في يوم الجمعة 23 مايو 2025، وبعد ست سنوات من الصمت، اختار الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية، جوزيف كابيلا، أن يخاطب الأمة.

في خطاب دام 45 دقيقة، رسم الرجل صورة قاتمة للوضع الحالي في البلاد برئاسة فيليكس تشيسيكيدي. فقد كان خطابه قويا، تزامن مع رفع الحصانة البرلمانية عنه.

فهل هي مجرد صدفة أم إشارة سياسية واضحة؟ إليكم مراجعة لخطاب قد يعيد تشكيل مستقبل السياسة الكونغولية.

كابيلا يهاجم دون مواربة

فقد كانت كلمات كابيلا واضحة بأن البلاد في أزمة. هذا التصريح المباشر والواضح يراه كابيلا، أنه يضع الأساس. فقد اتهم النظام الحالي بالتدهور الاقتصادي، والانفلات الأمني، والانحدار الديمقراطي.

وقارن كابيلا ذلك بفترة حكمه من 2001 إلى 2019، التي وصفها بأنها فترة "وحدة وطنية"، مما يفتح الباب لإعادة تأهيله سياسياً.

بدا الخطاب كأنه محاولة لإعادة التموضع السياسي. فبينما اعتقد بعضهم أنه انسحب نهائياً، عاد كابيلا ليظهر كرجل المرحلة في مواجهة نظام يتهمه بفقدان الشرعية.

رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية السابق جوزيف كابيلا (الجزيرة) رؤية وطنية أم مناورة سياسية؟

"اقترح كابيلا ميثاقاً وطنيا من أجل الوحدة، والسيادة، وإنهاء الحرب، واستعادة الديمقراطية"

وكان اقتراح الميثاق الوطني المكون من 12 نقطة بمثابة المفاجأة. وهذا يشير ربما إلى الرغبة في الانفتاح، وحتى في الحوار الشامل، الذي يتجاوز النقد البسيط.

إعلان

وبهذا المعنى، يتبنى كابيلا موقفاً وحدويا وليس عدائياً. لكن هل هذا حقا مشروع إنقاذ وطني أم انقلاب سياسي لاستعادة السلطة بصناديق الاقتراع أو النفوذ؟

رد على اتهامات دعم حركة إم23

كابيلا: "أنفي بشكل قاطع أي علاقة لي بمتمردي إم23".

وبينما يضعه رفع الحصانة عنه من البرلمان تحت الأضواء القضائية، يدافع كابيلا عن نفسه بقوة.

ويشير في مقطع من خطابه إلى أنه يسعى إلى استعادة المبادرة، رافضًا أن يظل مقيدًا بدور الرئيس السابق المتآمر ومحاولا استعادة صورته في نظر الرأي العام الوطني المنقسم.

عناصر من حركة إم23 يشاركون في عملية أسر القوات الخاصة في معركة غوما (الجزيرة) معارض يدعم كابيلا

في رد قوي، دعم سيث كيكُني، مرشح رئاسي سابق في 2018 و2023، ورئيس حزب "العدالة من أجل النهوض" خطاب كابيلا، ووسّع التحليل بوصفه الدولة أنها فاشلة، تعاني من:

انعدام الأمن المستمر (إم23، الجماعات المسلحة الغامضة، المرتزقة). سلطة استبدادية: "تمت إدانتي ظلماً بالسجن 12 شهراً… فقط لأنني مارست حرية التعبير". انهيار مؤسساتي واقتصادي: "التضخم، الدين العام، الفساد، البطالة… كلها أمراض يومية".

كما اتهم كيكُني الحزب الحاكم بخيانة الإرث الديمقراطي للمعارضة التاريخية، مشيراً إلى إدارة تتسم بالقبلية، وانتهاكات للدستور، وانحراف أمني خطِر.

سيث كيكوني، المرشح الرئاسي السابق في جمهورية الكونغو الديمقراطية من عامي 2018 و2023 (الجزيرة) الجيش الضعيف

إحدى أكثر النقاط إثارة للقلق في خطاب كيكُني قوله عن وضع الجيش إنه "في 2011، هزم الجيش إم23. اليوم، لم يعد قادراً على الدفاع عن وحدة التراب الوطني".

وأرجع ذلك إلى التسييس العرقي للجيش، والاعتقالات التعسفية للجنود الموالين لكابيلا، وغياب قيادة عليا قوية.

وقال كيكُني إنه ونظرا لذلك، تلقى الجيش إذلالا عسكريا أمام تقدم إم23، بينما تتهم السلطة من سبقها بدلاً من تحمل المسؤولية.

العديد من عناصر الجيش الحكومي وقعوا في أسر حركة إم23 (الجزيرة) عودة الرجل القوي أم مجرد إعلان؟

"لم يعد لديه خيار سوى أن يُسمع صوته. فإما أن يلبّي نداء التاريخ أو يفوّته"، هذه العبارة من تعليق الصحفي دلفين تامبوي تلخص الموقف بأن "على كابيلا أن يتحرك. فالخطاب وحده لا يكفي. يجب أن يتبعه فعل سياسي أو شعبي، وإلا سيبقى مجرد لحظة حنين".

إعلان

لقد أصبح المشهد السياسي الآن ساحة للمواجهة الأيديولوجية والإستراتيجية بين النظامين القديم والجديد. ظل كابيلا صامتا منذ عام 2019، لكن هذه العودة، إذا تأكدت، يمكن أن تشكل إعادة تشكيل كبرى للمشهد السياسي الكونغولي.

نحو انتقال جديد أم انتكاسة؟

تُقدَّم الفترة المقبلة على أنها لحظة مفصلية في تاريخ الكونغو "2025–2028: فترة يجب تدريسها كمرجع تاريخي".

إذ قد تؤدي إما إلى إعادة تأسيس جمهورية جديدة، أو إلى غرق أعمق في عدم الاستقرار. الكرة الآن في ملعب الجميع: كابيلا، تشيسيكيدي، المعارضة، المجتمع المدني، والشركاء الدوليون.

الكونغو بين عهدين وسرديتين

خطاب كابيلا ليس عادياً ولا محايداً. إنه شرارة لإعادة تشكيل المشهد السياسي، من خلال نقد لاذع للسلطة الحالية، وعرض لمشروع بديل. دعم كيكُني له يعزز معارضة متعددة الأصوات لكنها تتجه نحو التوحد.

الكونغو الآن على مفترق طرق:

إصلاح أم فوضى؟ حوار أم مواجهة؟ صمود أم انهيار؟

المستقبل وحده سيكشف الجواب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

السودان يدين الصمت الدولي تجاه هجمات «الدعم السريع» في الفاشر

قالت الحكومة عبر بيان أن ما تقوم به قوات الدعم السريع يمثل تحديًا واضحًا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وعدم اكتراث بالقانون الدولي الإنساني..

التغيير: الخرطوم

أدانت حكومة السودان، اليوم الأحد، استمرار الصمت الدولي حيال ما وصفته بجرائم الحرب والانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد المدنيين في مدينة الفاشر ومدن أخرى.

وقالت عبر بيان أن ما تقوم به قوات الدعم السريع يمثل تحديًا واضحًا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وعدم اكتراث بالقانون الدولي الإنساني.

وشددت الحكومة على أن ما وصفته بجرائم الدعم السريع تحتم على المجتمع الدولي مساعدة السودان في محاسبة المسؤولين عنها.

وأكدت الحكومة أن الهجوم الذي وقع أمس في الفاشر لن يزيد السودانيين إلا تمسكًا بضرورة إنهاء هذا التمرد، في إشا ة لقوات الدعم السريع.

وكانت تنسيقية لجان المقاومة- الفاشر، أعلنت صباح السبت، أن قوات الدعم السريع نفذت عمليات قصف يومي الجمعة والسبت على مركز إيواء دار الأرقم وجامعة أم درمان الإسلامية بالمدينة، ما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى، وهو ما نفته الدعم السريع.

وتحاصر الدعم السريع المدينة منذ مايو 2024، ما تسبب في تدهور الوضع الإنساني بشكل غير مسبوق، وانقطاع الإمدادات الغذائية والطبية، وتفاقم معاناة السكان المدنيين في ظل استمرار القتال داخل الأحياء السكنية.

ويشهد السودان منذ منتصف أبريل 2023 حربًا مدمّرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، خلّفت آلاف القتلى وملايين النازحين، وتسببت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

الوسومالحكومة السودانية السودان القصف على الفاشر حرب الجيش والدعم السريع حصار الفاشر

مقالات مشابهة

  • مسعد بولس: السلام في الكونغو مسار طويل لا يُدار بمفتاح
  • هل رفع تصنيف مصر الائتماني قبيل وصول ترامب محض صدفة أم خطوة محسوبة؟
  • (السيادة السوداني): نستنكر الصمت الدولي على جرائم (الدعم السريع)
  • السودان يدين الصمت الدولي تجاه هجمات «الدعم السريع» في الفاشر
  • نائب رئيس الوزراء في الكونغو الديمقراطية يجتمع مع القائم بالأعمال القطري
  • موعد مباراة المغرب ضد الكونغو الديمقراطية والتشكيلة والقنوات الناقلة
  • عودة شيفروليه بولت 2027 الجديدة.. وهذه أسعارها عالميًا
  • في هذه المدينة الأمريكية.. حتى الجنازات تتحوّل إلى حفلات شارع مبهجة
  • جوزيف عون: العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان سيخلق تحديات للمجتمع الدولي
  • منتخب الكونغو الديمقراطية يخطف فوزا غاليا خارج الديار على حساب توجو