ألحقت الصواريخ الإيرانية والإسرائيلية ضربة موجعة بمصانع الأسمدة المصرية، ما أدى إلى توقف نحو ستة مصانع رئيسية عن الإنتاج، وفق تصريحات المهندس شريف الجبلي، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية.

وأكد الجبلي أن توقف الإنتاج جاء نتيجة نقص إمدادات الغاز الطبيعي الضرورية لتشغيل هذه المصانع، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية الناجمة عن الحرب المفتوحة بين طهران وتل أبيب.

تتراوح قدرة إنتاج المصانع المتوقفة بين 50 و150 ألف طن شهريًا لكل مصنع، وهو حجم يُعدّ حيويًا لسوق الأسمدة المحلي والإقليمي. رغم أن مصر كانت قد تعاقدت على شحنات الغاز وبدأت باستقبالها وتحويلها من الغاز المسال إلى الغاز الطبيعي، إلا أن القرار الحكومي جاء استباقيًا لتفادي أي اضطرابات محتملة في حركة الملاحة بمضيق هرمز الحيوي.

وأوضح الجبلي في تصريحات تلفزيونية على فضائية ON أن الحكومة اتخذت قرارًا بتقديم أولوية الكهرباء على الصناعة خلال الأزمة الراهنة، نظرًا للتحديات الأمنية المتصاعدة وتأثيرها المباشر على سلاسل الإمداد في المنطقة.

تأثر المصانع لا يطال جميع أنواع الأسمدة بشكل متساوٍ، حيث تعاني مصانع “اليوريا” التي تعتمد بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي من أكبر الخسائر، بينما تظل مصانع الأسمدة الفوسفاتية والبوتاسية أقل تأثرًا. ويُقدَّر حجم صادرات الأسمدة المصرية سنويًا بين 3 و3.5 مليار دولار، ما يجعل توقف الإنتاج ضربة مباشرة على صادرات مصر ودخلها الوطني.

من جهتها، أكدت وسائل الإعلام العبرية، عبر تقرير لصحيفة “غلوباس” الاقتصادية، أن مصر تعد أكبر الخاسرين اقتصاديًا من الحرب الإيرانية الإسرائيلية، مع تحذيرات من تبعات التوترات الجيوسياسية على الاقتصاد المصري، الذي يواجه مخاطر متعددة.

وتوقع تقرير لبنك “أوف أمريكا” أن تكون ردود الفعل الإيرانية مرتبطة بالضرر الذي تلحقه إسرائيل بقدراتها العسكرية، مشيرًا إلى صعوبة حماية بنيتها التحتية للطاقة في الخليج من رد فعل إيراني قد يشل حركة الملاحة عبر مضيق هرمز الذي يمر عبره 22% من نفط العالم.

وفي تقييم لبنك غولدمان ساكس، يعد الاقتصاد المصري من الأكثر تأثرًا في المنطقة بسبب ارتفاع أسعار النفط وتراجع الاستثمارات الأجنبية، حيث قد تهرب استثمارات تصل إلى 20 مليار دولار من البلاد، ما يهدد استقرار العملة المحلية. كما تواجه مصر عجزًا متزايدًا في تمويل واردات الطاقة التي تبلغ قيمتها 11.2 مليار دولار سنويًا.

وتأتي هذه الأزمة في وقت تعاني فيه قناة السويس من انخفاض حاد في الإيرادات بنسبة 60% نتيجة لهجمات الحوثيين، مما يفاقم التحديات الاقتصادية ويؤخر الانتعاش المتوقع.

وفي إطار مواجهتها لتداعيات الأزمة، قررت مصر مضاعفة صادرات الكهرباء إلى الأردن لتصل إلى 400 ميغاواط يوميًا، لتعويض نقص الإمدادات التي توقفت من إسرائيل، مع خطة لرفع كفاءة خط الربط الكهربائي بين البلدين إلى 2000 ميغاواط.

يذكر أن قناة السويس تُعد من أهم الممرات المائية في العالم، حيث تربط بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، وتوفّر أقصر طريق بحري بين أوروبا وآسيا، ما يجعلها محورًا حيويًا لحركة التجارة العالمية والطاقة.

وافتُتحت القناة رسميًا عام 1869، ويبلغ طولها حاليًا نحو 193 كيلومترًا، وقد شهدت على مر العقود عدة عمليات تطوير وتوسعة، أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة الذي دُشّن عام 2015 لتسهيل حركة الملاحة وزيادة الطاقة الاستيعابية.

وتمثل القناة مصدرًا أساسيًا للنقد الأجنبي في مصر، إذ تدرّ سنويًا إيرادات بمليارات الدولارات. في عام 2023، بلغت الإيرادات نحو 8.8 مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخ القناة آنذاك.

وتُستخدم القناة في نقل نحو 12% من التجارة البحرية العالمية، وتشهد مرور حوالي 50 سفينة يوميًا في الظروف الطبيعية. كما يمر عبرها نحو 10% من تجارة النفط العالمية، ما يجعلها بالغة الحساسية لأي اضطرابات إقليمية أو أمنية.

وخلال عام 2024 و2025، تأثرت القناة بشدة جراء الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر، ما أدى إلى تراجع حركة العبور بنسبة تفوق 60%، وأضر بشكل مباشر بعائدات مصر، التي تعاني أصلًا من ضغوط اقتصادية كبيرة.

الأردن يفعل خطة الطوارئ ويوقف مؤقتًا إمدادات الغاز للمصانع بسبب التوتر الإقليمي

أعلنت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية الإثنين تفعيل خطة الطوارئ المعتمدة، والتي شملت وقفاً مؤقتاً لإمدادات الغاز الطبيعي للمصانع المتصلة بشبكة الغاز الرئيسية، وذلك نتيجة التصعيد الإقليمي وما أسفر عنه من تراجع في إمدادات الغاز.

وقالت الشركة في بيان نشر على موقعها الإلكتروني، إن هذه الخطوة تأتي كإجراء احترازي ضمن أولويات توزيع الغاز المحددة في خطة الطوارئ، مؤكدة أن الوقف مؤقت وسيعاد تقييمه مع تحسن الأوضاع واستقرار تدفقات الغاز.

وأوضح المدير العام لشركة الكهرباء الوطنية، سفيان البطاينة، الأحد، أن الشركة جاهزة لمواجهة أي مستجدات على المدى القصير أو الطويل، وأن مخزون المملكة من وقود توليد الطاقة الكهربائية يكفي لما لا يقل عن 20 يوماً، حتى مع توقف الإمدادات من حقل “ليفياثان” للغاز الطبيعي، الذي يشكل مصدراً رئيسياً لتلبية احتياجات الأردن.

وأضاف البطاينة أن البدائل المستدامة لتوليد الطاقة تم تفعيلها منذ توقف الإمدادات مؤقتاً، مشيراً إلى إمكانية تعزيز المخزون عبر سلاسل التزويد المختلفة في حال حدوث ظروف طارئة.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: إيران وإسرائيل الاقتصاد المصري شركات الغاز المصري مصر الغاز الطبیعی ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

ترامب يُشعل فتيل المواجهة.. يُهدّد بنشر الجيش داخل المدن وتفعيل قانون التمرّد ضد حكام الولايات

في مشهد سياسي يعيد للأذهان فصولًا من التوترات التاريخية بين الحكومة الفيدرالية وسلطات الولايات، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى واجهة الجدل بعد تهديده العلني باستخدام قانون التمرد في حال واصل القضاء منعه من نشر قوات الحرس الوطني في المدن الأمريكية. تهديد يعكس رغبة ترامب في فرض السيطرة الميدانية رغم المعارضة القانونية والسياسية الواسعة التي تواجهه من حكام الولايات وقضاة المحاكم الفيدرالية.

قانون يعود من الماضي

قانون التمرد الذي صدر عام 1807 لم يُفعَّل منذ أكثر من ستة عقود، إذ يتيح للرئيس الأمريكي استخدام القوات المسلحة داخل البلاد لقمع الاضطرابات دون الحاجة إلى موافقة سلطات الولاية. وبحسب موقع "أكسيوس"، سيكون ترامب أول رئيس منذ عام 1992، حين استخدمه جورج بوش الأب خلال أعمال الشغب في لوس أنجلوس، يُلوّح باستخدام هذا القانون بهذه الحدة.

احتجاجات وقرارات قضائية متضاربة

يأتي هذا التصعيد بعد سلسلة من الأزمات الداخلية التي هزت عدة ولايات أمريكية. فقد اقترب ترامب في وقت سابق من تفعيل القانون فعليًا عندما أرسل نحو 700 جندي من قوات المارينز إلى لوس أنجلوس للتعامل مع احتجاجات ضد مداهمات دائرة الهجرة والجمارك، وسط رفض واضح من مسؤولين في كاليفورنيا.

وفي ولاية أوريغون، تدخل القضاء مجددًا ليعرقل قراره بنشر الحرس الوطني، بعد إعلان ترامب نيته إرسال القوات من كاليفورنيا إلى بورتلاند، ما أثار مواجهة قانونية جديدة بين البيت الأبيض والمحاكم الفيدرالية.

تصعيد قانوني من الولايات

لم تتوقف المواجهة عند هذا الحد، إذ انضمت ولاية إلينوي إلى المعركة القضائية ضد ترامب، ورفعت دعوى جديدة عقب إعلانه إرسال 300 عنصر من الحرس الوطني إلى شيكاغو. هذا التحدي القضائي الجماعي يعكس رفضًا متصاعدًا من حكومات الولايات لمحاولات الرئيس فرض هيمنته الأمنية دون التنسيق معها.

ترامب: “لدينا قانون التمرد لسبب ما”

وفي تصريح مثير من البيت الأبيض، قال ترامب: “حتى الآن، لم يكن ضروريًا، لكن لدينا قانون التمرد لسبب ما”.
وأضاف: “لو أن الناس يُقتَلون والمحاكم تمنعنا، أو الحكام ورؤساء البلديات يمنعونا، فسأفعل هذا بالتأكيد”.

تصريحات بدت بمثابة تحذير مباشر للحكام والقضاة الذين يعرقلون قراراته، في إشارة إلى استعداده لتجاوز السلطة المحلية إذا اقتضى الأمر.

تحذيرات ومخاوف داخلية

أشارت التقارير الإعلامية إلى أن تفعيل قانون التمرد سيمنح الحرس الوطني صلاحيات إنفاذ القانون الكاملة التي يتمتع بها ضباط الشرطة المحليون، وهو ما يثير قلق المراقبين بشأن احتمال عسكرة المدن الأمريكية وتحويلها إلى ساحات مواجهة بين المدنيين والقوات المسلحة.

وفي الوقت نفسه، شدد مسؤولو الجيش الأمريكي على أن دور القوات التي أرسلها ترامب سابقًا إلى لوس أنجلوس كان “حمائيًا بحتًا”، إذ اقتصر على حماية المنشآت الفيدرالية ومساعدة العملاء الحكوميين دون التورط في اعتقالات أو عمليات أمنية ميدانية.

أمريكا على حافة اختبار جديد

يبدو أن الولايات المتحدة تتجه نحو اختبار سياسي وقانوني غير مسبوق بين البيت الأبيض وسلطات الولايات، يعيد إلى الأذهان لحظات الانقسام التي عرفتها البلاد في أوقات الأزمات الداخلية. وبينما يسعى ترامب إلى تأكيد سلطته الفيدرالية المطلقة، تصر المحاكم وحكام الولايات على حماية استقلال قراراتهم الأمنية.

طباعة شارك ترامب الحرس الوطنى المارينز لوس أنجلوس الهجرة كاليفورنيا فيدرالية

مقالات مشابهة

  • ترامب يُشعل فتيل المواجهة.. يُهدّد بنشر الجيش داخل المدن وتفعيل قانون التمرّد ضد حكام الولايات
  • أزمة الوقود تتفاقم في حضرموت.. القبائل توقف عشرات القواطر لليوم الرابع
  • الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي يبحثان تطورات غزة وتفعيل اتفاقات الشراكة الثنائية
  • قيادي بـ مستقبل وطن: كلمة الرئيس السيسي في ذكرى نصر أكتوبر منهج عمل لمواجهة التحديات الراهنة
  • سلطنة عُمان تشارك في الاجتماع المشترك بين دول مجلس التعاون والأردن
  • مناورات «إندرا 2025».. تحالف روسي هندي لمواجهة التحديات العالمية
  • برلماني: روح أكتوبر تدفعنا لمواجهة التحديات في مسيرة البناء والتنمية
  • «الوزراء»: قفزات في خدمات الطاقة بسيناء ومدن القناة وزيادة في الغاز الطبيعي بنسبة 229.6٪
  • رئيس مياه القناة: تجارب عملية لمواجهة الأمطار والسيول والطوارئ في الشتاء
  • مياه القناة: تجارب عملية لمواجهة الأمطار والسيول والأحداث الطارئة في الشتاء