طفلي لا يحب اللعب.. هل هذا طبيعي؟!
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
ريتّا دار **
في عالمٍ يركُض بسرعةٍ، ويقيس الطّفولة بالصّوت والحركة والحيويّة، هناك أطفالٌ لا يركضون. لا يقفزون على الأرصفة، ولا يتشاجرون على من يبدأ أوّلًا في لعبة الغميضة. هناك أطفالٌ يفضّلون الزّوايا الهادئة، يكتفون بالمُراقبة، أو يصنعون لأنفسهم عالمًا خاصًّا لا يحتاج إلى شركاء. فهل هؤلاء أقلّ "طفوليّة"؟ وهل يجب أن نقلق؟
"طفلي لا يحبّ اللعب"؛ جملةٌ نسمعها كثيرًا من أمّهات وآباء يعبّرون بها عن قلقٍ دفين، أحيانًا يتلوه سؤال بصوت خافت: "هل هو طبيعي؟".
لكن فلنقف قليلًا عند المعنى الحقيقيّ للّعب.
اللّعب، في جوهره، ليس مجرّد حركة ولا صخب. هو تعبير، هو وسيلة. بعض الأطفال يعبّرون بأجسادهم، آخرون بالكلمات، وغيرهم بالصّمت أو الخيال. لا يمكن أن نُخضع الطّفل لعناوين جاهزة: "منفتح"، "منعزل"، "كسول"، "مختلف". فهل نسينا أنّ الطفل، مثل البالغ، له طبيعته، ومزاجه، وميوله؟
تخيّلوا طفلًا في الخامسة، يجلس في ركن الحديقة يصفّ سياراته بهدوء، بينما يقفز الآخرون من لعبة إلى أخرى. نظنّه منطويًا، بينما هو غارقٌ في حبّ التّرتيب، في رسم سيناريوهات لا نراها. هو لا يتهرّب من العالم، بل يخلق عالمه الخاصّ، على طريقته.
عادل، مثلًا، كان طفلًا هادئًا في صفّه، لا يشارك في الألعاب الجماعية، ولا ينخرط في الجري أو الركض. كانت معلّمته تلاحظ جلوسه في زاوية الصف يكتب أو يرسم أو يُراقب بصمت. أمّه كانت قلقة: "لماذا لا يلعب مثل باقي الأطفال؟". لم تفهم، في البداية، أنّ ابنها لا يرفض اللّعب، بل يبحث عن طريقةٍ يشعر فيها بالأمان.
كان "يلعب"، ولكن بطريقته، وكان يعيش مغامراته في خياله، ويجسّدها بالرّسم أو بالكلام مع نفسه. لم يكن يحتاج ملعبًا؛ بل من يفهم أنّ اللّعب لا يُقاس بالصّخب فقط.
هناك أطفالٌ يجدون في اللّعب الجماعي ضغطًا لا مُتعة. يخافون من الخسارة، من أن يُنتَقدوا، من أن يُدفعوا أرضًا، من أن لا يُحسنوا الرّدّ. وهناك أطفالٌ حذرون، يُجرّبون الحياة خطوةً خطوة، ويحتاجون وقتًا ليشعروا بالأمان. هل نلومهم؟ أم نحتضن بطء خطاهم؟
سارة، على سبيل المثال، كانت تكره لعبة الغُمِّيضة. لم تكن تُجيد الاختباء، وكانت تخاف من أن لا يجدها أحد. عندما بدأت والدتها تُلاحظ خوفها، اقترحت عليها أن تكون من يعدّ، بدلًا من أن تكون من يختبئ؛ فبدأت سارة تضحك معهم، على طريقتها. هكذا فقط، حين نحترم حساسيّة الطّفل، نفتح له بابًا ليفرح دون أن يشعر بالتّهديد.
الدّراسات التربويّة تؤكّد أنّ الأطفال يملكون أساليب تعبير متنوّعة، وأنّ التّصرّف المختلف ليس بالضرورة دليلًا على خلل. بل إنّ فهمنا لنمط كلّ طفل وميله الطبيعيّ، هو ما يساعده على النّمو بسلاسة. كما تشير بعض الأبحاث النّفسيّة إلى أن إجبار الأطفال على اللّعب بأساليب لا تروق لهم قد يُشعرهم بالفشل، ويؤثّر على ثقتهم بأنفسهم.
لذا.. علينا أن نعيد تعريف معنى "الّلعب"، وأن نكفّ عن حصره في الحركة والجري والمنافسة، ونشجّعه أن ينفتح على التّخيل، على التّصميم، على المراقبة، على التّعبير الفنيّ. فالطّفل الذي يفضّل أن يصمّم بيتًا من المكعبات بدلًا من أن يركض في السّاحة، لا يعاني شيئًا، بل يعبّر عن طبيعته.
ليس مطلوبًا من جميع الأطفال أن يحبّوا السّباحة أو الرّكض أو الألعاب الجماعيّة. المطلوب فقط أن يشعروا أن طرقهم في التّفاعل ليست غريبةً ولا مرفوضة. وأن يجدوا فينا نحن الكبار من يقول لهم: "أحبّ طريقتك"، بدلًا من: "ليش ما تلعب مثل الباقين؟".
فإن كان طفلك لا يحبّ اللعب، اقترب منه. اسأله دون حُكم: "كيف تحبّ أن تمضي وقتك؟". راقبه، وافتح له خيارات لا تشبه القوالب الجاهزة. دعه يختر بين الرّسم، القصص، البناء، الحديث مع الحيوانات، أو مجرّد مراقبة النّاس.
في النّهاية، الطّفولة ليست سباقًا، ولا اختبارًا للانفتاح. هي مساحة لاكتشاف الذّات. وبعض الذّوات تنمو في الهدوء. بعضها يحتاج ظلًّا أكثر من ضوء. فلنمنحها ما تحتاج، لا ما نريده نحن.
وأخيرًا.. كلّ طفل، في عمق ذاته، يعرف كيف يفرح. فقط علينا أن نصغي!
** كاتبة سورية
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هوجو إيكيتيكي يفتح قلبه بعد انضمامه لليفربول: حلم تحقق
في خطوة لاقت اهتمامًا واسعًا في الأوساط الكروية، أعرب النجم الفرنسي الشاب هوجو إيكيتيكي عن سعادته الغامرة بالانضمام إلى صفوف ليفربول الإنجليزي خلال الميركاتو الصيفي الحالي لعام 2025، قادمًا من فريق آينتراخت فرانكفورت الألماني بعقد يمتد لستة مواسم.
إيكيتيكي، البالغ من العمر 23 عامًا، التحق بالفعل بمعسكر الريدز التحضيري المقام في هونج كونج، استعدادًا لانطلاق الموسم الجديد 2025/2026، ليبدأ رحلته مع واحد من أعرق أندية العالم، وفقًا لتعبيره.
وفي أول تصريحات رسمية له لموقع ليفربول، قال النجم الفرنسي: "ليفربول هو أفضل فريق في إنجلترا، وواحد من أقوى الأندية في العالم. كنت حاسمًا في قراري منذ أول تواصل مع المدرب، ولم أتردد للحظة، كنت أعلم أن هذا هو المكان الذي أريد التواجد فيه".
وأضاف إيكيتيكي: "الانتقال تم بسرعة، خضعت للفحص الطبي، وقّعت العقد، والآن أنا هنا مع الفريق في هونج كونج. أعيش كل لحظة بحماس، ولا أطيق الانتظار لبداية المنافسات وتحقيق الانتصارات مع ليفربول".
ووجه اللاعب رسالة مؤثرة لجماهير الريدز قال فيها: "أعدكم بتقديم كل ما لدي. أتطلع لتسجيل الأهداف من أجلكم، وصناعة اللحظات الرائعة في أنفيلد، وتحقيق الألقاب التي تليق باسم ليفربول".
وعن أسلوبه في اللعب، أوضح إيكيتيكي: "أنا لست مجرد مهاجم ينهي الهجمات فقط. أحب المشاركة في بناء اللعب، وأحب الإبداع. أستطيع اللعب كمهاجم وحيد أو بجوار شريك هجومي، وهذا يمنحني مرونة كبيرة داخل الملعب".
وتابع: "النادي تعاقد مع مجموعة مميزة من اللاعبين هذا الصيف، وأنا واثق من أننا سنزداد قوة مع مرور الوقت. نعلم أننا بالفعل في القمة، لكن لدينا طموحات أكبر، ونريد أن نصبح الأفضل في العالم".
كما كشف عن جزء من مسيرته قائلًا: "لم يحالفني الحظ في باريس سان جيرمان، ثم انتقلت إلى الدوري الألماني وظهرت بمستوى جيد مع فرانكفورت. الآن أشعر بالجوع الكروي ومستعد لأكبر خطوة في مسيرتي مع ليفربول، لأثبت أنني أستحق هذا القميص".
وفي ختام حديثه، أكد إيكيتيكي أن هدفه مع ليفربول هو التتويج بجميع البطولات الممكنة، ومواصلة كتابة التاريخ في قلعة أنفيلد.
هذا ويستعد ليفربول لخوض مباراة ودية قوية أمام ميلان الإيطالي غدًا السبت، في تمام الثانية والنصف ظهرًا بتوقيت القاهرة ومكة المكرمة، على ملعب كاي تاك في هونج كونج، ضمن برنامج الاستعدادات للموسم الجديد.