تأسيس نظام فيدرالي.. “الدعم السريع” تُعلن رؤيتها لحل “أزمة السودان”
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
أعلنت قوات الدعم السريع، الأحد، ما قالت إنها رؤيتها لـ”حل الأزمة السودانية بشكل شامل وتأسيس الدولة الجديدة”، وجاءت هذه الرؤية في 10 مبادئ طالبت بنظام حكم ديمقراطي مدني، وإنشاء نظام فيدرالي، وإنهاء العنف، و”تأسيس جيش مهني جديد ينأى عن السياسة ويخضع لسيطرة المدنيين”.
ونشر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” هذه المبادئ في بيان عبر حسابه بموقع “إكس” (تويتر سابقاً).
وقال البيان إن حل الأزمة الراهنة ينبغي أن يكون سلمياً، لافتاً إلى “استجابة الدعم السريع لجهود الأصدقاء الإقليميين والدوليين الهادفة إلى مساعدة الأطراف السودانية للوصول إلى حل سياسي شامل”.
وانزلق السودان إلى هاوية الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الماضي. وتوصل الطرفان لعدة اتفاقات لوقف إطلاق النار بوساطة من السعودية والولايات المتحدة، لكن المفاوضات التي جرت في جدة تم تعليقها بعد أن تبادل طرفا الصراع الاتهامات بانتهاك الهدنة.
وأكد أولى المبادئ العامة التي تُمثل رؤية الدعم السريع لحل الأزمة السودانية، على “البحث عن اتفاق لوقف إطلاق نار طويل الأمد مقروناً بمبادئ الحل السياسي الشامل، الذي يعالج الأسباب الجذرية لحروب السودان”، ويقتضي هذا بحسب البيان “مخاطبة جذور الأزمة في السودان ومعالجتها على نحوٍ يرفع المظالم التاريخية، ويرد الحقوق، ويحقق الانتقال السلمي الديمقراطي والسلام المستدام، ويقر ويطبق العدالة الانتقالية.
واقترح المبدأ الثاني “أن يكون نظام الحكم في السودان ديمقراطياً مدنياً، يقوم على الانتخابات العادلة والحرة في كل مستويات الحكم، ويُمكن جميع السودانيين من المشاركة الفاعلة والحقيقية في تقرير مصيرهم السياسي، ومحاكمة الذين يديرون شؤونهم البلاد على كافة المستويات سياسياً في انتخابات دورية تنظم في أنحاء البلاد كافة، وأن تعكس الحكومة المدنية كل أقاليم البلاد”.
وأشار المبدأ الثالث إلى أن “النظام الفيدرالي غير التماثلي (أو غير المتجانس)، الذي تتفاوت فيه طبيعة ونوع السلطات التي تتمتع بها الوحدات المكونة للاتحاد الفيدرالي، هو الأنسب لحكم السودان”.
وشدّد المبدأ الرابع على “تصفية النزعات الاحتكارية للسلطة والنفوذ، سواء أكانت أيديولوجية راديكالية، أو حزبية، أو أسرية أو عشائرية”، معتبراً أن السودان “يجب أن يتأسس كجمهورية حقيقية في ظل نظام ديمقراطي فيدرالي حقيقي، قائمٌ على تقاسم السلطات وتشاركها”.
أما المبدأ الخامس فركّز على “إنهاء وإيقاف العنف البنيوي، الذي تمارسه الدولة ضد قطاعات واسعة من السودانيين، لا سيما في أطراف السودان”.
في حين أكد المبدأ السادس على “إشراك أكبر وأوسع قاعدة سياسية واجتماعية ممكنة من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وأصحاب المصلحة والمرأة من كافة مناطق السودان، من دون إغراق المفاوضات السياسية بعناصر النظام القديم والقوى المعادية للديمقراطية”.
ونصّ المبدأ السادس الذي اقترحته قوات الدعم السريع على “إشراك جميع حركات الكفاح المسلح وأصحاب المصلحة من مناطق النزاع والحروب، لاسيما النازحين واللاجئين والرحل والمراة والشباب، أهمية خاصة”.
بينما اقترح المبدأ الثامن “تأسيس وبناء جيش سوداني جديد من الجيوش المتعددة الحالية، وذلك بغرض بناء مؤسسة عسكرية قومية مهنية واحدة تنأى عن السياسة، وتخضع لسيطرة وإشراف المدنيين”.
ورأى المبدأ التاسع “ضرورة تصفية الوجود الحزبي أو السياسي داخل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية”.
كما أكد المبدأ العاشر والأخير على ضرورة “احترام وتطبيق مبدأ محاربة خطاب الكراهية، والاتفاق على حزمة إصلاحات قانونية وتبنّي سياسات تُعزز التعايش السلمي وقبول واحترام الآخر”.
وفي ما يتعلق بقضايا التفاوض، قال بيان الدعم السريع إنها تشمل “بناء جيش جديد قومي مهني واحد، والفترة الانتقالية والحكم المدني الانتقالي، والسلام الشامل والعادل المستدام، والنظام الفيدرالي وهياكله ومستوياته وسلطاته وقسمة الموارد، والعدالة الانتقالية، وإجراءات وتدابير التحول الديمقراطي مثل الانتخابات وقضية التعداد السكاني وقومية ومهنية الخدمة المدنية والمؤسسات العامة، وقضية الفصل بين الدولة والانتماءات الهوياتية الضيقة، سواء أكانت دينية، أو ثقافية، أو عرقية، إضافة إلى قضية اللغات السودانية، وعملية صناعة الدستور”.
وبشأن الأطراف المشاركة في عملية التحول الديمقراطي، قالت قوات الدعم السريع إنها يجب أن تشمل “القوى التي تصدت لجبروت قادة نظام (عمر) البشير الأيديولوجي وأسقطته، سواءً كانت هذه القوى في المركز أو الأطراف، وعلى رأسها المهنيين ولجان المقاومة والشباب والنساء.
وأشار البيان إلى أهمية التمثيل العادل لأطراف السودان، لا سيما المناطق المهمشة، التي عانت كثيراً وطويلاً من ويلات الحروب، مشدداً على أن “المشاركة يجب أن لا تشمل حزب المؤتمر الوطني وعناصر النظام القديم والشخصيات التي ظلّت تعمل من أجل إعاقة التحول الديمقراطي”.
قناة الشرق للأخبار
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
معركة “المثلث الحدودي” تنقل حرب السودان إلى مسار جديد
منتدى الإعلام السوداني
ملاك جمال بلة
دنقلا، 25 يونيو 2025– (جبراكة نيوز)- في تطور لافت لمسار الصراع المسلح في السودان، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على منطقة “المثلث الحدودي” الواقعة في عمق الصحراء شمال غرب البلاد، حيث تتقاطع الحدود السودانية مع مصر وليبيا. وجاءت السيطرة بعد معارك دارت بين القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة وقوات الدعم السريع، انتهت بانسحاب القوات السودانية من المنطقة.
وعقب السيطرة على المثلث يتردد أن قوات الدعم السريع تعمل على تجهيز مطارات جنوب ليبيا كمراكز لوجستية لدعم العمليات داخل السودان.
ورغم التصعيد العسكري تؤكد قوات الدعم السريع إنها ستبقي معبر المثلث مفتوحًا للأغراض الإنسانية، وتعتبره “شريان حياة لملايين السودانيين المحرومين من الغذاء والدواء”.
مثلث استراتيجي غني بالمواردتُعد منطقة المثلث الحدودي موقعًا استراتيجيًا بالغ الأهمية، ليس فقط لموقعها الجغرافي كممر يربط بين ثلاث دول، بل أيضًا لما تحتويه من ثروات طبيعية هائلة، مثل الحديد، والنحاس، واليورانيوم. ورغم طبيعة المنطقة الصحراوية القاسية، إلا أنها تمثل معبرًا حيويًا لحركة البضائع والمهاجرين، وأحد أبرز ممرات التهريب بين السودان وليبيا.
قوات الدعم السريع تعلن سيطرتهاالقائد الميداني في قوات الدعم السريع، عبد الله حقار، قال في تصريح خاص إن قواته “فرضت سيطرتها الكاملة على المثلث بعد معارك طاحنة”. وأضاف أن “المنطقة تخضع للسيادة السودانية، ومن ضمن الأهداف المشروعة للدعم السريع”، مؤكدًا أن السيطرة عليها جاءت ضمن مسار العمليات العسكرية على الأرض.
وأشار حقار إلى أن قواته تمكنت أيضًا من السيطرة على طريق “كرنب التوم”، الذي يربط الولاية الشمالية بولاية شمال دارفور، واصفًا المنطقة بأنها “شريان حيوي عسكري واقتصادي وسياسي”.
اتهامات وردود نافيةقال حقار إن القوات المشتركة والجيش كانت تحتجز مدنيين سودانيين ومهاجرين كانوا في طريقهم إلى ليبيا، وطالبتهم بدفع أموال مقابل إطلاق سراحهم. وأضاف: “لقد حررنا عددًا كبيرًا من الأسرى، ونوفر للمدنيين المساعدة من علاج وإيواء وغذاء”.
لكن سيف النصر التجاني، القائد في القوات المشتركة، ينفي هذه الاتهامات، مؤكدًا أن “القوات المشتركة لم تحتجز مدنيين، ولم تطلب أموالًا مقابل إطلاق سراح أحد”، مضيفًا: “نحن نحمي المواطنين، والدعم السريع معروف بانتهاكاته”.
معبر للتهريب والجريمة المنظمةيقول حقار إن المنطقة تُستخدم منذ سنوات لعمليات تهريب السلاح والبشر، مؤكداً أن السيطرة عليها ستُسهم في تقليل هذه الأنشطة. في المقابل، تعتبر القوات المشتركة أن تحركات الدعم السريع في المثلث تأتي نتيجة لفقدانها لمواقع داخل العمق السوداني، وتقلّص الدعم الإقليمي، خصوصًا بعد تغيّر مواقف تشاد، إفريقيا الوسطى، وجنوب السودان.
تحضيرات لوجستية في جنوب ليبيا
بحسب سيف النصر التجاني، فإن الدعم السريع يعمل على تجهيز مطارات جنوب ليبيا– مثل الكفرة وسبها– كمراكز لوجستية لدعم عملياته داخل السودان، مستخدمًا معابر مثل المثلث والمالحة كممرات استراتيجية لإمداد قواته.
الفاشر.. معركة الحسم المقبلةترى القوات المشتركة أن المعركة المقبلة ستكون في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور. ويقول التجاني: “الدفاع عن الفاشر يتطلب إدخال قوة متكاملة وتأمينها لوجستيًا وغذائيًا”. وحذر من أن الدعم السريع يهدف لإسقاط الفاشر لإعلان دولته الخاصة وفتح جسر جوي إلى دارفور.
ويضيف: “دخول الميليشيات من الشمال أو ليبيا إلى دنقلا أو الفاشر صعب للغاية إلا في حال وجود ثغرات أمنية داخلية، وهو ما نحاول منعه”.
سلام مؤجل أم تصعيد مستمر؟وعن فرص العودة إلى طاولة المفاوضات، قال حقار إن “المرحلة تجاوزت التفاوض”، مشيرًا إلى أن “قادة الدعم السريع يدركون أن الطرف الآخر لا يرغب في السلام، بل في إطالة أمد الحرب”.
من جانبه، يرى المحلل السياسي مهار أبو الجوخ أن “سيطرة الدعم السريع على المثلث تمثل تحولاً في مسار الحرب”، مضيفًا أن وجودهم على تخوم الولاية الشمالية يعزز تهديداتهم السابقة بالتوجه نحوها.
ويضيف أبو الجوخ: “الدعم السريع لم يعد متحمسًا للتفاوض كما في السابق، وهو ما يجعل من التصعيد خيارًا مرجحًا”.
معبر حدودي.. أهمية استراتيجية عابرة للخرائطالسيطرة على المثلث تمثل مكسبًا استراتيجيًا لأي طرف. فهو لا يقتصر على البعد الجغرافي، بل يحمل أبعادًا سياسية واقتصادية وعسكرية. المعبر يشكل نقطة تلاقٍ لخطوط الإمداد، ومركز نفوذ يمكن من خلاله التأثير في معادلة الحرب والسلام.
حرب بالوكالةيرجح مراقبون أن الصراع في السودان لا يخلو من تدخلات إقليمية. ويرى أبو الجوخ أن بعض القوى الإقليمية تمول أطراف الحرب وفقًا لمصالحها المتقلبة، مضيفًا أن “اندلاع التوتر بين إيران وإسرائيل قد يُغير حسابات المنطقة ويدفع إما لتسويات سياسية أو لتصعيد الصراع في مناطق أخرى مثل السودان”.
السيطرة على المثلث الحدودي تمثل تطورًا جديدًا في حرب تتسع دائرتها يومًا بعد يوم. وبين من يعتبرها ورقة ضغط سياسية، ومن يراها جزءًا من مشروع استراتيجي للدعم السريع، تبقى الحقيقة الأهم أن السودانيين العالقين في وسط هذا النزاع، هم وحدهم من يدفعون الثمن.
ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء فيه هذه المادة من إعداد منصة “الجبراكة” في إطار التتبع اللصيق لتقلبات الحرب في السودان وتأثيرها الداخلي والإقليمي. وتسلط المادة الضوء على صراع الجيش وقوات الدعم السريع على منطقة حدودية ذات ثروات طبيعية هائلة، مثل الحديد، والنحاس، واليورانيوم.