الجزيرة:
2025-07-12@13:05:20 GMT

ما وراء العقوبات الأوروبية الجديدة ضد روسيا؟

تاريخ النشر: 27th, May 2025 GMT

ما وراء العقوبات الأوروبية الجديدة ضد روسيا؟

موسكو- لم تمضِ سوى أيام قليلة على انتهاء المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول، حتى بدا أن مفاعيلها قد تلاشت سريعًا، لتعود الأزمة إلى مربعها الأول، حيث صعّد الطرفان من وتيرة الهجمات المتبادلة، بالتزامن مع انطلاق المرحلة الثالثة من عملية تبادل الأسرى، التي تُعد الكبرى منذ اندلاع الحرب.

عودة إلى نقطة البداية

وتزامن هذا التصعيد مع دخول الاتحاد الأوروبي مجددًا على خط المواجهة الاقتصادية مع موسكو، من خلال فرض حزمة جديدة من العقوبات طالت بشكل أساسي نحو 200 سفينة ممّا يُعرف بـ"أسطول الظل" الروسي المخصص لنقل النفط.

كما شملت العقوبات شركات نفط روسية إضافية، في إطار مسعى أوروبي لتضييق الخناق على عائدات موسكو، بحسب ما يؤكده مسؤولون غربيون.

نتائج المحادثات في إسطنبول لم ترقَ إلى مستوى التطلعات الدولية (الأوروبية)

وتُعد هذه الحزمة الأوسع منذ بدء الحرب في أوكرانيا أواخر فبراير/شباط 2022، حيث تضمنت قيودًا إضافية على أكثر من 45 شركة وفردًا ممن يدعمون الجيش الروسي، بالإضافة إلى إدراج 31 كيانًا جديدًا ضمن قائمة حظر تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج.

وفي الوقت ذاته، تتصاعد حالة من الغموض إزاء مستقبل الحل السياسي بين روسيا وأوكرانيا، وسط مؤشرات على تبدل محتمل في الموقف الأميركي، من داعم متشدد لأوكرانيا إلى وسيط بين الطرفين، رغم أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تُقدم على رفع أو تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا منذ عهد الرئيس السابق جو بايدن.

ومن المتوقع أن تطالب أوكرانيا الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات جديدة صارمة على روسيا. فبعد إعلان الرئيس ترامب يوم الاثنين عدم فرض قيود جديدة على موسكو خشية التأثير السلبي على جهود وقف إطلاق النار، بدا أن كييف ترى في أوروبا الملاذ الوحيد لمواصلة الضغط الاقتصادي على الكرملين. إلا أن هذه الآمال، بحسب مراقبين روس، قد لا تُكتب لها الاستجابة المرجوّة.

عقوبات وارتدادات

ويرى الباحث في المعهد الأعلى للاقتصاد، فلاديمير أوليتشينكو، أن مطالب أوكرانيا تتجاوز بكثير ما يمكن لأوروبا أن تتحمله أو تقبله فعليًا. ويضيف، في تصريح للجزيرة نت، أن التقرير المُزمع تقديمه للاتحاد الأوروبي -والذي تطالب فيه كييف باتخاذ تدابير صارمة، تشمل فرض عقوبات ثانوية على مشتري النفط الروسي- من المرجح أن يمتد ليشمل الهند والصين، إلا أن أوروبا لن تقدم على هذه الخطوة لما قد يترتب عليها من تداعيات دبلوماسية واقتصادية مع هذه القوى الناشئة.

إعلان

وبحسب أوليتشينكو، فإن العقوبات الجديدة التي تبناها كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، قد تُحدث بعض الأثر في الاقتصاد الروسي، إلا أنه لن يكون بالحجم الذي تطمح إليه أوكرانيا. ويؤكد أن موسكو ستسعى إلى إيجاد طرق للالتفاف على هذه العقوبات، لكن الضربة ستكون "حساسة" في بعض القطاعات، إذا لم تتخذ روسيا تدابير مضادة فعالة.

ويعرض المتحدث سيناريوهين محتملين لمسار هذه العقوبات: الأول إيجابي، يتمثل في رفض محدود لبعض السلع التي يمكن لروسيا تعويضها ببدائل، والثاني سلبي، عندما لا تتمكن موسكو من إيجاد نظائر محلية، مما قد يُلحق ضررًا كبيرًا ببعض الصناعات، مثل صناعة الطيران.

ويُشير إلى أن "أسطول الظل"، الذي يُعد أداة رئيسية في ظل العقوبات للحفاظ على استمرار الصادرات والواردات الروسية، لن يتعرض لضربة قاصمة كما تأمل أوروبا، ولكنه أيضًا لن يظل بمنأى عن التأثيرات السلبية.

فك الارتباط الأميركي

من جهته، يرى محلل الشؤون الاقتصادية، أندريه زايتسيف، أن العقوبات الأوروبية الجديدة -وما قد يتبعها لاحقًا- تهدف إلى تعزيز الضغوط على روسيا، وإجبارها على وقف هجماتها ضد أوكرانيا من خلال استهداف قطاعات حيوية في اقتصادها.

أوروبا قد تتجنب فرض عقوبات على الصين والهند لأسباب نابعة من اعتبارات إستراتيجية (شترستوك)

ويؤكد، في حديثه للجزيرة نت، أن هذه العقوبات لن تُرفع حتى لو نجحت المفاوضات في إسطنبول بين الوفدين الروسي والأوكراني في إنهاء الأزمة. ويضيف أن التفاؤل الذي رافق المفاوضات منذ البداية يجب التعامل معه بحذر، لأن التجارب السابقة تُثبت أن التوصل إلى اتفاقات سياسية لا يؤدي بالضرورة إلى رفع العقوبات.

ويُوضح أن هناك قاعدة ثابتة في هذا السياق: في حال حدوث تقدم سياسي، قد تبدأ عملية تخفيف العقوبات عبر منح استثناءات أو تراخيص عامة، إلا أن هذه العملية عادة ما تستغرق وقتًا طويلًا. ويُقدم أمثلة على ذلك، منها حالة الصين، التي لم تُرفع عنها العقوبات إلا بعد أكثر من 30 عامًا من بدء التطبيع السياسي، وكذلك إيران التي أُعيد فرض العقوبات عليها رغم الاتفاق النووي، بل وازدادت شدّة.

إعلان

وانطلاقًا من هذا، يرى زايتسيف أن المفاوضات ستطول، وأن الوصول إلى حل سياسي للصراع الأوكراني سيكون معقدًا للغاية، وهو ما يتماشى مع التصور الروسي لتصعيد تدريجي بدأ منذ نهاية العام الماضي.

ويختم بأن امتناع الولايات المتحدة عن فرض عقوبات جديدة منذ مغادرة الرئيس السابق جو بايدن للبيت الأبيض، يُضعف من فاعلية الحزمة الأوروبية الجديدة، ويجعلها "ضربة غير مؤلمة" من منظور استقرار الاقتصاد الكلي في روسيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فرض عقوبات إلا أن

إقرأ أيضاً:

من لُعبة إلى أداة نفوذ ناعم: كيف تسللت لابوبو الصينية إلى الأسواق الأوروبية؟

مع تصاعد الحديث عن أدوات القوة الناعمة، برزت دمية لابوبو الصينية كلعبة صغيرة اخترقت الأسواق الأوروبية، لتتحول إلى ظاهرة ثقافية واقتصادية، في وقت تشهد فيه العلاقات الأوروبية الصينية توترات تجارية متزايدة. اعلان

وظهرت شخصية لابوبو لأول مرة عام 2019، من تصميم الفنان التايواني كاسينغ لونغ، ضمن مجموعة العلب المفاجئة (Blind Boxes)، وهي عبوات مغلقة لا يُعرف محتواها إلا بعد الشراء، وتنتجها شركة بوب مارت الصينية.

ووفقًا لتقرير تقرير صادر عن مراجعة كلية الصين وأوروبا الدولية لإدارة الأعمال (CEIBS Business Review) في يونيو/ حزيران 2024، ساهم هذا النموذج القائم على التشويق في رفع معدل الشراء المتكرر بأكثر من 35٪ في الأسواق الآسيوية والأوروبية، لا سيما بين الفئة العمرية من 18 إلى 35 عامًا.

ومن العوامل الحاسمة لانتشار لابوبو عالميًا، دعم المشاهير، إذ ظهرت في حقائب عدد من النجمات العالميات مثل ليسا من فرقة بلاكبينك، التي شوهدت تحملها خلال فعالية لدار لويس فويتون في أبريل/ نيسان 2024، إضافة إلى المغنية العالمية ريهانا.

لابوبو، الدمية الغريبة-اللطيفة التي ظهرت مع ريهانا وكيم كارداشيان، تُباع بسعر يبدأ من 30 دولارًا ويرتفع بسرعة في الأسواق العالمية.Damian Dovarganes/Copyright 2025 The AP. All rights reserved.

ووفقًا لتقرير نشره موقع أرابيان بزنس (Arabian Business) في أغسطس/ آب 2024، ساهمت هذه المشاهد في تصاعد حضور لابوبو على منصات مثل إنستغرام وتيك توك، ما أدى إلى ارتفاع مبيعات بوب مارت بنسبة 42٪ مقارنة بالربع السابق.

ولا يمكن الحديث عن نجاح لابوبو دون التطرق إلى ظاهرة فومو (FOMO)، وهي اختصار لعبارة "Fear Of Missing Out" أو "الخوف من فوات الفرصة"، حيث يُعرّف الأخصائيون هذه الظاهرة بأنها شعور اجتماعي نفسي ينتج عندما يرى الأشخاص الآخرين يشاركون في تجربة أو يمتلكون شيئًا يرغبون به، مما يخلق لديهم قلقًا من تفويت ما يبدو وكأنه "الترند التالي".

وتتجلى هذه الظاهرة بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر مئات الفيديوهات على تيك توك ويوتيوب لأشخاص يفتحون صناديق لابوبو، ويتشاركون لحظات الحماس والمفاجأة عند اكتشاف أي شخصية حصلوا عليها. ويزرع هذا النمط من المحتوى، إلى جانب التعليقات المتفاعلة والمتكررة، لدى الجمهور شعورًا بالحاجة إلى الانضمام للركب حتى لا "يفوتهم شيء". وتُنتج هذه الدمى بكميات محدودة نسبيًا، وغالبًا ما تُباع ضمن مجموعات حصرية أو موديلات تطلق بشكل دوري، ما يعزز الشعور بالندرة والتميز.

ارتفعت قيمة الرمز الرقمي $LABUBU بنسبة 4700٪ خلال 30 يومًا، بعدما عجزت "بوب مارت" عن تلبية الطلب، فتحوّلت اللعبة إلى عملة مشفّرة على "سولانا".

وبحسب تحليل نُشر على إذاعة سي جي تي إن (CGTN) الصينية في يونيو/ حزيران 2025، لا تمثل لابوبو منتجًا استهلاكيًا فحسب، بل تُعد جزءًا من استراتيجية ثقافية أوسع تسعى من خلالها الصين إلى تصدير صورة ناعمة عن هويتها عبر الفن والتصميم، بدلًا من الخطاب السياسي المباشر. وسجل التقرير زيادة في الطلب على منتجات بوب مارت في دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، خصوصًا داخل المتاجر الكبرى ومنصات البيع بالتجزئة الإلكترونية مثل سلسلة فناك الفرنسية (FNAC) وأمازون.

ورغم النجاحات الكبيرة، لم تخلُ رحلة لابوبو من العقبات. فقد أشار تقرير لمجلة ذا ويك (The Week) في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 إلى انتشار نسخ مقلدة تُباع تحت اسم لافوفو، ما أثار نقاشات حادة حول جودة المواد وسلامة المستهلك الأوروبي. واستجابة لذلك، دعت هيئات حماية المستهلك في بلجيكا وإسبانيا إلى مراجعة معايير استيراد ألعاب العلب المفاجئة، خاصة القادمة من شرق آسيا.

Relatedكيف تحوّلت ألعاب الفيديو إلى ساحة لتجنيد المتطرفين؟قواعد جديدة تُشدد الرقابة على سلامة الألعاب في الأسواق الأوروبيةبلجيكا: أكبر معرض من نوعه في أوروبا يجمع عشاق ألعاب الفيديو القديمة

ويرى عدد من المحللين أن جاذبية لابوبو لا تكمن فقط في تصميمها الفريد، بل في قدرتها على تمثيل جيل جديد من الثقافة الصينية، ثقافة تمزج بين الغرابة البصرية وروح الجمع، وتسويق يقوم على عنصر المفاجأة. وساهم انتشار نموذج العلب المغلقة في ظهور مجتمعات رقمية متخصصة في أوروبا، تتبادل فيها هذه الألعاب وتُباع أحيانًا بأسعار تصل إلى 300 يورو للنسخة الواحدة، بحسب تقرير لموقع People.cn في يوليو/ تموز 2024.

تحوّلت دمى لابوبو إلى أداة فعلية ضمن توجه الصين لتوسيع نفوذها الثقافي عالميًا عبر القوة الناعمة. وبينما تواصل جذب المستهلك الأوروبي، تطرح هذه الظاهرة تساؤلات حول العلاقة بين الأسواق والقيم الثقافية، وكيف يمكن لدمية صغيرة أن تُعيد رسم ملامح التأثير الدولي بأسلوب ناعم وفعّال.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • ضابط ألماني لرئاسة البعثة الاستشارية الأوروبية في العراق
  • موسكو وبيونغ يانغ تعلنان «أخوة لا تُقهر».. والسعودية تعزز شراكاتها الصناعية في روسيا
  • من لُعبة إلى أداة نفوذ ناعم: كيف تسللت لابوبو الصينية إلى الأسواق الأوروبية؟
  • ما وراء الخبرـ إيران وواشنطن وسيناريوهات ما بعد الحرب
  • ترامب يتنبأ بـحدوث أمور تجاه روسيا بعد تصريحاته عن العقوبات
  • وزير سعودي يرأس اجتماع الطاولة المستديرة مع ممثلي القطاع الخاص الروسي في موسكو
  • عروض رسمية لضم إمام عاشور من الأهلي.. أحدها من سيسكا موسكو
  • إسقاط مسيرتين متجهتين إلى موسكو
  • إطلاق حرب سرية ضد صادرات النفط الروسية.. كيف سترد موسكو؟
  • بعثة روسيا الأممية: موسكو لا تقبل تهديد حرية الملاحة الدولية