زراعة دير الزور : 724 طناً كمية الأقماح المستلمة من الفلاحين منذ بداية الشهر الجاري
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
ديرالزور-سانا
بلغت كمية الأقماح المستلمة من الفلاحين بمحافظة دير الزور 724طناً، منذ بدء استلام المحصول يوم الأحد الماضي وحتى الآن، وذلك في مركزي الفرات والميادين المخصّصين لاستلام الأقماح بالمحافظة.
وفي تصريح لمراسل سانا اليوم، أوضح مدير الزراعة بالمحافظة المهندس علي عدنان العلوش أن كمية الأقماح المقدر استلامها من إنتاج محصول القمح للموسم الحالي بلغت 28ألف طن، فيما بلغت المساحة الإجمالية التي زرعت بالقمح هذا العام 13606 هكتارات.
وبين العلوش أن لجنة مكلفة من مديريتي الزراعة والإحصاء؛ قامت على مدى ثلاثة أيام بجولة تفقدية على الأراضي المزروعة بالقمح في عدد من قرى وبلدات ريف دير الزور الشرقي، وتم أخذ عينات لتقدير الإنتاج ونوعية القمح، كما تفقدت اللجنة عملية الحصاد والتوريد واستلام القمح بالمراكز المخصصة المعتمدة، وقدرت كمية القمح المذكورة.
ولفت العلوش إلى أنه تم بدء استلام المحاصيل في الأول من شهر حزيران الجاري، ويستمر حتى استلام كامل الكميات من الفلاحين في المحافظة.
وأشار العلوش إلى وجود العديد من الصعوبات لدى الفلاحين خلال عمليات زراعة المحصول، تتمثل بتأمين مياه الري وتعزيل المصارف وارتفاع سعر المبيدات والمحروقات في السوق.
وأكد أن رؤية الحكومة الجديدة للنهوض بالواقع الزراعي تتمثل بتأمين مستلزمات العملية الزراعية، وتسهيل كل الإجراءات لاستلام المحاصيل الزراعية، ودعم الفلاحين، حيث يتم العمل على ذلك بالتنسيق مع كل الجهات المعنية، ولا سيما أن محافظة دير الزور من المحافظات التي تعتمد على الزراعة بشكل أساسي، ويعتبر القمح من المحاصيل الرئيسية فيها.
تابعوا أخبار سانا علىالمصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: دیر الزور
إقرأ أيضاً:
الأمن الغذائي: ركيزة السيادة وقوة الصمود الوطني
محمد البادي
ليس في الأمر مبالغة حين نقول إن رغيف الخبز بات سلاحًا، وأن سنبلة القمح تساوي طلقة في معركة البقاء.
فمن يقرأ التاريخ بعين البصيرة، وينظر إلى الواقع بعدسة الحقيقة، يشيب رأسه لا من كِبر، بل من هول ما يرى من تفريط، وغياب، وانشغال عن أخطر القضايا: قضية الجوع والسيادة.
قد تسقط دولة بلا جيوش وتنهض من جديد، لكن إذا سقطت في هاوية الجوع، فلن تنهض إلا بعد أن تدفع الثمن باهظًا: كرامةً، وقرارًا، ومستقبل أجيال.
وفي زمن تُحاصر فيه الشعوب لا بالسلاح وحده، بل بـ"لقمة العيش"، صار لزامًا أن نعيد ترتيب الأولويات: فلا أمن بلا غذاء، ولا سيادة لمن لا يملك قوت يومه.
لقد أُنفقت في العالم العربي مئات المليارات على ناطحات السحاب، والمدن الذكية، والقصور الزجاجية، والسيارات التي تُقاس قيمتها بالأصفار.
لكن كم استُثمر من هذه الأموال في الزراعة؟ كم أرضًا عربية خُصصت لزراعة القمح؟
الأمن الغذائي لا تصنعه المظاهر ولا ترف العواصم. فناطحة السحاب لا تُشبع طفلًا جائعًا، والشارع الفاخر لا يُغني وطنًا عن استيراد خبزه من الخارج.
ومن الحكمة -بل من الواجب- إعادة توجيه جزء من هذه الثروات نحو الأرض، نحو سنابل القمح، نحو الاستثمار في رغيف الخبز قبل أن ينهار الزجاج تحت وطأة الجوع.
لا يقلّ الأمن الغذائي أهمية عن إعداد الجيوش أو بناء المدارس والمستشفيات، بل هو الأساس الذي تقوم عليه كرامة الأوطان واستقرارها.
فالوطن الذي لا يزرع لا يملك قراره، ولا يصمد طويلًا أمام الأزمات.
والقمح -بما يمثله من غذاء استراتيجي- هو حجر الزاوية في منظومة الصمود، وسلاح الشعوب في زمن الحروب والكوارث.
رغم كل الموارد، لم تحقق أي دولة عربية حتى اليوم الاكتفاء الذاتي من القمح، وهو مؤشر خطير على هشاشة الأمن الغذائي.
فكيف لأمة تتحدث عن السيادة، وهي عاجزة عن إنتاج خبزها؟!
الاكتفاء الذاتي ليس وهمًا، بل ممكن بوجود الإرادة واستغلال ما تيسر من الموارد المائية، ولو دون مكملات غذائية أخرى.
ففي زمن الحصار، يكفي ما يسد الرمق ويُبقي على الكرامة، أما من ينتظر المساعدات، فلن يملك يومًا قراره.
وقبل تجهيز الجيوش، يجب تجهيز لقمة العيش.
فهذا من الأولويات التي لا تحتمل التأجيل. الحرب لا تُعلن متى تبدأ، ولا تُمهل حتى تستعد، والعدو لا يرحم حين يُحاصر، ولا يكتفي بالسلاح إن كان الجوع أشد فتكًا.
لهذا، يجب أن نسير في خطين متوازيين: تأمين الغذاء، وتجهيز الجيوش.
فلا نصر في الميدان إن كانت البطون خاوية، ولا صمود في الحصار إن افتقد الشعب خبزه.
من يقرأ التاريخ بعقل مفتوح، يعلم أن الحصار كان قديمًا يُكسر بالحيلة والدهاء والطرق الوعرة.
أما اليوم، فأدوات الحصار تراقبك من الفضاء، وتغلق عليك الهواء والماء واليابسة.
لم يعد الهروب ممكنًا، ولم تعد الخيارات متاحة كما في السابق.
هذا الواقع يفرض علينا وعيًا أكبر، واستعدادًا أعمق، وإرادة صلبة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ففي النهاية، الكرامة الوطنية تبدأ من رغيف الخبز.
إن الشعوب التي تُتقن صناعة السلاح، لكنها تُهمل تأمين الغذاء، تُقاتل بنصف قوتها، وتنهار عند أول حصار.
فالسلاح لا يكفي إن لم تُؤمَّن البطون والعقول، ولا نفع لجيوش تُقاتل خلفها شعوب جائعة.
ولهذا، فإن الأمن الغذائي يجب أن يُعامل بوصفه جزءًا لا يتجزأ من منظومة الدفاع الوطني.
فالنصر لا تصنعه البنادق وحدها، بل تسهم فيه الحقول والمزارع وأيدي الفلاحين كما تسهم فيه المصانع والثكنات.
وحين نُدرك أن رغيف الخبز هو خط الدفاع الأول، نكون قد بدأنا فعليًا مسيرة الكرامة والسيادة.