العقوبات الأمريكية على السودان .. إدراة ترامب .. أسلوب الوعيد والتخويف
تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT
الأمر الذي لا يدعو للدهشة والاستغراب هو أن تقف أمريكا في جانب الحق، أما غير ذلك فهو أمر طبيعي، أو هو سلوك كل الإدارات الأمريكية وإن تحدثت بلغة تحرير الشعوب وحركات التحرر في العالم .ظلت إدارة ترامب الأخيرة تتلاعب وتمثل أحياناً أدواراً في ظاهرها مخالف لما في الباطن وكأنما تحاول أن توقع البعض في شراك نصبتها كعادتها لبعض الدول التى ترى أنها خرجت عن الطاعة الأمريكية.
+ رسائل تخويف:
تعلم واشنطن تمامًا أن اتهامها الذي أطلقته دون شواهد أو تحقيق مجافيًا للحقيقة ولكنها تريد أن ترسل رسائل تخويفية أو محاولة لإخضاع الحكومة السودانية والشعب السوداني وربما دفع معنوي لشريكها التجاري الذي قدم لها مليارات الدولارات محاولة تنظيف سمعته بعد تكشفت في الفترة الماضية ما سببته من أذية وتقتيل في حق الشعب السوداني. إدارة ترامب أطلقت اتهامها هذا برغم أن الأمر يتطلب تحقيقًا دقيقًا وخبراء يمكن أن يأتوا إلى السودان لإجراء التحقيق ولكنها تظن أنها لا تحتاج لكثير عناء لأنها يمكن أن تحاكم من تريد بما تريد .
+ تحذير:
أطلق حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي تحذيرًا في تغريدة على صفحته بالفيس بوك محذرًا من استغلال الكفيل المتربص باستخدام المحظورات بغطاء مليشيا الدعم السريع متذرعًا بالإتهام. وأضاف مناوي: لقد تابعت الإتهام الأميركي للجيش السوداني بإستخدام الكيماوي ضد الدعم السريع ولا أظن ذلك إلا إذا ثبت لذا يتطلب الأمر تحقيقًا عاجلًا لإثباته أو نفيه ولكني أرى دخانًا آخر على العالم أن ينتبه .
+ محاصرة إيران:
وقال القيادي الليبرالي الشهير عادل عبدالعاطي أن القرارات الأمريكية تأتي في ظل تغييرات سياسية يمكن أن تشهدها المنطقة. وأضاف عبدالعاطي في حديث لـ (ألوان) هي قرارات ذات علاقة بالشرق الأوسط أكثر من السودان، وأشار إلى أن توتر العلاقات بين أمريكا وإيران والسعي لمحاصرة إيران بحيث أن أمريكا في إدارة ترامب لها عدويين رئيسين هما إيران والصين لذلك هذا القرار هو رد على التقارب السوداني الإيراني. وأوضح أن هنالك تخوف من الطرف الإسرائيلي الذي له دور كبير في صناعة السياسة الأمريكية والتخوف هو تحول السودان إلى محور جديد موالي لإيران، وذهب في حديثه لنا قائلًا بعد تم تكسير محور حزب الله والمحور السوري وممارسة الضغط على الحوثي في اليمن يظهر التركيز على المحور السوداني وابعاده عن المحور الإيراني أو إضعافه على الأقل، خصوصًا أن قوات الحوثي تسيطر على باب المندب وجزء من البحر الأحمر يصبح من الصعب تقبل أن تكون هنالك تقبل وجود إيراني في منطقة وسط البحر الأحمر. وأشار إلى أنه يمكن أن نلاحظ الصمت السعودي واعتراضهم على هذه السياسة. وزاد أيضًا: هذا الأمر يأتي كترضية للإمارات التى فضحت تمامًا في الفترة الأخيرة بحيث أن كانت هنالك تصريحات في بداية العام تدين الإمارات وتكشف دورها في السودان. وكشف عن مطالبات واسعة وسط العديد من أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ بالكونجرس الأمريكي بوقف دعم الإمارات وتدخلها في السودان لذلك تأتي هذه القرارات لتعزز الموقف الإماراتي وتخفف الضغط عليها .
ويمضي عادل في حديثه قائلًا: إن هذه القرارات تأتي دون إثبات مادي وهذا هو النهج الأمريكي تحت إدارة ترامب ويظهر هذا النهج في التعامل مع الصين وجنوب أفريقيا والعديد من الدول. وكذلك يظهر في السياسة العشوائية بفرض التعريفات الجمركية والتي كانت غير مستندة على حقائق بل إن الإدارة الأمريكية فرضت تعريفات جمركية على جزر غير مأهولة بالسكان وهذه كلها شواهد توضح أن هذه الإدارة لا تستند إلى الحقائق في اتخاذ قراراتها وإنما عوامل أيدلوجية أو سياسية إنحيازية ضد أو مع الأطراف هذا وضح في رشوة الإمارات لأمريكا ببليون ونصف دولار من الإستثمارات المباشرة وغير المباشرة وشراء كميات ضخمة من الأسلحة الأمريكية وترامب رجل الأعمال لايمكن أن يخسر هذا الشريك. ولفت عبدالعاطي إلى دور السياسة السودانية الخارجية ووصفها بالضعف فيما يتعلق بالتعامل مع أمريكا مشيرًا إلى أنها كان يمكن أن تتواصل مع الإدارة الأمريكية منذ البداية.
+ محاولة تركيع:
وصف مساعد رئيس حزب الأمة القومي للشؤون القانونية الحقوقي إسماعيل كتر اتهام الإدارة الأمريكية للحكومة السودانية باستخدام أسلحة كيمائية بلا سند أو دليل بالأمر المحزن وقال كتر في تصريح خص به (ألوان) أن إتهام الإدارة الأمريكية بإستخدام الأسلحة الكيمائية بلا سند أو دليل في الوقت الذي يتقدم الجيش والشعب لتحرير الأرض لأمر محزن جدًا وأشار إلى هو دليل قاطع لتأثير اللوبيهات الذين يودون تركيع الشعوب. وزاد: سكتت الإدارة الأمريكية لحين من الزمن والسودان وشعبه يتعرضون لأبشع صنوف الإنتهاكات وبالدلائل الدامغة وذهب في حديثه لنا قائلًا: القوات المسلحة غير معزولة عن الشعب حتى تخيفها التهديدات أو مثل هذه الإتهامات.
+ رسائل سياسية:
فيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية التي فُرضت على السودان بزعم استخدامه للأسلحة الكيميائية خلال العام الماضي 2024، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي دكتور محمد تورشين أن هذه العقوبات لم تكن منهجية أو مدروسة بالشكل المطلوب. وأضاف في تصريح لـ (ألوان) كان من الممكن للولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تتحدث عن وجود استخدام لأسلحة كيميائية، أن تتعاون مع الحكومة السودانية وترسل وفدًا مشتركًا من المختصصين والخبراء، يتوجه إلى المناطق التي قيل إنها شهدت استخدامًا للأسلحة الكيميائية، وذلك لفحص التربة وغيرها من الأدلة.
وأشار تورشين إلى أن الأسلحة الكيميائية، بطبيعتها، لا تختفي آثارها بسهولة، بل تستمر لسنوات طويلة، مما يسهل عملية التحقق من استخدامها. وكان من الخيارات المتاحة أيضًا اللجوء إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهي منظمة دولية تشارك فيها معظم دول العالم، ويمكنها أن تُشكِّل فريقًا للتحقيق يتوجه إلى السودان ويتقصى الحقائق ميدانيًا. بعد ذلك، يمكن الحديث عن فرض عقوبات إن ثبتت الاتهامات. وأضاف: في تقديري هذه المسألة لا تخرج عن الإطار المألوف؛ فقد وُجِّهت اتهامات مشابهة إلى عدد من الدول في السابق، بل إن الولايات المتحدة نفسها تدخلت عسكريًا في العراق تحت مزاعم امتلاكه أسلحة دمار شامل، ولم يُعثر على شيء. وكذلك الحال في أفغانستان. لذا، أعتقد أن هذه العقوبات تهدف بشكل أو بآخر إلى إرسال رسائل سياسية مفادها أن الولايات المتحدة لا تزال حاضرة في الملف السوداني، مهما كان موقعها ودورها.
ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، استبعاد الدور التحريضي أو التورط الإماراتي في هذا السياق، خاصة إذا ما أُخذت في الاعتبار محاولات فبركة الأدلة وتوظيفها سياسيًا.
+ نوايا سيئة:
واستبعد القيادي بالكتلة الديمقراطية مبارك أردول استخدام الحكومة السودانية للأسلحة الكيمائية. وقال أردول في تصريح لـ (ألوان): في مثل هذه الموقف وفقًا لحظر الأسلحة الكيمانية هنالك اجراءات تتم بتشكيل لجان فنية محددة بأوقات. وأضاف: ما جرى وفق تقارير صحافية أو استخباراتية ولكن لا يرتقي لفرض عقوبات. مشيرًا إلى أن التعجل في فرض عقوبات يؤكد نوايا سيئة للتعامل مع القضية السودانية، مشيرًا إلى أن السودان أصلًا لم يكن مستعد لهذه الحرب. وقال إن اتهام الخارجية الأمريكية لم يأتي عبر لجان تفتيش أو تحقيق وفق أو لجان فنية اتفاقية حظر الأسلحة الكيمانية. وأوضح: المرجح أن هذا القرار جاء نتيجة دوافع سياسية لإدخال السودان في الحظيرة ومن ثم الحديث عن كيفية الخروج. وزاد مثل هذه الأمور لا يمكن أن تستند فيها على تقارير الصحف. وهي تقارير لا يمكن أن تقود إلى إتخاذ قرار دون التحقيق عبر اللجان الفنية. وقال إن الشعب السوداني مستغرب لمثل هذا الحديث فالتربة في السودان هشة والسلاح الذي يستخدم من بقايا الحرب العالمية الثانية. وأضاف: هذا قرار جائر والعقوبات هو سلاح تستخدمه الدول القوية ضد دول العالم الثالث من أجل التطبع السياسي.
إذًا المرجح هي محاولة إدارة ترامب باستخدام أسلوب الوعيد والتخويف لحشر أنفها في السودان أو ربما محاولة جر السودان للإتجاه الذي تريده، وقد يكون الاثنين معًا .
تقرير: مجدي العجب
الوان
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الإدارة الأمریکیة إدارة ترامب فی السودان یمکن أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما مصدر المعلومات الذي يثق به ترامب وبه غير موقفه من تجويع غزة؟
رغم تمتعه بإمكانية الوصول إلى أقوى شبكة لجمع المعلومات في العالم، يحرص الرئيس الأميركي دونالد ترامب على استقاء معلوماته مما يشاهده عبر التلفزيون، وفق مجلة "ذي أتلانتيك" الأميركية.
وبحسب الكاتب في الصحيفة ديفيد غراهام، فإن ذلك كان سببا في تغيير ترامب لقناعته إزاء سياسة التجويع الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث أقرّ بها في حديثه للصحفيين، قبيل اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في أسكتلندا، الاثنين الماضي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2واشنطن بوست تسأل جمهورها عن قضية إبستين ودور ترامبlist 2 of 2أفغانستان المجني عليها في الإعلامend of listوسأل أحد الصحفيين ترامب إن كان يتفق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يصر على نفيه "وجود مجاعة" في غزة، ليجيب "بناء على ما أراه في التلفزيون، أقول لا، لأن هؤلاء الأطفال يبدون جائعين جدا"، مضيفا "هذا مجاعة حقيقية، أرى ذلك، ولا يمكن تزويره".
يقول مساعدو ترامب السابقون إنه لا يقرأ ولا ينتبه أثناء الإحاطات الإعلامية، ويشك بشكل خاص في أجهزة الاستخبارات، لدرجة أنه يصدق كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدلا منها، وهذا يعني أنه على الرغم من حصوله على معلومات عالية الجودة عما يجري في غزة، فإنه لا ينتبه لها إلا عندما تظهر على شاشة التلفزيون.
بواسطة أتلانتك
ويعلق غراهام بأن نتنياهو سياسي ماكر، لكنه لا يستطيع إضعاف علاقة ترامب بالتلفزيون، ولذلك تختلف وجهات نظر الزعيمين مرة أخرى حول غزة، مضيفا أن التلفزيون يساعد ترامب على رؤية الأخبار من نفس منظور عامة الناس، الأمر الذي مكنه من تحقيق نجاحه السياسي، لكنه أيضا يضيّق أفقه، ويجعله عرضة للتلاعب.
"قوة الصورة" غيّرت قناعة ترامبولم يعلق الرئيس الأميركي كثيرا على مسألة التجويع في غزة حتى انتشرت في وسائل الإعلام، حيث توضح صور البالغين والأطفال الهزيلين ذوي البطون المنتفخة هذه الحقيقة بشكل أكثر واقعية من أي إحصائيات، وفق أتلانتك، في حين ساعد انتشار مقاطع الفيديو والصور في جذب الانتباه إلى هذه القصة، تماما كما ساعد ذلك في تغيير الرأي العام الأميركي ضد الحرب في غزة، إذ يقول أقل من ربع الأميركيين الآن إن الأعمال العسكرية الإسرائيلية "مبررة تماما".
إعلانويقول الكاتب إن إجلال ترامب للتلفزيون يتفاعل بشكل خطير مع شكوكه تجاه أي شخص يمثل خبرة مستقلة، مستحضرا قوله في عام 2015: "أنا أعرف عن داعش أكثر مما يعرفه الجنرالات".
ويقول مساعدو ترامب السابقون إنه لا يقرأ ولا ينتبه أثناء الإحاطات الإعلامية، ويشك بشكل خاص في أجهزة الاستخبارات، لدرجة أنه يصدق كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدلا منها، وهذا يعني بالنسبة لغراهام أنه على الرغم من حصوله على معلومات عالية الجودة عما يجري في غزة، فإنه لا ينتبه لها إلا عندما تظهر على شاشة التلفزيون.
القناة التي يفضّلها ترامبوبحسب الكاتب الأميركي، يمثل ما وصفه بالتدفق الضيّق للمعلومات مشكلة، لأن التلفزيون ليس مصدرا جيدا للمعلومات بحد ذاته، بل يجب أن يُستهلك كجزء من نظام إخباري متوازن. وينطبق هذا تحديدا على القناة التلفزيونية التي يبدو أن ترامب يستهلكها أكثر من غيرها، وهي قناة فوكس نيوز، التي قام الباحث الليبرالي مات جيرتز بتوثيق العلاقة المباشرة بين برامجها وتغريدات ترامب خلال ولايته الأولى. وقد وجدت العديد من الأبحاث على مدى سنوات عديدة أن مشاهدي فوكس نيوز أقل اطلاعا من مستهلكي الأخبار الآخرين.
ويعتبر اعتماد ترامب على الأخبار التلفزيونية هدفا سهلا لأي شخص يحاول التأثير عليه، كما يؤكد بحث جيرتز، فقد اعتمد السيناتور ليندسي غراهام، من ولاية ساوث كارولينا، إستراتيجية الظهور على التلفزيون لمحاولة إيصال رسائل إلى ترامب، وقد سأل أحد المذيعين السيناتور غراهام خلال مقابلة: "هل نقلت هذا شخصيا إلى الرئيس؟" ليجيب الأخير: "لقد فعلت ذلك للتو".
وحاول السياسيون الذين يسعون للحصول على دعم ترامب استخدام التلفزيون أيضا، إذ نشر النائب الجمهوري توماس ماسي، إعلانات في فلوريدا أثناء ترشحه لإعادة انتخابه في عام 2020 لكي يراها ترامب، وكذلك فعل معارضو ترامب الذين يرغبون في استفزازه.
ويعلق الكاتب، "حقيقة أن الرئيس يمكن إقناعه بسهولة تثير القلق بحد ذاتها، وتساعد في تفسير التقلبات السياسية خلال فترتي رئاسته، لكنها تشكل خطورة خاصة في عصر المعلومات المضللة".
ويضيف غراهام أن الاعتقاد الساذج لدى ترامب بأن ما يراه على التلفزيون "لا يمكن تزويره" يتناقض مع العديد من الصور المزيفة المؤثرة التي تنتشر على فيسبوك، وفيما يتعلق الأمر بغزة، فإنه لديه إمكانية الوصول إلى أدلة وتحذيرات أكثر موثوقية عبر خبراء حقوق الإنسان، ولكن يبدو أن هذه الأدلة والتحذيرات لا تؤثر عليه.