عربي21:
2025-05-29@14:49:45 GMT

ما العمل بعد نهاية النظام العالمي؟

تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT

أكثر الناس إدراكاً لنهاية ما يسمى النظام العالمي هم مخططوه. وفي طريقة أشبه بصاحب الكرة الذي يدعو المحيطين به للعب معه، على أرض خططها على طريقته وأتى بحكم لقَّنه قواعد اللعبة التي صممها ليضمن الفوز، لتبدأ المباريات وتنتهي كل مرة بنتائج تعلن فوزه مع فريقه وفقاً للقواعد.

ثم أتقنت الفرق الأخرى قواعد اللعبة وبدأت بالفوز في بعض المباريات، لم يعر صاحب الكرة الأمر اهتماماً في البداية ما دام يستأثر بالفوز.

فلما اشتدت المنافسة ولم يعد الفوز حليفه، اشتط غضباً وحمل كرته ومضى بها معلناً أن النتائج على النحو المشهود لم تكن مسعاه، فطرد الحكم وشرع في طمس معالم الملعب ومحو قواعد اللعبة القديمة، ليفكر في لعبة جديدة يكسب نتائجها.

بطبيعة الحال، عالم الواقع أكثر تعقيداً من عالم صاحب الكرة، فالمتنافسون سعياً للتقدم في لعبة الأمم لن ينتظروا نظاماً جديداً يُنعم به عليهم من احترف الفوز في النظام القديم، بل سيسعون إلى ترتيب البدائل التي تيسر حركة التجارة والاستثمار وتنظم سريانها وتسوي منازعاتها.

وفي هذه الأثناء سيسعون إلى احتواء اللاعب القديم؛ فقد صار لديهم ما يخسرونه إذا ما افتعل المعارك ليطيل أمد الهيمنة بكل ما يتاح له من سبل استخدام القوة بأنواعها ناعمة كانت أم خشنة، أو مزج بينهما بما تيسر له من ذكاء مفترض.

وما دمنا بصدد القوة في العلاقات الدولية فلنرجع إلى آخر ما كتبه جوزيف ناي، الأستاذ بجامعة هارفارد، ونُشر قبل وفاته بأيام في عدد شهر أبريل (نيسان) الماضي من مجلة «أفريكان إيكونومي» المعنية باقتصاد القارة السمراء، وكان قد اختصها بمقال عن مستقبل النظام العالمي، أشار فيه إلى أنه بعد القرن الماضي الذي شهد سيطرة أميركية بعد نهاية الحرب الباردة في عام 1991، بما أسفر عن تدعيم مؤسسات واتفاقيات دولية قائمة وإنشاء أخرى تؤكد نهج الاعتماد على القواعد الحاكمة في إدارة العلاقات الدولية. لعب فيها دور حكام اللعبة الدولية مؤسستا بريتون وودز المتمثلتان في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية والاتفاقية الإطارية لتغيرات المناخ وغيرها. ولكن مع اطراد الصعود الآسيوي، وقبل قدوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب لسدة الحكم بفترة بدأ تنبؤ المحللين بأن عصر الهيمنة الأميركية يوشك أن يرى نهايته، مع توزيع جديد للقوة.

جاءت المكاسب الآسيوية المتنامية منذ مطلع هذا القرن على حساب أوروبا، فما زالت الولايات المتحدة تحتفظ بنصيبها الذي تمتعت به لعقود وهو ربع الاقتصاد العالمي. ورغم تقدم الصين فاقتصادها لم يتفوق على المنافس الأميركي بعد. وعلى الرغم من تطورها العسكري الوثاب فإنها تأتي بعد الولايات المتحدة وزناً في آلة الحرب، ولا تتمتع بتحالفاتها، أو تقدمها التكنولوجي، حتى الآن.

النقطة المحورية هي تلك التي اختتم بها جوزيف ناي مقاله، والتي تمزج بين معرفته البحثية وخبرته العملية، مساعداً سابقاً لوزير الدفاع الأميركي، وخلاصتها أنه «إذا ما تآكل النظام الدولي الراهن فإن السياسات المحلية الأميركية تتحمل مسؤولية هذا التآكل بقدر مسؤولية الصعود الصيني عنه».

وقد ترك السؤال مفتوحاً عما إذا كان ما يشهده العالم منذ تولي الإدارة الثانية للرئيس ترمب من هجوم متوالٍ على التحالفات والمؤسسات الدولية التي بنيت القرن الماضي، بداية طويلة لانحدار أميركي، أم هي مجرد مرحلة دورة ستشهد صعوداً بعدما تصل للدرك الأسفل من القاع. وقد دعا ناي إلى الانتظار للتعرف إلى الحقيقة بين الأمرين مع بداية ولاية رئيس أميركي جديد في 2029. لم يمنح القدر الفرصة لناي للتعرف إلى الرئاسة الجديدة لما بعد ترمب وتوجهاتها، ولا أحسب أن سائر العالم معلقة مصائره انتظاراً لما سيقرره الناخب الأميركي ومزاجه، ويجب ألا تكون.
سنشهد مزيداً من محاولات الكر والفر في معركة التجارة الدولية لتخفيض التعريفة الجمركية
سنشهد مزيداً من محاولات الكر والفر في معركة التجارة الدولية لتخفيض التعريفة الجمركية المفروضة أحادياً في الثاني من أبريل الماضي الذي سماه ترمب «يوم التحرير» للتعريفة الجمركية الذي أعقبه التاسع من أبريل وهو «يوم تجميد» هذه التعريفة لتسعين يوماً، بعدما انتفضت الأسواق المالية متقلبة بعد تصعيد الحرب التجارية. وقد وجدنا اتفاقيات تجارية للتوصل لترتيب أفضل مع الولايات المتحدة، أو قُل أقل سوءاً مما صار في يوم التحرير، على النحو الذي تم بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وما يسعى إليه الاتحاد الأوروبي أيضاً.

وربما استجابت بلدان عالم الجنوب، ومنها البلدان العربية والأفريقية، لدعاوى الناصحين لها بزيادة القيمة المضافة بتصنيع ما تملكه من ثروات طبيعية وتعدينية على أرضها بدلاً من الاسترسال في النمط المتدني لعلاقاتها التجارية بتصديرها خاماتٍ وسلعاً أولية، وذلك بعقد منافسة مفتوحة بين الشركات الراغبة في التصنيع بخاصة مع الرغبة الجامحة للولايات المتحدة في الحصول على المواد الخام الحرجة اللازمة للصناعات التكنولوجية المتقدمة، بخاصة مع تقدم الصين في الولوج لمصادرها بخاصة في أفريقيا.

ويقترح الاقتصاديان فيرا سونغ وي وويتني شنيدمان أن الولايات المتحدة في اتفاقياتها التجارية الجديدة مع أفريقيا عليها أن تعلي فرص زيادة التعاون في التصنيع بالقارة لكي تحظى بفرص تفوق الصين التي سبقتها بالفعل إلى القارة.

والأهم مما سبق هو كيفية قيام دول عالم الجنوب، وقد أدركت زوال النظام القديم، بإدارة عملية التنمية والتقدم بارتكازها على البشر، والتنويع الاقتصادي، والتحول الرقمي، وتيسير الاستثمار، وثورة في البيانات. وفي هذه المرتكزات والممكنات الخمس ما نفصله في مقال قادم.

الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه النظام العالمي التجارة الولايات المتحدة الاقتصاد الصين الولايات المتحدة الصين الاقتصاد التجارة النظام العالمي مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

8 شركات إماراتية تعزز ظهورها العالمي عبر الانضمام للمؤشرات الدولية

حسام عبدالنبي (أبوظبي) 

أخبار ذات صلة شراكات تنموية جمال السويدي يدشّن كتاب «الهوية الوطنية» في البحرين

يتزايد انضمام الشركات المدرجة بأسواق الأسهم المحلية إلى مؤشرات المؤسسات الدولية، ضمن المراجعات التي تجريها تلك المؤسسات لمؤشراتها المختلفة، ما يمكن الشركات الإماراتية من تحقيق مكاسب عدة. 
وأعلنت «فوتسي راسل»، أمس، نتائج مراجعتها ربع السنوية لمؤشراتها، والتي ستكون نافذة اعتباراً من الاثنين 23 يونيو 2025، حيث أضافت 3 شركات إماراتية إلى مؤشراتها، مع تنفيذ تغييراتها في الأسواق بإغلاق يوم الجمعة الموافق 20 يونيو 2025.  
وفق ما أعلنته «فوتسي راسل»، فقد تمت إضافة شركة «لولو القابضة» لمؤشر الشركات المتوسطة والمؤشر القياسي العالمي لجميع الشركات «نتيجة الاكتتاب»، وإضافة كل من «مجموعة مير» و«إيه دي إن إتش للتموين» لمؤشر الشركات الصغيرة جداً «نتيجة الاكتتاب».
وكانت مؤسسة مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال للأسواق الناشئة «إم إس سي آي» (MSCI)، قد أعلنت في منتصف الشهر الحالي، نتائج مراجعتها لمؤشراتها، بإضافة ثلاث شركات مدرجة في أسواق الإمارات إلى المؤشر القياسي العالمي «مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال للأسواق الناشئة»، وهي «أدنوك للغاز»، وهيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا»، و«سالك». 
ووفقاً لتلك المراجعة، تصبح «أدنوك للغاز» ثالث شركة ضمن مجموعة «أدنوك» يتم إدراجها في مؤشر (MSCI). كما تمت إضافة «آيبيكس للاستثمار»، وبنك الشارقة، إلى مؤشرات الشركات ذات رأس المال الصغير. ومن المقرر أن تدخل التغييرات حيز التنفيذ بنهاية يوم 30 مايو الجاري، على أن تبدأ بيوم عمل 2 يونيو 2025.
يتطلب الإدراج في المؤشرات الدولية استيفاء متطلبات أساسية، مثل القيمة السوقية اللازمة، والقيمة السوقية المعدلة للأسهم الحرة، ومتطلبات السيولة، ونسب التداول الحر المسموح بها للأجانب. 
وتحقق الشركات الإماراتية التي تنضم إلى المؤشرات العالمية 7 مكاسب، أهمها زيادة مستوى الظهور العالمي، حيث تعتبر تلك المؤشرات معياراً مهماً يعتمد عليه المستثمرون العالميون لاتخاذ قرارتهم الاستثمارية في الأسواق الناشئة، ما يعني جذب المزيد من المستثمرين المؤسسيين الإقليميين والعالميين والمتتبعين للمؤشرات.

سيولة التداول
تسهم الإضافة إلى المؤشرات في تحسن سيولة التداول على أسهم الشركة، عبر التدفقات النقدية من منتجات الاستثمار المرتبطة بالمؤشر، مع مساعدة الشركات على الارتقاء بمحفظتها الاستثمارية العالمية، وتسهيل تنويع قاعدة مستثمريها من خلال جذب وتنويع قاعدة المستثمرين والهيئات الاستثمارية.
كما تسهم زيادة انتشار الشركة في أوساط المؤسسات الاستثمارية العالمية بعد الانضمام للمؤشرات في دعم قدرة الشركة وتمكينها من الاستفادة من زيادة السيولة لدعم انتشارها وتوسعها في السوق وتعزيز جاذبية أسهمها، إلى جانب أن الإدراج يؤدي إلى زيادة أحجام التداول، وتحسين مشاركة المستثمرين.

مقالات مشابهة

  • مصر: اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمة الدولية للهجرة تتعاونان لدعم العائلات التي تواجه الانفصال
  • الغرف التجارية بقطاع غزة: نثق بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي أثبتت مهنيتها بإدارة الأزمات رغم العراقيل
  • خالد الأحمد .. العلوي الذي ساعد الشرع وكتب نهاية الأسد - فيديو
  • زياد خلف: المصارف العراقية ليست نقطة ضعف بل منطلق للتكامل مع النظام المالي العالمي
  • زاهي حواس: أرسلت خطابا للرئيس وشرحت له الدور الذي أقدمه في أمريكا للترويج للمتحف الكبير
  • “الجوازات”: بلغ إجمالي ضيوف الرحمن القادمين من خارج المملكة عبر المنافذ الدولية حتى نهاية يوم الاثنين 28/ 11/ 1446هـ (1,102,469) حاجًّا
  • 8 شركات إماراتية تعزز ظهورها العالمي عبر الانضمام للمؤشرات الدولية
  • “الجوازات”: بلغ إجمالي ضيوف الرحمن القادمين من خارج المملكة عبر المنافذ الدولية حتى نهاية يوم الأحد 27/ 11/ 1446هـ (1,033,447) حاجًّا
  • “الجوازات”: (1,033,447) حاجًّا قادمين من الخارج عبر المنافذ الدولية حتى نهاية يوم الأحد 27/ 11/ 1446هـ