''اللوبي الإنساني'' والدور المشبوه في اليمن.. الحكومة تعلق على تصريحات السفير البريطاني السابق وتعتبرها ''شهادة صادمة".. ماذا قال؟
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
علقت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على تصريحات سفير بريطاني سابق لدى اليمن، تحدث فيه عن لوبي انساني، غير توجهات المجتمع الدولي، في تعامله مع الصراع باليمن، بصورة تخدم الحوثيين.
وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني "إن تصريحات السفير البريطاني السابق لدى اليمن، إدموند فيتون-براون، تمثل شهادة صادمة تُعري جانبا مسكوتا عنه من أسباب استمرار الأزمة اليمنية وتعقيداتها".
وأكد الوزير الإرياني في تصريح صحفي، أن هذه التصريحات، الصادرة عن مسؤول غربي رفيع خدم في اليمن في فترة حساسة، لا تعبر عن موقف شخصي عابر، بل عن تقييم عميق لأخطاء ممنهجة في طريقة تعاطي المجتمع الدولي مع القضية اليمنية.
وأوضح الإرياني، أن السفير البريطاني السابق سلّط الضوء على خلل بنيوي خطير في تسليم مفاتيح التأثير السياسي، في ملفات شديدة الحساسية، إلى منظمات تدّعي الحياد والإنسانية، لكنها مارست ضغوطا ذات طابع سياسي محض، ساهمت في حرف بوصلة الموقف الدولي، وتقديم سردية تخدم الجناة لا الضحايا، والمليشيات لا الدولة، والفوضى والإرهاب لا السلام.
وأشار الوزير إلى أن تصريحات فيتون-براون كشفت بوضوح عن حجم التأثير السلبي الذي مارسته منظمات إنسانية دولية، مثل "أوكسفام" و"العفو الدولية" ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، على القرار السياسي الغربي، بعد أن تحولت إلى أدوات ضغط سياسي تجاوزت أحيانا وزارات الخارجية، لفرض خيارات كارثية على اليمن والمنطقة بحجة "الاعتبارات الإنسانية".
وأكد الإرياني أن ما سُمي بـ"اللوبي الإنساني" لم يكتفِ بتقويض جهود استعادة الدولة، بل ساهم فعليا في محاولة شرعنة وجود مليشيا مسلحة انقلابية وإرهابية، عبر الدفع نحو اتفاقات هزيلة، مثل اتفاق ستوكهولم، الذي أوقف معركة تحرير محافظة الحديدة، وأعاد ترتيب المشهد لصالح الحوثيين، ومنحهم أدوات ابتزاز سياسي وعسكري، ما زال اليمنيون والمنطقة والعالم يدفعون ثمنه حتى اليوم.
ولفت الوزير إلى أن الشعب اليمني يدفع اليوم الثمن فادحا لذلك التدخل، إذ يعاني ملايين اليمنيين من الجوع والانهيار الاقتصادي وغياب الخدمات، وتمدد المليشيا الإرهابية على حساب مؤسسات الدولة، نتيجة مباشرة لانحراف البوصلة الدولية بفعل الضغوط "الإنسانية"، التي قدمت غطاء غير مباشر للحوثيين، وساهمت في إطالة أمد الانقلاب بدلا من إنهائه.
وأشار الإرياني إلى أن هذا التدخل غير المحايد للمنظمات الدولية، وفرضها خيارات سياسية تتعارض مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، يشكل خرقا صارخا للمبادئ التي أُسست عليها تلك المنظمات، ويضع علامات استفهام قانونية وأخلاقية حول دورها، ويستدعي مساءلتها عن تجاوزها لاختصاصاتها وتسببها في عرقلة جهود استعادة الدولة، في مخالفة واضحة للقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة.
وأكد الإرياني أن شهادة السفير البريطاني تعيد طرح الأسئلة الكبرى: من الذي يصوغ السياسات الدولية في اليمن؟ ولماذا يُسمح لمنظمات يُفترض أنها إنسانية أن تملي شروطا سياسية تتعارض مع القانون الدولي والقرارات الأممية الداعمة للحكومة اليمنية الشرعية؟.
ودعا الوزير الإرياني إلى عدم دفن هذه الشهادة في زحام الأخبار، بل إلى مراجعة جذرية لكل المقاربات الغربية في الملف اليمني، والخروج من أسر الخطاب الإنساني الذي حوله الحوثيون إلى درع يحمي مشروعهم الطائفي العنيف.
وشدد الإرياني على أن الوقت قد حان ليسقط المجتمع الدولي أوهام الحياد الزائف، وأن يتعامل مع الحقائق كما هي، هناك انقلاب، وهناك ميليشيا إرهابية مدعومة من إيران، وهناك شعب يسعى لاستعادة دولته، وليس "طرفين متنازعين" في نزاع إنساني غامض، كما تحب بعض التقارير الدولية أن تصفه.
وقبل ايام كشف السفير البريطاني الأسبق لدى اليمن، إدموند فيتون براون، أن منظمات إنسانية دولية، عملت على تغيير توجه المجتمع الدولي في تعامله مع الصراع اليمني، بما يصبّ في مصلحة جماعة الحوثي.
وفي مقال نشره في منتدى الشرق الأوسط، وجّه الدبلوماسي البريطاني انتقادات حادة لمواقف بعض المنظمات، مثل أوكسفام، والعفو الدولية، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، مشيراً إلى أن هذه الجهات مارست ضغوطاً أفضت إلى تحوير السياسات الغربية تجاه اليمن وفرض قيود على العمليات العسكرية ضد الحوثيين.
وأشار فيتون براون، الذي تولّى منصب سفير بريطانيا لدى اليمن بين عامي 2015 و2017، إلى أن الاستجابة الدولية للنزاع كانت في بدايتها "صحيحة ومتماسكة" عام 2014، لكنها انحرفت تدريجياً، لتبلغ ذروتها في اتفاق ستوكهولم أواخر 2018، الذي وصفه بـ"المشين"، مؤكداً أنه منح الحوثيين فرصة للتموضع دولياً وممارسة الابتزاز.
وأوضح أن القرار الأممي رقم 2140، الصادر في نوفمبر 2014، قد شخص التهديدات المحدقة باليمن، وفرض عقوبات على شخصيات معرقلة، في وقت كانت الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي تحظى بدعم دولي واضح، باستثناء إيران.
وانتقد فيتون براون ما اعتبرها "سيطرة للرؤية الإنسانية الضيقة" على دوائر صنع القرار في العواصم الغربية، موضحاً أن بعض وزارات التنمية والمنظمات الإغاثية مارست نفوذاً تجاوز في كثير من الأحيان تأثير وزارات الخارجية، ما أفضى إلى ضغوط كبيرة لتقييد أي عمل عسكري ضد الحوثيين، حتى عند ارتكابهم انتهاكات جسيمة، بينها الاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل.
ووصف فيتون براون تحالف تلك المنظمات بـ"اللوبي الإنساني"، وقال إنه كان أكثر تأثراً بالغارات الجوية التي ينفذها التحالف بقيادة السعودية، مقارنةً بانتهاكات الحوثيين، وأن وسائل الإعلام الغربية عكست هذا التحيّز بصورة "غير دقيقة ومنحازة".
وأضاف أن مواقف عواصم غربية، مثل واشنطن ولندن، بدأت تتغير تدريجياً نتيجة ضغوط الرأي العام، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري، وبتأثير من سلطنة عُمان، تبنّى نهجاً أكثر تساهلاً مع الحوثيين، وسعى للتوصل إلى تسوية "بأي ثمن".
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: السفیر البریطانی المجتمع الدولی لدى الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا يمكن أن يفعل المرشح الذي عينه ترامب في بنك الاحتياطي الفيدرالي؟
نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، تقريرًا، ناقشت فيه، ما وصفته بـ"سيناريو تعيين دونالد ترامب، لرئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي "الفيدرالي الأمريكي" في حال تمكن من إقالة جيروم باول، رغم أن ذلك غير قانوني ما لم يثبت وجود سبب مشروع".
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "إقالة دونالد ترامب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، تُعد خطوة معقدة قانونيًا، ولا يمكن تنفيذها إلا بوجود سبب مشروع، ما دفع ترامب للتفكير في توجيه تهمة احتيال كغطاء قانوني محتمل".
وأضافت: "رغم ما قد تسببه مثل هذه الخطوة من اضطراب واسع في الأسواق المالية"، مبرزة أنّ: "صلاحيات رئيس الاحتياطي الفيدرالي تستند إلى أعراف توافقية بين مجلس المحافظين واللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، أكثر من اعتمادها على القانون".
وأوضحت: "تضم اللجنة أعضاء مجلس المحافظين ورئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وأربعة رؤساء بنوك إقليمية بالتناوب، وغالبًا ما تصدر قراراتها بالإجماع، ما يعكس تقليدًا باتباع القيادة".
"إذا استمر هذا النمط من السلوك، واستطاع الرئيس الجديد المعيَّن من قبل ترامب (والأرجح أنه سيكون رجلًا) أن يحشد أصوات مجلس المحافظين، فسيكون بيده مجموعة من الصلاحيات المهمة" بحسب التقرير نفسه.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ: "رئيس الاحتياطي الفيدرالي المُعيَّن من قِبل ترامب سيتمكن من تحديد سعر الفائدة على الاحتياطيات ومتطلبات الاحتياطي، وهي أدوات رئيسية في توجيه السياسة النقدية. ورغم أن تحديد هذه الأسعار عادةً ما يتم بناءً على قرارات لجنة السوق المفتوحة، إلا أن مجلس المحافظين يمتلك الصلاحية القانونية لوضعها، ما يمنح الرئيس الجديد نفوذًا فعليًا على السياسة النقدية".
وأضافت أنه: "سيكون بوسع الرئيس المعيّن تعيين المستشار القانوني العام للاحتياطي الفيدرالي، وهو الشخص المسؤول عن إبلاغ مجلس المحافظين بما يمكنهم فعله قانونيًا وما لا يمكنهم فعله. وقد تؤدي مرونة هذا المستشار في تأويل القوانين وتوسيع حدودها التقليدية إلى تمكين رئيس فيدرالي متشدد من استخدام صلاحيات واسعة وغير مسبوقة".
إلى ذلك، تابعت أنّ: "الرئيس المعيّن من قِبل ترامب يمكنه مراجعة تعيين رؤساء البنوك الفيدرالية الإقليمية، ما يتيح له تعزيز نفوذه داخل لجنة السوق المفتوحة وضمان تمرير سياسات نقدية غير تقليدية، مثل طباعة الأموال لتمويل مشاريع كبرى، شرط تأمين الأصوات اللازمة".
وذكرت الصحيفة أنّ: "رئيس الاحتياطي الفيدرالي المعيَّن من قبل ترامب، إذا استطاع التحكم في أصوات لجنة السوق المفتوحة، فبإمكانه تحديد الدول المخوّلة باستخدام خطوط المبادلة وشروط الوصول إليها"؛ فيما اعتبرت الصحيفة أنّ: "هذه الخطوط تُشكّل شريان الحياة للنظام المالي العالمي بأكمله"، مشيرة إلى: "صعوبة تخيّل أداة ضغط أكبر من ذلك بيد الإدارة الأمريكية".
وأفادت الصحيفة أنّ: "السؤال المحوري هو ما إذا كان رئيس يعينه ترامب سيتمكن من حشد أصوات مجلس المحافظين لتمرير سياساته. ويُرجّح أن المجلس الحالي لن يتعاون معه، إذ إن خمسة من أعضائه عُيّنوا من قبل بايدن أو أوباما ويملكون فترات ولاية طويلة، ما قد يعيق تنفيذ أجندة ترامب النقدية ما لم يُبدّل تركيبة المجلس بالكامل".
واختتمت الصحيفة، تقريرها، بالتحذير من أنّ: "إقالة ترامب لرئيس الفيدرالي قد تمهد لإقالة باقي أعضاء مجلس المحافظين واستبدالهم بموالين، ما يمنحه نفوذًا واسعًا لطباعة الأموال أو تعطيل خطوط المبادلة النقدية، ما يهدد النظام المالي العالمي. ورأت أن الكونغرس قد يكون العقبة الوحيدة أمام هذا التوسع في السلطة، لكنها لم تُبدِ تفاؤلًا كبيرًا بذلك".