قالت دار الإفتاء المصرية، إن الجمهور يرون أن طواف الوداع واجب، وقال المالكية وداود وابن المنذر وهو قولٌ للشافعي وقول للإمام أحمد رضي الله عنهما: إنه سنة؛ لأنه خُفِّفَ عن الحائض.

الجمع بين طواف الإفاضة والوداع

وأوضحت دار الإفتاء في فتوى لها، أنه قد أجاز المالكية والحنابلة الجمعَ بين طوافي الإفاضة والوداع في طواف واحد بناءً على أن المقصود هو أن يكون آخرُ عهدِ الحاج هو الطوافَ بالبيت الحرام، وهذا حاصل بطواف الإفاضة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أُمِرَ الناسُ أن يكون آخرُ عهدهم بالبيت، إلا أنه خُفِّفَ عن الحائض(35).

هل فضل العشر من ذي الحجة في النهار فقط ؟كلمتان تَمَسَّك بهما في العشر من ذي الحجة لتتعرض لنفحات الله

قال الإمام مالك كما في "المدونة الكبرى": [بلغني أن بعض أصحاب النبي عليه السلام كانوا يأتون مراهقين -أي ضاق بهم وقت الوقوف بعرفة عن إدراك الطواف قبله- فينفذون لحجهم ولا يطوفون ولا يسعون، ثم يقدمون منى ولا يفيضون من منى إلى آخر أيام التشريق، فيأتون فينيخون بإبلهم عند باب المسجد ويدخلون فيطوفون بالبيت ويسعون ثم ينصرفون، فيجزئهم طوافهم ذلك لدخولهم مكة ولإفاضتهم ولوداعهم البيت] اهـ(36).

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني": [فيه روايتان، إحداهما: يجزئه عن طواف الوداع؛ لأنه أُمِرَ أن يكون آخر عهدِه بالبيت, وقد فعل، ولأن ما شُرِعَ لتحية المسجد أجزأ عنه الواجب من جنسه؛ كتحية المسجد بركعتين تجزئ عنهما المكتوبة] اهـ(38).

طواف الإفاضة والوداع

وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف": [قوله: (ومَن أخَّر طواف الزيارة فطافه عند الخروج: أجزأ عن طواف الوداع)، هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقاله الخرقي في "شرح المختصر", وصاحب "المغني" في كتاب الصلاة قاله في القواعد. وعنه: لا يجزيه عنه فيطوف له، وأطلقهما في "المغني"] اهـ(39).

وتابعت دار الإفتاء: وحينئذٍ فلا مانع شرعًا من الأخذ بقول المالكية ومن وافقهم في استحباب طواف الوداع وعدم وجوبه، وكذلك القول بإجزاء طواف الإفاضة عن الوداع عندهم وعند الحنابلة، حتى ولو سعى الحاج بعده؛ لأن السعي لا يقطع التوديع.

قال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشيته" على "الشرح الكبير" للإمام أبي البركات الدردير: [ولا يكون سعيه لها طولًا حيث لم يُقِمْ عندها إقامةً تقطع حكم التوديع] اهـ(40).

واستُدِلَّ لذلك بحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في "الصحيحين" وغيرهما قالت: خرجنا مُهِلِّينَ بالحج في أشهر الحج... حتى نفرنا مِن مِنًى ونزلنا المحصب، فدعا عبد الرحمن فقال: «اخْرُجْ بِأُخْتِكَ الْحَرَمَ فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا مِنْ طَوَافِكُمَا أَنْتَظِرْكُمَا هَاهُنَا». زاد مسلم في روايته: قالت: فخرجنا فأهلَلْتُ، ثم طُفْتُ بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «فَرَغْتُمَا»؟ قلت: نعم، فنادى بالرحيل في أصحابه، فارتحل الناس.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري": [ويستفاد من قصة عائشة رضي الله عنها أن السعي إذا وقع بعد طواف الركن -إن قلنا إن طواف الركن يغني عن طواف الوداع- أن تخلُّل السعي بين الطواف والخروج لا يقطع إجزاء الطواف المذكور عن الركن والوداع معًا] اهـ(41).

وبناءً على ذلك: فإن تأخير طواف الإفاضة إلى آخر مكث الحاج بمكة ليُغنِيَ عن طواف الوداع جائزٌ شرعًا، ولا يضر ذلك أداءُ السعي بعده.

طباعة شارك الجمع بين طواف الإفاضة والوداع الطواف طواف الإفاضة طواف الوداع

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الطواف طواف الإفاضة طواف الوداع دار الإفتاء بین طواف رضی الله

إقرأ أيضاً:

هل يجوز قطع الصلاة لإنقاذ طفلي من خطر؟ ..الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال عبر موقعها الرسمي حول حكم قطع الصلاة إذا تعرض شخص ما للخطر، وجاء نصه: "كنت أصلي وابني الصغير يلعب أمامي، وتركت شيئًا على موقد النار (البوتاجاز)، فذهب ابني ناحيته، فخشيت عليه من الخطر، فقطعت صلاتي لإنقاذه؛ فما حكم ذلك؟"

وأجابت لجنة الفتوى بدار الإفتاء بأنه إذا كانت الصلاة فريضة، فإن قطعها لأمور مهمة ومصالح معتبرة لا يمكن تداركها جائز شرعًا، سواء كانت هذه المصالح دينية أو دنيوية، بل قد يكون القطع واجبًا إذا تعلّق الأمر بإنقاذ غريق أو إغاثة ملهوف، بخلاف ما لو كان الأمر يسيرًا أو يمكن تداركه بتخفيف الصلاة.

واستندت اللجنة في ذلك إلى ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الأزرق بن قيس، قال: "كنا بالأهواز نقاتل الحرورية، فبينا أنا على حرف نهر إذا رجل يصلي، وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه، وجعل يتبعها" وبيّن أن الرجل هو الصحابي أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه، مشيرًا إلى أنه كان يفضّل الإمساك بدابته حتى لا تهلك على أن يدعها في الصلاة، واستشهد به الإمام البخاري في باب "إذا انفلتت الدابة في الصلاة".

هل يجب تغيير مكان صلاة النافلة بعد الفريضة؟.. أمين الفتوى: تشهد عليه الأرضهل يجب الاستعاذة قبل الفاتحة في الصلاة؟.. حكم تكرارها بكل ركعةحكم نسيان ركعة وتذكرها بعد التسليم من الصلاة.. الإفتاء توضحهل يجوز قضاء صلاة الوتر نهارا لمن نسيها؟.. اعرف رأي الشرع

كما نقلت دار الإفتاء أقوال العلماء في هذا السياق، حيث ذكر الإمام ابن بطال المالكي أنه يجوز قطع الصلاة إذا خشي الشخص على متاع أو مال أو ما يحتاج إليه الناس. وقال الحافظ ابن حجر: "وفيه حجة للفقهاء في قولهم إن كل شيء يخشى إتلافه من متاع وغيره يجوز قطع الصلاة لأجله".

وأكدت اللجنة أن إنقاذ النفس المعصومة واجب يأثم تاركه، مستشهدة بما قاله الإمام العز بن عبد السلام: "تقديم إنقاذ الغرقى المعصومين على أداء الصلاة؛ لأن إنقاذ الغرقى عند الله أفضل من أداء الصلاة".

وعلى ذلك فإن قطع الصلاة من أجل إنقاذ الطفل الصغير من خطر محدق واجب شرعًا، ويجب على المصلي بعد ذلك إعادة الصلاة من بدايتها.

طباعة شارك قطع الصلاة إنقاذ شخص دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • هل المصافحة عقب الصلاة بين المصلين بدعة؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم إخفاء أغراض الآخرين بقصد المزاح.. الإفتاء تجيب
  • هل تصح الصلاة مع وجود طلاء الأظافر؟.. الإفتاء تجيب
  • هل المتوفى بسبب السرطان يُعتبر من الشهداء؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز ترديد آيات قرآنية في السجود؟.. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز قطع الصلاة لإنقاذ طفلي من خطر؟ ..الإفتاء تجيب
  • ما حكم من ينشر فضائح الناس على السوشيال ميديا.. الإفتاء تجيب
  • حكم صلاة الفجر لمن يسافر قبلها.. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز قضاء السنن الرواتب لمن فاتته؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم أخذ المرتب بدون عمل؟.. الإفتاء تجيب