التهلولة.. عادة دينية تعكس ارتباط الأجيال بتاريخهم
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
شهدت عدة ولايات في سلطنة عُمان خلال الأيام الأولى من شهر ذي الحجة للعام الهجري 1446 إحياء فعالية "التهلولة"، وهي ممارسة مجتمعية تتكرر سنويا، بوصفها إحدى صور التعبير الروحاني المرتبط بالمناسبات الدينية، خصوصا موسم الحج. وتميزت الفعالية هذا العام بانتشارها المنظم في ولايات محافظتي الداخلية ومسقط، وباقي المحافظات، بتنظيم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ومشاركة واسعة من فئات عمرية مختلفة، لا سيما الأطفال.
ففي السنوات الأخيرة، وضمن توجهات "رؤية عُمان 2040"، أبدت وزارة الثقافة والرياضة والشباب، اهتماما ملحوظا بتوثيق فعالية "التهلولة"، وتم إدراجها ضمن بعض الفعاليات التراثية المدرسية والمجتمعية، بالتعاون مع عدد من الجهات الرسمية الأخرى.
وتعد "التهلولة" مثالا حيا على مزج المجتمع العماني للروح الدينية بالطقوس الاجتماعية، بما يضمن نقل القيم والتقاليد عبر الأجيال. واستمرار إحيائها حتى اليوم يعكس مرونة التاريخ في التكيف مع متغيرات العصر، دون التفريط في جوهره التعبدي والتربوي.
انطلاق الفعالية
تنطلق فعالية "التهلولة" عادة من أول أيام شهر ذي الحجة، وتستمر حتى اليوم التاسع منه. وسميت "التهلولة" بهذا الاسم نسبة إلى "التهليل" والتكبير الذي يردده الصغار، حيث تشمل الفعالية خروج مجموعات من الأطفال، يتقدمهم "المطوع"، في مسيرات قصيرة داخل الحارات السكنية. ويقوم الأطفال خلالها بترديد أناشيد دينية جماعية تتضمن أبياتا مختارة من الشعر الإسلامي، تختتم في الغالب بصيغة التهليل والتكبير، أبرزها عبارة: "الله أكبر.. ولله الحمد"، كما ينادي المهلل ويدعو بعبارات التسبيح والتضرع ومناجاة الله، ويردد الأطفال من بعده عبارات: آمين أو لا إله إلا الله.
وتتميز المسيرة بطابعها المنظم، حيث يردد الأطفال الأناشيد بصوت جماعي متناسق، وقد يحملون الفوانيس أو المصابيح الصغيرة في بعض المناطق. وتختتم المسيرة عادة في أحد المساجد أو الساحات المفتوحة، وقد توزع خلالها الحلوى أو هدية رمزية للأطفال.
أجواء "التهلولة"
يرتدي الأطفال الذكور عادة "الدشداشة" مع "الكمة" أو "المصر"، فيما ترتدي الفتيات ملابس تراثية مزينة بتطريزات تقليدية ذات ألوان زاهية، تعكس الهُوية العمانية. وفي بعض الولايات، تستخدم أدوات إيقاعية بسيطة مثل الدف لضبط النغمة الجماعية، ويتم تزيين بعض الحارات بفوانيس وأشرطة قماشية لإضفاء طابع احتفالي يتماشى مع المناسبة.
من جهته، يقول إبراهيم الهنائي أحد المصاحبين لجولة الأطفال في الفعالية: إن "التهلولة" تمثل فرصة لغرس القيم الدينية والأخلاقية في نفوس الأطفال، وتعزيز روح الجماعة والانتماء الثقافي، كما تعد أيضا مناسبة مجتمعية للتواصل بين الأجيال. مبينا أنها من التقاليد العمانية المتجذّرة، وقد نشأت ضمن منظومة الممارسات الدينية الشعبية المرتبطة بالتقويم الهجري، لا سيما شهري رمضان وذي الحجة. مرجحا أن أصلها يعود إلى مبادرات غير رسمية من معلمي الكتاتيب "المطاوعة" الذين سعوا لغرس التعاليم الإسلامية في النشء من خلال التلقين الجماعي والأنشودة، مستفيدين من روحانية الأيام العشر من ذي الحجة.
التوثيق الرسمي والدعم المؤسسي
لم يتوقف إحياء هذه الفعالية، بل تطورت من ممارسة تعليمية دينية بسيطة إلى طقس مجتمعي منظم، يعكس تماسك البنية الاجتماعية العمانية وتقديرها للموروث الديني غير الرسمي. وقد ساعدت مرونة هذا الطقس في استمراره، إذ لم يكن مقتصرا على شكل ثابت، بل اتخذ أشكالا مختلفة باختلاف الولايات.
ويأتي الدعم الحكومي ضمن توجهات "رؤية عُمان 2040"، داعما لصون التراث وتعزيز الهُوية الوطنية، وحفظ الإرث العُماني، بنقل القيم والتقاليد عبر الأجيال.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
شريف عامر: تاريخ سميحة أيوب الفني سيظل حاضرا في وجدان كل الأجيال
نعى الإعلامي شريف عامر، الفنانة القديرة سميحة أيوب، قائلا "إن الفنانة الراحلة سميحة ايوب قدمت لمصر والوطن العربي فنًا راقيًا ومرموقًا، وظلت قادرة على التأثير على كل الأجيال بموهبتها ولمستها الخاصة.
وقال شريف عامر، خلال تقديمه برنامج “يحدث في مصر”، عبر فضائية “أم بي سي مصر”، إن رحيل سميحة أيوب يمثل خسارة كبيرة للساحة الفنية والثقافية في مصر والعالم العربي، وأن تاريخها الفني سيظل حاضرًا في وجدان كل الأجيال.
وتابع مقدم برنامج “يحدث في مصر”، أن سميحة أيوب من القيم الفنية الكبيرة التي يصعب تعويضها، وكالعظماء، قد يغادرون بأجسادهم، لكنهم لا يرحلون بتاريخهم وعطائهم، موضحًا أن الكلمات لا تكفي، لكن الحقيقة أن لها تأثيرًا إنسانيًا وفنيًا لا يمكن تجاهله.