قبل أشهر انتشر على منصة «إكس» (تويتر سابقًا) مقطع فيديو لا أستطيع التوقف عن مشاهدته. المشهد يعود إلى عام 2003: فرقة موسيقية ستصبح لاحقًا معروفة باسم MGMT، تؤدي أغنيتها «Kids» أمام زملائهم في باحة ترابية بجامعة ويسليان في ولاية كونيتيكت الأمريكية. لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي قد وُجدت بعد. شيء ما في طريقة تصرف الناس، في حضورهم للمكان، في نظراتهم غير المصطنعة، يلمس وتراً داخلياً في قلبي ويملأني بشعور غريب من الحنين.

لا أحد يبدو أنيقًا. الكاميرا تهتز أثناء محاولتها التقاط الجمهور بارتباكهم، بأكتافهم المنحنية وحركاتهم غير المتناغمة. وخلف عدسة هذا التسجيل لا يبدو أن أحدا كان يصور شيئا آخر.

كنت في الرابعة من عمري فقط حين تصوير ذلك الفيديو؛ فلماذا أشعر عند مشاهدته وكأنني فقدت عالما كاملا؟ استطلاع حديث يشير إلى أنني لست وحدي في هذا الشعور؛ فقرابة نصف الشباب يفضلون العيش في عالم بلا إنترنت. في الواقع؛ توقعت أن تكون النسبة أعلى. لا يعني ذلك أن جيلي يرغب فعلا في التراجع عن كل التحولات التي شهدتها العقود الأخيرة، لكن من الواضح أننا نشعر بأن هناك شيئا ما نفتقده، شيئا كان لدى الأجيال السابقة، ونعزو غيابه إلى الإنترنت، أو على الأقل إلى شكله الحالي الذي تهيمن عليه وسائل التواصل الاجتماعي.

ما الذي نظن أننا نفتقده؟ بالنسبة لي؛ أعتقد أن الناس في زمن ما قبل الإنترنت كانوا يتصرفون بطريقة أكثر أصالة وفرادة. لقد جعلتنا وسائل التواصل الاجتماعي أسرى دورات سريعة من الصيحات والموضات، ما خلق تشابها مخيفا في أنماطنا وسلوكياتنا: نشتري المنتجات ذاتها، نرتدي الملابس ذاتها، نتصرف بالطريقة ذاتها، نردد النكات ذاتها، وحتى «الغرابة» أو «التميّز» صارتا جزءا من موضة.

أتخيل أيضا أنه لو لم نكن معروضين أمام الآخرين طوال الوقت، لكانت صداقاتنا وعلاقاتنا أقل تسليعا. اليوم أصبح قضاء الوقت مع الأصدقاء مادة قابلة للتوثيق والنشر لجمهور مجهول الهوية.

أدرك أن هذه تصورات رومانسية إلى حد ما. وأنا مدركة أيضا لكل ما أستفيد منه من عصر الاتصال الرقمي. البحث في عدد قليل من الكتب والموسوعات للحصول على معلومة واحدة، أو النمو في منطقة نائية منعزلة عن العالم، لا بد أنه كان شعورا خانقا ومحبطا.

لكن ربما هذه «السلبيات» نفسها هي ما يتوق إليه الشباب اليوم. لدينا إحساس بأن الجهد العملي - الذي كان يُبذل في تكوين الصداقات، أو في اكتشاف الموسيقى الجيدة، أو في الانتماء إلى تيار ثقافي معين - كان يحمل قيمة فُقدت الآن. فالحياة اليوم تبدو أكثر سلاسة، أكثر كفاءة، وأكثر «تلوينًا» بتعبير الكاتب مايكل هاريس، الذي وصف هذا التحول بـ«فقدان النقص».

مؤخرا عرض عليّ مدير المكتب جهازا قديما كان هو وأصدقاؤه يستخدمونه لمتابعة مباريات كرة القدم: جهاز «سيفاكس» (Ceefax). كان يظهر لهم نتيجة المباراة عبر تغيّر رقم واحد على شاشة التلفاز. كانوا يقضون فترة ما بعد الظهر جالسين على الأريكة منتظرين تغيّر ذلك الرقم. شعرت بالغيرة منهم؛ لماذا؟ رغم أن التجربة الآن تحسنت بلا شك؛ فإنني مأخوذة بذلك الغموض: إذا لم يكونوا يشاهدون المباراة، ولا يقرأون تحديثاتها، فبماذا كانوا منشغلين؟ بمَ كانوا يملأون أفكارهم؟

الحقيقة أن الملل ذاته قد يكون هو الجواب، وهذه تجربة أصبحت نادرة في عصر الاتصال الدائم. على الأقل؛ لو شعروا بالملل كانوا سيضطرون إلى تحفيز أنفسهم من الداخل، لا من خلال شاشات خارجية. وقد لا يكون هذا ما حدث فعلا، لكن هذا الغموض بالذات هو ما يجعله مغريا ومؤثرا بالنسبة لي. يطاردني شعور بأن قضاء هذا الكم الهائل من الوقت على هواتفنا قد سرق منا شيئا إنسانيا وحيويا.

صحيح أن كل عصر كان يشهد نوبات من الذعر من التكنولوجيا الجديدة و«تهديدها للروح البشرية» ـ من الإذاعة إلى التلفاز، إلى الصحف، وصولا إلى الإنترنت ـ والحنين للماضي مشترك بين جميع الأجيال. لكني لا أظن أن أي جيل سابق احتقر عصره بهذا الشكل الجماعي، إلى حد الرغبة في محو السمة الأساسية لعصره. نحن نشعر بالحنين إلى عالم لا يمكن إعادته. كما قال دونالد ترامب ذات مرة: «الآن كل شيء على الكمبيوتر».

والأكثر سخرية أن هذا الحنين إلى زمن ما قبل الإنترنت تغذيه الإنترنت ذاتها؛ إنها الماكينة التي تُغذينا بلا توقف بمقاطع من الماضي، بلقطات لشباب عاشوا منذ عقود في عالم يبدو عفويًّا وغير مراقب.

وهكذا؛ فإن المحرك الأساسي لهذا الحنين هو الشيء ذاته الذي يتمنى نصفنا التخلّص منه رغم أنه مورد مذهل وفّر لنا إمكانية الوصول غير المسبوق إلى الموسيقى القديمة، والمعرفة، وأنماط حياة مختلفة، بل إن طبيعته نفسها ديمقراطية؛ فهو يتيح مساءلة الإعلام التقليدي حول القضايا العالمية، ويكسر القوالب الجاهزة.

إذا ما كان هذا الاستطلاع بمثابة جرس إنذار فماذا عسانا نفعل؟ رغم ما في الحنين من لذة؛ فإنني لا أعتقد أن الحل يكمن في اجترار الماضي بعين دامعة، ولا في تمجيد أصالة مزعومة لماض مثالي. «الأصالة» ـ في ظني ـ هي القدرة على الاختيار: أن تكون حرا في أن تشارك أو لا، أن تظهر أو تختفي، أن تتفاعل أو تنسحب ـ باختصار: الحرية.

فإذا لم يعد بالإمكان «إيقاف تشغيل» الإنترنت بالكامل؛ فإن كلمات فرقة MGMT قد تكون ملهمة: «اضبط نفسك، وخذ فقط ما تحتاجه منه».

إيزابيل بروكس كاتبة مستقلة

عن الجارديان

تمة الترجمة باستخدام الذكاء الاصطناعي

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أسعار باقات الإنترنت المنزلي والموبايل اليوم السبت 2 أغسطس 2025

يبحث الكثيرون عن أسعار باقات الإنترنت المنزلي والموبايل اليوم السبت 2 أغسطس 2025، حيث تعد الإنترنت هو بمثابة أكسير الحياة لهم، في حياتهم اليومية.

أسعار باقات الإنترنت المنزلي والموبايل اليوم السبت 2 أغسطس 2025

وتستعرض «الأسبوع» خلال السطور التالية أسعار باقات النت المنزلي والموبايل اليوم السبت 2 أغسطس 2025

باقات الإنترنت المنزلي «WE»

باقة 140 جيجابايت: 239.4 جنيه مصري.

باقة 200 جيجابايت: 330.6 جنيه مصري.

باقة 250 جيجابايت: 410.4 جنيه مصري.

باقة 400 جيجابايت: 649.8 جنيه مصري.

باقة 600 جيجابايت: 850 جنيه مصري.

باقة 1 تيرابايت: 1550.4 جنيه مصري.

فودافون

تقدم فودافون أيضًا باقات DSL، مثل باقة 250 جيجابايت بسعر 604.2 جنيه شامل الضريبة.

اتصالات

توفر اتصالات باقات «إميرالد» مع خيارات متنوعة، بما في ذلك باقة 12 جيجابايت بسعر 375 جنيهًا، و25 جيجابايت بسعر 675 جنيهًا، و200 جيجابايت بسعر 3000 جنيه.

باقات الإنترنت المحمول باقات RED

تتوفر باقات RED بخيارات متعددة، تبدأ من 450 جنيهًا مصريًا وتصل إلى 3000 جنيهًا مصريًا، وتشمل دقائق مكالمات وإنترنت وتطبيقات ترفيهية.

باقات الداتا المدفوعة مقدمًا

تتوفر باقات متنوعة بأسعار تبدأ من 40 جنيهًا مصريًا، وتصل إلى 780 جنيهًا مصريًا، ومدة صلاحية مختلفة.

باقات فودافون

باقة ميجا 250 جيجابايت: 604.2 جنيه مصري «شامل الضريبة».

اقرأ أيضاًأسعار باقات الإنترنت المنزلي اليوم 30 يونيو 2025

أسعار باقات الإنترنت الأرضي والموبايل اليوم الخميس 17 أبريل 2025

أسعار باقات الإنترنت المنزلي والموبايل اليوم 8 أبريل 2025

مقالات مشابهة

  • ملف الباحثين عن عمل والمسرحين.. حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء
  • أسعار باقات الإنترنت المنزلي والموبايل اليوم السبت 2 أغسطس 2025
  • أنظمة المنزل الذكي.. تحت المجهر
  • الحنين إلى الثعابين !
  • العسكري: قارة إفريقيا لا تمثل شيئا في التغيرات المناخية والانبعاثات
  • لم أكن أظن أنني سأقول يومًا: «أنا جائع» أما الآن فأرددها كل يوم
  • «الحنين» و«في وقت قياسي».. حسين الجسمي يطرح أحدث أعماله الغنائية
  • نمو سوق الرياضات الإلكترونية بأفريقيا رغم مشكلات الإنترنت
  • غوتيريش يدعو لعالم لا يباع فيه أحد أو يشترى
  • شقيق ضحية مصحة الطالبية: أخويا مات من التعذيب.. 8 أشخاص كانوا بيضربوه