هجوم روسيا الصيفي في أوكرانيا يترنّح: زخم ميداني دون مكاسب استراتيجية
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
القوات الروسية تسير نحو تحطيم رقمها القياسي في عدد العمليات الهجومية خلال شهر حزيران/يونيو، إلا أن الكثافة النارية لم تُترجم إلى مكاسب استراتيجية ملموسة، بحسب صحيفة "التلغراف" البريطانية. اعلان
رغم تصعيد غير مسبوق للهجمات على جبهات متعددة، تشير البيانات إلى أن الهجوم الصيفي الروسي في أوكرانيا بدأ يفقد زخمه بعد أسابيع قليلة من انطلاقه، دون تحقيق اختراقات حاسمة على الأرض، وفقًا لتحليل أجرته صحيفة "التلغراف" البريطانية.
وبحسب الصحيفة، فإن القوات الروسية تسير نحو تحطيم رقمها القياسي في عدد العمليات الهجومية خلال شهر حزيران/يونيو، إلا أن الكثافة النارية لم تُترجم إلى مكاسب استراتيجية ملموسة، إذ أخفقت موسكو في التقدّم ميدانيًا رغم التخطيط المطوّل خلال الشتاء وتجميعها لعدد كبير من الجنود وتحسين التنسيق بين الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة.
من خاركيف إلى دونيتسك: اختراقات محدودةامتد الهجوم الروسي من شمال شرق أوكرانيا في منطقتي سومي وخاركيف إلى جبهات دونيتسك ودنيبروبتروفسك. وفي شهر مايو، سجلت القوات الروسية أسرع معدل تقدم منذ نوفمبر الماضي، بمتوسط 5.5 ميل مربع يوميًا، أي ضعف المعدل في أبريل، بحسب "ديب ستيت" الأوكراني لرصد التحولات الميدانية.
وتركزت النجاحات المحدودة في منطقة دونيتسك، خصوصًا بين بوكروفسك وكوستيانتينيفكا، إلا أن الزخم بدأ يتلاشى بعد أسابيع من القتال، كما أكدت المحللة أنجيليكا إيفانز من معهد دراسة الحرب (ISW) للصحيفة: "القدرة على إطلاق مرحلة جديدة مفقودة حاليًا لدى الروس. ما يحدث اليوم هو استمرار لما بدأ في الربيع".
في سومي، توقفت القوات الروسية بشكل شبه كامل رغم محاولاتها للسيطرة على بلدة يونكيفكا القريبة من الطريق المؤدي إلى مركز المدينة. ويؤكد الخبير العسكري الأوكراني بافلو ناروجني أن سقوط البلدة قد يفتح الطريق للمدفعية الروسية نحو سومي نفسها، واصفًا ذلك بأنه "كارثة محتملة".
لكن القوات الأوكرانية نجحت في وقف التقدّم الروسي في المنطقة واستعادت بعض المواقع.
ويقول ضابط أوكراني رفيع يخوض القتال في محور كوبيانسك: "الهجوم الروسي قد تعثّر عمومًا. لديهم تفوق عددي في الجنود والطائرات المسيّرة، لكن مشاتهم غير مدربين إطلاقًا".
Relatedصواريخُ ومسيّرات.. لغة الحوار بين أوكرانيا وروسيا وترامب يرى أن بوتين يبحث عن مخرج35 ألف طفل أوكراني في عداد المختطفين... وأهالٍ يواجهون الخطر لاستعادتهم من روسياعودة مؤثرة لأسرى الحرب الأوكرانيين بعد الإفراج عنهم ضمن عملية تبادل جديدة مع روسياخطة بوتين: حزام عازل أم توسيع رقعة الحرب؟رغم أن الهدف المعلن للهجوم الروسي في سومي هو إنشاء منطقة عازلة على الحدود لمنع تسلل الطائرات المسيّرة الأوكرانية، فإن تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين أوحت بنيّة أبعد، إذ قال خلال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي: "مدينة سومي هي التالية. لسنا مضطرين لأخذها، لكني لا أستبعد ذلك"، ما أعاد المخاوف من توسع الهجوم الروسي.
وفي تصريح بارز يوم الخميس، أكد القائد العام للجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي أن القوات الروسية توقفت عن التقدم في سومي، وأن الخطوط الأمامية قد استقرت.
جبهات موازية: الضغط على دونيتسك ودنيبروفي موازاة ذلك، تسعى روسيا لاختراق منطقة دنيبروبتروفسك والاستمرار في السيطرة الكاملة على إقليم دونباس، حيث تحاول الاستيلاء على كوستيانتينيفكا، المركز اللوجستي الحيوي للجيش الأوكراني، تمهيدًا للهجوم على كراماتورسك وسلوفيانسك.
لكن تحقيق ذلك يبدو بعيد المنال في ظل ضعف أداء القوات الروسية وتراجع قدراتها، إذ أشار ضابط أوكراني إلى أن "السيطرة على كراماتورسك تتطلب 100 ألف جندي إضافي، بينما تطلبت السيطرة على أوديفييفكا 40 ألفًا، وباخموت 70 ألفًا، مع وجود مرتزقة فاغنر المحترفين".
الاستنزاف والإنهاك بدل الحسمرغم تفوقهم العددي في بعض المحاور بنسبة 20 إلى 1، فشلت القوات الروسية في السيطرة على كوستيانتينيفكا، إذ صرح قائد أوكراني لـ "نيويورك تايمز" أن الروس يشنّون حتى 15 هجومًا أسبوعيًا في المنطقة، لكن الدفاع الأوكراني ما زال صامدًا.
أما الخبير العسكري نيك رينولدز من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، فأوضح أن الروس "غير قادرين على مواصلة الضغط بسبب نقص الذخائر والمدرعات القابلة للإصلاح".
وفي بوكروفسك، تستمر المعارك بوتيرة عالية لكن بلا نتائج واضحة. وفي توريتسك، تباطأ التقدّم بسبب القتال في المناطق الحضرية.
منجم الليثيومفي تطور لافت، استولت القوات الروسية هذا الأسبوع على منجم لليثيوم قرب قرية شيفتشينكو غرب دونيتسك. ويُعد هذا المنجم من أغنى احتياطيات أوكرانيا من الليثيوم، ما يشكّل ضربة موجعة لخطط كييف التنموية طويلة الأمد.
حرب استنزاف طويلة المدىيرى خبراء أن روسيا اختارت نشر قواتها على امتداد الجبهات، في تكتيك يهدف إلى إنهاك الجيش الأوكراني بدل تحقيق اختراقات سريعة. ويقول رينولدز إن موسكو تسعى لـ"انهيار منظّم" للجيش الأوكراني بفعل الضغط المستمر، وهي بذلك تبني على ما تسميه "نظرية النصر العملياتية".
وتختتم المحللة أنجيليكا إيفانز: "ما نشهده هو استراتيجية لإجبار السكان على الرحيل، تمهيدًا للاستيلاء على المدن لاحقًا. الهدف الحقيقي هو السيطرة على كامل أوكرانيا، وليس فقط المناطق الأربع التي أعلنت روسيا ضمها في عام 2022".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل إيران دونالد ترامب غزة هجمات عسكرية بنيامين نتنياهو إسرائيل إيران دونالد ترامب غزة هجمات عسكرية بنيامين نتنياهو روسيا أوكرانيا الغزو الروسي لأوكرانيا فلاديمير بوتين الحرب في أوكرانيا إسرائيل إيران دونالد ترامب غزة هجمات عسكرية بنيامين نتنياهو البرنامج الايراني النووي ضحايا ملياردير روسيا أوكرانيا الذكاء الاصطناعي القوات الروسیة السیطرة على م الروسی
إقرأ أيضاً:
روسيا تستولي على مستودع ليثيوم استراتيجي في أوكرانيا.. هل تنهار رهانات ترامب على الثروات المعدنية؟
في ضربة استراتيجية لأوكرانيا، استولت القوات الروسية مؤخرًا على مستودع ليثيوم في منطقة دونيتسك شرقي البلاد. يقع المستودع قرب قرية شيفتشينكو غرب دونيتسك، وتمّ تأكيد ذلك استنادًا إلى تحليلات مرئية أجرتها مجموعات مراقبة مستقلة تتابع تقدم القوات الروسية ميدانيًا. اعلان
ورغم أن المستودع لا يتعدى 100 فدان، إلا أنه يُعد من بين أغنى رواسب الليثيوم في أوكرانيا، ما يجعله موردًا بالغ الأهمية في السوق العالمي لتقنيات الطاقة المتقدمة، ولا سيما البطاريات الكهربائية.
وتعتبر الولايات المتحدة الليثيوم عنصرًا استراتيجيًا في اقتصادها وأمنها القومي، وهو ما دفع إدارة ترامب إلى توقيع اتفاقية تاريخية مع كييف، تتيح لواشنطن أولوية الوصول إلى الثروات المعدنية الأوكرانية.
هل تتهاوى الصفقة تحت وقع التقدم الروسي؟الاتفاق الأمريكي الأوكراني ينص على تأسيس صندوق استثماري مشترك لتمويل مشاريع التعدين، ويهدف إلى تقليص الاعتماد على الصين التي تسيطر على جزء كبير من سلاسل التوريد العالمية. خلال المفاوضات، سعى المسؤولون الأوكرانيون إلى ربط الصفقة بدعم عسكري إضافي من الولايات المتحدة، بحجة أن حماية موارد البلاد المعدنية تصب في مصلحة الطرفين، لكن واشنطن رفضت هذا الربط مرارًا.
في محاولة لإظهار جدية التعاون، وافقت الحكومة الأوكرانية الأسبوع الماضي على الخطوات الأولى لفتح مستودع ليثيوم كبير مملوك للدولة أمام الاستثمارات الخاصة، لكن الخطوة تبدو متأخرة في ظل التصعيد العسكري.
ومع احتلال القوات الروسية ما يقارب خمس الأراضي الأوكرانية، باتت موسكو تسيطر فعليًا على عدد من رواسب المعادن الحيوية، مثل التيتانيوم والمنغنيز، بالإضافة إلى استيلائها على بعض أكبر مناجم الفحم. ويشير تحليل صادر عن معهد دراسات الحرب، ومقره واشنطن، إلى أن القوات الروسية تقترب من الوصول إلى مواقع جديدة غنية باليورانيوم والتيتانيوم، ما يضع مزيدًا من الضغوط على أوكرانيا.
عوائق متراكمةلا تزال لدى كييف احتياطات ليثيوم واعدة وسط البلاد، بعيدة عن الجبهات الساخنة. لكن التحديات لا تقتصر على الجغرافيا، إذ يحذّر محللو الصناعة من عقبات كبيرة تعيق تنفيذ الاتفاق، من بينها تعقيدات في تراخيص الاستخراج واعتماد البلاد على مسوحات جيولوجية قديمة، لا تعكس بدقة القيمة الفعلية لمواردها.
Relatedموجة حر غير مسبوقة تجتاح شرق روسيا: حرارة قياسية وحرائق تهدد السكان والمنشآتصواريخُ ومسيّرات.. لغة الحوار بين أوكرانيا وروسيا وترامب يرى أن بوتين يبحث غن مخرجعودة مؤثرة لأسرى الحرب الأوكرانيين بعد الإفراج عنهم ضمن عملية تبادل جديدة مع روسياأما رواسب شيفتشينكو، التي باتت اليوم تحت سيطرة موسكو، فتتميّز بتركيزها العالي من معدن السبودومين، الغني بالليثيوم، والمستخدم على نطاق واسع في صناعة التعدين الأسترالية، ما يزيد من أهميتها الجيواستراتيجية.
وفي ظل هذا المشهد، تزداد الشكوك حول قدرة أوكرانيا على تحويل ثروتها المعدنية إلى ورقة ضغط اقتصادية، ما دامت رقعة السيطرة الروسية تتوسع على الأرض.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة