مع بدء اتجاه الرئيس السادات نحو السماح بعودة التعددية الحزبية التى ألغاها نظام ثورة 23 يوليو، قام فؤاد سراج الدين فى يناير 1978، بطلب السماح لحزب الوفد بممارسة العمل الحزبى العلنى، أثار طلب «سراج الدين» بعودة الوفد إلى الحياة السياسية استياء «السادات» وأجهزة الدولة الأخرى التى شنت حملة ضد الوفد واتهمته بأنه حزب العهد البائد والفاسد فى عهد ما قبل ثورة 23 يوليو، ولكن بالرغم من ذلك كله فقد حصل الوفد على موافقة لجنة شئون الأحزاب لتأسيسه من جديد فى 4 فبراير 1978، إلا أن استمرار الحملة الحكومية ضده، والتحذير من أنه سوف يضر بالتجربة الحزبية الجديدة، دفعت قادة حزب الوفد إلى إعلان تجميد الحزب طواعية.
رغم أن قادة الوفد قرروا طواعية تجميد الحزب، منعا لصدام كان متوقعا مع السلطة، فقد حدثت مضايقات عدة لقادة الوفد، كان أقصاها اعتقال فؤاد باشا سراج الدين، ضمن قرارات سبتمبر 1981، والتى اعتقل بموجبها عشرات السياسيين المصريين، بناء على قرار من الرئيس السادات، وفى أعقاب اغتيال «السادات» فى أكتوبر 1981، وتولى حسنى مبارك رئاسة مصر، أطلق «مبارك» سراح جميع المعتقلين السياسيين وقد انتهز الوفد الفرصة سريعا، فأعلن عودته إلى العمل السياسى وفق القرار السابق بتجميد الحزب، لكن هيئة قضايا الدولة المصرية رفعت دعوى قضائية بعدم جواز عودة الوفد على اعتبار أن الحزب حل نفسه، وطعن الوفد على الحكم قائلا: إنه جمد نفسه، ولم يحل الحزب، فقررت محكمة القضاء الإدارى رفض دعوى الحكومة والحكم بشرعية عودة الوفد، ليعود إلى ممارسة نشاطه السياسى بشكل رسمى عام 1984.
لم يكن فؤاد باشا بمفرده يقود معركة عودة الوفد إلى الساحة السياسية بل وقف معه كوكبة من أفضل المناضلين منهم إبراهيم فرج، حتى عادت راية الوفد تخفق، وتؤكد أن الوفد هو الحزب السياسى العريق الذى تلتف حوله الأمة، وتقدم لعضوية الوفد مليونان من العناصر الوطنية الشريفة ونشرت «الأهرام» فى صدر صفحتها الأولى الخبر مخففا وعلى الرغم من هذا غضب الرئيس السادات وعنف المرحوم على حمدى الجمال رئيس تحرير الأهرام فى ذلك الوقت.
كان إبراهيم فرج وكيل المؤسسين للوفد وأعلن فى فبراير 1978، أمام الدكتور مصطفى خليل أن الوفد لا يريد أى مساعدة مالية من الاتحاد الاشتراكى ومعنى هذا استقلال إرادة الوفد فى مواجهة النظام ومواجهة الحكومة، وبعد عودة الوفد اختار فؤاد سراج الدين باشا رئيس الوفد، إبراهيم باشا فرج سكرتيرا عاما للوفد ورئيسا للجنة الشئون الخارجية، واستمر فؤاد سراج الدين باشا رئيسا لحزب الوفد منذ عودته عام 1984 حتى وفاته يوم 9 أغسطس عام 2000.
بعد رحيل سراج الدين تناوب على رئاسة الوفد الدكتور نعمان جمعة والمستشار مصطفى الطويل والدكتور محمود أباظة والدكتور السيد البدوى والمستشار بهاء الدين أبوشقة ويتولى رئاسة حزب الوفد حاليا الدكتور عبدالسند يمامة، الذى قدم صورة وافية عن تاريخ الوفد منذ نشأته عام 1918، بزعامة سعد باشا زغلول حتى وصلت رئاسته إليه فى انتخابات مارس 2022، وذلك بمناسبة ذكرى زعماء الوفد التاريخيين سعد زغلول ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين، حيث قال: إن الوفد ليس حزبا تاريخيا يعيش على أمجاد الماضى، ولكنه حزب عصرى، قادر على تجديد نفسه ورؤيته وفقا لتطور الأحداث.
وأضاف الدكتور عبدالسند يمامة أن الخطاب السياسى الوفدى يستلهم كل ما فعله الآباء والأجداد، ويضعه فى إطار مشروعات تقدم العون للدولة المصرية، وهذا هو دور الوفد فى الفترة الحالية فى عهد حكم الرئيس السيسى، حيث إن حزب الوفد هو بيت الوطنية المصرية، وهو الحزب المعارض الذى قد يختلف على سياسات، لكنه لن يختلف أبدا على مصلحة الوطن، لأن المعارضة الوطنية التى يمارسها الوفد جزء من الدولة الوطنية المصرية، ويتحرك حزب الوفد وفق خطاب ثقافى يعتمد على التنوير وخدمة قضية الوعى التى بدأها الأجداد، ويمارس المعارضة النزيهة بعيدا عن الانتهازية وينحاز فى كل مواقفه لقضايا الوطن والمواطن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرئيس السادات ثورة 23 يوليو الحياة السياسية أجهزة الدولة فؤاد سراج الدین حزب الوفد
إقرأ أيضاً:
صرخة من قلب السادات: السقالة الغادرة تبتلع العمال الثلاثة
تحولت لحظات العمل اليومية داخل أحد مواقع البناء بمدينة السادات بمحافظة المنوفية إلى مشهد مأساوي مؤلم، بعدما شهد الموقع حادثا مروعا أودى بحياة عامل وأصاب اثنين من أقاربه بجروح بالغة، إثر سقوطهم من ارتفاع شاهق أثناء تأدية مهامهم الإنشائية.
الحادث أثار حالة من الحزن بين زملائهم وأبناء المنطقة، ودق ناقوس الخطر مجددا حول إهمال اشتراطات السلامة المهنية في مواقع العمل.
كارثة على السقالة: سقوط مأساوي يهز مدينة الساداتكانت البداية حين تلقى اللواء علاء الدين الجاحر، مدير أمن المنوفية، إخطارا من العميد نضال المغربي مأمور قسم شرطة السادات، يفيد بسقوط عدد من العمال أثناء تنفيذ أعمال تشطيب في واجهة أحد العقارات تحت الإنشاء بالمنطقة الصناعية. وعلى الفور، تحركت قوة أمنية برفقة سيارات الإسعاف إلى موقع البلاغ لمعاينة المكان وإنقاذ المصابين.
وبحسب المعاينة المبدئية التي أجرتها الأجهزة الأمنية، تبين أن ثلاثة عمال كانوا يعملون على سقالة معدنية مثبتة على ارتفاع يقارب الطابق الرابع، عندما اختل توازنها فجأة نتيجة انقطاع أحد الأسلاك الحديدية الحاملة لها، أدى ذلك إلى سقوطهم بشكل مفاجئ من ارتفاع كبير، وسط ذهول باقي العمال الذين هرعوا لمحاولة إنقاذ زملائهم.
وأسفر الحادث عن وفاة العامل محمود علي عبد الله، البالغ من العمر 39 عاما، متأثرا بإصاباته البالغة التي شملت نزيفا داخليا وكسورا متعددة، بينما أصيب شقيقه أحمد علي عبد الله، 41 عاما، وابن عمهما أحمد عبد المرضي، 32 عاما، بكسور في العمود الفقري وجروح متفرقة في أنحاء الجسم. تم نقل المصابين إلى مستشفى السادات المركزي لتلقي الرعاية الطبية العاجلة، فيما أودع جثمان المتوفي ثلاجة حفظ الموتى تحت تصرف النيابة العامة.
وكشفت التحريات الأولية أن العمال الثلاثة لم يكونوا يرتدون أحزمة أمان أو خوذات واقية أثناء صعودهم على السقالة، في مخالفة واضحة لقواعد السلامة المهنية المعمول بها في مواقع البناء. كما تبين أن السقالة كانت مثبتة بوسائل غير مؤمنة، ما جعلها عرضة للاهتزاز والسقوط عند حدوث أي حركة غير متزنة أو انقطاع في الأسلاك الداعمة.
من جانبها، حررت الأجهزة الأمنية محضرا بالواقعة وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات. وأمرت النيابة بتشكيل لجنة فنية من مديرية القوى العاملة لفحص الموقع والوقوف على مدى الالتزام باشتراطات الأمان، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتسببين في الإهمال إن ثبت وجود تقصير.
وفي موقع الحادث، سيطر الحزن والذهول على زملاء العمال، الذين أكدوا أن الضحايا كانوا من أصحاب السمعة الطيبة والاجتهاد في عملهم، وأنهم اعتادوا الاعتماد على أنفسهم لتوفير قوت يومهم لأسرهم. وقال أحد زملائهم إن السقالة كانت مهترئة ولم يتم فحصها منذ فترة طويلة، رغم تحذيراتهم المتكررة بضرورة استبدالها أو تأمينها.
وفي المقابل، أكد عدد من السكان القاطنين بالقرب من الموقع أن مشاهد العمل دون وسائل أمان باتت أمرا متكررا في المنطقة، مطالبين الجهات المعنية بتشديد الرقابة على مواقع الإنشاءات الخاصة والعامة على حد سواء، حفاظا على حياة العمال الذين يعانون ظروفا قاسية في سبيل كسب الرزق.
من جهتها، شددت مديرية القوى العاملة بالمنوفية على ضرورة مراجعة تراخيص الشركات والمقاولين العاملين في المدينة، والتأكد من تدريب العمال على أسس السلامة المهنية، مشيرة إلى أن الحوادث المتكررة من هذا النوع تمثل جرس إنذار بضرورة فرض عقوبات صارمة على من يهمل في إجراءات الأمان.