غزة ذروة المأساة والمساعدات تتحول إلى فخ للقتل الجماعي أو طريق للتهجير
تاريخ النشر: 7th, June 2025 GMT
الأسرة / تقارير
المشهد هذه المرة هو الأصعب، حتى أن جميع التقارير الصحفية التي تحاول نقل الكارثة المتفاقمة في غزة تعجز بشكل واضح عن نقل الجزء الأكبر من المأساة، ورغم أن كثيراً من حوادث المجازر والإبادة تجري أمام البث المباشر وتنقلها عدسات الوكالات وكاميرات القنوات وهواتف الأهالي، إلا أنه ومع الوقت واشتداد الإجرام الصهيوني بوتيرة غير مسبوقة تتخفى معظم الفظائع تحت أنقاض الخراب الذي يغطي معظم أراض قطاع غزة، أو خلف أكوام السحب والغبار الذي تُحدثه القنابل الأمريكية على مدار الساعة.
في الجولة الجديدة من التصعيد الدموي دخل الإجرام الصهيوني بحق الغزيين مساراً أكثر دموية وجرأة، مع ظهور نوايا واضحة لإكمال مشهد الجريمة وتتويجه بالتهجير، عبر تدمير القطاع وتحويله إلى بيئة غير قابلة للحياة، وتحت عجلة المجازر التي تسحق يومياُ وعلى مدار الساعة العشرات، وعبر هندسة الجوع الذي يفاقم معاناة السكان في ظل استهداف متعمد لمواقع توزيع المساعدات، وتحويلها إلى «مصائد للقتل الجماعي» على يد العدو الإسرائيلي بمختلف الأسلحة. وهذا الأسبوع سجلت أكثر من حادثة استهداف لمراكز المساعدات.
تحول المساعدات إلى فخ مميت:
في الأيام الأخيرة، تصاعدت وتيرة المجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في مواقع توزيع المساعدات، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أعداد الشهداء والمصابين. وفي حادثة مروعة، استشهد 30 فلسطينياً على الأقل وأصيب 120 آخرون في إطلاق نار على شبان قرب موقع مساعدات أميركية غرب رفح جنوبي القطاع، وقد أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن عدد الشهداء في هذه المواقع ارتفع إلى 39 شهيداً وأكثر من 220 مصاباً خلال أقل من أسبوع، محمّلاً العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر المستمرة.
واعتبرت منظمة «أطباء بلا حدود» أن العدو الإسرائيلي يستخدم المساعدات أداة لتهجير السكان قسراً. وفي السياق ذاته، كانت الأمم المتحدة قد حذّرت من أن العدو الإسرائيلي دفع 2.4 مليون فلسطيني في غزة إلى المجاعة بتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وذلك بإغلاقه المعابر لمدة 90 يوماً بوجه المساعدات الإنسانية، خاصة الغذاء. قبلها كانت وزارة الصحة في غزة قد أفادت أن المستشفيات استقبلت 21 شهيداً و5 حالات موت سريري و30 حالة خطيرة في مجزرة العدو الإسرائيلي بمنطقة المساعدات في رفح، وذكرت الوزارة أن الإصابات بأقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ بحاجة عاجلة لوحدات الدم في ظل نقص شديد في التبرع، لافتة إلى وجود نقص حاد في مستهلكات الجراحة والعمليات والعناية المركزة التي وصلت إلى أسوأ حالاتها.
وقد أكد مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة في غزة أن مراكز توزيع المساعدات أصبحت فخاً لقتل سكان القطاع، مشيراً إلى وجود 40 حالة خطيرة نتيجة استهداف نقطة مساعدات.
كل المساعدات توصل إلى التهجير:
بعيداً عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأ كيان العدو الإسرائيلي منذ 27 مايو الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات إنسانية عبر ما تُعرف بـ»مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية»، وهي جهة مدعومة إسرائيلياً وأمريكياً، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة. ويجري توزيع المساعدات في ما تُسمى المناطق العازلة جنوبي غزة، وسط مؤشرات متزايدة على فشل هذا المخطط، حيث توقفت عمليات التوزيع بشكل متكرر بسبب تدفق أعداد كبيرة من الجياع، وقيام قوات العدو الإسرائيلية بإطلاق النار، مخلفاً قتلى وجرحى في صفوف المدنيين الجياع، كما أن الكميات الموزعة توصف بأنها شحيحة، ولا تفي بمتطلبات مئات الآلاف من الجياع في القطاع.
ورفضت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية العمل مع «مؤسسة غزة الإنسانية»، مؤكدين أنها غير محايدة، وأن آلية توزيعها للمساعدات تجبر الفلسطينيين على النزوح. وسبق أن قال المتحدث باسم الأمم المتحدة «ستيفان دوجاريك» للصحفيين في نيويورك إن الوضع الكارثي في غزة هو الأسوأ منذ بدء الحرب، وأن عمليات تسليم المساعدات «ليس لها تأثير يذكر» حتى الآن بوجه عام.
في الوقت ذاته جدد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تأكيده على أن الوضع الإنساني في غزة خرج عن السيطرة، مشدداً على أن إغلاق المعابر والجوع واليأس أمور جعلت إيصال المساعدات لغزة غير مستقر، وأن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لإيصال المساعدات بأمان إلى القطاع المحاصر. من جهتها، قالت وزارة الصحة في غزة إن العدو الإسرائيلي دمر عدداً كبيراً من المولدات الكهربائية، وكان آخر ذلك قصف وحرق 3 مولدات بقدرات عالية، مضيفة أن ما تبقى من مولدات يصعب صيانتها لعدم توفر قطع الغيار، وعدد منها مهدد بالخروج عن الخدمة، وأكدت الوزارة أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ وحضانات الأطفال لا يمكن لها أن تستمر من دون كهرباء.
ودعا المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتوثيق هذه المجازر، بما فيها جرائم القتل في مواقع توزيع المساعدات، ومحاسبة المسؤولين أمام المحاكم الدولية. كما رفض البيان كل أشكال المناطق العازلة، أو الممرات «الإنسانية» بإشراف العدو الإسرائيلي، أو بتمويل أميركي، بكونها فخاً للمدنيين الجوعى لا وسيلة للنجاة.
ويشهد شمال غزّة خصوصا مستوياتٍ أشدّ من الجوع وسط فوضى في نقاط توزيع المساعدات تعكس اليأس المتزايد بين السكان. وأفادت الهيئة الأممية بأن استمرار الحصار الإسرائيلي سيؤدي على الأرجح إلى موجات تهجير جماعية داخلية وخارجية، مع نضوب الموارد الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: عمليات القتل بمراكز مساعدات غزة ليست عرضاً
الثورة نت/..
أكد المتحدث الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، كاظم أبو خلف، اليوم السبت، أن عمليات القتل التي طالت مؤخراً بعض أهالي غزة خلال توافدهم إلى مراكز توزيع المساعدات، ليست مجرد حوادث فردية أو عرضية على الإطلاق، بل وقائع مُمنهجة تكرّرت وأدت إلى مقتل العشرات”.
واعتبر خلف ذلك دليلاً على أن “الآلية الأمريكية – الإسرائيلية الغامضة توزيع المساعدات، لا تراعي الأحكام الأساسية والبسيطة لعمليات الاستجابة الإنسانية”، وفق وكالة سند للأنباء.
وقال: “آلية منظومة المساعدات الأمريكية- الإسرائيلية الجديدة في قطاع غزة مصيرها الفشل المحتوم؛ فهي تحمل في طياتها بذور الفشل الذريع، وهذا الأمر ظهرت مؤشراته ودلائله منذ البداية”.
وأوضح أن “الإشكالية الحقيقية لا تكمن فقط في احتمالية فشل هذه الآلية الجديدة أو نجاحها، لأنه حتى لو كُتب لها النجاح -وإن كان ذلك مُستبعدا للغاية- فهي بحاجة إلى وقت طويل للاستقرار، بينما هذا الوقت لا يملكه الغزيون الذين يعيشون في سباق خطير مع الزمن؛ فإذا لم يُقتل أحدهم بسبب القصف، قد يُقتل بسبب الجوع أو سوء التغذية أو غير ذلك”.
وبدعم أميركي وأوروبي، يرتكب جيش العدو الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة أسفرت عن استشهاد 54,772 مواطنا فلسطينياً، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 125,834 آخرين، حتى اليوم، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال الآلاف من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.