دمشق- مع مغادرة آخر العائلات التي كانت تقطن مخيم الركبان في البادية السورية، تُكتب نهاية مرحلة مأساوية من النزوح السوري، ويُطوى فصل دامٍ من المعاناة في واحد من أكثر المخيمات عزلة وصعوبة في سوريا والمنطقة، عاشت فيه عائلات سورية لسنوات تحت حصار خانق وظروف إنسانية كارثية.

المخيم الذي أنشئ عام 2014 قرب قاعدة التنف على المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، احتضن في ذروته نحو 100 ألف نازح من مناطق ريف حمص الشرقي، ودير الزور، والرقة، وحلب، وحماة، بعد أن فرّوا من قصف قوات النظام السوري السابق، وتنظيم الدولة الإسلامية، والغارات الروسية.

وقبل أن تبدأ عملية التفكيك النهائية، تشير تقديرات إلى أن المخيم كان يضم ما بين 8 إلى 10 آلاف شخص، بينهم نساء وأطفال، ولكن مع عودة السكان إلى قراهم، واجهوا واقعا مرًّا بسبب الدمار الكامل وانعدام البنى التحتية، حيث لم يجد العائدون سوى أنقاض منازل وأراضٍ محروقة.

شاهد على الكارثة

يؤكد محمد حسن العايد، مدير شبكة تدمر الإخبارية، التي غطّت أخبار المخيم لسنوات، في حديثه للجزيرة نت أنه رغم الدمار الهائل في المناطق التي عاد إليها اللاجئون، إلا أنهم فضلوا العودة إلى بيوتهم بدل البقاء في المخيم، لأن الحياة فيه كانت أقسى من الحرب نفسها.

إعلان

ويضيف العايد أن الحصار الأمني ومنع دخول أي مساعدات إنسانية حوّلا المخيم إلى بيئة غير قابلة للحياة، إذ توفي فيه عدد من الأشخاص بسبب نقص أدوية بسيطة كالمضادات الحيوية أو المسكنات.

ووصف الوضع الذي كان فيه المخيم بـ"الكارثي بكل المقاييس"، مشيرا إلى أن العودة تمت بدوافع طوعية، وبدعم من منظمات مدنية ومبادرات محلية، إضافة إلى مساندة بعض أبناء المخيم المنخرطين في "جيش سوريا الحرة"، رغم محدودية إمكانياتهم.

ويؤكد العايد أن المخيم تحول من رمز للمعاناة إلى شاهد على الصمود، قائلا "اليوم هو انتصار للثورة السورية، ولقلة قليلة بقيت في المخيم، الذي تحوّلت أرضه إلى شاهد على تضحيات السوريين"، وأضاف أن "الركبان سيبقى في الذاكرة كدليل على أن الناس فضّلوا الموت جوعا على العودة إلى حضن النظام".

معتقل بشري

ومع تعقّد الوضع الإنساني واستمرار الحصار خلال السنوات الماضية، تحوّل المخيم من مجرد محطة مؤقتة للهاربين من الحرب، إلى مساحة مغلقة عالقة بين الجغرافيا والسياسة، وتجلّى هذا التحول في شهادات من قادوا العمل المدني داخل المخيم.

ويوضّح الرئيس السابق للمجلس المحلي في الركبان محمد الدرباس الخالدي، أن المخيم كان منذ عام 2012 نقطة عبور حيوية للمدنيين الهاربين من القصف والغارات، لكنه تحوّل تدريجيا إلى "معتقل بشري".

وأضاف أن المأساة تفاقمت بعد إغلاق الحدود الأردنية في 2015 عقب هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية، حيث مُنع دخول المساعدات، وتم تقييد وصول المياه التي كانت تضخّها منظمة يونيسيف من داخل الأردن، كما أُغلقت النقاط الطبية، ومُنعت فرق الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من الوصول، مما تسبب بوفاة نساء وأطفال، بعضهم على الساتر الحدودي.

ويصف الخالدي الحياة في المخيم بأنها كانت "معاناة يومية من الخوف والجوع"، حيث أُجبر السكان على بناء خيام من القش وقناني المياه، في صحراء مكشوفة، وسط ظروف مناخية قاسية، ويؤكد أنه بقي محاصرا بالكامل من جهاته الأربع: جنوبا من الأردن، وشرقا من العراق، وغربا وشمالا من قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لإيران.

العائلات أصرت على العودة لبيوتها رغم أن ظروف مدنهم ليست أفضل حالا من المخيم (مواقع التواصل) تحديات العودة

يقول الخالدي إن كثيرا من الأهالي اضطروا للسكن في مزارع أو أبنية مهجورة بلا نوافذ ولا مياه، ولم يحصلوا على أي دعم من الحكومة السورية أو المنظمات الدولية، رغم تقديم عناوينهم للبلديات.

إعلان

وفي الأيام الأخيرة، بدأت مجموعات من المدنيين بالخروج من المخيم، وتشكلت قوافل عُرفت إعلاميا باسم "قوافل المحبة" بجهود محلية، لنقل العائلات المتبقية إلى مناطقهم الأصلية.

وتواجه مدينة تدمر القريبة من المخيم، والتي شهدت معارك عنيفة خلال السنوات الماضية، نسبة دمار تصل إلى 90% بحسب شهادات السكان، دون وجود خدمات أساسية أو مأوى مناسب، وتتصاعد نداءات السكان والناشطين لتدخل عاجل من المنظمات الإنسانية الدولية، لتأمين أبسط مقومات الحياة للعائدين من المخيم.

ويوضح محمد الأحمد، وهو أحد سكان المخيم العائدين، للجزيرة نت أن الوضع في تدمر لا يقل صعوبة عن المخيم، لكن رغم ذلك، اختار الناس السكن في بيوت مهدمة في المدينة على البقاء في "سجن الركبان".

ويدعو الأحمد الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة وتأمين أبسط مقومات العيش في المناطق المنكوبة، مؤكدا أن من تبقّى في الركبان هم في حيرة من أمرهم بسبب دمار قراهم وانعدام البدائل.

كما ظهرت دعوات من نشطاء لتحويل موقع المخيم إلى متحف توثيقي، يعرض شهادات الناجين وقصص الصمود في وجه الحصار، خصوصا أن مقبرته تضم أكثر من ألف شخص قضوا بسبب الحصار والجوع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج من المخیم

إقرأ أيضاً:

تريزيجيه: الأهلي رغبتي الأولى والأخيرة.. ولن أغير هذا القرار مهما كانت الإغراءات

كشف النجم المصري محمود حسن “تريزيجيه” في تصريحات تليفزيونية عن تمسكه الشديد بالعودة للنادي الأهلي، مؤكدًا أن هذا القرار ليس مجرد رغبة عابرة، بل هو موقف حاسم في مسيرته الكروية. 

أحمد حسن: تريزيجيه مفاجأة الأهلي في مونديال الأندية.. وزيزو مشاركته صعبة أمام باتشوكاالشناوي يكشف ترتيب شارة قيادة الأهلي بعد انضمام تريزيجيهتريزيجيه: الأهلي بيتي وحياتي.. وهدفي الفوز بكل البطولاتتريزيجيه يوجة رساله مؤثرة لجماهير الاهلي: سأبذل الغالي والنفيس

وقال تريزيجيه: “قلت لمسئولي النادي التركي: إذا لم تسمحوا لي بالانتقال إلى الأهلي، فلن ألعب كرة القدم مرة أخرى. لو كانوا رفضوا رحيلي، كنت سأجلس في المنزل وأتوقف عن اللعب.”

رفض تام لأي عروض من الدوري المصري

أوضح تريزيجيه أنه تلقى العديد من العروض المغرية من أندية الدوري المصري، لكن كل هذه المحاولات قُوبلت بالرفض من جانبه. وأكد قائلاً: “وصلتني أرقام كبيرة من أندية محلية، لكنني رفضت تمامًا فكرة اللعب في مصر مرة أخرى، لأن رغبتي الوحيدة هي العودة للنادي الأهلي فقط.”

هذا الرفض لم يكن مرتبطًا بالجوانب المادية أو التنافسية، بل كان موقفًا مبدئيًا ينبع من انتمائه الشديد للأهلي.
 

رغبة ثابتة لا تتغير

أكد تريزيجيه أن حبه للأهلي لم يتغير رغم سنوات الاحتراف، موضحًا أن العودة للقلعة الحمراء هي الهدف الأسمى بالنسبة له، وقال:

“رغبتي الأولى والأخيرة هي الأهلي، ولن أغير هذا القرار مهما كانت الإغراءات.”
 

رسالة واضحة لجمهور الأهلي

بهذه التصريحات، وجّه تريزيجيه رسالة صادقة لجمهور الأهلي، أكد فيها أنه لم ولن ينسَ فضل النادي عليه، وأنه ينتظر اللحظة المناسبة للعودة وارتداء القميص الأحمر مجددًا، ليُكمل رحلته مع الكيان الذي صنع نجوميته.

طباعة شارك تريزيجية الأهلي صفقات الأهلي كأس العالم للأندية أخبار الرياضة

مقالات مشابهة

  • تريزيجيه: الأهلي رغبتي الأولى والأخيرة.. ولن أغير هذا القرار مهما كانت الإغراءات
  • تفكيك مخيم الركبان… انتهاء عقد من ألم النزوح وبدء عهد العودة والاستقرار
  • اغلاق مخيم الركبان على الحدود السورية الاردنية
  • سوريا تعلن تفكيك مخيم الركبان على الحدود مع الأردن
  • نهاية مخيم الركبان.. آخر فصول المأساة السورية يغلق أبوابه
  • إغلاق مخيم الركبان يطوي صفحة نزوح مؤلم في سوريا
  • وزير الطوارئ والكوارث: إغلاق مخيم الركبان نهاية لواحدة من أقسى ‏المآسي الإنسانية ‏
  • وزير الإعلام: بتفكيك مخيم الركبان وعودة النازحين يُطوى فصل مأساوي صنعته آلة حرب النظام البائد
  • قاطنو مخيم الركبان يعودون إلى مناطقهم وسط سوريا