في تصعيد لافت وغير مسبوق منذ اندلاع الحرب، نفذت القوات الأوكرانية عملية عسكرية منسقة باستخدام الطائرات المسيّرة، استهدفت أربع قواعد جوية روسية تُعد من أبرز منصات إطلاق القاذفات الاستراتيجية.

وبحسب ما نقلته صحيفة فاينانشيال تايمز، فإن العملية التي نُفذت في عمق الأراضي الروسية وصفت بأنها “الأجرأ” منذ بداية النزاع.

ويشير توقيت الهجوم وعمقه الجغرافي، الذي امتد إلى آلاف الكيلومترات من خطوط التماس إلى تطور كبير في قدرات أوكرانيا الاستخباراتية والتكتيكية، إضافة إلى جرأة واضحة في ضرب عمق البنية العسكرية الروسية.

وأكدت المصادر الأوكرانية أن الهجوم استهدف قواعد “بيلايا” في سيبيريا، و”أولينيا” في شبه جزيرة كولا، و”دياجيليفو” قرب موسكو، و”إيفانوفو” شمال شرقي العاصمة، ما أسفر عن اندلاع النيران وتضرر أكثر من 40 طائرة عسكرية، ووفقاً لمسؤول أمني أوكراني، فإن نحو 34% من حاملة صواريخ كروز الاستراتيجية الروسية تضررت.

وفي دلالة على حجم التحضير للعملية، أوضح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الهجوم تم التخطيط له على مدى عام ونصف، وأنه نُفذ دون أي تنسيق خارجي، قائلاً: “كانت نتيجة عبقرية، حققتها أوكرانيا وحدها”.

هذا التأكيد على “الاستقلالية العملياتية” من جانب كييف جاء في ظل تقارير أشارت إلى أن الولايات المتحدة لم تكن على علم مسبق بالهجوم، وهو ما أكده أيضاً مسؤولون أميركيون تحدثوا إلى شبكة CBS، حيث امتنع البيت الأبيض عن التعليق رسمياً.

وبحسب تقرير فاينانشيال تايمز، حملت العملية اسمًا رمزيًا هو “شبكة العنكبوت” (Spiderweb)، ونفذتها طائرات مسيّرة صغيرة من نوع “FPV”، تم تهريبها إلى داخل الأراضي الروسية في شاحنات تحتوي على كبائن خشبية أخفيت تحت أسقف قابلة للفتح عن بُعد.

كما أشار التقرير إلى أن جهاز الأمن الأوكراني (SBU) أشرف على التنفيذ، ونشر لاحقًا مقاطع فيديو تُظهر لحظة استهداف القواعد الجوية، فيما سُمع صوت رئيس الجهاز، فاسيل ماليوك، يعطي الإذن النهائي بالهجوم.

رداً على الضربة الأوكرانية، شنّت روسيا فجر الأحد هجوماً جوياً واسعاً، وصُف بأنه الأكبر منذ بداية الحرب، ووفقاً لسلاح الجو الأوكراني، أطلقت موسكو 472 طائرة مسيرة، بالإضافة إلى 7 صواريخ، استهدفت مدناً بينها خاركيف وزابوريجيا، حيث فعّلت الدفاعات الجوية فوق العاصمة كييف.

الهجمات الروسية خلفت خسائر بشرية، بينها مقتل 12 جندياً في معسكر تدريب شرق أوكرانيا وإصابة أكثر من 60، بينما أودت ضربات أخرى بحياة 4 مدنيين في جنوب البلاد، وأعقب ذلك إعلان القائد الأعلى للقوات البرية الأوكرانية، ميخايلو دراباتي، استقالته، قائلاً إن “غياب المحاسبة” داخل الجيش كان عاملاً رئيسياً في تكرار هذه المآسي.

في المقابل، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها اعتقلت عدداً من المتورطين في الهجوم على القواعد الجوية، مشيرة إلى أن الطائرات المسيّرة أُطلقت من أراضٍ قريبة من المطارات المستهدفة، غير أن جهاز الأمن الأوكراني نفى تلك الادعاءات، مؤكداً أن جميع عناصر العملية انسحبوا من روسيا قبل التنفيذ بوقت طويل.

وفي خطوة مفاجئة على المستوى السياسي، أعلنت كييف نيتها طرح مقترح سلام خلال جولة مفاوضات مقررة الاثنين في مدينة إسطنبول التركية، ووفق ما نقلته فاينانشيال تايمز، تتضمن المسودة وقفاً شاملاً وغير مشروط لإطلاق النار بإشراف أميركي، تليه خطوات مثل تبادل الأسرى، وإعادة الأطفال الأوكرانيين المرحّلين قسراً إلى روسيا، والتمهيد للقاء مباشر بين الرئيسين زيلينسكي وبوتين.

الوثيقة الأوكرانية شددت على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن ضمانات أمنية لمنع تكرار الغزو، وعدم الاعتراف بسيادة روسيا على الأراضي الأوكرانية المحتلة، كما اقترحت آلية لرفع العقوبات تدريجياً، مع إمكانية إعادة فرضها حال إخلال موسكو بالاتفاق.

بموازاة ذلك، أفادت لجنة التحقيق الروسية بأنها أحبطت “هجوماً إرهابياً” كان يُعد له عميل تابع لأوكرانيا في إحدى حدائق الغابات غرب موسكو، وتم العثور على عبوة ناسفة محلية الصنع، وألقت السلطات القبض على المشتبه به، مشيرة إلى أن بحوزته مراسلات تؤكد تلقيه تعليمات من جهاز أمني أوكراني.

تعليقاً على التطورات، اعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني، أولكسندر ميريزكو، أن “الهجوم الأخير هو بالضبط ما تحتاجه أوكرانيا لكسب هذه الحرب غير المتكافئة”، بينما قال ضابط أوكراني سابق إن العملية قد لا تغيّر المعادلة الميدانية مباشرة، لكنها تضرب العمق الاستراتيجي لروسيا وتحد من قدرتها على تنفيذ عمليات بعيدة المدى، بما في ذلك تلك ذات الطابع النووي.

ويبدو أن عملية “شبكة العنكبوت” تمثل نقلة نوعية في الأسلوب الأوكراني، مستفيدة من التكنولوجيا والتخطيط بعيد المدى، وهو ما قد يعيد رسم قواعد الاشتباك بين الجانبين في المرحلة المقبلة.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: أمريكا بوتين وترامب دونالد ترامب روسيا وأمريكا روسيا وأوكرانيا إلى أن

إقرأ أيضاً:

تصعيد خطير في جنوب كردفان.. قصف جوي بطائرات مسيرة يوقع قتلى وجرحى

تعرضت مدينة كادقلي في ولاية جنوب كردفان السودانية لهجوم جوي بطائرات مسيرة، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، حسب مصادر محلية.

وذكرت المصادر أن القصف طال مستشفى السلاح الطبي في مدينة الدلنج، كما استهدفت الطائرات مناطق السماسم والكرقل، ما تسبب في حالة من الهلع والرعب بين المدنيين.

وقالت المصادر إن صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة حالت دون تحديد حصيلة نهائية للضحايا، وسط مخاوف من تصاعد الأعمال العدائية وتفاقم الأزمة الإنسانية في الولاية.

وأدى الهجوم على قاعدة لوجستية تابعة لبعثة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لمنطقة أبيي “يونيسفا” في مدينة كادقلي إلى مقتل ستة جنود وإصابة ثمانية آخرين، جميعهم من الكتيبة البنغلاديشية، بعد إطلاق صواريخ على مخزن وقود ومنشآت داخل القاعدة.

ويأتي الهجوم في إطار الحرب الأهلية المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص، وأسفرت عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بما في ذلك إعلان مجاعة في مناطق مثل كادوقلي.

ردود عربية ودولية

دان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الهجمات على بعثة يونيسفا، واعتبرها انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب، داعيًا إلى محاسبة المسؤولين وتعزيز حماية قوات حفظ السلام.

وأعربت وزارة الخارجية المصرية عن إدانتها الشديدة للهجمات، ووصفتها بأنها انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي، مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وتوفير الحماية للمدنيين والنازحين.

كما أدانت وزارة الخارجية السعودية الهجوم، مؤكدة على ضرورة الوقف الفوري للحرب في السودان والحفاظ على وحدة البلاد ومؤسساتها، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، مع دعم كل الجهود الرامية لإنهاء النزاع وتحقيق الأمن والاستقرار.

وثائق جامعة ييل: مقابر جماعية وجرائم حرب محتملة

أفاد مختبر البحوث الإنسانية في كلية الصحة العامة بجامعة “ييل” الأمريكية بتوثيقه ما لا يقل عن 140 موقعًا يشتبه بأنها مقابر جماعية أو تجمعات جثث في مدينة الفاشر.

وأوضح ناثانيال ريموند مدير المختبر أن قوات الدعم السريع تنفذ عمليات منظمة لإزالة الأدلة، مشيرًا إلى وجود لواء كامل يعمل على تنظيف البقايا البشرية، في ظل اختفاء كامل للحياة المدنية.

وأشار التقرير إلى أن التصعيد العسكري في ولايات كردفان شمال وجنوب وغرب، بما في ذلك استخدام واسع للطائرات المسيرة، أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني وانتشار أوبئة مثل الكوليرا ومجاعة واسعة النطاق.

مقالات مشابهة

  • خبير في الشأن الروسي: تصعيد الناتو الإعلامي لا يعكس بالضرورة اقتراب مواجهة عسكرية مع موسكو
  • تصعيد خطير في جنوب كردفان.. قصف جوي بطائرات مسيرة يوقع قتلى وجرحى
  • تصعيد جوي بين روسيا وأوكرانيا وكييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية
  • الدفاع الجوي الروسي يدمر141 مسيرة أوكرانية فوق عدة مقاطعات
  • الدفاع الروسية :الدفاع الجوي دمر 141 طائرة مسيرة أوكرانية فوق مقاطعات عدة خلال الليلة الماضية
  • روسيا تعلن تدمير 8 طائرات مسيرة أوكرانية خلال ساعات
  • روسيا تضرب أوكرانيا بصواريخ فرط صوتية
  • الدفاع الروسية: إسقاط 47 طائرة مسيرة أوكرانية خلال 7 ساعات
  • جرحى في هجوم أوكراني على روسيا وموسكو تستهدف منشآت نفطية
  • روسيا: اعتراض 90 مسيرة أوكرانية.. وإصابة 7 أشخاص قرب موسكو