مسلسل "بايبر كي دنيا" المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي يُعيد تعريف صناعة الترفيه للأطفال
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
◄ مسلسل الرسوم المتحركة يستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الإبداعية لابتكار قصص تسهم في غرس القيم والأخلاق لدى الأطفال
◄ باستخدام أدوات حديثة.. يجمع المسلسل بين العمق العاطفي والرؤى التنموية والاختلافات الثقافية
دبي- الرؤية
وسط هذا العصر الرقمي، لم تعد التكنولوجيا مجرد وسيلة لتشغيل الأجهزة؛ بل أصبحت أداة تعيد تشكيل الطريقة التي يتعلم ويتخيل ويتواصل من خلالها الجيل الجديد.
وأُنتِج المسلسل باستخدام نماذج السرد القصصي المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تجمع بين الرؤى الثقافية والهيكلية السردية والذكاء العاطفي؛ لتقديم قصص غنية ومناسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و12 عامًا. وقد تم تطوير هذه السلسلة من قِبل English Biscuit Manufacturers (EBM) الشركة الأم لعلامة "بيك فرينز" التجارية الباكستانية المنشأ، والتي تتميز بحضورها القوي في منطقة الشرق الأوسط.
ويرتكز هذا الابتكار في جوهره على دمج الإبداع البشري بتقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث استخدم فريق العمل المتمركز في الولايات المتحدة وباكستان نماذج ذكاء اصطناعي من مختلف أنحاء العالم لإنتاج سلسلة الرسوم المتحركة التي تُجسّد تاريخ العالم الإسلامي بأسلوب مشوق للأطفال في باكستان. وقد استخدم فريق "عالم بايبر" النموذجين الأميركيين "Midjourney" و"Leonardo AI" لتصميم الشخصيات، خصوصًا شخصية "عازف المزمار". كما استعان الفريق بالنموذج الألماني "Flux AI" لضمان توافق ملامح الشخصيات في مختلف المشاهد. وتم استخدام 25 صورة لكل شخصية للحفاظ على تفاصيل وتعابير الوجه والملابس. وقد تم تحريك هذه التصاميم باستخدام الذكاء الاصطناعي الأميركي (Runway AI) والصيني (Cling AI)، مما يضفي على الشخصيات حيويةً وحركةً سلسةً وواقعية.
والنتيجة كانت إعادة إحياء شخصية "عازف المزمار" المحبوبة من بيك فرينز بطريقة ثلاثية الأبعاد في سلسلة بايبر كي دنيا، حيث تتناول هذه القصص قيمًا إنسانية كاللطف والصبر والكرم بأسلوب يصل إلى مختلف الأجيال. ومنذ إطلاقها على قناة نادي بيك فرينز يونغ بايبرز على يوتيوب، تجاوز عدد المشتركين في القناة المئة ألف في أقل من أربعة أسابيع، وتم تسجيل أكثر من 13 مليون مشاهدة حتى الآن، مما منحها زر التشغيل الفضي من يوتيوب.
وفي تعليقه على السلسلة الجديدة، أكد شاهزين منير المدير التنفيذي لشركة EBM أن أصعب التحديات التي يواجهها كوالد هي تعليم ابنه البالغ من العمر 5 سنوات قيمًا كالصبر والرحمة والإيمان بطريقة تلامس وجدانه. وأضاف: "هذا التحدي كان مصدر الإلهام لسلسلة "بايبر كي دنيا". التكنولوجيا اليوم لا تُغير طريقة سرد القصص فحسب، بل تبدل معناها لدى الأجيال الجديدة. مع "بايبر كي دنيا"، سعينا لإعادة تخيل شخصية "عازف المزمار" الشهيرة بهدف تقديم محتوى هادف يسهم في غرس القيم والأخلاق لدى الأطفال، إثارة فضولهم، تشجيعهم على التأمل، وخلق لحظات مشتركة مع عائلاتهم".
بدوره، قال ممثل شركة Singularity Marketing: "إن إحياء مسلسل بايبر كي دنيا كان مشروعًا فريدًا من نوعه. لقد استخدمنا التكنولوجيا لنعكس بصدق كيف يفكر الأطفال اليوم وكيف يشعرون ويتفاعلون مع المحتوى. فبدءًا من سلوك الشخصيات وصولًا إلى الحوار، صُممت كل شخصية لتكون بديهية وحيوية. وتذكرنا هذه التجربة بأن الذكاء الاصطناعي ليس أداة للأتمتة فحسب، بل وسيلة للإبداع والفضول والعمق العاطفي".
يُشار إلى أن هذه السلسلة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أطلقت خلال شهر رمضان المبارك، وتهدف إلى إلهام الأطفال وإشراكهم من خلال قصص تجميع بين القيم الإسلامية والسرد المشوق. وقد صمم هذ العمل المدعوم برؤى قائمة على البيانات، وبما يتناسب مع اهتمامات الأطفال وفئاتهم العمرية ليحفزهم على التفاعل مع الأسرة. فمن خلال هذا العمل، تُظهر شركة EBM التزامها بالابتكار الهادف وتثبت كيف يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تحمي التراث الثقافي وتغرس القيم الراسخة للأجيال القادمة.
ومنذ عام 1966، تعمل شركة EBM بدأب لتعزيز تجربة المستهلكين في باكستان وخارجها من خلال علامتها التجارية الرائدة، بيك فرينز. وباعتبارها رائدة في صناعة البسكويت في السوق، تلتزم الشركة بتغذية الناس والمجتمعات بفضل شغفها بتقديم أعلى معايير الجودة وتركيزها على الابتكار المستمر.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5
عبيدلي العبيدلي
خبير إعلامي
يُعدّ الذكاء الاصطناعي أحد أبرز الظواهر التقنية المعاصرة التي يعتقد الكثيرون أنها ستُعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين. فمنذ بداية الألفية، تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد كونه فرعًا نظريًا في علوم الحوسبة، إلى محرك فعلي لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وربما العالمي، بما في ذلك تشكيل سلاسل الإنتاج، وأسواق العمل، وأنظمة اتخاذ القرار. ومع كل طفرة في هذا المجال، تتسارع التحولات الاقتصادية، وتتشكل استقطابات فكرية جديدة تتوزع بين مؤيدين يرون فيه أداة فعالة لتحفيز النمو، ومعارضين له لا يكفون عن التحذير من مغبة تداعيات انعكاساته الاقتصادية البنيوية.
يمتاز الجدل حول الذكاء الاصطناعي بطابعه الديناميكي، إذ لا يتصل فقط بفعالية التقنية، بل يتقاطع مع قضايا توزيع الثروة، ومستقبل العمل، والمساواة الرقمية، والسيادة الاقتصادية. وقد بات من الملحّ، بشكل قاطع، التفكير فيه باعتباره قضية سياسية–اقتصادية–أخلاقية بامتياز، تتطلب تجاوز التقييمات التقنية البحتة نحو تحليلات عميقة للبنى الاقتصادية والاجتماعية.
تهدف هذه المقالة إلى تفكيك هذا الجدل من خلال عرض شامل لحجج المؤيدين والمعارضين، وتحليل القضايا المحورية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الاقتصاد، مع تقديم حالات واقعية تجسد الاتجاهين، وأخيرًا استشراف مآلات هذه التحولات على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
مواقف المؤيدين: الذكاء الاصطناعي رافعة للتحول الاقتصادي
يرى المؤيدون أن الذكاء الاصطناعي يمثل قفزة نوعية في تاريخ التطور الإنتاجي للبشرية، مكافئة لاختراع الكهرباء أو الإنترنت. وتتركز مبرراتهم في خمسة محاور أساسية هي:
رفع الإنتاجية وتقليل التكاليفتُظهر التجارب أن الذكاء الاصطناعي قادر، وبكفاءة غير مسبوقة، على مضاعفة إنتاجية القوى العاملة البشرية من خلال الأتمتة الذكية وتحليل البيانات والتعلّم الآلي. فالشركات التي تبنت أدوات تحليل البيانات والتنبؤ باستخدام AI – كـ Amazon وAlibaba، نجحت في خفض تكاليف التشغيل، وزيادة كفاءة سلسلة الإمداد، وتسريع دورة الإنتاج. وتُشير دراسة صدرت في العام 2022 عن مؤسسة PricewaterhouseCoopers (PWC) إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030.
خلق نماذج أعمال جديدةلا يقتصر أثر الذكاء الاصطناعي على تحسين العمليات التقليدية، بل يفتح الباب أمام نماذج أعمال جديدة بالكامل. فالخدمات المالية مثلًا شهدت ظهور شركات FinTech تستخدم الذكاء الاصطناعي في تقييم الجدارة الائتمانية والتسعير التفاعلي. وفي الطب، بات التشخيص القائم على AI يتفوق على بعض القدرات البشرية. هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لا يُقصي العمل البشري، بل يُعيد تعريفه.
تمكين الدول النامية عبر القفزات التقنيةمن أبرز وعود الذكاء الاصطناعي قدرته على مساعدة الدول النامية في تجاوز مراحل التصنيع التقليدي. ففي الهند مثلًا، ساعدت أدوات الذكاء الاصطناعي المزارعين في التنبؤ بالمواسم الزراعية وتحسين الإنتاج. أما في كينيا، فتم تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة شبكات الكهرباء المحدودة لتعظيم كفاءتها. هذا الاستخدام "التنموي" يخلق أملًا بإعادة التوازن العالمي عبر التكنولوجيا.
تعزيز الحوكمة واتخاذ القرار الاقتصاديتُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي اليوم في تحليل اتجاهات الاقتصاد الكلي، وتقييم المخاطر الائتمانية، وضبط التهرب الضريبي. فالهند طوّرت نظامًا رقميًا يعتمد على AI لرصد التجارة غير الرسمية والتهرب من الضرائب، مما ساعد في رفع الإيرادات العامة بنسبة 14%. كما تلجأ بعض الحكومات إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة نتائج السياسات الاقتصادية قبل تطبيقها.
تسريع البحث العلمي والابتكاربفضل قدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات، ساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع وتيرة البحث العلمي، خاصة في مجالات الأدوية، والطاقة، والمناخ. كما أدى إلى تخفيض تكاليف الابتكار، مما يُمكّن الشركات الناشئة من المنافسة في مجالات كانت سابقًا حكرًا على الشركات العملاقة.
مواقف المعارضين: الذكاء الاصطناعي كتهديد اقتصادي بنيوي
رغم الحماس الذي يُبديه أنصار الذكاء الاصطناعي، فإن معارضيه يُثيرون مخاوف جوهرية تتجاوز المسائل التقنية إلى بنية الاقتصاد العالمي نفسه. يرى هؤلاء أن الذكاء الاصطناعي، في صيغته الحالية، وجوهر أدائه التقني، لا يخدم التنمية الشاملة، بل يُكرّس الاحتكار، ويقضي على الوظائف، ويُعمّق الفجوة الطبقية، ويُضعف قدرة المجتمعات على السيطرة على مستقبلها الاقتصادي ويمكن تلخيص دعوات المنتقدين في النقاط التالية.
تهديد سوق العمل وتفكيك الطبقة الوسطىيشير المنتقدون إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان الملايين من الوظائف، خاصة في المجالات المتوسطة المهارة التي شكلت تاريخيًا عماد الطبقة الوسطى. فعلى سبيل المثال، تعمل تقنيات الترجمة الآلية على تقليص الحاجة للمترجمين، وتقوم خوارزميات المحاسبة بتقليل الطلب على المحاسبين التقليديين، بينما بدأت السيارات ذاتية القيادة تُهدد وظائف سائقي الأجرة والنقل.
وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، من المتوقع أن تستبدل الأتمتة نحو 85 مليون وظيفة بحلول العام 2025، رغم خلقها وظائف جديدة. إلا أن هذه الوظائف تتطلب مهارات عالية في البرمجة، وتحليل البيانات، والرياضيات، وهي مهارات لا تمتلكها الغالبية العظمى من العاملين حاليًا. هذا الخلل قد يؤدي إلى بطالة هيكلية مزمنة وتآكل الاستقرار الاجتماعي.
تعميق الاحتكار وتركيز الثروةيرى كثيرون، ممن يقفون في وجه توسيع نطاق استخدامات الذكاء الاصطناعي، أنه بوعي أو بدون وعي، يُعزز من هيمنة الشركات الكبرى، خاصة تلك التي تمتلك البيانات الضخمة والبنى التحتية السحابية. فشركات مثل Google وMeta وAmazon تملك من المعلومات والقدرات الحسابية ما يُمكّنها من احتكار الابتكار وتوجيه السوق وفق مصالحها. وهذا الوضع يخلق ما يسميه بعض الاقتصاديين "الرأسمالية الخوارزمية"، حيث يتحول السوق إلى مساحة مغلقة تديرها خوارزميات بلا شفافية.
هذا التركّز لا يُضعف فقط المنافسة، بل يخلق فجوة عميقة بين الشركات العملاقة وبقية الفاعلين الاقتصاديين، ويمنع الشركات الناشئة في الدول النامية من الدخول الجدي إلى السوق.
إخفاقات أخلاقية وتمييز منهجيالعديد من حالات سوء استخدام الذكاء الاصطناعي كشفت عن ميل هذه التكنولوجيا إلى إنتاج نتائج متحيزة وغير عادلة. تعود هذه المشكلة إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي تُدرَّب على بيانات تاريخية تعكس أوجه التمييز الطبقي أو العرقي أو الجندري في المجتمع. على سبيل المثال، في عام 2018 اضطرت شركة Amazon إلى سحب نظام توظيف آلي تبين أنه يقلل تلقائيًا من تقييم السير الذاتية للنساء.
تنعكس هذه التحيزات في القرارات الاقتصادية: من يُمنح قرضًا؟ من يتم قبوله في الوظيفة؟ من يُصنف كزبون مميز؟ الذكاء الاصطناعي هنا لا يُعيد إنتاج التمييز فقط، بل يُخفيه تحت قناع "الحياد الرقمي".
تقويض السيادة الاقتصادية الوطنيةيرى النقاد أن الذكاء الاصطناعي، وخاصة في مجال صنع القرار الاقتصادي، يُضعف قدرة الدول على التحكم في سياساتها. فمع ازدياد الاعتماد على خوارزميات خارجية في القطاعات الحيوية، تفقد الحكومات، وعلى وجه الخصوص حكومات الدول الصغيرة أو النامية، السيطرة على أدوات الرقابة والتنظيم. في حالات عديدة، باتت قرارات تتعلق بالإقراض أو التوظيف أو الاستثمار تُتخذ بناء على أنظمة خوارزمية مملوكة لشركات خاصة لا تخضع للرقابة العامة.
الأمر لا يقتصر على الدول النامية، بل يمتد إلى الاقتصادات المتقدمة، حيث بدأت البنوك والشركات الكبرى تعتمد على نماذج ذكاء اصطناعي من تطوير شركات خارجية، ما يخلق تهديدًا حقيقيًا لـ "السيادة الاقتصادية الرقمية".
نشوء أزمات اقتصادية خوارزميةأحد المخاوف الكبرى يتعلق بالقدرة المحدودة للبشر على توقع وتفسير سلوك أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة. فقد نشهد في المستقبل أزمات مالية أو تجارية أو استهلاكية ناتجة عن قرارات آلية غير مفهومة أو تفاعل تلقائي بين أنظمة متنافسة. مثال على ذلك ما حدث في "الانهيار الخاطف" (Flash Crash) في بورصة نيويورك عام 2010، حيث أدت معاملات آلية إلى انهيار الأسواق خلال دقائق دون تدخل بشري.
لذا يحذر المعارضون من أخطار تنامي استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي أنه إذا استمر الاعتماد المفرط على أنظمة لا يمكن تفسيرها أو مساءلتها، فقد نصل إلى نقطة تفقد فيها المؤسسات الاقتصادية سيطرتها على أدواتها نفسها.
رابط مختصر