"كنا نصحو مع شروق الشمس لنزرع الأرض التي ورثناها عن أجدادنا. اليوم نصحو على دويّ القذائف التي تدفن تراثنا تحت الركام". بهذه الكلمات يبدأ يوسف محمد، أحد مزارعي خربة العدس جنوب قطاع غزة ، سرد حكاية قريته التي كانت تنتج جزءا من سلة غذاء غزة.

الحرب، كان يعيش في هذه المنطقة 23 ألف نسمة (وفق سجلات بلدية رفح، 2023)، يعتمد 80% منهم على الزراعة، حيث كانت تنتج 40% من احتياجات القطاع من العدس.

أما اليوم، فلم يبقَ سوى حطام منازل.

خربة العدس، التي اكتسبت اسمها من زراعتها التاريخية للبقوليات، تُشكل نموذجاً للاكتفاء الذاتي رغم الحصار. اعتمد مزارعوها على تقنيات تقليدية مثل "الزراعة البعلية" لتعويض شح المياه، حيث كانت 70% من الآبار الجوفية تعمل بكفاءة محدودة (تقرير الأمم المتحدة، 2021).

سكان الخربة يزرعون العدس والقمح ويبعون الفائض في أسواق غزة، لكن هذه الذكريات تبدو بعيدة اليوم بعد أن تحولت 85% من الأراضي الزراعية إلى مناطق غير صالحة للزراعة (هيئة مكافحة التصحر، 2024).

تصاعد القصف، تحولت خربة العدس إلى ملاذ لنازحين من خانيونس المجاورة، حيث وصل عددهم إلى 12 ألف نازح (مفوضية اللاجئين، 2024) يقول أحد النازحين من خانيونس: "وضعنا الخيام فوق الحقول.. كنا نأكل من خيرات هذه الأرض، والآن نحن ندفنها".

الأزمة تفاقمت مع تدمير 64 بئراً مائياً من أصل 90 (بلدية رفح، 2024)، وتلوث المياه الجوفية بسبب تسرب المواد الكيميائية من المخلفات الحربية.

عندما أُعلنت أوامر النزوح الإسرائيلية، رفضت عشرات العائلات المغادرة. "هذه الأرض هي هويتنا.. لن نتركها"، كن القصف البري جعل البقاء مستحيلاً. اليوم، 90% من السكان نزحوا قسراً (منظمة حقوقية محلية، 2024).

لم تقتصر آثار الحرب على الدمار المادي فحسب، بل امتدت إلى الحياة اليومية لسكان غزة، حيث يعاني الأهالي من نقصٍ حادٍ في المواد الغذائية الأساسية، مما دفعهم إلى البحث عن بدائل غير مألوفة مثل طحن العدس واستخدامه كبديل للطحين في صناعة الخبز

مع استمرار الأزمة، يطالب السكان والمنظمات الإنسانية بضرورة التدخل العاجل لإعادة تأهيل المناطق المتضررة، وتوفير الاحتياجات الأساسية للنازحين. إن إعادة الحياة إلى خربة العدس ليست مجرد مسألة إعادة بناء، بل هي استعادةٌ للكرامة والحق في العيش بأمانٍ واستقرارٍ بعيدًا عن أهوال الحرب.

في اتصال مع أحد المزارعين في خربة العدس يدعى يوسف محمد، قال في السابق كنا نعتمد على زراعة العدس والقمح وبعض الخضار. الأرض هنا خصبة، والمياه كانت تكفي بالرغم من الصعوبات. كنا نبيع جزءًا من المحصول في سوق غزة ونخزن الباقي لأهلنا."

وفي إجابته على سؤال: ماذا حدث لمزرعتك بعد تصاعد العمليات العسكرية أجاب: "الدنيا انقلبت. القصف وصل لمناطق قريبة، والمياه صارت شبه معدومة بسبب تدمير البنية التحتية. جزء من الأرض صار غير صالح للزراعة، والبذور التي كنّا نخزنها تضررت. حتى الأدوات البسيطة اللي عندي انكسرت من شدة الاهتزازات."

"لو عاد السلام، سنزرع العدس مرة أخرى.. حتى لو نبت بين الرصاص"، بهذه الكلمات يختم يوسف يوسف محمد حديثه، بينما تغيب الشمس خلف أعمدة الدخان المتصاعدة من أرضٍ كانت ذات يومٍ مصدر حياة.

في قلب قطاع غزة، حيث كانت الحياة تنبض في خربة العدس، تحولت هذه المنطقة إلى شاهدٍ صامتٍ على آثار الحرب. كانت الخربة موطنًا للعديد من العائلات التي عاشت فيها لعقود، لكنها اليوم تعاني من الدمار والتشريد، حيث لم تسلم المنازل والبنية التحتية من القصف المستمر

قصة خربة العدس ليست مجرد سردية دمار، بل شهادة على انهيار نظام بيئي واجتماعي متكامل.

المصدر : وكالة سوا - مصطفى عفانة اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين السولار الصناعي... بابٌ مفتوح على الموت غزة: طلبة الهندسة يبتكرون حلولًا هندسية تحت الحرب استمرار عدوان الاحتلال على جنين ومخيمها لليوم الـ128 الأكثر قراءة الرئيس عباس يطلق نداءً عاجلا لقادة دول العالم حول الوضع الكارثي في غزة تطورات سياسية غير مسبوقة صحة غزة: الاحتلال يستهدف مولدات المستشفيات ويُفاقم الكارثة الطبية بينهم 3 سيدات.. الاحتلال يعتقل 20 مواطنا على الأقل من الضّفة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: خربة العدس

إقرأ أيضاً:

تقرير أممي : “إسرائيل” دمرت 95% من الأرض الزراعية في قطاع غزة

الثورة / متابعات

كشف تقرير أممي، أن أقل من 5% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة ما زالت صالحة للزراعة، ما يعمّق أزمة إنتاج الغذاء ويزيد من خطر المجاعة.

ووفق تقييم جغرافي مكاني جديد أجرته كل من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) ومركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية، فإن أكثر من 80% من الأراضي الزراعية في غزة تعرضت لأضرار حتى أبريل 2025، فيما أصبحت 77.8% من هذه الأراضي غير متاحة للمزارعين.

وأوضحت الفاو أن الوضع شديد الخطورة خاصة في رفح والمحافظات الشمالية، حيث يصعب الوصول إلى معظم الأراضي الزراعية.

وباستخدام صور الأقمار الصناعية عالية الدقة ومقارنتها ببيانات ما قبل الحرب، كشف التقييم أن “71.2% من الدفيئات الزراعية في القطاع قد تضررت، مع تسجيل أكبر نسبة ضرر في رفح، بينما تضررت جميع الدفيئات في محافظة غزة.

كما تضرر 82.8% من الآبار الزراعية في القطاع، مقابل 67.7% في ديسمبر 2024.

وقبل اندلاع الحرب، كانت الزراعة تشكل حوالي 10% من اقتصاد غزة، ويعتمد أكثر من 560 ألف شخص بشكل كلي أو جزئي على الإنتاج الزراعي أو الرعي أو صيد الأسماك كمصدر رزق.

وأوضحت بيث بيكدول، نائبة المدير العام لمنظمة الفاو، أن الدمار لا يقتصر على البنية التحتية فقط، بل يشمل انهيار كامل لنظام الأغذية الزراعية في غزة، الذي كان شريان الحياة لمئات الآلاف، مضيفة: “ما كان يوفر الغذاء والدخل والاستقرار أصبح الآن مدمراً. مع تدمير الأراضي والدفيئات والآبار، توقف الإنتاج الغذائي المحلي تماماً. إعادة الإعمار تتطلب استثمارات ضخمة والتزاما مستداما لاستعادة سبل العيش والأمل”.

وفي وقت سابق من 2025، قدّرت منظمة “الفاو” قيمة الأضرار والخسائر في القطاع الزراعي بغزة بأكثر من ملياري دولار، مع احتياجات إعادة التعافي والإعمار التي تبلغ نحو 4.2 مليار دولار.

ورجّحت المنظمة زيادة هذه التقديرات مع انهيار وقف إطلاق النار، مؤكدة حجم التحدي الهائل في إعادة بناء سبل عيش المزارعين ومربي الماشية والصيادين في القطاع.

ويأتي هذا التقييم عقب تحذير جديد من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، الذي أكد أن جميع سكان قطاع غزة، البالغ عددهم حوالي 2.1 مليون نسمة، يواجهون خطر المجاعة الشديد بعد 20 شهرا من الحرب والنزوح وقيود المساعدات الإنسانية

 

 

 

مقالات مشابهة

  • محمد محيي الدين والوضاءة التي كانت عبر مناديله العديدة
  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • السيد القائد عبدالملك: الله قدَّم لعباده الهداية الكاملة.. التي إن اتَّبعوها كانت النتيجة فلاحهم
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • سوريا.. رئيس منظمة الإنقاذ يكشف لـCNN كيف تختلف المناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد عن مناطق المعارضة وكيف ستزدهر البلاد؟
  • تقرير أممي : “إسرائيل” دمرت 95% من الأرض الزراعية في قطاع غزة
  • كفتة العدس - حين يصبح الصمود وجبة
  • الرئيس الشرع: نلتقي اليوم على ثرى حلب الشهباء هذه المدينة التي ما انحنت لريح ولا خضعت لعاصفة بل كانت القلعة وكانت الجدار وكانت الشاهد على الصمود
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية