غزة.. حين تصبح التكية أمنية الجائعين
تاريخ النشر: 26th, July 2025 GMT
غزة- عند الساعة الـ11 صباحا بدأت الطوابير تتشكل في ساحة مدرسة المعتصم وسط مدينة غزة، والتي تحولت إلى مركز إيواء منذ شهور عدة.
لا شيء استثنائي في هذا المشهد لولا أن من يقفون في تلك الطوابير لا ينتظرون راتبا أو أدوية، كانوا ببساطة ينتظرون "تكية"، تلك الكلمة التي باتت تعني "طعام اليوم"، وغيابها يعني يوما آخر من الجوع.
الخبر انتشر كالنار في الهشيم "تكية ستأتي إلى المركز اليوم"، فبدأ النازحون المقيمون في الجوار بالحضور سريعا حاملين أوانيهم الفارغة رغم أن ما ستقدمه التكية لم يكن سوى قدر من شوربة العدس الخفيفة بلا خبز ولا إضافات، لكنها -في ظل التجويع الذي يعانيه قطاع غزة– أصبحت طوق نجاة حقيقيا.
تجمعت النساء في الجهة اليمنى من الساحة، واصطف الرجال والأطفال على اليسار تحت شمس يوليو/تموز الحارقة.
ولم تكن الأواني لجلب الطعام فقط، بل تحولت إلى خوذ تحمي الرؤوس من لهيب الشمس، في انتظار امتد لساعتين من القهر والرجاء.
عندما وصلت "التكية" أخيرا عمت الفوضى، فأغلبية الواقفين لم يأكلوا منذ يوم أو يومين.
تدافعوا حول قدور العدس، في محاولة يائسة لنيل حصتهم، وخلال دقائق معدودة خلت القدور من الطعام.
من حصل على حصته غادر المكان وهو يحمل طعامه، في حين جلس من لم يحصل عليها أرضا وقد بدت عليه علامات الصدمة ممسكا بوعائه الفارغ بصمت.
قبل أسابيع، كانت التكايا الخيرية تطوف على مراكز الإيواء توزع أرزا وعدسا وخبزا، واليوم ومع اشتداد الحصار الإسرائيلي الخانق ومنع دخول المواد الغذائية لم يعد العثور على المواد التموينية في الأسواق سهلا على القائمين على التكايا، كما أن أسعارها الباهظة تفوق إمكانياتهم، ولذلك قلّت التكايا بشكل كبير، وأصبحت تأتي مرة كل أسبوع أو 10 أيام، إن أتت أصلا.
يقول وسام شابط -وهو شاب نازح يقيم في مركز الإيواء مع عائلته المكونة من 7 أفراد- للجزيرة نت "لم نأكل منذ أمس صباحا، آخر وجبة كانت قبل أكثر من 24 ساعة، وزني قبل الحرب كان 110 كيلوغرامات، الآن 76، كل ما نفعله هو البحث عن التكايا، نذهب إلى أي مكان نسمع أنها ستقام فيه، ولو مشينا كيلومترات، بدون التكية لا طعام".
إعلانأما أم رضوان إشتيوي (66 عاما) فتبدو عليها ملامح الإنهاك، تقول "فقدت 30 كيلو غراما من وزني، وكدت أدخل في غيبوبة سكر من الجوع".
وتضيف للجزيرة نت "ابني بلا عمل، نشتري كيلو طحين إذا انخفض سعره إلى 70 أو 80 شيكلا (الدولار 3.3 شواكل)، ونقسمه على يومين، نخبز 10 فرشوحات (رغيف رقيق)، لكل ولد اثنان"، وتتابع "نفرح حينما تأتي التكية، وإن جاءت أترك طعامها لعشاء الأولاد".
عبد القادر أهل (40 عاما) كان يقف منذ الصباح حالما بالحصول على قدر من العدس، وقال للجزيرة نت "أطفالي بلا طعام منذ 4 أيام، نعيش على الماء، قبل أيام مشيت نصف كيلومتر لأصل إلى تكية قرب السرايا (وسط غزة) فيها عدس، كانت آخر وجبة لنا".
أما رائد كحيل (45 عاما) فقال بأسى "لا مصدر دخل لنا، نأكل من التكية، وإن لم تأت نصوم، قد تمر 3 أو 4 أيام لا أتناول فيها لقمة واحدة".
وتابع "اليوم فرحت لأنها وصلت، أولادي يصرخون فرحا عند رؤيتها، يهتفون: تكية.. تكية".
أما المسنة نوال البورنو (70 عاما) المريضة بالسرطان فلا تستطيع التعبير عن الجوع بالكلمات، حسب قولها.
لكنها تضيف "أحتاج إلى غذاء كي لا تنهار مناعتي، الجوع يفتك بنا، أسرتي من 30 شخصا من أبنائي وأحفادي، أمس أكلت معكرونة من تكية قريبة".
وختمت "لا طعام لدينا إلا من التكايا، لكنها قليلة جدا وغير متوفرة، والجوع لا يرحم".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
عاجل| مراسل الجزيرة: مسيرات تحيط بسفينة أسطول الحرية حنظلة
التفاصيل بعد قليل..
عاجل | مراسل الجزيرة: مسيرات تحيط بسفينة أسطول الحرية حنظلة
مراسل الجزيرة: تفعيل خطة الطوارئ على السفينة حنظلة