عربي21:
2025-08-02@18:04:14 GMT

من منى إلى فلسطين.. هل غاب الإيمان أم غيّبوه؟

تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT

الأسوار المنيعة

هنالك ما منه بد أن يقال عن أهلنا في فلسطين، إنه لا يمكننا الخروج من الوضع الفلسطيني المعاصر بالأدوات نفسها التي تشكل منها والتي فقدت قدرتها على العطاء، السلطة الفلسطينية الحالية ابنة حقبة اليسار والقومية والتحرر من الاستعمار، وخضعت لعوامل التغير بناء على تغير تلك الظروف، ولا تزال تتغير بهذا النمط حتى تزول.

ليستا، الفيتنام وجنوب إفريقيا، بأحسن قدوة نتأسى بها، لقد مرت أسود بأولى القبلتين وحققت فيها الانتصار، ومشروع صلاح الدين ليس جبهة جمّع لها شخصيات وجمعيات، إنها عقيدة ساق لها الأمة جمعاء فطرد بها الصليبيين.

عنفوان الثورة يبدأ في الضعف والتلاشي عندما يقبل الثوار على أنفسهم وعلى ما في أيديهم المذلة والهوان بتلقي الضربات من دون رد يذكر؛ لا بد أن يستوعب الثوار السوريون أن لكل حياة كريمة ضريبة تدفع، وأن المناورة من أجل كذا وكذا لا تمنع من استخدام الشوكة كلما جد جدها. وفي التاريخ أمثلة لا تحصى على هذا، منها إنفاذ الخليفة الثاني الوصية النبوية بإرسال جيش أسامة رغم تعري المدينة من الحماية، ومنها تحرش المغرب بالجزائر عقب الاستقلال، وإيران على أفغانستان بعد جلاء الأمريكان... وفي كل هذه الأمثلة كانت الغلظة هي التي وجدها المعتدون.

برنامج إيران العسكري عامة والنووي خاصة قد توجه، وآيته ما فعله النظام في طهران بالكيان المحتل "المحصن" بالقباب الزجاجية بعد استشهاد نصر الله، فكيف بغير الكيان المشرعة سماؤهم؟ حتى القصف بالنووي لا يجدى نفعا مع الجبال الشاهقة التي تحمي القوة الإيرانية. يبقى الحل الموضوعي الذي أنصح به "ليندسي غراهام"- هذا المراهق السياسي- وإدارة "ترامب" المتهورة بالعودة إلى سياسة "باراك أوباما" في الاحتواء، عندما طلب في عهدته الأخيرة من السعودية أن تتقاسم النفوذ مع إيران، علما بأن مصلحة السعودية الآن هي في التحالف مع تركيا لتكون أيديهما العليا. السعودية خادمة الحرمين الشريفين لا سليلة الثورة العربية الكبرى.

أقفاص المماليك

لا تسمع من خطيب "رسمي" خطبة رنانة تحيي النفوس وتهتز لها عروش السلاطين، محال ذلك اليوم إلا ما كان خارج النطاق، كما حدث مع الخطيب المسجون ظلما صالح آل طالب (فك الله قيده)! خطبة يوم عرفة كغيرها من خطب الحرمين الشريفين حجج على أصحابها أمام شهود بالملايين غير راضين عما يلقى فيها، يدع الخطيب هموم الأمة وآمالها ويقتصر على عظة باردة ودعاء طويل يرضي ولاة الأمور، ثم يتظاهر الخطباء بالصلاح والوقار لجلب الانتباه وتحقيق المكانة بين الناس؛ إنها مهزلة حقيقية تقع على منابر رسول الله.

الحد من عدد الحجاج بهذه النسبة المجحفة من أجل "خدمتهم وأمنهم" ليس مبررا البتة للتواني عن السعي الجاد وفق رؤية علمية استشرافية لتهيئة المشاعر المقدسة لتستوعب المزيد من الحجاج، إن ذلك يطرح ألف سؤال وسؤال، خاصة إذا استحضرنا رغبة المملكة في تنظيم كأس العالم لكرة القدم واستعدادها لإنفاق "ما يلزم" في غضون السنوات القادمة كي تستوعب ملايين من اللاهين خلال شهر واحد، في حين لم يتم إنجاز خطط التوسعة رغم مرور عقود، ولا أحسبها ستنتهي في عقود أخرى قادمة.

إحصائيات الخدمات في موسم الحج "بروباغندا" تتحطم عند مشاهدة الواقع. ولقد حججت العام الماضي وشاهدت أن منى بخيامها ليست صالحة لصد الحر ولا لإقامة تعبدية مناسبة. كما أن المعاملة من "القوات الخاصة" الموكل إليها تأطير الحجيج فظة، والعمال الآسيويون عموما يتسولون أكثر مما يخدمون. والوفيات بسبب سوء التسيير وقلة التهيئة العمرانية للمشاعر المقدسة، لا لسبب آخر خارج عن مهام إدارة الموسم المعظم.

هو ذاك إذن، ولهذا ترى نسبة الحجيج لا تتعدى الواحد من كل ألف مسلم، ولا يسعى القائمون على إدارة الحج لرفع النسبة عاما بعد آخر، علما بأن المشاعر المقدسة خلقت ووضعت لتستوعب كل من استطاع إلى الحج سبيلا، وهم أكثر بكثير من المسموح لهم بالحج اليوم. ولا سبب وجيها لتعثر التوسيعات مقارنة بالتهيئة السريعة لمشاريع الترفيه ومدن الأحلام كـ "نيوم!"

تحتاج المشاعر المقدسة إلى تأهيل جذري ليكون الحج ميسورا والحاج معتكفا على العبادة بلا مشاق مفتعلة. التوسيعات تسير سير السلحفاة، والمعاملة في الحرمين فجة، وأموال الأمة تغدق بالتريليونات على العتاة في الأرض، ثم يتحدثون لنا عن خدمة زوار بيت الله الحرام!مبنى الجمرات أحسن ما بني من إنشاءات في المشاعر المقدسة، شيد هندسيا ليستوعب الملايين لا مليونا ونصفه. الحرارة والحجاج غير النظاميين ليستا حجة لتبرير ما يزهق من أرواح جاءت متشوقة لتحج ثم تؤوب إلى أهلها؛ قضية غير النظاميين لا تعجر سلطة قادرة على إدارة الحج بإحكام، ناهيك أنها تحمل معنى آخر بأن أعدادا كثيرة من المسلمين ترغب في أداء هذا الركن ولا تجد لذلك سبيلا؛ أما قضية الطقس فمقدور على تذليلها بالمظلات، والاستراحات، والسلالم السيارة والمياه... لأن طريق عرفات- الجمرات هو طريق حياة أو ممات.

تحتاج المشاعر المقدسة إلى تأهيل جذري ليكون الحج ميسورا والحاج معتكفا على العبادة بلا مشاق مفتعلة. التوسيعات تسير سير السلحفاة، والمعاملة في الحرمين فجة، وأموال الأمة تغدق بالتريليونات على العتاة في الأرض، ثم يتحدثون لنا عن خدمة زوار بيت الله الحرام!

كيف يمكن الجمع بين التبشير بالديمقراطية وما تتطلبه من معارضة تضمن تجديد النظام السياسي وبين الثناء على التجربة الملكية العربية في إدارة ثرواتها الهائلة وقد "حققت" لشعوبها رخاء اقتصاديا فاقت فيه دولا اسكندنافية! علما بأن النرويج حدّت من استخدام الطاقة الأحفورية لتبقي ثوراتها للأجيال القادمة ولم تنفق في يومين تريليونات من الدولارات سفها بغير علم على السراب والوهم. فإذا كان ولا بد من التخلي ولو فرضيا عن الإعجاب بالديموقراطية فلنيمم شطر الدولة الإسلامية في عهديها النبوي والراشدي ولندرس التجربة، ففيها كل الخير للأمة وللبشرية.

تسويق الأوهام

الساسة الغربيون يدمنون على بيع الأوهام لمن يصدقها، بل يعتبرونها "مخدرا" لشعوب لا راعي لها، يهبهم بعض الوقت لتدبير شؤون المنطقة كما يريدون، وما من مشروع لهم نجح وما من رؤية عندنا صالحة حتى الساعة. للدولة العبرية خطط متعددة كلها تصب في تقوية موقعها وإضعافنا، ورغم التناقضات الصداعة فيما بين الصهاينة إلا أنهم يديرونها بما لا يؤدي إلى الانهيار حتى الآن، ولن تستمر سياستهم ناجعة إذا ما بقيت المقاومة تضغط على بنية الكيان وتحمّي الصدام بين متناقضاتها، وذلكم مكمن الهشاشة في هذه الملحمة التاريخية.

تريد الولايات المتحدة إضعاف أوروبا لابتزازها من جديد، كما فعلت في الحقبة التي تلت الحرب العالمية الثانية. روسيا ليست في وارد المنافسة الاقتصادية للولايات المتحدة، فتتخذها الأخيرة فزاعة هنا وهناك لجلب الحلفاء إليها وابتزازهم كما فعلت بالخليجيين قبل أيام. الصين لديها نقاط ضعف اقتصادية ولا تقوى على المجابهة طويلا، لذلك ستنزع نحو المسالمة.تريد الولايات المتحدة إضعاف أوروبا لابتزازها من جديد، كما فعلت في الحقبة التي تلت الحرب العالمية الثانية. روسيا ليست في وارد المنافسة الاقتصادية للولايات المتحدة، فتتخذها الأخيرة فزاعة هنا وهناك لجلب الحلفاء إليها وابتزازهم كما فعلت بالخليجيين قبل أيام. الصين لديها نقاط ضعف اقتصادية ولا تقوى على المجابهة طويلا، لذلك ستنزع نحو المسالمة. يبقى التحدي الأكبر للأمريكان في الإرادة الإلهية، التي تأبى الاستكبار في الأرض والطغيان، فتأخذ الظالم بعد أن تفتح له أبواب كل شيء، ومراقبة ذلك استشراف حقيقي للمستقبل.

المنظور الأمريكي للروس لم يتغير بعد ورطة أفغانستان، لأنه دفع بهم مجددا إلى أوكرانيا، لكن هل تعلّم الأمريكان من تجربة الروس الأفغانية كما يجب؟ وماذا عن الخيبة في العراق؟ القول بأن "الصناعة الجهادية" ماركة أمريكية خالصة فيه نظر، فأمثال أسامة والظواهري وغيرهما ليسا سهلي الاستيعاب والاستدراج، وقد قضيا على أيدي القوات الأمريكية بعدما نالا منها في الحادي عشر من أيلول نيلا شديدا، وقد دفع أسامة نفسه شبهة العمالة هذه بالقول إنها كانت تقاطع مصالح.

لا يؤمن الغرب الرأسمالي بما يسمى "القيم الغربية للديمقراطية"، بعضنا يصدق هذه الأكذوبة ويروج لها ويحاكم الغرب على أساسها، وهو لاه عنا بما يحقق له الربح والسيطرة والنفوذ ولا تهمه الدماء، إنه منطق الاستعمار على الدوام وقد عاد إليه الغرب بشكل أكثر صلافة. "تعجبني" خطابات ممثل الجزائر في مجلس الأمن ومرافعاته الصادقة عن قيم الإنسانية والرحمة، وهو جالس بين ذئاب وتماسيح جائعة! على الفلسطينيين أن يقاتلوا حتى يحكم الله بينهم وبين أعدائهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء فلسطين العربية فلسطين تحديات عرب رأي قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المشاعر المقدسة کما فعلت

إقرأ أيضاً:

مليون شاب في الفاتيكان لسماع عظة البابا ليون الرابع عشر

من المتوقع أن يتجمع ما يصل إلى مليون شاب كاثوليكي اليوم، السبت، لحضور وقفة احتجاجية ليلية يقودها البابا ليون الرابع عشر، تتويجًا لأسبوع الحج الذي يمثل حدثًا رئيسيًا في السنة المقدسة لليوبيل.

نجحت مبادرة "يوبيل الشباب"، التي أطلقها الفاتيكان لدعوة الكاثوليك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً إلى قلب الكنيسة العالمية، في جذب آلاف الحجاج من مختلف أنحاء العالم إلى روما.

يأتي تجمع هذا العام بعد أقل من ثلاثة أشهر من تولي ليو، البالغ من العمر 69 عامًا، كأول بابا أمريكي، منصب البابوية. 

وقد اكتظت شوارع العاصمة الإيطالية بالحجاج، رافعين الأعلام ومرددين الترانيم الدينية، طوال الأسبوع، في انتظار خطابه الأخير للشباب.

وقالت أليس بيري، طالبة من باريس تبلغ من العمر ٢١ عامًا: "أشعر بالفضول، فنحن لا نعرفه جيدًا بعد. ماذا سيقول لنا؟ ما هي رسالته للشباب؟".

طباعة شارك مليون شاب الفاتيكان البابا ليون الرابع عشر الحج وقفة احتجاجية الكنيسة

مقالات مشابهة

  • مليون شاب في الفاتيكان لسماع عظة البابا ليون الرابع عشر
  • صاروخ «فلسطين 2» يغير قواعد الاشتباك.. اليمن تدخل المعركة الجوية مع إسرائيل
  • رئيس جامعة الأزهر: الحج دين في رقبة المستطيع
  • المسيرات من أجل فلسطين.. معركة الوعي في وجه التخذيل وقمع الضمير الجمعي
  • العراق يطلق مشروع منظومة الاتصالات الموحدة لخدمة زائري العتبات المقدسة
  • عبد الله بن زايد يرحب بعزم بلدان الاعتراف بدولة فلسطين
  • تيار المستقبل يشيد بإعلان نيويورك: لدعم فلسطين وإنهاء العدوان على غزة
  • ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: الإيمان والتوكل أساس عز المسلمين ونصرهم
  • ترامب يعلق: أوه كندا!بعد نية الاعتراف بدولة فلسطين
  • الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان