فُسُوقًا، وَتَطْلُبُ التَّوْبَةَ وَالِاقْلَاعَ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ.
فَالإسْلَامُ يَعْتَبِرُ الأُمَّةَ الإسْلَامِيَّةَ كُلَّهَا أُمَّةً وَاحِدَةً: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾. فَهَذِهِ الرَّابِطَةُ العَامَّةُ تَقْتَضِي المَوَدَّةَ وَالمَحَبَّةَ وَحُسْنَ التَّعَامُلِ وَالتَّعَايُشَ السِّلْمِيَّ وَرِعَايَةَ الحُقُوقِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالكَسْبِيَّةِ، وَحُرِّيَّةَ الرَّأْيِ، وَحُرِّيَّةَ المِلْكِيَّةِ الخَاصَّةِ لِجَمِيعِ أَفْرَادِ البَشَرِ، وَتَسْتَوْجِبُ التَّرَابُطَ الوَثِيقَ وَالتَّعَامُلَ الكَرِيمَ، وَالتَّنَاصُرَ الدَّائِمَ: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.
وَمِنْ حَقِّ المُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ المُسْلِمِ أَلَّا يُنَازِعَهُ، وَلَا يُحَارِبَهُ، وَلَا يُعِينَ عَلَيْهِ عَدُوًّا، وَأَنْ يَنْصُرَهُ إِذَا حَارَبَهُ عَدُوٌّ، وَأَنْ يُمِدَّهُ بِالعَوْنِ لِدَفْعِ الأَذَى عَنْهُ.
إِنَّ مِنْ وَاجِبَاتِ المُسْلِمِ أَنْ لَا يَتَّخِذَ مِنَ الفَوَارِقِ المَذْهَبِيَّةِ إِنْ وُجِدَتْ وَسَائِلَ لِلتَّفْرِقَةِ وَالتَّشْتِيتِ، وَأَنْ يُسَارِعَ إِلَى إِغَاثَةِ المَنْكُوبِينَ، وَأَنْ يَعْنَى فِي التَّرْبِيَةِ الإسْلَامِيَّةِ عَلَى غَرْسِ حُبِّ المُسَاوَاةِ العَامَّةِ، وَعَلَى بَثِّ رُوحِ الإخَاءِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ العَرَبِيِّ وَالعَجَمِيِّ، وَالأَبْيَضِ وَالأَسْوَدِ وَالأَسْمَرِ؛ لِأَنَّ المُسْلِمَ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا إِلَّا إِذَا أَحَبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ. وَلِذَا فَإِنَّهُ مِنْ أَهَمِّ الوَاجِبَاتِ الإسْلَامِيَّةِ أَنْ يَعْمَلَ المُسْلِمُونَ جَمِيعًا عَلَى تَحْقِيقِ الوَحْدَةِ الإسْلَامِيَّةِ، لِيَحْصُلَ التَّعَاوُنُ وَالتَّنَاصُرُ المُشْتَرَكُ، وَمِنْ أَهَمِّ الوَاجِبَاتِ عَلَيْهِمْ أَنْ يُشَكِّلُوا مَجْلِسًا رِئَاسِيًّا مُوَحَّدًا، لِيَكُونَ لِلْأُمَّةِ قُوَّةٌ دِفَاعِيَّةٌ تَسْتَطِيعُ مِنْ خِلَالِهِ صَدَّ أَيِّ عُدْوَانٍ عَنْ أَيِّ دَوْلَةٍ إسْلَامِيَّةٍ، فَذَلِكَ مَا يَمْنَعُ بَسْطَ النُّفُوذِ الأَجْنَبِيِّ عَلَى أَيِّ أَرْضٍ إسْلَامِيَّةٍ، وَامْتِصَاصَ خَيْرَاتِهَا وَثَرَوَاتِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ.
لَقَدْ ظَهَرَ اليَوْمَ مِنْ خِلَالِ تَحَرُّكَاتِ زَعِيمِ الصِّهْيُونِيَّةِ الأَوَّلِ فِي العَالَمِ رَئِيسِ أَمْرِيكَا: إِنَّ بَوَاعِثَ وَغَايَاتِ التَّجَمُّعَاتِ الدُّوَلِ الكُبْرَى هُوَ حُبُّ السَّيْطَرَةِ وَالنُّفُوذِ وَالِاسْتِعْمَارِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى مُقَدِّرَاتِ البُلْدَانِ الإسْلَامِيَّةِ، وَلَا سَبِيلَ لِدَفْعِ هَذِهِ التَّجَمُّعَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ وَصَدِّ هَجْمَتِهَا إِلَّا بِتَجَمُّعٍ إنسَانِيٍّ وَإسْلَامِيٍّ كَبِيرٍ.
فَرَابِطَةُ الوَحْدَةِ الإسْلَامِيَّةِ هِيَ أَهَمُّ الرَّوَابِطِ وَأَعْظَمُهَا؛ لِأَنَّهَا تَغْرِسُ رَابِطَتَهَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَنَشْرِ دِينِهِ وَعَلَى التَّنَاصُرِ وَالتَّآلُفِ، وَالإصْلَاحِ الأُخَوِيِّ، الَّذِي يَقُومُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَالإيمَانِ بِهِ.
إِنَّ الأَمْرَ جِدُّ خَطِيرٍ، وَيَغْفِرُ اللَّهُ لِلْقَائِلِ:
الأَمْرُ جِدٌّ وَهُوَ غَيْرُ مُزَاحِ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ صَالِحًا يَا صَاحِ
فَالدَّهْرُ أَكْبَرُ وَاعِظٍ يَعَضُّ الفَتَى
وَيَزِيدُ فَوْقَ نَصِيحَةِ النُّصَّاحِ
فَهَذَا العَدُوُّ الصِّهْيُونِيُّ اليَهُودِيُّ فِي فِلَسْطِينَ قَدْ قَتَلَ مِنْكُمْ وَمِنْ إخْوَتِكُمُ الفِلَسْطِينِيِّينَ نِسَاءً وَأَطْفَالًا مُنْذُ السَّابِعِ مِنْ أُكْتُوبَرَ ٢٠٢٤م حَتَّى ١٨ مَايُو ٢٠٢٥م أَكْثَرَ مِنْ ٥٣٣٣٩ شَهِيدًا وَ١٢١٠٣٤ مُصَابًا.
إِنَّ العَدُوَّ الصِّهْيُونِيَّ يَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ، وَيَسْتَفِيدُ مِنْ فُرْقَتِكُمْ وَاخْتِلَافِكُمْ، فَلَيْسَ لَكُمْ مِنْ وَزَرٍ إِلَّا أَنْ تَرْجِعُوا إِلَى الوَحْدَةِ الإسْلَامِيَّةِ الَّتِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهَا، وَدَعَاكُمْ إِلَيْهَا وَحَثَّكُمْ عَلَيْهَا، وَنَهَاكُمْ عَنِ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ، فَقَالَ: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾.
وَهَذَا شَاعِرُ العَرَبِ يَقُولُ:
كُونُوا جَمِيعًا يَا بَنِيَّ إِذَا اعْتَرَى
خَطْبٌ وَلَا تَتَفَرَّقُوا آحَادَا
تَأْبَى القِدَاحُ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرًا
وَإِذَا افْتَرَقْنَ تَكَسَّرَتْ أَفْرَادَا
فَهَلْ آنَ لَكُمْ أَيُّهَا السُّاسَةُ أَنْ تَسْتَيْقِظُوا مِنْ سُبَاتِكُمْ وَأَنْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِ اليَقِينِ فِيمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ؟ فَالْيَقِينُ مِنَ الإيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرُّوحِ مِنَ الجَسَدِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ الصَّبْرُ بِاليَقِينِ تَوَلَّدَ بَيْنَهُمَا حُصُولُ الإمَامَةِ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَالهَدَايَةِ لِلْعَالَمِينَ. أَلَمْ تَقْرَءُوا فِي القُرْآنِ العَظِيمِ: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾؟ وَقَدِ اخْتَصَّ اللَّهُ أَهْلَ اليَقِينِ بِانْتِفَاعِهِمْ بِالآيَاتِ وَالبَرَاهِينِ وَفَوْزِهِمْ بِالهُدَى وَالفَلَاحِ بَيْنَ العَالَمِينَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
إِنَّ هَذِهِ الدُّوَلَ الَّتِي تَكَتَّلَتْ مَعَ الصِّهْيُونِيَّةِ اليَهُودِيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ وَشَائِجُ كَالَّتِي بَيْنَ الأُمَّةِ الإسْلَامِيَّةِ، وَلَنْ يَكُونَ لَهُمْ ظُهُورٌ عَلَيْكُمْ لَوْلَا تَفَرُّقُكُمْ وَاخْتِلَافُكُمْ.
فَتَجَمُّعُهُمْ وَتَسَلُّطُهُمُ الشَّيْطَانِيُّ إِنَّمَا جُبِلَ عَلَى إِيقَادِ الْحُرُوبِ عَلَى بُلْدَانِكُمْ لِعَدَمِ تَوَحُّدِكُمْ وَاتِّحَادِكُمْ، فَكَيْدُهُمْ كَيْدٌ شَيْطَانِيٌّ، وَهُوَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ بَسْطِ سَيْطَرَتِهِ عَلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ إِلَّا إِذَا أَعْرَضَ الْمُؤْمِنُونَ عَنْ هُدْيِ اللهِ وَمِنْهَجِهِ، فَمَا يَدْعُونَ إِلَيْهِ فِي بَرَامِجِهِمْ جُلُّهُ قَائِمٌ عَلَى الْفَسَادِ وَالظُّلْمِ، فَبَرْنَامِجُهُمُ الْاقْتِصَادِيُّ إِنَّمَا يَقُومُ فِي الْغَالِبِ عَلَى الرِّبَا وَأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَفِي بَرْنَامِجِهِمُ الثَّقَافِيِّ فَإِنَّهُ يَقُومُ فِي الْغَالِبِ عَلَى أَسَاسٍ إِبَاحِيٍّ يُزَيِّنُونَ لِلنَّاسِ فِيهِ مَا يُزَيِّنُ الشَّيْطَانُ لَهُمْ فِيهِ مِنْ إِبَاحَةٍ لِلْجِنْسِ، وَإِبَاحَةِ الْخَمْرَةِ، وَإِضَاعَةِ الْأَوْقَاتِ فِي الْمَلَاهِي، وَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ، وَقَدْ نَبَّهَ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى الْخَسَارَةِ الْكُبْرَى الَّتِي يَجْنِيهَا الْإِنْسَانُ مِنِ اتِّبَاعِهِ لِخُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وَفِي الْجَانِبِ السِّيَاسِيِّ وَالْعَسْكَرِيِّ فَإِنَّ الْعَالَمَ يُدْرِكُ أَنَّهُمْ يُؤَجِّجُونَ نِيرَانَ الْحُرُوبِ لِيَنْتَزِعُوا خَيْرَاتِ الشُّعُوبِ، وَالِاسْتِبْدَادَ بِثَرَوَاتِهَا، فَكَيْدُهُمْ كَيْدٌ شَيْطَانِيٌّ.
وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ كَيْدَ الشَّيْطَانِ بِالضَّعْفِ، وَلَوْلَا تَخَاذُلُ سَاسَةِ الْمُسْلِمِينَ وَاخْتِلَافُهُمْ لَكَانَ صَدُّ عَدُوِّهِمْ، وَرَدُّهُمْ لَهُ عَلَى الْأَعْقَابِ، وَكَسْرُ شَوْكَتِهِ مُحَقَّقٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكَيْدُ الشَّيْطَانِ ضَعِيفٌ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)، (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا).
لَقَدْ حَذَّرَنَا اللَّهُ مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ الَّتِي تَتْبَعُهَا التَّجَمُّعَاتُ الْعَلْمَانِيَّةُ الشَّيْطَانِيَّةُ الصِّهْيُونِيَّةُ وَالْمَاسُونِيَّةُ، وَتخوض الصِّهْيُونِيَّةُ الْيَهُودِيَّةُ بِتَعَاوُنِ هَذِهِ التَّجَمُّعَاتِ حُرُوبًا عَلَى الْبُلْدَانِ الْإِسْلَامِيَّةِ.
غَيْرَ أَنَّ سَاسَةَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَأْخُذُوا بِمَا هَدَاهُمُ إِلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَلَوْ فَعَلُوا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ، وَلَكَانَتْ هَزِيمَةُ الصِّهْيُونِيَّةِ وَتَرَاجُعُ الشَّيْطَانِ فِيهَا إِلَى الْوَرَاءِ مَشْهَدًا كَمَا تَرَاجَعَ وَحَصَلَ مَعَ أَسْلَافِهِمْ مِنَ الْأَحْزَابِ الشَّيْطَانِيَّةِ الَّذِينَ حَارَبُوا الْإِسْلَامَ:
*(وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)*.
فَالشَّيْطَانُ هُوَ الَّذِي يُزَيِّنُ لِكُلِّ هَذِهِ التَّجَمُّعَاتِ الْخَارِجَةِ عَنْ هُدْيِ الْإِسْلَامِ مَا تَهْفُو إِلَيْهِ نُفُوسُهُمْ مِنْ حُبٍّ لِلْمَالِ وَالسِّيْطَرَةِ عَلَيْهِ وَأَخْذِهِ بِالْبَاطِلِ عُدْوَانًا وَظُلْمًا، وَالمَيْلِ لِلْجِنْسِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَالطُّغْيَانِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.
فَالصِّهْيُونِيَّةُ الْيَهُودِيَّةُ فِي أَعْمَالِهَا إِنَّمَا تَذْعَنُ لِشَيَاطِينَ الْجِنِّ بِوَسَاوِسِهِ، وَشَيَاطِينَ الْإِنْسِ الَّذِينَ يَدْفَعُونَ إِلَى مَا فِيهِ الْإِضْرَارُ بِالْمُسْلِمِينَ، وَسَيَخْسَرُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، كَمَا أَنَّ خَسَارَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الْآخِرَةِ مُحَقَّقَةٌ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ).
إِنَّ أَنْصَارَ اللَّهِ وَحِزْبَهُ بقيادة قائد المسيرة القرآنية فِي يمْنِ الْإِيمَانِ وَالْحِكْمَةِ يَقِفُونَ فِي وَجْهِ هَذَا الطُّغْيَانِ، كَمَا يَقِفُ أَبْنَاءُ فِلَسْطِينَ وَلُبْنَانَ وإيران وَأَحْرَارُ الْعَالَمِ حَتَّى يُزِيحُوا هَذَا الْكَابُوسَ الَّذِي أَضَرَّ بِالْبَشَرِيَّةِ كُلِّهَا.
إِنَّ اعْتِدَاءَ إِسْرَائِيلَ عَلَى الْيَمَنِ وَفِلَسْطِينَ سَتَدْفَعُ ثَمَنَهُ، وَسَيَنْتَصِرُ حِزْبُ اللَّهِ وَأَنْصَارُهُ فِي الْقَرِيبِ الْعَاجِلِ، وَتَكُونُ عَاقِبَةُ الصِّهْيُونِيَّةِ الْهَلَاكَ وَالْبَوَارَ وَالْخُسْرَانَ، فَالْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: *(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ)*.
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ مَدْعُوُّونَ إِلَى التَّعَاضُدِ وَالتَّنَاصُرِ وَاتِّخَاذِ مَوَاقِفَ عَمَلِيَّةٍ فِي وَجْهِ هَذَا الطُّغْيَانِ وَسَحْبِ السُّفَرَاءِ مِنْ أَمْرِيكَا لِكُلِّ الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ.
كَمَا أَنَّ أَحْرَارَ الْعَالَمِ مَدْعُوُّونَ أَيْضًا إِلَى اتِّخَاذِ مَوَاقِفَ تُجَاهَ الصِّهْيُونِيَّةِ الَّتِي تُبِيدُ عَشَرَاتِ الْآلَافِ مِنَ الْأَبْرِيَاءِ فِي فِلَسْطِينَ، حَتَّى يَكُونَ لَهَا نَصِيبٌ وَحَظٌّ فِي التَّعَاوُنِ عَلَى إِقَامَةِ الْعَدَالَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ حِفَاظًا عَلَى كَرَامَةِ الْإِنْسَانِ، وَسَتَجِدُ فِي وَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ مِثَالًا أَعْلَى لِحِفْظِ كَرَامَةِ الْإِنْسَانِ وَصِيَانَةِ مُمَتْلَكَاتِهِ، وَحُقُوقِهِ كَافَّةً، وَسَيُكْتَبُ لِعَمَلِهِمُ الْإِنْسَانِيِّ النَّجَاحُ وَالْفَلَاحُ.
وَسَيُدْرِكُ التَّجَمُّعُ الصِّهْيُونِيُّ الشَّيْطَانِيُّ الْهَزِيمَةَ وَالْعَارَ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
الْعِزَّةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْخِزْيُ وَالْهَزِيمَةُ لِلْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَلَا نَامَتْ لهم أَعْيُنٌ.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: ل م س ل م ین ال إ س ل ام ال إ ن س ان س ب ح ان ه ف ل س ط ین الو ح د ة الم س ل م ع ل ى ال ه ذ ا ال ی ه ود ی إ ل ى ال ه ی ون ی ی ط ان ی ل ع ال م س ل ام ی

إقرأ أيضاً:

ندوة أكاديمية تستعرض تأثير الفيتو الأمريكي على القضية الفلسطينية

وفي الافتتاح، أكد رئيس الجامعة الدكتور محمد البخيتي أن الندوة تأتي امتدادًا لسلسلة فعاليات تهدف إلى تعزيز الوعي الأكاديمي بقضايا الأمة، مشيرًا إلى أهمية البحث العلمي في كشف السياسات الدولية التي تستهدف الشعب الفلسطيني وتعرية ممارسات القوى الكبرى في المحافل الدولية.

وأوضح المستشار الثقافي لرئيس الجامعة عبدالسلام المتميز أن مثل هذه الندوات تمثل مساحة لدعم الشعوب المستضعفة، وتسليط الضوء على استخدام الدول الكبرى للأدوات القانونية الدولية بما يخدم مصالحها، مؤكدًا ضرورة تعزيز الوعي العام تجاه ما يتعرض له الفلسطينيون من انتهاكات.

من جانبه، اعتبر عميد كلية الشريعة والقانون الدكتور محمد نجاد أن الفيتو في مجلس الأمن تحوّل إلى وسيلة لعرقلة العدالة الدولية، بعدما أصبح يُستخدم لحماية مصالح الدول الكبرى على حساب حقوق الشعوب، ما أفقد المجلس دوره الحقيقي في حفظ الأمن والسلم الدوليين.

وتضمنت الندوة عرض ورقتين بحثيتين؛ الأولى تناولت توظيف الفيتو الأمريكي في خدمة المشروع الصهيوني، فيما ناقشت الثانية تأثيرات هذا الفيتو على الأمن الدولي من خلال نموذج غزة، وذلك بحضور عدد من الأكاديميين والباحثين وقيادات الجامعة.

 

مقالات مشابهة